ذاتَ صباحٍ..
كان أبي يستمعُ إلى فيروزَ تغني في المذياعْ..
يشربُ قهوتهُ الشَّاميةَ..
و يرُّقص فنجانَ القهوةِ بين يديهِ..
على الإيقاعْ..
قُطعَ البثُّ..
و بعد قليلٍ عادَ البثُّ..
و كانَ مذيعُ السُّلطةِ ينبحُ في المذياعْ..
( عاشَ الكلبُ زعيمُ الثورةِ و ليسقط حكمُ الرجعيةِ و الإقطاعْ ).

قال أبي : ضعنا يا ولدي.. و الوطنُ بلا شكٍّ ضاعْ.
كانَ الكلبُ زعيمَ الحزبِ..
و كانَ شعارُ الحزبِ..
الذَّيلُ الأعوجُ و النابُ اللَّماعْ..
كانت صحفِ الحزبِ تعضُّ الشَّعبَ..
و غايتها الإقناع..
كانَ الكلبُ إذا ما خطبَ خطاباً..
ينبحُ حتى الفجرِ..
و كانَ الشَّعبُ يصفِّقُ خوفاً حتى الفجرِ..
و يطرَبُ..
و يحيي الإبداعْ..
كانَ الكلبُ عدوّ الذئبِ أمامَ الشَّعبِ..
و كانَ يقدِّمُ لحمَ الشَّعبِ له في السرِّ إذا ما جاعْ..

كانَ الكلبُ و آلُ الكلبِ..
يرونَ الدولةَ مثلَ الشِّاةِ المذبوحةِ..
و اللحمُ مَشاعْ..
كلبٌ يلتهمُ الأحشاءَ..
و كلبٌ يلتهمُ الأوراكَ..
و كلبٌ يلتهمُ الأضلاعْ.

بعدَ عقودٍ..
مرضَ الكلبُ زعيمُ الثورةِ..
و أستبشرنا نحنُ الشَّعبُ أخيراً..
و فتحنا المذياعْ..
قُطعَ البثُّ..
و عادَ البثُّ..
و عادَ البثُّ..
و قطعُ البثُّ..
و بعدَ قليلٍ كانَ مذيعُ السُّلطةِ ينبحُ مثل العادةِ في المذياعْ..
ماتَ الكلبُ..
زعيمُ الثورةِ..
ماتَ الكلبُ..

و أصبحَ إبنُ الكلبِ رئيساً بالإجماعْ.