في أحد الأيام انطلق راهب من ديره لتدبير بعض الأعمال، وحالما أنهى أعماله هناك همّ بالرجوع. إلاّ أنه بعد قليل في مكان ما شعر أنه ضلّ الطريق. ماذا عليه أن يفعل؟ بدأ يصلّي.
بعد قليل التقى ببعض العابرين وأخذ يترجّاهم أن يدلّوه على الطريق الذي أراد أن يذهب فيه عائداً إلى ديره. فقالوا له: "حسناً هيا اتبعنا".
إلا أن هؤلاء الناس كانوا أشراراً. عندما رأوه وحيداً غريباً عن تلك المنطقة أرادوا أن يستجرّوه ويأخذوه بعيداً ليسرقوه.
فهم الراهب ما كان يجول في فكرهم لكنه لم يتكلّم. فقط كان يصلّي إلى الله أن يحميه. ساروا كثيراً إلى أن وصلوا إلى قرب أحد الأنهر الكبيرة وتوقفوا لكي يستريحوا. اجتمع الرجال الأشرار على حدة وأخذوا يتهامسون. أما الراهب فجلس في جانب آخر وكان يصلّي باستمرار. مرّ الوقت ثم قرّروا أن يتابعوا مسيرهم. فجأة اندفع تمساح ضخم ووثب من مياه النهر على أحد اللصوص الذي انذهل من الخوف والرهبة وجمد في مكانه. حينها خاطر الراهب بنفسه وهبّ برباطة جأش وسحبه بسرعة مخلصاً إياه من الموت. ثم عاد واختفى التمساح في مياه النهر من دون أن يظفر بافتراس ذاك اللص.
حينها تأثّر اللص كثيراً من صلاح الراهب وسقط عند قدميه وطلب منه المغفرة عن الشر الذي كان يضمره له. "بعد عبورنا النهر كنت سأقتلك، إلاّ أن محبّتك سبقت وجعلتني أتفادى ذلك"، هذا ما قاله اللص.
فشكر الراهب الله لأنه حماه بينما تضرّع ذاك الرجل الشرير إلى الراهب أن يعيش قريباً منه. بالفعل لازمه وأصبح راهباً هو أيضاً.
عاشا معاً سنوات عديدة في البرّية ولم ينسوا أن يذكّروا أنفسهم بتلك الحادثة العجيبة التي سبّبت تعارفهم.