"يا حيف للكاتبة سوسن البرغوثي صدر تصريح للدكتور محمود الزهار بالتزامن مع بدأ أحداث الاحتجاجات في سوريا، اعتبر أن ما يحدث شأن داخلي، وهذا أمر لا يختلف عليه عاقلان، فلكل قطر عربي خصوصيته، وعلينا احترام مطالب وحقوق الشعب. وعلى مبدأ "قربوا ولا تنفروا"، منا من قال خيراً، ومنا من راح يعمم نموذج ثورة تونس ومصر السلميتين، رغم علمه حمل السلاح لبعض المتظاهرين في درعا وغيرها، وأخذته العزة بالإثم، فتابع هجومه وإنكار متعمد بأن سوريا ليست دولة ممانعة، ومنا من لاذ بالصمت. ولكن ماذا يعني الصمت، مع تصعيد العقوبات وحشد العالم "الديمقراطي الحر" لتضييق الحصار الاقتصادي والسياسي والتهديد بضرب سوريا، على غرار ما يحدث بليبيا؟، والموضوع خرج من دائرة الشؤون الداخلية، إلى حيز الخطر القومي المقاوم. يسافر نواب من مجلس الأمة بالكويت ويقطعون آلالاف الأميال للتظاهر في تركيا لإسقاط النظام السوري، والمشكلة ليس بالهتافات، فهم أحرار بما يطالبون به، إنما بعدم التظاهر ببلدهم أولاً، ولأنهم لم يتظاهروا ضد القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في بلادهم، وثالثها، بحجة أن تركيا ديمقراطية، فلماذا لا يناضلون من أجل دمقرطة الكويت، وهم نواب للشعب، لكل الشعب؟!. ثورة يسوقها (الناتو) وكتابه، بالتوازي مع كتاب المارينز ليست ثورة، ومدّعو "تنسيقات الثورة السورية"، يدّعون أنهم الممثل الوحيد ضد احتلال إيران لسورية، فهل حقاً سوريا محتلة، وهل هناك من سمع أن المقاومة احتلت أرضاً عربية، أم أنهم يخلطون الأوراق عن عمد لخبث نواياهم؟!، ومع ذلك تغاضوا عن احتلال لواء اسكندرون، ولم نسمع أحدهم، كان محور احتجاجه تحرير الجولان، ثم كأن دعم المقاومة ومساندتها ليس عملاً مقاوماً. لم يخرج الناس من أجل تدمير بلادهم، إنما من أجل حقوق مدنية مشروعة، وحتى هذه اللحظة، لا يوجد برنامج سياسي واحد للمعارضة الوطنية، وكل ما يبدو في الأفق هجومات محمولة على أجنحة التدخل الخارجي العاجل، لإشاعة الفوضى ورمي المزيد من أعواد الاشتعال. اعترف معارضون سوريون وأقروا، بوجود طائفية الشعارات والمظاهر التي سادت الاحتجاجات، وعدة حوادث عنف قام بها المتظاهرون في عدة مدن سورية، مما يعني وجود سلاح بيد بعض الجماعات، وانقسام شعبي، ومع ذلك تكتفي المعارضة بتكذيب الرواية الرسمية، رغم علمهم واعترافهم بها؟!. تصريح السفير الروسي بدمشق، يثبت أن هناك مسلحين مندسين بين المتظاهرين السلميين (هم يعلنون أنها سلمية (المعارضة) لكننا نعيش هنا ونرى أن هذا غير صحيح، فهناك قسم من هذه المعارضة ليس سلمياً ونرى العنف وهذا يثير أسفنا). على الرغم من التعويل على الموقف الروسي لا يكفي، لتغير سياساته المتأرجحة وفقاً لمصالحه، المعرضة هي الأخرى للخطر. يتغاضون عن قتل أفراد رجال الأمن وعناصر من الجيش السوري، وكأنهم ليسوا من الشعب، يزيد عددهم ما فوق الألف، ويشيعون عن انشقاقات بين صفوفه وذلك بكل وقاحة وافتراء، وبكل ما أُتوا من قوة وآلة إعلامية مخادعة، فما أدرانا إن كان هذا "المنشق" أو ذاك، لم يسرق هوية شهيد، وينتحل شخصيته؟!، ولا يشغلهم إلا إثبات انشقاق الجيش، ليُكرر الفيلم الليبي المرعب. يتباكون على وضع النازحين الذين يلجؤون إلى معسكرات أُنشئت قبل أسبوع من أحداث جسر الشغور، ولا يبحثون في هوية معظمهم، في حين تلفت مصادر عديدة إلى حقيقة لجوء عشرات آلاف الأكراد من العراق بعد الاحتلال إلى شمال سوريا. وذكر الكاتب إيلي شلهوب في إحدى مقالاته بصحيفة الأخبار اللبنانية (أن هناك – أي في شمال سوريا- حاولوا تكريد شريط موازٍ للحدود مع تركيا عبر العمل على طرد المسيحيين وتهجيرهم في محاولة لإقامة منطقة تصل حتى البحر المتوسط، على أمل أن تكون منفذاً على البحر لأي دولة كردية مستقبلية. هناك قلق إيراني وسوري من هذا الأمر، واعتقاد بأن جسر الشغور ليس سوى مشروع إقليمي بإدارة كردية ورعاية أميركية، شيء شبيه بإمارة تلكلخ. التركي يستهين بهذا الموضوع، ظناً منه أنه قادر على استخدامه مع أوروبا وفي الانتخابات وما إلى ذلك). فهل وصلتهم أحاديث عن السعي لتأسيس دولة كردية، باقتطاع جزء من شمال سوريا، لتكون عوناً وقاعدة موسعة لتحالف الحزب الكردستاني مع الكيان الصهيوني، وبإشراف ومباركة أمريكا، وهل تقسيم سوريا إلى دويلات، مقبول لدى كل حر وطني شريف؟!. يتغاضون عن حشد الجيش التركي على الحدود، وينكرون وجود مكثف للجيش السوري داخل أراضيه على الحدود، فلماذا يجري تجييش الدولتين لتصعيد احتمال الاحتراب فيما بينهما، ومن هذا الذي يسعده حديث الحرب؟. وكل ذلك كي تستفيد "إسرائيل" من التغلغل وتفكيك الجبهة الداخلية والحدودية لسوريا، فهل نسوا أو أسقطوا الحلف التركي- "الإسرائيلي" الاستراتيجي، واعتراف تركيا بالكيان الصهيوني، منذ عام 1949، وما جهود تركيا اليوم بزعامة حزب العدالة والتنمية، إلا لإنهاء "النزاع" الفلسطيني- "الإسرائيلي" على أساس ما يُسمى القانون الدولي وقراراته؟!. التنظيمات الفلسطينية كافة احتضنتها سوريا، عجباً وكأن الطيور على رؤوسهم، لا ينبسون ببنت شفة، ولا يُحَرجون من موقف المقاومة الإسلامية في لبنان السياسي المبدئي مما يجري بسوريا، بل يكتفون تارة بالقول، أنهم مع القيادة والشعب، وتارة كأن سوريا ليست على الخارطة.. فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، وهل هناك حقاً مشاكل وورطة في حماس، بحكم وجود قيادتها في دمشق، أم بحكم أنها حركة مقاومة إسلامية، وهل مشاكلها بسبب أيدلوجية الجهاد وتحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وتحالف تيار المقاومة والممانعة، أم أن "استحقاق أيلول" يلزم حماس الصمت مؤقتاً، وصارت دمشق وما أدراك ما دمشق، تهمة أو شبهة، للوقوف معها بمحنتها، أم أن هناك وساطة للتهدئة بين سوريا وتركيا وأطراف من المعارضة السورية؟.. تساؤلات لا تشكيك، توجب حماس الإجابة عنها بوضوح ودون التباس. وعجباً لمن يبرر أن مقاومة وممانعة النظام هي بالأساس مستمدة من الشعب السوري، فهل الشعب في مصر لم يحتضنها، وأين كان مقاومينا، وهل من تجرأ وزار القطاع المحاصر بقرار مصري رسمي، تم تكريمه، أم زُج بسجون نظام مبارك المتصهين، وهل يجرؤ الشعب في مصر على كسر حصار القطاع، وفتح دائم لمعبر رفح، حتى ما بعد الثورة، ويدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته علناً؟!. يا حيف على من يقتبس مقولات ساذجة وسخيفة من شبكات التواصل الاجتماعي، والجميع يعلم الاختراق الصهيوني لهذه الشبكات، ويبني عليها كلام بكلام في الجرائد، ومن يخفي حقائق كل الشعب يعرفها، وهي أن أحداث حماة عام 1980- 1982، شهدت تبادل لإطلاق النار من كلا الطرفين، وأن بطل أحداث حماه، حليف حميم لقيادات في الكيان الصهيوني، وقد نُبذ وأبُعد من سوريا، وما زال هناك من يضرب بسيفه، أو بسيف مسلحين لا سلميين!. والكل يعلم من هو الفاسد الأكبر وله أصابع واضحة لضرب وحدة الشعب السوري، ويكيد المكائد للسيطرة والحكم، وفتح بوابات دمشق أمام العدو الصهيوني، والقضاء على المقاومة في فلسطين والعراق ولبنان!. يا حيف على من يدّعي العروبة، ويأتي بعناوين صحيحة، ويزج بمعلومات 80% منها كاذبة ملفقة، من أجل ريادة الوطن العربي تحت "بسطار" الأسياد في بريطانيا وأمريكا، ولكن أبشروا دوركم قادم، ولو بعد حين، ولعنات الوطن لا تذهب سدى، وسينقلب السحر على فاعله. فصديق عدوي، صديقي، وجه آخر للتآمر، وكلها تؤدي إلى الردة الوطنية!. لا ولن أدافع عن أي نظام سياسي بأي حال، ولكن أدافع عن مصير وطن، نراه في مرحلة خطرة وعلى مفترق الطرق، ليتحول لشظايا – لا قدر الله- وأقفاص معدة لعبيد ارتضوا تقسيم وطنهم وانقسام شعبهم، وحسن النوايا لا ينقذ وطناً، وما ينقذه العمل الجاد على الوصول إلى حل يرضي الجميع، ويحميه من نماذج كلها بلا استثناء واقعها مؤلم، ومنها القاتل والمأساوي، قبل أن تقع فأس الناتو بالرأس السوري. رحم الله كل شهداء سوريا وألهم عقلاء المعارضة ومؤسسات الدولة الحكمة والإسراع بالإصلاحات الجذرية، فالوقت كالسيف، إن لم نقطعه، قطع أوصال سوريا، التي نحب والتي لا غنى عنها أبداً، فهي الدولة العربية، التي لم تتأخر عن نصرة المقاومة العربية على كافة الجبهات، ولم تقبل باتفاقية تطبيع مع العدو، فهل أتاك معنى وممارسة الممانعة قولاً وعملاً؟.وعلى الرغم من كل ما سبق، فإن وراء سوريا رجال، لا أنصاف رجال، والله يحمي سوريا الصمود والممانعة، شاء من شاء وأبى من أبى"