ثالثا - تصورها المغلوط بأن بطرس تلميذ المسيح هو الصخرة التي سيبني المسيح كنيسته عليها .
كتبت مريم نور في كتابها ( المسيح ) في الصفحة 52 – حرفيا ( لنبني بيوتنا على الصخر و أقوى صخرة هي الصحوة .. أي الوعي و المعرفة و عندما قال المسيح : يا بطرس أنت الصخرة و عليك أبني كنيستي و أمتي و بيعتي ، أي كان واثقا ً و متأكدا ً بأن بطرس هو الأكثر إدراكا ً و ثباتا ً من غيره و أخبر جميع الرسل عن أهمية هذه الزاوية المتينة . هذه الرموز تشير إلى أن بطرس هو العقل الملائم و المتين لبناء هذه الأمة .. هو الأساس لبناء هذا الإنسان الجديد .. و لكن الكنيسة استبدلت بولس بدلا من بطرس و كان رفيقا ً خطيرا ً أي كالأفعى و ليس كالصخر ) . انتهى الاقتباس من كلام مريم نور .
أما الصواب أغفلته مريم نور في موضوع الصخرة التي أشار إليها السيد المسيح ، فالصخرة كانت ترمز إلى تعاليم السيد المسيح و رسالته التي سيبني كنيسته عليها و لا يقصد بالصخرة بطرس أبدا ً . لنراجع متى 16 : 18 حيث جاء ( و أنا أقول لك أيضا أنت بطرس و على هذه الصخرة أبني كنيستي و أبواب الجحيم لن تقوى عليها ) لاحظوا كلمة الصخرة مؤنث و ليست مذكر و المقصود بها تعاليم المسيح و رسالته للعالم .
و نبقى بنفس المكان و الزمان ( الزمكانية ) و لكن ننتقل من نص إنجيل متى إلى نص إنجيل ( مرقس 18 : 29 - 33 ) ( فقال لهم و أنتم من تقولون إني أنا . فأجاب بطرس و قال له أنت المسيح فأنتهرهم كي لا يقولوا لأحد عنه ، و ابتدأ يعلمهم أن ابن الإنسان ينبغي أن يتألم كثيرا ً و يرفض من الشيوخ و رؤساء الكهنة و الكتبة و يقتل و بعد ثلاثة أيام يقوم و قال القول علانية ً فأخذه بطرس إليه و ابتدأ ينهره ، فالتفت و أبصر تلاميذه فأنتهر بطرس قائلا ً اذهب عني يا شيطان لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس ) نجد أن المسيح ينتهر بطرس و ينتهره بالشيطان بعد أن قال له أنت بطرس و على هذه الصخرة أبني كنيستي و من المؤكد أن الصخرة لا يقصد بها بطرس .
نجد عند رسالة بولس في ( كورنثس الأولى 10 : 1 – 4 ) ما يلي
: ( فلا أريد أن تجهلوا أيها الأخوة أن آبائنا كانوا كلهم تحت السحابة ، و كلهم عبروا البحر ، و كلهم تعمدوا لموسى في السحابة و في البحر ، و كلهم أكلوا طعاما ً روحيا ً واحدا ً ، و كلهم كانوا يشربون شرابا ً روحيا واحدا ً من صخرة ٍ روحية ٍ ترافقهم ، و هذه الصخرة هي المسيح ) .
********************

رابعا ً – إدعائها أن المسيح ينتمي إلى المذهب الأسيني :
جاء في كتابها ( المسيح ) الصفحة 216 – ( إن جسد المسيح بقي حيا ً و محفوظا ً بسبب علم القبيلة التي ينتمي إليها و هي Essenes أسينيون ، شيعة يهودية كانت تقيم في قمران على شاطئ البحر الميت ... ) .
هذا إدعاء مريم نور على المسيح في كتابها المزعوم .
من هم الأسانييون ؟ و هل من علاقة للمسيح بهم ؟
أحيل القارئ لكتاب علمي جاد و موثق بدقة عالية بعنوان ( الأسانييون ، و قمران ، و يوحنا المعمدان ، و يسوع ) ، تأليف هارتموت شتيغيمان ، تعريب الأب خليل شحادة ، منشورات تعاونية النور الأرثوذكسية بيروت 2008 . أما من هو شتيغيمان هذا .
ولد شتيغيمان العام 1933 ، و هو يحمل شهادة دكتوراه في العهد القديم و أخرى في اللغات السامية و تاريخ الأديان ، و هو أستاذ علوم العهد الجديد في كلية اللاهوت في جامعة غيورغ أوغوست في مدينة غوتينغن الألمانية ، و هو ، بالإضافة إلى هذا ، مدير معهد الدراسات اليهودية القديمة و رئيس مركز الأبحاث المتعلقة بقمران في هذا المعهد . اشترك شتيغيمان منذ العام 1954 في العمل على مكتشفات قمران . و هو عضو في حلقة صغيرة من الباحثين يمكنهم الإطلاع على المخطوطات الأصلية المكتشفة في قمران . له أكثر من أربعين بحثا ً علميا ً متخصصا ً ، تتعلق كلها بيسوع و قمران .
تقع الأنقاض المهجورة ، المعروفة عند البدو ، منذ زمن بعيد ، باسم " خربة قمران " على الطرف الشمالي الغربي للبحر الميت ، على بعد 12 كلم جنوب أريحا ، عثر في كهوفها بين العامين 1974 و 1956 على تسعمائة مخطوط أضاءت للعلماء الكشف عن الطائفة اليهودية الأسانية و بسبب ضخامة كتاب شتيغيمان حيث يبلغ 400 صفحة من القطع الكبير بترابط و تسلسل شيق و بديع بالتوثيق و التحليل الدقيق للأدلة العلمية أحيل القارئ هنا إلى خلاصة الخلاصة لهذا الكتاب حيث ورد في الصفحة 371 – ( لم تكن ليسوع أية علاقة شخصية بالأسانيين ، على الأقل لم يخضع قط لإجرائهم في القبول ذات السنين الثلاث الذي كان من الممكن أن يؤمن له معرفة قريبة من آرائهم . لكن أمكنة إقامته لم تقدم له أيضا ً اتصالات بالأسانيين . بالتأكيد كان الأسانييون يقطنون في بيت لحم ; لكن التقليد الإنجيلي لا يجعله يقيم هناك سوى أيام قليلة فقط بعد ولادته . أثناء معمودية يسوع على يد يوحنا المعمدان في نهر الأردن كانت المسألة متعلقة ببشارته ; لم يكن يسوع مهتما ً هناك أبدا ً بما هو أساني ، من المؤكد أيضا ً أنه لم يقم برحلات إلى قمران ) .
و العالم شتيغيمان ينكر بكتابه علاقة يوحنا المعمدان بالأسانيين و يأتي ببراهينه و يرفض تأثير الأسانية بالمسيحية الأولى من ناحية المعمودية و الأفخارستيا ( العشاء الرباني ) و يبين الفروق الكثيرة . . فشكرا ً للعالم شتيغيمان و لأمثاله الذين يضعون الأمانة العلمية نصب أعينهم منزهين من كل تعصب ٍ أو أهواء أو ولاء .
كنا نتمنى من مريم نور لو أضافت لإدعاءاتها و هذياناتها مستنداتها العلمية التي تثبت و تؤيد الضلال الذي ألبسته لبوس الحقيقة .. على الأقل !! لأن العالم يحترم عقول من يقرأه و يقدس الأمانة العلمية في كل ما يكتبه و يسميه علما ً ، العلم الخالي من الأمانة لا يعدو كونه ثرثرة تذروه الرياح أمام شمس الحقيقة فإن كنت يا دكتورة مريم نور لا تدركين أخطائك فالجهل في حد ذاته ليس عيبا ً و إنما التظاهر بعكس ذلك و إن كنت لا تدركين أخطائك فهذه الطامة الكبرى .. و هنيئا ً لأمتنا بأمثالك من العلماء
العفو منك يا سيدتي الباحثة العارفة العالمة بالأسرار .. أرجوك ِ تنحي جانبا ً . . و لا تحجبي عنا ضوء الشمس .
********************