• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

Announcement

Collapse

قوانين المنتدى " التعديل الاخير 17/03/2018 "

فيكم تضلو على تواصل معنا عن طريق اللينك: www.ch-g.org

قواعد المنتدى:
التسجيل في هذا المنتدى مجاني , نحن نصر على إلتزامك بالقواعد والسياسات المفصلة أدناه.
إن مشرفي وإداريي منتدى الشباب المسيحي - سوريا بالرغم من محاولتهم منع جميع المشاركات المخالفة ، فإنه ليس بوسعهم استعراض جميع المشاركات.
وجميع المواضيع تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا يتحمل أي من إدارة منتدى الشباب المسيحي - سوريا أي مسؤولية عن مضامين المشاركات.
عند التسجيل بالمنتدى فإنك بحكم الموافق على عدم نشر أي مشاركة تخالف قوانين المنتدى فإن هذه القوانين وضعت لراحتكم ولصالح المنتدى، فمالكي منتدى الشباب المسيحي - سوريا لديهم حق حذف ، أو مسح ، أو تعديل ، أو إغلاق أي موضوع لأي سبب يرونه، وليسوا ملزمين بإعلانه على العام فلا يحق لك الملاحقة القانونية أو المسائلة القضائية.


المواضيع:
- تجنب استخدام حجم خط كبير (أكبر من 4) او صغير (أصغر من 2) او اختيار نوع خط رديء (سيء للقراءة).
- يمنع وضع عدد كبير من المواضيع بنفس القسم بفترة زمنية قصيرة.
- التأكد من ان الموضوع غير موجود مسبقا قبل اعتماده بالقسم و هالشي عن طريق محرك بحث المنتدى او عن طريق محرك بحث Google الخاص بالمنتدى والموجود بأسفل كل صفحة و التأكد من القسم المناسب للموضوع.
- إحترم قوانين الملكية الفكرية للأعضاء والمواقع و ذكر المصدر بنهاية الموضوع.
- مو المهم وضع 100 موضوع باليوم و انما المهم اعتماد مواضيع ذات قيمة و تجذب بقية الاعضاء و الابتعاد عن مواضيع العاب العد متل "اللي بيوصل للرقم 10 بياخد بوسة" لأنو مخالفة و رح تنحزف.
- ممنوع وضع الاعلانات التجارية من دون موافقة الادارة "خارج قسم الاعلانات".
- ممنوع وضع روابط دعائية لمواقع تانية كمان من دون موافقة الادارة "خارج قسم الاعلانات".
- لما بتشوفو موضوع بغير قسمو او فيو شي مو منيح او شي مو طبيعي , لا تردو عالموضوع او تحاورو صاحب الموضوع او تقتبسو شي من الموضوع لأنو رح يتعدل او ينحزف و انما كبسو على "التقرير بمشاركة سيئة" و نحن منتصرف.
- لما بتشوفو موضوع بقسم الشكاوي و الاقتراحات لا تردو على الموضوع الا اذا كنتو واثقين من انكم بتعرفو الحل "اذا كان الموضوع عبارة عن استفسار" , اما اذا كان الموضوع "شكوى" مافي داعي تردو لأنو ممكن تعبرو عن وجهة نظركم اللي ممكن تكون مختلفة عن توجه المنتدى مشان هيك نحن منرد.
- ممنوع وضع برامج الاختراق او المساعدة بعمليات السرقة وبشكل عام الـ "Hacking Programs".
- ممنوع طرح مواضيع او مشاركات مخالفة للكتاب المقدس " الانجيل " وبمعنى تاني مخالفة للايمان المسيحي.
- ممنوع طرح مواضيع او مشاركات تمس الطوائف المسيحية بأي شكل من الاشكال "مدح او ذم" والابتعاد بشكل كامل عن فتح اي نقاش يحمل صبغة طائفية.
- ضمن منتدى " تعرفون الحق و الحق يحرركم " بالامكان طرح الاسئلة بصيغة السؤال والجواب فقط ويمنع فتح باب النقاش والحوار بما يؤدي لمهاترات وافتراض اجوبة مسبقة.


عناوين المواضيع:
- عنوان الموضوع لازم يعبر عن محتوى الموضوع و يفي بالمحتوى و ما لازم يكون متل هيك "الكل يفوت , تعوا بسرعة , جديد جديد , صور حلوة , الخ ....".
- لازم العنوان يكون مكتوب بطريقة واضحة بدون اي اضافات او حركات متل "(((((((((العنوان)))))))))))) , $$$$$$$$$ العنوان $$$$$$$$$".
- عنوان الموضوع ما لازم يحتوي على اي مدات متل "الــعــنـــوان" و انما لازم يكون هيك "العنوان".


المشاركات:
- ممنوع تغيير مسار الموضوع لما بكون موضوع جدي من نقاش او حوار.
- ممنوع فتح احاديث جانبية ضمن المواضيع وانما هالشي بتم عالبرايفت او بالدردشة.
- ممنوع استخدام الفاظ سوقية من سب او شتم او تجريح او اي الفاظ خارجة عن الزوق العام.
- ممنوع المساس بالرموز و الشخصيات الدينية او السياسية او العقائدية.
- استخدام زر "thanks" باسفل الموضوع اذا كنتو بدكم تكتبو بالمشاركة كلمة شكر فقط.
- لما بتشوفو مشاركة سيئة او مكررة او مو بمحلها او فيا شي مو منيح , لا تردو عليها او تحاورو صاحب المشاركة او تقتبسو من المشاركة لأنو رح تنحزف او تتعدل , وانما كبسو على "التقرير بمشاركة سيئة" و نحن منتصرف.


العضوية:
- ممنوع استخدام اكتر من عضوية "ممنوع التسجيل بأكتر من اسم".
- ممنوع اضافة حركات او رموز لاسم العضوية متل " # , $ , () " و انما يجب استخدام حروف اللغة الانكليزية فقط.
- ممنوع اضافة المدات لاسم العضوية "الـعـضـويـة" و انما لازم تكون بهل شكل "العضوية".
- ممنوع استخدام اسماء عضويات تحتوي على الفاظ سوقية او الفاظ بزيئة.
- ممنوع وضع صورة رمزية او صورة ملف شخصي او صور الالبوم خادشة للحياء او الزوق العام.
- التواقيع لازم تكون باللغة العربية او الانكليزية حصرا و يمنع وضع اي عبارة بلغة اخرى.
- ما لازم يحتوي التوقيع على خطوط كتيرة او فواصل او المبالغة بحجم خط التوقيع و السمايليات او المبالغة بمقدار الانتقال الشاقولي في التوقيع "يعني عدم ترك سطور فاضية بالتوقيع و عدم تجاوز 5 سطور بحجم خط 3".
- ما لازم يحتوي التوقيع على لينكات "روابط " دعائية , او لمواقع تانية او لينك لصورة او موضوع بمنتدى اخر او ايميل او اي نوع من اللينكات , ما عدا لينكات مواضيع المنتدى.
- تعبئة كامل حقول الملف الشخصي و هالشي بساعد بقية الاعضاء على معرفة بعض اكتر و التقرب من بعض اكتر "ما لم يكن هناك سبب وجيه لمنع ذلك".
- فيكم تطلبو تغيير اسم العضوية لمرة واحدة فقط وبعد ستة اشهر على تسجيلكم بالمنتدى , او يكون صار عندكم 1000 مشاركة , ومن شروط تغيير الاسم انو ما يكون مخالف لشروط التسجيل "قوانين المنتدى" و انو الاسم الجديد ما يكون مأخود من قبل عضو تاني , و انو تحطو بتوقيعكم لمدة اسبوع على الاقل "فلان سابقا".
- يمنع انتحال شخصيات الآخرين أو مناصبهم من خلال الأسماء أو الصور الرمزية أو الصور الشخصية أو ضمن محتوى التوقيع أو عن طريق الرسائل الخاصة فهذا يعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال.


الرسائل الخاصة:
الرسائل الخاصة مراقبة مع احترام خصوصيتا وذلك بعدم نشرها على العام في حال وصلكم رسالة خاصة سيئة فيكم تكبسو على زر "تقرير برسالة خاصة" ولا يتم طرح الشكوى عالعام "متل انو توصلكم رسالة خاصة تحتوي على روابط دعائية لمنتجات او مواقع او منتديات او بتحتوي على الفاظ نابية من سب او شتم او تجريح".
لما بتوصلكم رسائل خاصة مزعجة و انما ما فيها لا سب ولا شتم ولا تجريح ولا روابط دعائية و انما عم يدايقكم شي عضو من كترة رسائلو الخاصة فيكم تحطو العضو على قائمة التجاهل و هيك ما بتوصل اي رسالة خاصة من هالعضو.
و تزكرو انو الهدف من الرسائل الخاصة هو تسهيل عملية التواصل بين الاعضاء.


السياسة:
عدم التطرق إلى سياسة الدولة الخارجية أو الداخلية أو حتى المساس بسياسات الدول الصديقة فالموقع لا يمت للسياسة بصلة ويرجى التفرقة بين سياسات الدول وسياسات الأفراد والمجتمعات وعدم التجريح أو المساس بها فالمنتدى ليس حكر على فئة معينة بل يستقبل فئات عدة.
عدم اعتماد مواضيع أو مشاركات تهدف لزعزعة سياسة الجمهورية العربية السورية أو تحاول أن تضعف الشعور القومي أو تنتقص من هيبة الدولة ومكانتها أو أن يساهم بشكل مباشر أو غير مباشر بزعزعة الأمن والاستقرار في الجمهورية العربية السورية فيحق للادارة حذف الموضوع مع ايقاف عضوية صاحب الموضوع.


المخالفات:
بسبب تنوع المخالفات و عدم امكانية حصر هالمخالفات بجدول محدد , منتبع اسلوب مخالفات بما يراه المشرف مناسب من عدد نقط و مدة المخالفة بيتراوح عدد النقط بين 1-100 نقطة , لما توصلو لل 100 بتم الحظر الاوتوماتيكي للعضو ممكن تاخدو تنبيه بـ 5 نقط مثلا على شي مخالفة , و ممكن تاخد 25 نقطة على نفس المخالفة و ممكن يوصلو لل 50 نقطة كمان و هالشي بيرجع لعدد تكرارك للمخالفة او غير مخالفة خلال فترة زمنية قصيرة.
عند تلقيك مخالفة بيظهر تحت عدد المشاركات خانة جديدة " المخالفات :" و بيوصلك رسالة خاصة عن سبب المخالفة و عدد النقط و المدة طبعا هالشي بيظهر عندكم فقط.


الهدف:
- أسرة شبابية سورية وعربية مسيحية ملؤها المحبة.
- توعية وتثقيف الشباب المسيحي.
- مناقشة مشاكل وهموم وأفكار شبابنا السوري العربي المسيحي.
- نشر التعاليم المسيحية الصحيحة وعدم الإنحياز بشكل مذهبي نحو طائفة معينة بغية النقد السيء فقط.
في بعض الأحيان كان من الممكن أن ينحني عن مسار أهدافه ليكون مشابه لغيره من المنتديات فكان العمل على عدم جعله منتدى ديني متخصص كحوار بين الطوائف , فنتيجة التجربة وعلى عدة مواقع تبين وبالشكل الأكبر عدم المنفعة المرجوة بهذا الفكر والمنحى , نعم قد نشير ونوضح لكن بغية ورغبة الفائدة لنا جميعا وبتعاون الجميع وليس بغية بدء محاورات كانت تنتهي دوما بالتجريح ومن الطرفين فضبط النفس صعب بهذه المواقف.



رح نكتب شوية ملاحظات عامة يا ريت الكل يتقيد فيها:
• ابحث عن المنتدى المناسب لك و تصفح أقسامه ومواضيعه جيداً واستوعب مضمونه وهدفه قبل ان تبادر بالمشاركة به , فهناك الكثير من المنتديات غير اللائقة على الإنترنت .وهناك منتديات متخصصة بمجالات معينة قد لا تناسبك وهناك منتديات خاصة بأناس محددين.
• إقرأ شروط التسجيل والمشاركة في المنتدى قبل التسجيل به واستوعبها جيدأ واحترمها و اتبعها حتى لا تخل بها فتقع في مشاكل مع الأعضاء ومشرفي المنتديات.
• اختر اسم مستعار يليق بك وبصفاتك الشخصية ويحمل معاني إيجابية ، وابتعد عن الأسماء السيئة والمفردات البذيئة ، فأنت في المنتدى تمثل نفسك وأخلاقك وثقافتك وبلدك ، كما أن الاسم المستعار يعطي صفاته ودلالته لصاحبه مع الوقت حيث يتأثر الإنسان به بشكل غير مباشر ودون ان يدرك ذلك.
• استخدم رمز لشخصيتك " وهو الصورة المستخدمة تحت الاسم المستعار في المنتدى " يليق بك و يعبر عن شخصيتك واحرص على ان يكون أبعاده مناسبة.
• عند اختيارك لتوقيعك احرص على اختصاره ، وأن يكون مضمونه مناسباً لشخصيتك وثقافتك.
• استخدم اللغة العربية الفصحى وابتعد عن اللهجات المحكية " اللهجة السورية مستثناة لكثرة المسلسلات السورية " لانها قد تكون مفهومة لبعض الجنسيات وغير مفهومة لجنسيات أخرى كما قد تكون لكلمة في لهجتك المحكية معنى عادي ولها معنى منافي للأخلاق أو مسيء لجنسية أخرى . كذلك فإن استخدامك للغة العربية الفصحى يسمح لزوار المنتدى وأعضائه بالعثور على المعلومات باستخدام ميزة البحث.
• استخدم المصحح اللغوي وراعي قواعد اللغة عند كتابتك في المنتديات حتى تظهر بالمظهر اللائق التي تتمناه.
• أعطي انطباع جيد عن نفسك .. فكن مهذباً لبقاً واختر كلماتك بحكمة.
• لا تكتب في المنتديات أي معلومات شخصية عنك أو عن أسرتك ، فالمنتديات مفتوحة وقد يطلع عليها الغرباء.
• أظهر مشاعرك وعواطفك باستخدام ايقونات التعبير عن المشاعر Emotion Icon's عند كتابة مواضيعك وردودك يجب ان توضح مشاعرك أثناء كتابتها ، هل سيرسلها مرحة بقصد الضحك ؟ او جادة أو حزينه ؟ فعليك توضيح مشاعرك باستخدام Emotion Icon's ،لأنك عندما تتكلم في الواقع مع احد وجها لوجه فانه يرى تعابير وجهك وحركة جسمك ويسمع نبرة صوتك فيعرف ما تقصد ان كنت تتحدث معه على سبيل المزاح أم الجد. لكن لا تفرط في استخدام أيقونات المشاعر و الخطوط الملونة و المتغيرة الحجم ، فما زاد عن حده نقص.
• إن ما تكتبه في المنتديات يبقى ما بقي الموقع على الإنترنت ، فاحرص على كل كلمة تكتبها ، فمن الممكن ان يراها معارفك وأصدقائك وأساتذتك حتى وبعد مرور فترات زمنية طويلة.
• حاول اختصار رسالتك قدر الإمكان :بحيث تكون قصيرة و مختصرة ومباشرة وواضحة وفي صلب مضمون قسم المنتدى.
• كن عالمياً : واعلم أن هناك مستخدمين للإنترنت يستخدمون برامج تصفح مختلفة وكذلك برامج بريد الكتروني متعددة ، لذا عليك ألا تستخدم خطوط غريبة بل استخدم الخطوط المعتاد استخدامها ، لأنه قد لا يتمكن القراء من قراءتها فتظهر لهم برموز وحروف غريبة.
• قم بتقديم ردود الشكر والتقدير لكل من أضاف رداً على موضوعك وأجب على أسئلتهم وتجاوب معهم بسعة صدر وترحيب.
• استخدم ميزة البحث في المنتديات لمحاولة الحصول على الإجابة قبل السؤال عن أمر معين أو طلب المساعدة من بقية الأعضاء حتى لا تكرر الأسئلة والاستفسارات والاقتراحات التى تم الإجابة عنها قبل ذلك.
• تأكد من أنك تطرح الموضوع في المنتدى المخصص له: حيث تقسم المنتديات عادة إلى عدة منتديات تشمل جميع الموضوعات التي يمكن طرحها ومناقشتها هنا، وهذا من شأنه أن يرفع من كفاءة المنتديات ويسهل عملية تصنيف وتبويب الموضوعات، ويفضل قراءة الوصف العام لكل منتدى تحت اسمه في فهرس المنتديات للتأكد من أن مشاركتك تأخذ مكانها الصحيح.
• استخدم عنوان مناسب ومميِّز لمشاركتك في حقل الموضوع. يفضل عدم استخدام عبارات عامة مثل "يرجى المساعدة" أو "طلب عاجل" أو "أنا في ورطة" الخ، ويكون ذلك بكتابة عناوين مميِّزة للموضوعات مثل "كيف استخدم أمر كذا في برنامج كذا" أو "تصدير ملفات كذا إلى كذا".
• إحترم قوانين الملكية الفكرية للأعضاء والمواقع والشركات، وعليك أن تذكر في نهاية مشاركتك عبارة "منقول عن..." إذا قمت بنقل خبر أو مشاركة معينة من أحد المواقع أو المجلات أو المنتديات المنتشرة على الإنترنت.
• إن أغلب المنتديات تكون موجهه لجمهور عام ولمناقشة قضايا تثقيفية وتعليمية . لذلك يجب ان تكون مشاركتك بطريقة تحترم مشاعر الآخرين وعدم الهجوم في النقاشات والحوارات. وأي نشر لصور أو نصوص أو وصلات مسيئة، خادشة للحياء أو خارج سياق النهج العام للموقع.
• المنتدى لم يوجد من أجل نشر الإعلانات لذا يجب عدم نشر الإعلانات أو الوصلات التي تشير إلى مواقع إعلانية لأي منتج دون إذن او إشارة إلى موقعك أو مدونتك إذا كنت تمتلك ذلك.
• عدم نشر أي مواد أو وصلات لبرامج تعرض أمن الموقع أو أمن أجهزة الأعضاء الآخرين لخطر الفيروسات أو الدودات أو أحصنة طروادة.
•ليس المهم أن تشارك بألف موضوع فى المنتدى لكن المهم أن تشارك بموضوع يقرأه الألوف،فالعبرة بالنوع وليس بالكم.
• عدم الإساءة إلى الأديان أو للشخصيات الدينية.
•عند رغبتك بإضافة صور لموضوعك في المنتدى ، احرص على ألا يكون حجمها كبير حتى لا تستغرق وقتاً طويلاً لتحميلها وأن تكون في سياق الموضوع لا خارجه عنه.
•الالتزام بالموضوع في الردود بحيث يكون النقاش في حدود الموضوع المطروح لا الشخص، وعدم التفرع لغيره أو الخروج عنه أو الدخول في موضوعات أخرى حتى لا يخرج النقاش عن طوره.
• البعد عن الجدال العقيم والحوار الغير مجدي والإساءة إلى أي من المشاركين ، والردود التي تخل بأصول اللياقة والاحترام.
• احترم الرأي الآخر وقدر الخلاف في الرأي بين البشر واتبع آداب الخلاف وتقبله، وأن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
• التروي وعدم الاستعجال في الردود ، وعدم إلقاء الأقوال على عواهلها ودون تثبت، وأن تكون التعليقات بعد تفكير وتأمل في مضمون المداخله، فضلاً عن التراجع عن الخطأ؛ فالرجوع إلى الحق فضيلة. علاوة على حسن الاستماع لأقوال الطرف الآخر ، وتفهمها تفهما صحيحا.
• إياك و تجريح الجماعات أو الأفراد أو الهيئات أو الطعن فيهم شخصياً أو مهنياً أو أخلاقياً، أو استخدام أي وسيلة من وسائل التخويف أو التهديد او الردع ضد أي شخص بأي شكل من الأشكال.
• يمنع انتحال شخصيات الآخرين أو مناصبهم من خلال الأسماء أو الصور الرمزية أو الصور الشخصية أو ضمن محتوى التوقيع أو عن طريق الرسائل الخاصة فهذا يعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال.
• إذا لاحظت وجود خلل في صفحة أو رابط ما أو إساءة من أحد الأعضاء فيجب إخطار مدير الموقع أو المشرف المختص على الفور لأخذ التدابير اللازمة وذلك بإرسال رسالة خاصة له.
• فريق الإشراف يعمل على مراقبة المواضيع وتطوير الموقع بشكل يومي، لذا يجب على المشاركين عدم التصرف "كمشرفين" في حال ملاحظتهم لخلل أو إساءة في الموقع وتنبيه أحد أعضاء فريق الإشراف فوراً.
See more
See less

المكتبة الكاملة لعظات ابونا توما بيطار

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • المكتبة الكاملة لعظات ابونا توما بيطار

    كمال المحبّة وكمال الإثم!
    الإنسان، طبيعيًّا، من الإنسان يأتي. أبي، بالجسد، هو الّذي يلدني، وأمّي بالجسد. هذه بديهة! ولكنْ ثمّة ولادة ليست من الحشا. لا أتكلّم على الولادة من الأنبوب(!)، أتكلّم على الولادة من فوق، لا بحسب الطّبيعة البشريّة، ولا بالآلة، والكيماويّات (!)، بل بحسب روح الرّبّ! هذا الإخصاب الّذي من فوق يتمّ بالسّلوك في الوصيّة الجديدة، آخر الوصايا وأسماها: "أحبّوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم. صلّوا لأجل الّذين يسيئون إليكم ويطردونكم". الغرض من الولادة الجديدة، هذه، هو مماثلة الآب السّماويّ! لذا اقترن الكلام على الوصيّة الجديدة بالاستنتاج: "لكي تكونوا بني أبيكم الّذي في السّموات". فإذا كان الابن سرَّ أبيه فذروة الكلام هي: "كونوا كاملين كما أنّ أباكم السّماويّ هو كامل"!
    إذًا، أن نكون أبناء للآب السّماويّ معناه، في العمق، مماثلته في ما هو عليه، في أعمق ما هو عليه!
    الآب السّماويّ يأتينا أبًا، وأبًا للجميع، لذا الآب السّماويّ محبّة! فمَن يحب يصير ابنًا للآب.يصير أي إنّ الأمر ليس محكومًا بالحتميّات الطّبيعيّة بل بالإرادة. وهذا بديهيّ لأنّ الكائن يحبّ، ولا يمكنه أن يحبّ إلاّ إذا أراد أن يحبّ! ثمّ مَن يحبّ يصير كالآب، يماثل الآب، لأنّ الله محبّة! وبالنّتيجة، مَن يحبّ يصير كاملاً لأنّ الآب كامل!
    فيمَ يتمثّل الكمال، والحال هذه؟ في أمر واحد مميَّز هو محبّة الأعداء! لذا كانت ميزة الآب الأولى أنّه يحبّ أعداءه. ولأنّه يحبّ أعداءه، يستبين محبّة، أي يستبين أنّه، في كلّ ما يعمل، يحبّ! كلّ ما يعمله الآب يعمله في المحبّة وللمحبّة! ليس هناك عمل إلهيّ واحد غير مغمّس، بالكامل، بالمحبّة الإلهيّة! وما أدلّ على ذلك، بالضّبط، من محبّة الله لأعدائه! ولكنّ هل لله أعداء؟ طبعًا! لأنّ محبّة الله الكاملة لخليقته تركت لها، في المجال، أن تعاديه، رغم كون الله قادرًا على أن يمسح أعداءه من الوجود كما يمسح الفلاّح بيت العنكبوت! ومَن هو عدوّ الله الأوّل وأبو كلّ أعداء الله؟ الشّيطان! طبعًا، لم يخلقه الله لا شيطانًا ولا عدوًّا. خلقه حسنًا. ثمّ، بعد ذلك صار عدوًّا بإرادته، والرّبّ قَبِل! لو كان الرّبّ الإله أباد الشّيطان، لما كان ليكون محبّة! لما كان ليكون الله! لهذا السّبب بالذّات، أكثر ما تتجلّى محبّة الله في محبّته للشّيطان! لا لأعمال الشّيطان بل لشخص الشّيطان! ومن ثمّ تتجلّى محبّة الله في محبّته لكلّ أبناء الشّيطان!
    أبناء الشّيطان هم الّذين يُخصبهم بالفكر، عن إرادة منهم، فيماثلونه في أعماله. لهذا، قال الرّبّ يسوع لليهود: "أنتم من أب هو إبليس وأعمال أبيكم تعملون".
    الرّبّ الإله، إذًا، باقٍٍ منسجمًا مع نفسه؛ يبقى هو إيّاه ولا يتغيَّر في موقفه. لا يتغيّر موقفه من النّاس، ولا يتغيَّر موقفه من الشّيطان. موقفه محكوم، أبدًا، بالمحبّة الكاملة، بمحبّته لكلّ الّذين يرفضونه ويعادونه ويحاربونه! هنا، بالذّات، تكمن نقطة وجع الشّيطان وأبنائه! فجحيم الشّيطان هو أنّ الله يحبّه!!!
    لو كان الرّبّ الإله يكره الشّيطان، لكان هذا الأخير في حال أفضل؛ لكانت معاناته أخفّ، لكان له مبرِّر في رفضه للرّبّ الإله وكرهه له. ولكنْ، لأنّ الرّبّ الإله يحبّه، رغم كلّ شيء، فإنّه، أيّ الشّيطان، ليس مبرَّرًا في موقفه من الله. وهذا ما يجعله في جحيم! ليس هناك جحيم أقسى، على النّاس، من أن يبادل أحد رفضهم له بإصرار بقبوله لهم بإصرار! ليس هناك جحيم أقسى من مقابلة الإنسان كره الآخرين له بمحبّته لهم. هو، طبعًا، لا يفعل هذا ليُغيظهم! لا يحبّ الرّبّ الإله الشّيطان ليُغيظَه! لا أبدًا! إنّما ما يغيظ الأبالسة، بلا حدود، ويجعلهم في جحيم، هو كرههم لله، لا محبّة الله لهم. فلأنّهم يرفضونه ويكرهونه لا يستطيعون أن يمتصّوا محبّته، كما لا تستطيع الأحشاء الموبوءة أن تمتصّ الطّعام وتتمثّله، بل يكون وبالاً عليها!
    لهذا السّبب، لا يستطيع الأبالسة ومعادو الله أن يختبروا الفردوس والحياة الأبديّة والملكوت السّماويّ والفرح والسّلام المتمثّل بمحبّة الله. محبّة الله تبلغهم كقوّة سالبة بسبب رداءة نفوسهم! أقصى المحبّة تسبِّب لهم أقصى الوجع! الشّرّير بحاجة إلى معاينة الّذين مثله، وإلى إفساد عبيد الله! هذا يجعله في الغبطة، ولكنْ السّقيمة، طبعًا! الرّسول بولس وصف هذه الحالة الّتي أسماها حالة الّذين "لم يستحسنوا أن يُبقُوا الله في معرفتهم فأسلمهم الله إلى ذهن مرفوض"، فيقول عنهم إنّهم لا فقط يصرّون، بعناد كبير، على فعل ما يعلمون أنّه يستوجب الموت، بل "يُسرُّون، أيضًا، بالّذين يعملون مثلهم" (رو 1: 28، 32)!
    إذًا، لا يمكن أن يُنسَب شرٌّ ما، أيًّا يكن، لله، ولا أذًى يلحق بمخلوقاته. بل المخلوقات عينها، لأنّها تعاند في رفضها لمحبّة الله، تعاني، وتعاني بشدّة؛ تعاني حتّى الجحيم وأقصى الجحيم! لماذا؟! لأنّ الرّبّ الإله خلق الكلّ بمحبّة، بما في ذلك الشّيطان، عندما كان، بعد، صالحًا. إذًا، تكوين كلّ الخلائق هو تكوينٌ على أساس محبّة الله. ولا يمكنها أن تنعم بالسّلام الدّاخليّ إلاّ إذا سلكت باستقامة في محبّة الله!
    إذا كانت للواحد سيّارة، والسّيّارة مصنوعة بطريقة تجعلها بحاجة إلى زيت خاص لتسير. فإن جعل الإنسان بدل الزّيت، فيها، مادّة حارقة، فماذا يحدث؟ هل بإمكان السّيّارة أن تسير كما شاءها صانعها؟! لا، طبعًا! السّيّارة، إذ ذاك، لا، فقط، تتوقّف عن الجريان، بل تحترق! هكذا خلائق الله! إنّها مخلوقة طبقًا لمواصفات زيت المحبّة! والزّيت علامة الرّحمة. فالإنسان، لكي تسير أموره كما يُرام، يحتاج إلى التّزوّد الدّائم بالمحبّة. أمّا إذا استبدل زيت الرّحمة بمادّة مشتعلة هي الكره، فماذا يحدث؟ ما يحدث للسّيّارة، يحدث ما يشبهه للإنسان ولخليقة الله، وللشّيطان، بدءًا... فإنّ المادّة المشتعلة تحرق صاحبها! ليست خليقة الله مصنوعة لتستوعب المواد الحارقة الّتي للأنانيّة والكراهيّة وحبّ الذّات وعبادتها! ليس بإمكان الخليقة أن "تهضم" مثل هذه المواد السّامة الحارقة! إذًا، هذه المواد لا، فقط، تعطِّل الشّيطان كمخلوق والإنسان وخليقة الله، بل تجعله وإيّاها في أسوأ حال! تجعله في النّار! تجعله يحترق! وهو، إذ يحترق، يحترق بغباء خطيئته، لأنّ الرّبّ الإله لم يترك أحدًا بلا معرفة!
    لا يحترق الإنسان لأنّ الرّبّ الإله يكون قد تخلّى عنه، بل هو عن الله! ليس الله هو الملام لأنّه صنع كلّ شيء حسنًا، صنع الخليقة على أفضل ما يكون، صنع "السّيّارة" بأفضل المواصفات؛ لكنّ الخليقة أساءت استعمال ما جعل الرّبّ الإله فيها من خيرات وبركات، فصارت شرورًا ولعنات؛ وبذلك أساءت إلى نفسها، وحوّلت ما خلقه الله للحياة الأبديّة إلى كتلة عدميّة تحترق إلى هلاك أبديّ!
    على هذا كان للإنسان خيار من اثنين: إمّا أن يماثل الله بمحبّة أعدائه فيصير ابنًا للآب، وكاملاً، كما أنّ الآب السّماويّ هو كامل، وإمّا أن يماثل الشّيطان بعبادة ذاته وعناده ورفضه لله ونبذه لمحبّة الله، فيصير ابنًا للشّيطان وكاملاً في خطيئته، كما أنّ الشّيطان كامل في إثمه!
    إمّا تقودك حرّيّتك إلى تحقيق الغرض منها، إلى النّور الدّاخليّ في قلب الله، وإمّا إلى فقدانها، وإلى العبوديّة الكاملة للظّلمة البرّانيّة في الوجود العدميّ!
    الأرشمندريت توما (بيطار)
    رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي – دوما
    بما أنّكِ جعلتِ اهتمامَكِ ملائمًا لتسميتِكِ أحرزتِ الإيمان القويم مسكناً،


    فلذلك يا لابسة الجهاد تفيضين الأشفية وتتشفعين من أجل نفوسنا


    يا باراسكيفي المطابقة لاسمِها.




    best friends
    Infinity and eternity



  • #2
    رد: المكتبة الكاملة لعظات ابونا توما بيطار

    أيها المجد الأبدي يا الله إلهي، ينبوع كل مجد راسخ، بدونك أعجز عن أن أمجدك لأن خارجاً عنك ليس إلا المجد الباطل

    شكرا للاشمندريت توما بيطار

    وشكرا الك كلود الرب يحميك
    يريدون صلب وطني..
    ألا يعلمون أن بعد الصلب


    قيامة مجيدة

    (( وينـــك يــايسـوع وطننـا مـوجـوع
    ))



    Comment


    • #3
      رد: المكتبة الكاملة لعظات ابونا توما بيطار

      شكرا كثير على الموضوع الرب يباركك
      " قدوس قدوس قدوس الرب الإله القادر على كل شيء الذي كان والكائن والحي والذي يأتي " (رؤ 8:4)

      Comment


      • #4
        رد: المكتبة الكاملة لعظات ابونا توما بيطار

        Originally posted by كريستين ويسوع ربي View Post
        أيها المجد الأبدي يا الله إلهي، ينبوع كل مجد راسخ، بدونك أعجز عن أن أمجدك لأن خارجاً عنك ليس إلا المجد الباطل


        شكرا للاشمندريت توما بيطار

        وشكرا الك كلود الرب يحميك
        امين يارب

        صلوات الرب تكون معك
        بما أنّكِ جعلتِ اهتمامَكِ ملائمًا لتسميتِكِ أحرزتِ الإيمان القويم مسكناً،


        فلذلك يا لابسة الجهاد تفيضين الأشفية وتتشفعين من أجل نفوسنا


        يا باراسكيفي المطابقة لاسمِها.




        best friends
        Infinity and eternity


        Comment


        • #5
          رد: المكتبة الكاملة لعظات ابونا توما بيطار

          Originally posted by barbara View Post
          شكرا كثير على الموضوع الرب يباركك

          الرب يحميكي
          بما أنّكِ جعلتِ اهتمامَكِ ملائمًا لتسميتِكِ أحرزتِ الإيمان القويم مسكناً،


          فلذلك يا لابسة الجهاد تفيضين الأشفية وتتشفعين من أجل نفوسنا


          يا باراسكيفي المطابقة لاسمِها.




          best friends
          Infinity and eternity


          Comment


          • #6
            رد: المكتبة الكاملة لعظات ابونا توما بيطار

            السّجود بالرّوح والحقّ!



            في حوار الرّبّ يسوع مع المرأة، في مدينة سوخار السّامريّة، أبدت المرأة ما تمسّك به آباء السّامريِّين، أنّ السّجود لله يتمّ في جبل جيرازيم، فيما قال اليهود إنّ في أورشليم الموضع الّذي ينبغي أن يُسجَد. يسوع حسم الجدل التّاريخيّ بين هؤلاء وأولئك فقال: "تأتي ساعة، وهي الآن... لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون للآب... لأن... الله روح، والّذين يسجدون له فبالرّوح والحقّ ينبغي أن يسجدوا" (يو 4: 23، 21، 23 – 24).
            إذًا، لم يعد السّجود لله مسألة مكان يُسجَد فيه دون سواه. ولو شاء الرّبّ الإله أن يكون الخلاص، في وقت من الأوقات، من اليهود (الآية 22)، فإنّ الخلاص الآن، ومن ثمّ السّجود للآب، لم يعُد منوطًا، لا بشعب معيّن ولا بموضع محدّد. هذه مرحلة انتهت. المرحلة الجديدة هي مرحلة الخلاص بيسوع المسيح. هو الشّعب الجديد لأنّه آدم الجديد؛ والشّعب الجديد ذرّيّته، أي الكنيسة، هي منه، وهي جسده. أمّا السّجود فليس، بعد، في مكان محدّد، هنا أو هناك أو هنالك. هيكل أورشليم تمّ تخطّيه. جسد يسوع، أي الكنيسة، صار هو المكان "الكيانيّ" الّذي ينبغي أن يُسجَد فيه. وهذا يعادل القول أنّ العبادة، أو السّجود، كائن، من الآن فصاعدًا، بالرّوح والحقّ!
            ماذا يعني هذا لنا، نحن الّذين آمنّا بالرّبّ يسوع وصرنا أعضاء في جسده، الكنيسة، الشّعب الجديد؟
            لم تعد للشّعب الجديد صفة الأمّة ولا القبيلة ولا شعب من شعوب الأرض. يسوع إله وإنسان، فكنيسته، وتاليًا شعبه، إلهيّ بشريّ! الجدّة، إذًا، هي في كوننا لا فقط شعب الله؛ هذه قد تكون صفة خارجيّة لانتمائنا، أنّنا ننتمي، أو نظنّ أنّنا ننتمي، إلى مسيح الرّبّ، بل في كون روح الله هو السّاكن فينا، ومن ثمّ أنّه هو الفاعل فينا أن نريد وأن نعمل من أجل المسرّة، من إجل إتمام مشيئة الله؛ من أجل مسرّة الآب على غرار مسرّته بالابن. "هذا هو ابني الحبيب الّذي به سُررت". هذه هي الصّفة الدّاخليّة الأساس لانتمائنا، ومن دونها لا قيمة لأيّ انتماء إلى الرّبّ يسوع لا بما نعتبره إيمانًا ولا بالفكر ولا بالأسرار ولا بالمشاعر ولا بالشّعارات! بالأحرى إذا لم يثمر انتماؤنا ليسوع، بالكلمة والعلامة الخارجيّة للسّرّ، سكنًى لروحه فينا وسلوكًا في الرّوح من قِبلنا، فإنّ إيماننا بيسوع يكون شكليًّا، إسميًّا، نظريًّا، موضوع شعارات خاوية. إذًا كنيسة الرّبّ يسوع هي شعب الله الّذي يسكن فيه روح الرّبّ ويتعاون وروح الرّبّ ويسيِّره روح الرّبّ. خارج هذا الواقع الكيانيّ العميق لكنيسة المسيح لا انتماء حقيقيًّا إلى كنيسة المسيح. لا الكنيسة جماعة مؤمنين ولا هي مؤسّسة ذات هيكليّة ولا هي عقائد ولا هي طقوس ولا شيء من مثل ذلك، وإن كان لها وجه شركويّ وآخر مؤسّسيّ وآخر عقائديّ وآخر طقوسيّ. بالأحرى، الكنيسة شعب الله، مؤمنًا بالرّبّ يسوع المسيح ومسيَّرًا بروح الرّبّ، ما يتجلّى في شركة متحابّة، وفي مؤسّسة لخدمة الخلاص، وفي عقائد تحدّد أركان الحياة في الرّوح القدس، وفي عبادة بالرّوح والحقّ، وما سوى ذلك من تجلّيات لروح الرّبّ في حياة المؤمنين.
            هذا من جهة كنيسة المسيح في الرّوح القدس. أمّا من جهة العبادة بالرّوح والحقّ، فنحن لا نتعاطى ما نسمّيه "الكنائس" كما كان السّابقون يتعاطون الهيكل. ليس الله مقيمًا في "الكنائس". ما يُعرف "بالكنائس"، اليوم، هو أمكنة اجتماع. التّسمية، في كلّ حال، غير سليمة. إذ حيثما اجتمعنا هناك تكون الكنيسة قد اجتمعت؛ لا نقول هناك تكون الكنيسة لأنّه لا ارتباط كيانيًّا للكنيسة بالمكان، أيّ مكان. الكنيسة هي نحن في الرّوح القدس! تبعًا لذلك، نحن الهيكل، كلّ واحد منّا يُفترض به أن يكون هيكلاً للرّوح القدس. ومتى قلنا إنّنا نحن الهيكل قلنا إنّنا نتعاطى العبادة الحقّ وتاليًا أنّ ثمّة مذبحًا وذبيحة وتقدمات وأوان مقدّسة وإيقونات وما شاكلها.
            أمّا المذبح فهو مذبح القلب. الغرض هو الدّخول إلى قدس الأقداس، إلى قلب الله. قديمًا لم يكن رئيس كهنة يدخل إلى قدس الأقداس من دون دم ذبيحة حيوانيّة، أمّا يسوع فدخل بدم نفسه، مرّة واحدة، فوجد، للبشريّة، فداء أبديًّا. دم الحيوانات، في الماضي، كان بديلاً ومدخلاً إلى تقديم إسرائيل دم نفسه على مذبح القلب لله، أو قل على مذبح الله في القلب. لذا بات كلٌّ يدخل إلى قدس أقداس الله بدم نفسه. ما معنى ذلك؟ معناه أن يقرّب كلٌّ ذبيحة مشيئته الخاصّة. إبراهيم، أبو المؤمنين، عندما أراد أن يذبح ابنه إسحق، ذبح مشيئته الخاصّة والتزم مشيئة ربّه كاملة. لذا قول يسوع بإزاء أبيه السّماويّ كان: "لتكن لا مشيئتي بل مشيئتك". هذا التخلّي الكامل، هذا الإفراغ الكامل للذّات، هو التّعبير عن الإيمان الحقّ بعبادة حقّ. ما كان إسحق بالنّسبة لإبراهيم هذا، رمزًا، ما هي مشيئة الإنسان لكلّ إنسان. ابني، كيانيًّا، هو ذاتي، مشيئتي، ما أريد، ما أرغب فيه، ما أتطلّع إليه، ما أتحقّق فيه، في العمق، ما أصير به إنسانًا إلهيًّا، إنسانًا على مثال يسوع ابن الإنسان، على مثال الله. لذا الذّبيحة المعطاة، المرتجاة، ما أحيا به وله في المسيح بتواتر، هي الصّليب، اقتبالاً لقول الرّبّ يسوع لنا: "مَن أراد أن يتبعني فليحمل صليبه كلّ يوم ويتبعني".
            وحيث أقرِّب ذاتي في مشيئتي، أقرِّب كلّ أفكاري وأشواقي، أقرِّب الرّوح والعقل والجسد، وكلّ تفصيل من تفاصيل حياتي. "نَفَس أنوفنا مسيح الرّبّ". أقرِّب ذاتي على مذبح القلب، على مذبح الله، لآخذها جديدة. "أعطِ دمًا وخذْ روحًا". الجدّة في الرّوح القدس، في سكنى الرّوح القدس فينا، في الملكوت الّذي نصير إيّاه، في الحياة الأبديّة المستمددة مِمَّن نفخ في تلاميذه قائلاً: خذوا الرّوح القدس!
            إذ ذاك نصير آنية مقدّسة، آنية لا تبلى. نغمَّس بالنّور، نصير نورًا من النّور، نشعّ بالنّور في العالم. "أنتم نور العالم" كما أنّي "أنا نور العالم" قال السّيّد!
            أمّا الإيقونات وكلّ زينة الهيكل فرموز لكلّ الفضائل. الزّينة، في العبادة بالرّوح والحقّ، هي زينة الفضيلة. إذا ما كانت كلّ إيقونة، في دُور اجتماعاتنا، تأخذنا إلى الملكوت، فالقصد، أوّلاً وأخيرًا، ليس أن نقف عند حدود إكرام الإيقونات بمَن ارتسم عليها. هذا بعض من رسم عبادة. ولكنْ القصدُ أن نستمدد من كلّ إيقونة الفضيلةَ أو المدى الرّوحيّ الّذي يمتدّ به إلينا صاحب الإيقونة. فإيقونة السّيّد تمدّنا بالمحبّة الأكمل لله لنا، بالصّليب، بدم الفداء، بعِشرة الله. إنّها مركبة له إلينا لتصير بمثابة مركبة إيليّا النّاريّة لنا إليه. وإيقونة والدة الإله هي إيقونة الأمّ والحاضنة والكنيسة وحوّاء الجديدة والبشريّة الجديدة ومَن قالت: "ليكن لي بحسب قولك"، ومَن تدعونا: "تعالوا إلى السّيّد"، ومَن تنشئنا كأمّ، كحاضنة، على سيرة مَن نشّأت واحتضنت في الروح القدس، لأنّها العارفة، الخبيرة، المختَبَرة، الحاضنة المثلى فيما لله والإلهيّات، فيما للطّريق إلى حضن الآب، إلى يمين الآب، إلى قلب الآب...
            وأمّا أيقونات القدّيسين فبستان فضائل نأخذ من هذا فضيلة الفقر لأنّه مجّد الله في فقره، ومن غيره فضيلة الصّبر لأنّه مجّد الله في صبره، ومن ثالث فضيلة الاتّضاع لأنّه سار على درب مَن استبان وديعًا متواضع القلب. وهكذا دواليك. الإيقونة هي صورة عمّا في السّماء لحثّنا، بما تمدّه إلينا، إلى سلوك الطّريق الّذي سلكه مَن في الإيقونة إلى هناك!
            إذا ما وقفنا في العبادة عند حدود الحجر والخشب واللّحم والدّم، وما لهذا الدّهر، عبّرنا أنّنا لا زلنا، بعد، حيث كان روّاد هيكل سليمان ولم نَرْقَ، بعد، إلى حيث صار الهيكلُ يسوعَ، جسدَه في الرّوح. العبادة، إذ ذاك، تشكّل عائقًا للعبادة بالرّوح والحقّ. تكون عبادة أوثان، تحوِّل العبادة الجديدة، بعناصرها الجديدة، إلى أوثان حجريّة أو فكريّة أو كلاميّة. ما أُعطي لنا بالعين، باللّمس، بالحسّ... أُعطي لنا سبيلاً، طريقًا، تحقيقًا لما حقّقه يسوع الّذي نزل واستقرّ، كابن الله، في الجسد والعالم، لكي يصعد، بما استقرّ فيه إلى فوق، ليجلس عن يمين الله الآب، وليعطينا أن نجلس به هناك. الحركة حركة نزول وصعود في آن. الملائكة تنزل وتصعد على ابن الإنسان، على الإنسان، على كلّ إنسان لتُحال الأرض سماء والسّماء أرضًا جديدة، أرض الميعاد الموعود حيث السّيّد سائد إلى الأبد، وحيث نقيم نحن فيه، في قلبه، في روحه، كما في أورشليم، ولكنْ العلويّة، إلى الأبد!


            الأرشمندريت توما (بيطار)
            رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي – دوما
            بما أنّكِ جعلتِ اهتمامَكِ ملائمًا لتسميتِكِ أحرزتِ الإيمان القويم مسكناً،


            فلذلك يا لابسة الجهاد تفيضين الأشفية وتتشفعين من أجل نفوسنا


            يا باراسكيفي المطابقة لاسمِها.




            best friends
            Infinity and eternity


            Comment


            • #7
              رد: المكتبة الكاملة لعظات ابونا توما بيطار



              الرب يبارك تعبك كلود على هل الموضوع




              أنا أعلم إن بدا العالم كله كعشبٍ..
              لكنه حتمًا توجد زهور جميلة وسط العشب..

              هب لي يا رب أن أكون زهرة وسط العشب الكثير!

              Comment


              • #8
                رد: المكتبة الكاملة لعظات ابونا توما بيطار

                Originally posted by NermeeN View Post

                الرب يبارك تعبك كلود على هل الموضوع



                الرب يحميكي نيرمين و ميرسي عالمتابعة
                بما أنّكِ جعلتِ اهتمامَكِ ملائمًا لتسميتِكِ أحرزتِ الإيمان القويم مسكناً،


                فلذلك يا لابسة الجهاد تفيضين الأشفية وتتشفعين من أجل نفوسنا


                يا باراسكيفي المطابقة لاسمِها.




                best friends
                Infinity and eternity


                Comment


                • #9
                  رد: المكتبة الكاملة لعظات ابونا توما بيطار

                  موقف لحظة!


                  جاءنا زائرًا. لم نكن نعرفه. عرفناه من زمان، قليلاً، ولكنْ كان ذلك عابرًا ولم يصمد في الذّاكرة. حييًّا، خفرًا، ممتدّ القامة، كأنّه يناطح السّماء. ضئيلاً في ما للّحم. بين قامته ورأسه لا نسبة عاديّة، أو قل شيئًا من إيقونة روسيّة! قامات رماح ورؤوس تشكّل رؤوس الرّماح أو تكاد. صوته ناعم، رقيق، كأنّه أزيز. تلقاه ضئيلاً وتحتاج إلى بذل جهد لتسمعه. لكنّك متى أصخت بثّك عذوبة وشدّك إليه. صوته، بالأحرى، داخليّ. صوته الخارجيّ ربّما ليس وفق المقاييس المتعارَف عليها! كلّه، في الشّكل، لا يملأ العين كسيّد! لكنّك متى صرت إليه بعينك الدّاخليّة انتابك شعور بأنّه، إلى حدٍّ، من غير كوكب!
                  يدخل إليك كما يدخل زبدُ البحر نخاريبَ الصّخور البحريّة. أوّل إطلالته عليك تسآل مِن قِبَلك، فسمعٌ، فاستغراب، فهدأة، فارتياح، فانشراح، فاستكانة!
                  علامةَ سيادة أتانا. وبين السّيّاد والعامة، بعامّة، مسافات غير معلنة وأغوار تُردَم بالكلمات الملاح والملاطفات والتّودّد واللّياقات واللّياقات واللّياقات. للسّيّادة دائمًا مهابتها، لذا ترغب إلى أصحابها وعنهم في آن. قلّما يعطونك الانطباع أنّهم منك وعلى لا مسافة منك. ثمّة صورة تطغى على هالة السّادة وسلوكهم وأخرى على سلوك العامّة منهم! ولكنْ، في الاتّضاع والمحبّة العميقة تندكّ الجدران وتسقط الفواصل وتتداعى الحواجز!
                  لفتنا أمر غير عادي فيه أنّه لا يطالبك بشيء ولا يطلب شيئًا بل يُثني نفسَه باتّجاهك كمَن لا يشاء أن يثقّل على أحد، كالماء الرّقراقة متى اصطدمت بكتلة جامدة لجسم ما اقتحمته، بل تشكّلت حوله بما كان واقع الجسم عليه!
                  أمضى عندنا أقلّ من أربع وعشرين ساعة. جاءنا بانطباع لدينا وتركنا بانطباع آخر! جاءنا فظننا أنّه واه كخيط العنكبوت، وغادرنا وقد رأيناه، كما في داخل نفسه، كأنّه جلمود صخر تتكسّر عليه عواصف التّجارب ووطأة المعاناة تكسيرًا! ليس عاديًّا أن يطالعك قويّ ثابت في حلّة الضّعف! المعاينة الدّاخليّة دائمًا صعبة لأنّه إن لم تكن لك عين منقّاة من فوق ما أمكنك أن تبصر. المعاينة الخارجيّة دائمًا أسهل لأنّها حكم بحسب الظّاهر وفيها، عادة، الضّلال.
                  شاركنا في الخدمة الإلهيّة. كان هو القندلفت ومساعد الشّمّاس والشّمّاس والكاهن والأسقف. عجَب غريب! كان سهلاً عليه، ولا أسهل، أن يمّحي، أن يتقدّم متى فُسح له في المجال، وأن ينكفئ متى فطن إلى أنّ للآخرين تصوّرًا وعادات غير ما لديه! صعب تصنيف إنسان كهذا! فوق التّصنيف استبان! ومع ذلك تلمح في حركاته قوّةَ اندفاع وفي ابتسامته فرحًا ورضى بما تيسّر وفي دقّته معرفةً وصحوًا. يتحرّك من الدّاخل إلى الخارج، ولا يتحرّك من الخارج ليوهم بأنّه على أمر ليس هو عليه، في داخل نفسه، بالضّرورة!
                  ابتسامته خلاّبة. يلقيها عليك سلامًا حيث لا تدري. لا فيها كثافة ولا لها صوت، لكنّها تبثّ من حولها عذوبة أخّاذة!
                  تظنّ لسرعة ردّ فعله حيال سير الخدمة أنّه يضرب أخماسًا بأسداس. ثمّ فجأة تلمح له حضورًا كاملاً ودقّة متناهية! أثيريًّا في وجوده لديك، وفي التفاتاته! يقول لك كلمة أو يشير عليك بأمر فلا يسعك إلاّ أن تقول، وبفرح: ليكنْ بحسب قولك! لا مانع لديه أن يقف صغيرًا أمام الأصغر منه! هذا إنسان يعرف أن يتكلّم وأن ينتفع من وجود الآخرين، كما قلّما تجد إنسانًا يسلك نظيره!
                  عندما فتح فاه ونطق بالعظة استبان بهدأته وخفر صوته وضآلة نبرته وسلاسة كلامه وترابط معانيه وانسياب أفكاره واستكانة أدائه وعمق مقالته أنّه يخاطب الملائكة لا البشر! قوله إلى الصّمت أميَلْ، وفكره إلى السّماويّات أدنى، وتوجّهه إلى السّمائيّين أقربْ! عقل نيِّر. قلب من معدن ولا أندر! يبدأك كما من نوطة موسيقيّة ضئيلة ثمّ، فجأة، يُدخل عليك فكرة كتابيّة تعرفها، ولكنّه يجعلها في موقع ينعكس في نفسك تآلفًا روحيًّا مبدعًا محبّبًا. ثمّ تَدخل في نوطاته المنثورة هنا وثمّة اندماجاتٌ وتمايزاتٌ فذّة تأخذ بك، بمجامع قلبك، تشدّك إليه، تحرّك فيك حسًّا جميلاً، لا بما هو للبشريّات بل للإلهيّات. وإذ يرتقي بك إلى سماء ما يبثّك من حضرة إلهيّة بدقّة وانسجام لافتَين، تلقى كلماته ومعانيه تحمل ما في روحه من التماعات؛ تنفذ إلى داخلك وتقبض عليك برفق ووداد، ولكنْ بثبات، حتّى تنتهي بك إلى بعضٍ من عتبات ربّك!
                  وانتهت الخدمة. كلّ شيء بدأه ضئيلاً خافتًا وانتهى بركانًا نورانيًّا! وجمع أغراضه. لم يطلب شيئًا لنفسه! ما يصنع كان يصنعه دونما طلب عون! ولكنْ إن امتدّت إليه يدُ لطفٍ قبلها بشكر؛ والابتسامة وحمرة الخجل، أيضًا وأيضًا، لا تفارق محيّاه!
                  التقينا في القاعة. بعدها رأى أطفالاً فصار طفلاً إليهم وخاطبهم بطفولة الكبار في ربّهم! ويبدو أنّه دائمًا ما يدّخر شيئًا للصّغار. بدأ ثلاثة أطفال يرتّلون كأنّهم مسحورون. خطفتهم وداعته ولطفه! وللكبار أيضًا كان نصيب. يسمع كثيرًا ويتكلّم أقلّ! أحبّ إليه أن يطّلع على شجون النّاس ليصير واحدًا إليهم! الكلام يغويه أقلّ لأنّه يحسب نفسه دون مَن يعرف لغة الكلام الإلهيّ الموافق!
                  ودخلنا إلى قاعة الطّعام. هذا إنسان لا يأكل إلاّ قليلاً! يَخدم أكثر ممّا يُخدَم. لكنّه يقبل خدمة الآخرين بخفر غير المستحقّين، لا بوعي السّادة لأنفسهم ومقامهم!
                  ثمّ جلسنا وتجاذبنا أطراف الحديث. حضوره تَفَكُّرٌ على تأمّل على سؤال العون، كمَن لا يعرفون! قلّما تجد الغثّ فيما يقول أو لا يقول. يتكلّم من داخل قلبه. يأتيك كمَن يحسبك مصدر علم له ولو كنت وضيعًا! طالت الجلسة وبدت كأنّها دقائق! ضغط الوقت فقام وارتحل. ارتحل كما جاء ولمّا يثقّل. وإذ غادر، ألفينا في وجداننا، بشأنه، بقيّة حضرة حلوة. كانت طيبًا ولا أطيب! أتى ووقف لحظة ثمّ ارتحل من جديد إلى الوجه الآتي!
                  الأرشمندريت توما (بيطار)
                  رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي – دوما
                  بما أنّكِ جعلتِ اهتمامَكِ ملائمًا لتسميتِكِ أحرزتِ الإيمان القويم مسكناً،


                  فلذلك يا لابسة الجهاد تفيضين الأشفية وتتشفعين من أجل نفوسنا


                  يا باراسكيفي المطابقة لاسمِها.




                  best friends
                  Infinity and eternity


                  Comment


                  • #10
                    رد: المكتبة الكاملة لعظات ابونا توما بيطار

                    جامعة القدّيس تيخون!
                    ... وتسنّى لنا، بنعمة الله، أن نحجّ إلى الرّوسيّا. أيّوب، برضى ربّه، نزل عليه إبليس ليسحقه. أتى على كلّ ما له، وحتّى على جسده، إلاّ روحه. وما تمكّن منه، لأنّه كان إلى ربّه من الأعماق. أخيرًا، أُزيح المتجنّي خائبًا. "وبارك الرّبّ آخرة أيّوب أكثر من أولاه" (أي 42: 12).
                    الرّوسيّا الكنيسة، اليوم، مزدحمة بالرّوح، وتضجّ فيها الحياة الإلهيّة بقوّة. نهجُ العبادة والتّقى، في تلك الأنحاء، كان من زمان. القدّيسان أنطونيوس وثيودوسيوس كييف، ومَن معهما، كانوا هناك مِلحًا في القرنَين العاشر والحادي عشر، في مطلع المسيحيّة الرّوسيّة. ولمّا رام التّتار خَنْقَ الرّوس وكنيستهم، كان القدّيس سرجيوس رادونيج ونيقون ومَن معهما مُطلِقي تلك الأصقاع في حرّيّة أبناء الله، في القرن الرّابع عشر وما تلاه. الحياة الرّوحيّة، كلّما وهنت، أحدث الرّبّ الإله ما يوافق وأرسل مَن يناسب، لتنقى النّفوس ويتلظّى فيها الرّوح من جديد. ثمّ كان جبّار بأس، في الرّوح، القدّيس سيرافيم ساروفسكي، المتوفّى عام 1833 م. كما كان آباء دير أوبتينا القدّيسون، عبر القرن التّاسع عشر ومطلع العشرين. وكبار كالقدّيس يوحنّا كرونشتادت (+ 1908 م). التّاسع عشر ومطلع العشرين، إلى انطلاق شرارة الثّورة البولشفيّة، كان ادّخارًا لمؤن روحيّة لأنّ الكلمة كانت ستكون عزيزة في الزّمن الشّيوعيّ!
                    ونزلت الشّيوعيّة بعنف ولا أشدّ على الكنيسة والأرثوذكسيّة لإلغائهما. واستُشهد الملايين. الشّعب المؤمن اغتذى واستمرّ بما كان الرّبّ الإله قد ادّخره له. وجاءت دماء المعترفين والشّهداء لتشحن روح الرّوسيّا بالنّعمة الإلهيّة. فلمّا اكتمل زمان بابل السّبعين في الرّوسيّا، بين السّنة السّابعة عشرة من القرن العشرين والسّنة السّابعة والثّمانين منه، انحلّت قيود الجحيم، وأُخرج ذهبُ القلوب المنقّى من الأتّون المحمّى سبعة أضعاف!
                    اليوم، للأرثوذكسيّة أكبر مخزن روح وقداسة وتقى وعبادة في الرّوسيّا. اليوم أدركنا، لمسًا، أنّ الأرثوذكسيّة لا تموت وأنّ لها في الرّوسيّا شهودًا وحتّى أقصى الأرض!
                    ما سمعناه، ما رأيناه بعيوننا، ما شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة في الرّوسيّا أعظم من تعزية وأكبر من أن نخبر به. روح الرّبّ، هناك، في تفجّر مذهل! تبارَك الله!
                    حججنا إلى أديرة بارزة. زرنا رعايا. قابلنا مؤمنين ومؤمنات. سمعنا كلامًا عن الشّهداء الجدد. رأينا صورًا لهم. ليست عائلة إلاّ سقط لها شهيد أو معترف من قريب أو بعيد. شحنات النّور الإلهي في الوجوه، في الخِدَم الإلهيّة، في اندفاع الصّغار والكبار، في التّرميم، في البناء، في البذل والعطاء. شعب، بعامّة، فقير، لكنّه غنيّ بالرّجاءات والأفراح السّمائيّة. "حيّ هو الله الّذي أنا واقف أمامه"!
                    في موسكو محطّة استوقفتنا آتيكم بها. في أواخر الثّمانينات من القرن العشرين، اجتمع بضعة كهنة وانشأوا جامعة أرثوذكسيّة. هذه هي المعروفة، اليوم، بجامعة القدّيس تيخون. تدرّس اللاّهوت واللّغات القديمة والحديثة والتّاريخ والدّراسات الثّقافيّة وما سوى ذلك. الهمّ الأساس هو بثّ الشّهادة للأرثوذكسيّة في مناخ عبق طويلاً ويعبق بالإلحاد والدّهريّة. لا، ليست الدّولة مَن يُنفق على هذه الجامعة، بل المؤمنون. مموّلوها أرثوذكسيّون من رجال الأعمال. ولا خوف أن ينضب معين العطاءات. الله المولّى، والثّقة به كاملة! في الرّوسيّا لا مؤمنون بالاسم، ولا طائفيّة، أي قبليّة ذات شعارات كنسيّة، كما عندنا. إمّا أن تكون مؤمنًا بالرّوح والحقّ، أو لا تكون مؤمنًا بالمرّة. غربال الإلحاد والدّهريّة، على مدى أجيال طويلة، لم يترك في المجال للشّكليّة الإيمانيّة. الهباء ذرّاه الرّيح عن وجه الأرض (مز 1: 4). لا حاجة ولا قيمة في مناخ، كمناخ الرّوسيّا، لأن تكون مموَّه الهوّيّة. لذا هَمُّ الإيمان والعبادة والبشارة كاسح، في الكنيسة، هناك، في كلّ المجالات المتاحة. بين العامَين 1987 و 2005 أكثر من عشرة آلاف كنيسة بُنيت جديدًا في الرّوسيّا.
                    لذا، أيضًا، كان تمحورُ هذه الجامعة، جامعة القدّيس تيخون، تلقائيٍّا، في تكثيف المعرفة والحياة الأرثوذكسيَّتَين، مقترنتَين بالتّقوى، في وجدان الطّلاّب، ومن خلالهم بثّ هاجس القداسة وإشاعة الفكر الأرثوذكسيّ الحيّ والرّوح الإلهيّ الدّفّاق، في مستوى المفكّرين والدّارسين، امتدادًا إلى النّسيج الدّاخليّ الكيانيّ للشّعب برمّته.
                    عدد طلاّب الجامعة خمسة آلاف. التّعليم مجّانيّ. مفتوح للجميع. الإدارة بيد أرثوذكسيّين راسخين في إيمانهم، كهنةً وعامّة مؤمنين. هؤلاء يشرفون، عن كثب، على الرّوح والفكر المبثوثَين في الجامعة، فيما تشرف وزارة التّعليم على جودة التّعليم ومستواه.
                    سألتُ محدّثتي في الموضوع: هل كلّ الجهاز التّعليميّ من المؤمنين الأرثوذكس؟ أجابت: لا! تستعين الجامعة بذوي الكفاءة، أيًّا كانوا، لتدريس المواد الّتي لا يشوِّش فيها الفكر الخاصّ بالأساتذة على الفكر الكنسيّ الأرثوذكسيّ المبتغى بثُّه. مثل ذلك قسم اللّغات. أمّا في الأقسام الّتي يمكن أن يسيء فيها وجدان الأساتذة إلى التّوجّه الكنسيّ الصّريح للجامعة، كمثل التّاريخ والدّراسات الثّقافيّة، فتُسنَد الدّراسة إلى مؤمنين راسخين كفوئين.
                    الدّراسة لكلّ طالب عِلم. ولكن على مَن شاء أن يلتحق بالجامعة الأرثوذكسيّة، من غير المؤمنين، أن يعي أنّه آت إلى مؤسّسة تلقّن العلوم المتاحة في إطار الفكر الكنسيّ الأرثوذكسيّ الملتزم.
                    شيء جميل... أخيرًا ترى مطرحًا تقتحم فيه الأرثوذكسيّة، مجاهرة، العلوم والثّقافات والتّيّارات والعالم، ولا تبقى عند حدود تلقي الضّربات والدّفاع عن النّفس!
                    ... ونظرتُ الدّارَ فألفيتُها تضرب أخماسًا بأسداس! فقلت: أما لنا نصيب في بعض نورِ ما متّعنا الرّبّ الإله برؤيته في الرّوسيّا؟ أكثيرٌ علينا أن نحلم بنهضةٍ حقّ في زمن ضجّ فيه التّلفيق(!)؟ أكثيرٌ علينا أن تكون لنا جامعة أرثوذكسيّة حقّ تشهد لأرثوذكسيّتها في الحقّ، ولا تبقى على الفتات؟!
                    "أللّهمّ بادر إلى معونتي، يا ربّ أسرع إلى إغاثتي"، أَنَّتْ أحشاءُ كنيستي!
                    الأرشمندريت توما (بيطار)
                    رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي – دوما
                    بما أنّكِ جعلتِ اهتمامَكِ ملائمًا لتسميتِكِ أحرزتِ الإيمان القويم مسكناً،


                    فلذلك يا لابسة الجهاد تفيضين الأشفية وتتشفعين من أجل نفوسنا


                    يا باراسكيفي المطابقة لاسمِها.




                    best friends
                    Infinity and eternity


                    Comment


                    • #11
                      رد: المكتبة الكاملة لعظات ابونا توما بيطار

                      شكرا الك
                      الله يبارك بالشبيبة
                      فزعانة يا قلبي .....أكبر بي هالغربة .....وما تعرفني بلادي

                      Comment


                      • #12
                        رد: المكتبة الكاملة لعظات ابونا توما بيطار

                        قدّاس وانطباعات*!
                        الإنسان كائن عابد. لذلك أرني كيف تعبد أَقُلْ لك ما إيمانك. لا تمثيل في العبادة بل تمثُّل. إذا ما وقفنا في هيكل قُدسِك نحسب أنّنا في السّماء واقفون. هناك يتجلّى امتحان الإيمان الحقّ، أن يكون أو أن لا يكون!
                        دخلتُ الهيكل ولمّا أكن خادمًا للقدّاس الإلهيّ. الكاهن مطرحُه الهيكل، خادمًا أو غيرَ خادم. يتحرّكون براحة حيث ينبغي. لكن حركتهم ساكنة. لا تصنُّع في الوقفة ولا في الحركة. حاضرون أمام العرش لأنّهم، في القلب، إلى فوق. مِن هذا سكونُهم. ولا تلبث أن تؤخذ بحركتِهِم الدّاخليّة. حركتهم الخارجيّة لا تعود مجال تشتّت. محكومةً تكون بما يشدّهم إلى السّماء. لا يعود الأداء وفق الأصول التّيبيكونيّة همًّا. يتخطّون الأصول إلى الوقوف في الحضرة. ما كان التّيبيكون إلاّ لتتخطّاه، في خدمة العبادة، لا قيدًا لها لئلا تبقى في حدود الشّكل وهَمِّ الأداء وفق الأصول.
                        رماحٌ إذا ما وقفوا ورماحٌ إذا ما تحرّكوا. الجلوس ليس بالحسبان، إلاّ إذا فرضَتْه ضرورةُ ضَعفِ البُنية. يتحرّكون برشاقة. يعون أنّهم، في الحضرة، عشراءَ الملائكة، وأنّ خدمة العبادة المقامة ههنا، في المكان والزّمان، هي إلى الخدمة الجارية، فوق، بثبات، إلى الدّهر.
                        حاضرون أمام الحاضر. عينُ مَن يؤمّ الصّلاة على الجميع وعلى كلّ ما يجري، لكنّها نظرة خاطفة لأنّ قِبلة العين هي، في القلب، إلى الحياة فوق. كلٌّ حاضرٌ لديه، كمثل مركبة إيليّا النّاريّة. إنسان القلب الخفيّ صاحٍ تقوده الملائكة إلى المعالي!
                        لو شاء إمام الصّلاة أن يشير لأحد إلى شيء، أتاه برفق، وكلماتِ ألطاف، أو اكتفى من الملاحظة بالإشارة.
                        لذا، في شفافية ما يجري، ينقلونك، لو كنتَ تدري، إلى غير المنظور. تسمع ما لا يُسمع بالأذن الخارجيّة. في غمرة اطّراح كلّ اهتمام دنيويّ، تلقاك مطرحًا للصّمت الكيانيّ الّذي لا يلبث أن يعبق بسلام أخّاذ!
                        الكلّ من الخارج إلى الدّاخل إلى فوق. وما فوق ينزل على القلوب الطافرة بالوداد كالغيمة على جبل سيناء. "تكلّم يا ربّ، فإنّ عبدك يسمع"!
                        وانسابت الخدمة انسيابًا، في سكون مَن في الهيكل ومَن في صحن الكنيسة، فيما كان الجوق يتمثّل تسبحة الملائكة في أنغام تحمل كلمات إلهيّة إلى نفوسٍ ناهدة إلى ربّها، مشِيعةً عبقًا، تارة توبويًّا، وتارة تسبيحيًّا شكريًّا.
                        لا انفعالات. رصانةٌ ما بعدها رصانة. لا كلمة ولا حركة ولا نأمة في غير محلّها.
                        ثمّ يأخذك وجهُ المتقدِّم في الكهنة نيقولاي. الرّجل جليس المائدة السّماويّة، ممتدّ كلّه إلى الأُكُل الرّوحيّة. الوجه يحدّث والعينان، صفاءً وسلامًا ونورًا، عمّا هو جار في نزول الملائكة وصعودها على السّلالم البشريّة الممتدّة من أسافل دركات الأرض إلى أعالي معالي السّموات.
                        هنا تأخذ العبادة حقّها في امتدادِ رجاءٍ لتستبين الحضرةُ في مجدها في العيون.
                        وتترقرق الخدمة على خرير القلوب المنعطفة على ربّها، تهمس همسًا، إلى أن تأتيك مساهمةُ القدسات. والقدسات تمتدّ صوبك جسدًا ودمًا، بعدما انخرطت الأنفُسُ في تبادل حكايات الحبّ والحبيب. "أنا لحبيبي وإليّ اشتياقه" (نش 7: 10).
                        في الأرثوذكسيّة تُعِدُّ المائدةَ، كلمةً ونسكًا وصلاةً. بعد توبة واستغفار، وتساهمُها جسدًا ودمًا إلهيَّين. القلب ينادي القلب، والحبّ إلى الحبّ، والجسد إلى الجسد، والعين ترنو إلى العين. "واصنع أمّا هذا الخبز [إياي]، فجسَدَ مسيحِك المكرَّم". "وأمّا ما في هذه الكأس [قلبي] فدَم مسيحِك المكرَّم". "محوِّلاً إيّاهما بروحك القدّوس". آمين. آمين. آمين!
                        الكهنة، إذ يساهمون الجسد والدّم، يتبادلون قبلة المحبّة. ولعامّة المؤمنين يصدح الشّمّاس: "بخوف من الله وإيمان ومحبّة تقدّموا"!
                        كلّ عمل الله الخلاصيّ يُنجَز ههنا. ههنا تتجلّى الكنيسة. وههنا نُطعَّم، كيانيًّا، في زيتونة إلهنا!
                        مَن لا ينفذ بالإيمان إلى قلب الله، في العبادة، يبقى خارجًا ولا يكون على إيمان.
                        رأيت مؤمنين لما رأيت عابدين بالرّوح والحقّ. لا زغل في العبادة الحقّ إلاّ يُصَفَّى بوهج الحبّ الّذي يتعاطاه المؤمن وربّه في العبادة. هنا الخدر الإلهيّ المعدُّ لفرح البشريّة، وهنا مُجَلَّى قلوب أحبّت. إيمان فاعل بالمحبّة المسكوبة في كأس والمخبوزة في المدى، يُرفع ذبيحة تسبيح ليؤخذ زادًا لحياة أبديّة!
                        وانختم القدّاس الإلهيّ. "لنخرج بسلام من الرّبّ نطلب". "بركة الرّبّ ورحمته تحلاّن عليكم بنعمته الإلهيّة ومحبّته للبشر كلّ حين، الآن، وكلّ أوان، وإلى دهر الدّاهرين آمين".
                        قديمًا قيل: "وأعطيكم قلبًا جديدًا وأَجعل روحًا جديدة في داخلكم وأَنزع قلب الحجر من لحمكم وأُعطيكم قلب لحم. وأَجعل روحي في داخلكم" (حز 36: 26 – 27). وها، في العبادة بالرّوح والحقّ، نُعطى ما وُعِدْنا به. تخبرون بموتي وتعترفون بقيامتي. القلب الجديد هو ذاك الّذي، بمساهمة الخبز والخمر، يحدِّث عن موت مسيح الرّبّ ويشهد لقيامته. والإيمان الحيّ الحقيقيّ هو الاتّحاد مع المسيح في شبه موته لنصير أيضًا بقيامته (رو 6: 5).
                        ليس أجمل من أن ترى عابدًا بالرّوح والحقّ. هذا هو الإنسان، ولأجل ذلك كان الإنسان. ثمّ العبادة، هذه، تعبِّد لك الطّريق إلى الحياة الأبديّة!
                        رأيت وجوهًا مشعَّة بالضّياء، فقلت ما أيسر ما جَعَلَنا الرّبّ الإله أقرباء إليه، وما أُحيلى الخلود إليه!
                        * إثر قدّاس إلهيّ حضرتُه في كنيسة على اسم التّجلّي في موسكو.
                        الأرشمندريت توما (بيطار)
                        رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي – دوما
                        بما أنّكِ جعلتِ اهتمامَكِ ملائمًا لتسميتِكِ أحرزتِ الإيمان القويم مسكناً،


                        فلذلك يا لابسة الجهاد تفيضين الأشفية وتتشفعين من أجل نفوسنا


                        يا باراسكيفي المطابقة لاسمِها.




                        best friends
                        Infinity and eternity


                        Comment


                        • #13
                          رد: المكتبة الكاملة لعظات ابونا توما بيطار

                          الرب يباركك خي مرسي عالموضوع
                          مهما الدنيا تتغير انا ما اتغير

                          حكمة

                          نصيحة

                          الجنة تحت اقدام امي



                          Comment


                          • #14
                            رد: المكتبة الكاملة لعظات ابونا توما بيطار

                            الأرثوذكسيّة أرسخ من العالم!
                            "... فغضب التّنّين على المرأة وذهب ليصنع حربًا مع باقي نسلها الّذين يحفظون وصايا الله وعندهم شهادة يسوع المسيح" (رؤ 12: 17).
                            التّنّين هو الشّيطان. والمرأة هي الكنيسة المقدّسة، وأيضًا والدة الإله، المعيّنة، من الرّبّ يسوع، أمًّا للمؤمنين به، في شخص التّلميذ الّذي كان يسوع يحبّه (يو 19: 26 – 27). والحرب هي حرب الشّيطان على مسيح الرّبّ، في نسل محبّته، امتدادًا لساعةِ الّذين صلبوه وسلطانِ الظّلمة (لو 22: 53) إلى قيام السّاعة.
                            عنصران مضادان أحدهما للآخر، يكمنان وراء كلّ ما يجري في تاريخ البشريّة من صراع، بعدما تجسّد ابن الله: الشّهادة ليسوع المسيح، أو، بكلام آخر، تلمذة جميع الأمم من الّذين هُم ليسوع؛ في مقابل التّصدّي لهذه الشّهادة وتعطيلها، من الخارج، وإفسادها، من الدّاخل، من الّذين هم للتّنّين، من أعداء لله والرّسل الكذبة (2 كو 11: 13).
                            في هذا الصّراع الكونيّ، تتمثّل الشّهادة لمسيح الرّبّ في طلب ملكوت السّموات، فيما تتمثّل العداوة في ترسيخ الرّوح المناهضة له، والمساوية لعبادة الإنسان نفسَه وتقديم ما له، في ما يُعبَّر عنه بلفظة "العالم"، في خطّ قولة رسالة يعقوب: "محبّة العالم عداوة لله. فمَن أراد أن يكون محبًّا للعالم فقد صار عدوًّا لله" (يع 4: 4).
                            المرأة المتسربلة "بالشّمس والقمرُ تحت رجليها" (رؤ 12: 1)، أو قل "كنيسة المسيح" الّتي حفظت تعليم الرّسل والآباء القدّيسين وسيرتهم سليمَين قويمَين، هي، عندنا، بلا عِقَد، المسيحيّة الأرثوذكسيّة. وحدها حافظتْ على الوجدان الرّسوليّ الآبائيّ، جيلاً بعد جيل، غير منثلم. لا نقول هذا من باب الادّعاء ولا التّبجّح. فقط نستعير هذا التّعبير، عن إيمان راسخ، من أحد أبرز وأنقى وأعلم لاهوتيّي الأرثوذكسيّة، في القرن العشرين، الأب جورج فلوروفسكي (+ 1979 م). عنده – والكلام له – أنّ الكنيسة الأرثوذكسيّة هي "الكنيسة الحقّ والكنيسة الحقيقيّة الوحيدة"*. كلّ الكنائس المسيحيّة الأخرى تعتورها العيوب. لذا يؤكّد، وبثقة تامّة، أنّ بإمكانه "في حالات عديدة تحديد هذه العيوب بالدّقّة الكافية". كما يرفض الأب فلوروفسكي الكلام على "انشقاق في وحدة الكنيسة". الموضوع، بالنّسبة إليه، هو موضوع "افتراق عن الكنيسة". ويضيف أنّ اشتراك الكنيسة الأرثوذكسيّة في الحركة المسكونيّة هو عمل رسوليّ، الغرض منه مساعدة غير الأرثوذكس على "استعادة الوجدان المشترك للكنيسة العريقة" (ص 9).
                            على هذا، إذا ما شئنا أن نقرأ ما يجري في العالم، اليوم، قراءة روحيّة، فإنّنا نقول إنّ ما يجري، في المناخات غير الأرثوذكسيّة، هنا وثمّة، في عالمنا، هو شحن النّفوس بالرّوح الدّهريّة، أي بروح عبادة الذّات مترجَمة بإطلاق العنان لأهواء النّفس والجسد، بحيث تشتدّ، في قلوب النّاس، النّزعة المعادية، أو الرّافضة، أو اللاّمبالية بكلّ ما له علاقة بالله، لا سيّما في مستوى الإلحاد (atheism) واللاإدريّة (agnosticism)، حتّى لا يطلب النّاسُ الله ولا يقبلوا أن يُبشَّروا به. هذا على صعيد المناخات غير الأرثوذكسيّة. أما على صعيد المناخات المعتبَرَة على الأرثوذكسيّة، فإنّ ما يجري فيها هو بمثابة سعي عالميّ حثيث لإغراق النّفوس في الفكر والممارسة الدّهريَّين حتّى تُشوَّه مَن تُشوَّهُ فيهم الأرثوذكسيّة، بنسبة الأصوليّة إليها، أو حتّى تتراخى النّفوس وتخورَ بتأثير التّلفيق، تلفيق الحياة الرّوحيّة، في النّفوس، بالرّوح الدّهريّة.
                            صراع الأرثوذكسيّة والرّوح الدّهريّة، أو قل "العالم"، في روسيّا ورومانيا وصربيا الأرثوذكسيّة، بخاصّة، أبان أنّ الأرثوذكسيّة أرسخ من "العالم"، وأبواب الجحيم لا تَقْوَى عليها! ما سعت الشّيوعيّة البولشفيّة إلى فعله سحقًا للكنيسة، هناك، فاق، بخبثه وإصراره وعنفه، ما يفوق التّصوّر! الذّئاب في مواجهة الحملان! بشريًّا، المعركة كانت محسومة! ولكنْ، انتصرت الأرثوذكسيّة وتكسّرت قيود "بابل" الدّهريّة! ما كان يمكن لهذا العَجَب أن يحدث لو لم يكن روح الرّبّ هو الفاعل في الكنيسة بقوّة! وانتفض "طائر الفينيق" مشحونًا، بقوّة، بروح الرّبّ، أكثر ممّا كان، في أيّ وقت من الأوقات في تاريخه. وفيما بدت المسيحيّة الغربيّة في تراجع مطّرد، كأنها عائدة من الحرب ضدّ قوى هذا الدّهر، وتكاد تكون أعجز من أن تحافظ على بقيّة مواقعها، وبتعب كبير، ترى أرثوذكسيّة روسيّا ورومانيا وصربيا، بخاصّة، كأنّها ذاهبة، في روح الله، إلى الحرب ضدّ روح هذا الدّهر بقوّة عزم وتجدّد وتقوى وصحو ويقظة مدهشة، لمجد الله والشّهادة ليسوع المسيح! "جُزنا بالنّار والماء. لكنّك أخرجتنا إلى منتجع راحة" (مز 65: 11 – 12)!
                            الأرثوذكسيّة صارعت، أبدًا، عبر التّاريخ، لتحفظ الإيمان الرّسوليّ القويم المسلَّم مرّة للقدّيسين. في مطلع مسيرها، زمن الرّومان، كانت عرضةً لأن تبتلعها العرفانيّة (gnosticism)، الّتي هي جملة تيّارات فلسفيّة عقلانيّة ذات مسحة طقوسيّة دينيّة أسراريّة. لكن روح الرّب حفظها، وحفظها، بخاصّة، بشهادة الدّم. ثمّ بعد مرحلة شهادة الدّم هذه، بدءًا من القرن الرّابع الميلاديّ، حفظها بالشّهادة البيضاء، فكانت، بخاصّة، الرّهبانيّة. وصارعت الرّهبانيّة لتحفظ الإيمان حتّى استبانت الأرثوذكسيّة بوضوح ذات طابع رهبانيّ. شهدت الرّهبانيّة بالنّسك والصّلاة التماس القداسة واقتناء روح الرّبّ ومعاينة النّور الإلهيّ وشركة الحياة الأبديّة، وشهدت بالدّم أيضًا. الرّهبانيّة، كحياة جديدة، كسلوك في الإلهيّات على الأرض، كانت، ولا زالت، هي الأرثوذكسيّة، هي الإنجيل معيشًا إلى ملكوت السّموات!
                            ثمّ تعرّضت الأرثوذكسيّة لتجربة الزّهو والفتور، بعدما صارت للأمبراطوريّة الرّوميّة البيزنطيّة صفة المسيحيّة، فانقسم العالم المسيحيّ على نفسه! ثمّ كان الإسلام مؤدِّبًا في القرن السّابع. وكان لا بدّ للأمبراطوريّة البيزنطيّة أن تزول لأنّها كانت تشكِّل خطرًا دائمًا على الأرثوذكسيّة بتسخيرها إيّاها لمراميها في هذا الدّهر. الامتحان جاء قبل سقوط القسطنطينيّة، رمز الأمبراطوريّة البيزنطيّة، بقليل، سنة 1453 م. لكن الأرثوذكسيّة ثبتت واستمرّت. فبين العامَين 1437 م و 1439 م جرى إعداد اتّفاق، في ما يُعرَف بمجمع فرّارا فلورنسا، تحت شعار توحيد المسيحيّة الغربيّة والشّرقيّة، أقول جرى إعداد اتّفاق شبه تجاريّ لمحو الأرثوذكسيّة وتجييرها للكثلكة مقابل مساعدة الغرب الكاثوليكيّ في ردّ الخطر عمّا تبقّى من الأمبراطوريّة البيزنطيّة. الشّعب الأرثوذكسيّ، وفي مقدَّمه القدّيس مرقص أسقف أفسس، رفض العرض! الأرثوذكسيّة أثمن من الأمبراطوريّة! فبقيت الأرثوذكسيّة وزالت بيزنطية! هذا حتّى لا ننسى قولة السّيّد: "مملكتي ليست من هذا العالم"!
                            وكانت الأرثوذكسيّة، قبل ذلك بقرن، قد تعرّضت لامتحان ولا أقسى، ولكن من نوع آخر. الامتحان كان: اضرِبْ الرّهبانيّة تضرب الأرثوذكسيّة! فكانت هجمة العرفانيّة الجديدة المتمثّلة في محاولة اجتياح الكثلكة السكولاستيكيّة، ذات الطّابع الفلسفي العقلانيّ، في شخص الفيلسوف السكولاستيكيّ برلعام الكالابري، ومَن شايعه، للأرثوذكسيّة بتسفيه الرّهبانيّة الهدوئيّة، الّتي هي وريثة الرّهبانيّة الأرثوذكسيّة التّراثيّة. لو نجح المسعى الكاثوليكيّ هذا لفَسُدتِ الأرثوذكسيّة ووجدنا أنفسنا، اليوم، حيث الكثلكة، في الغرب! لكن روح الرّبّ حفظ الأرثوذكسيّة برهبانيّتها، لا سيّما من خلال قدّيسين، في مقدّمهم القدّيس غريغوريوس بالاماس الّذي دافع عن القدّيسين الهدوئيّين. وقد استجاب الشّعب المؤمن وثَبّتت الكنيسة في سلسلة من المجامع (خاصّة مجمع 1351 م) ما علّمه القدّيس غريغوريوس أنّه هو الأرثوذكسيّة المسلَّمة مرّة للقدّيسين!
                            ثمّ كانت محاولة طمس الأرثوذكسيّة من جديد، في غزو الحضارة الغربيّة، لا سيّما لروسيّا، منذ بطرس الأكبر (1672 – 1725 م) وإلى القرن التّاسع عشر. وكادت الأرثوذكسيّة تتغيّر ملامحها وتبتلعها الفلسفة والفئات الفكريّة الكاثوليكيّة، وتفتر التّقوى. لكنّ الرّبّ الإله حفظها. حفظها بشهادة الدّم والفقر! وحفظها، من حيث لا يدري الّذين لا يفقهون مقاصد العليّ، بالثّورة البولشفيّة بالذّات! بشهادة الدّم والقهر، الّذي لم يكن له مثيل في التّاريخ المسيحيّ، نُثِر، في الأرثوذكسيّة، بذار روحيّ جديد للكنيسة. تنقّت وانحفظت واحتشد الرّوح القدس فيها بقوّة وروعةٍ ما بعدها روعة! فلمّا اكتمل زمان السّبي المصريّ البابليّ الجديد، انحلّت القيود من ذاتها! أوليس أنّ السّيّد الرّبّ الإله سيّد التّاريخ؟ فخرجت الأرثوذكسيّة في أكباد الملقَين في الظّلمة وظلال الموت إلى النّور مضيئة كالطّالعةَ من الخدر الإلهيّ!
                            وها نحن اليوم نشهد، لا سيّما في روسيّا ورومانيا وصربيا، نهضة أرثوذكسيّة روحيّة عامرة وغامرة، تتفجّر عبادةً وتقوى وإلهيّاتٍ معيشةً على الأرض، على أبهى ما يكون البهاء! الدّم بُذِلَ مدرارًا على مدى عقود والآن روح الرّبّ يدفق، عسى النّيام، في كلّ مكان، يستفيقوا، وعسانا إذا ما تأدّبنا، نواجه روح ضدّ المسيح المتفشّي، في العالم أجمع، دهريّةً خانقةً!
                            ماذا ينتظرنا بعد إلى الأمام؟ إمّا الشّهادة البيضاء وإمّا الشّهادة البيضاء والحمراء معًا! أعطِ دمًا وخذ روحًا! لا أثمن من الأرثوذكسيّة! الأرثوذكسيّة قائمة إلى قيام السّاعة! "أنت الصّخرة وعلى هذه الصّخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لا تقوى عليها"!
                            الأرشمندريت توما (بيطار)
                            رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي – دوما
                            بما أنّكِ جعلتِ اهتمامَكِ ملائمًا لتسميتِكِ أحرزتِ الإيمان القويم مسكناً،


                            فلذلك يا لابسة الجهاد تفيضين الأشفية وتتشفعين من أجل نفوسنا


                            يا باراسكيفي المطابقة لاسمِها.




                            best friends
                            Infinity and eternity


                            Comment


                            • #15
                              رد: المكتبة الكاملة لعظات ابونا توما بيطار

                              الإنسان بين الطّاقة والطّاقة البديلة!
                              الإنسان مفطور على الحبّ. هكذا صنعه الرّبّ الإله. ما الرّؤية للعين والسّماع للأذن والذّوق للّسان هو الحبّ للكيان. ولكنْ، حصل ما يُعرف بـ "السّقوط". السّقوط هو الظّلمة الّتي دخل فيها الإنسان إذ انقطع، كيانيًّا، عن الله. انقطاع الإنسان عن الله هو كانقطاع التّيّار الكهربائيّ عن البيت. انقطاع التّيّار الكهربائيّ يأتي نتيجة خلل ما، وانقطاع تيّار الحبّ الإلهيّ يأتي نتيجة خطأ كيانيّ. الخلل الّذي يصيب الأسلاك الكهربائيّة أو المولّد الكهربائيّ، أو ما إليهما، يقابله خطأ في الكيان يرتكبه الإنسان عن جهل، ولكنْ إراديًّا، فيُحدث هذا الخطأ خللاً يؤدّي إلى انقطاع تيّار الحبّ الإلهيّ عنه. هذا الخطأ الكيانيّ الّذي ارتكبه الإنسان عن تبنٍّ، ولكنْ عن جهل للعواقب المترتِّبة عليه، نسمّيه خطيئة.
                              على هذا، بنتيجة الخطيئة لم تعد محبّة الله هي القوّة الّتي تحرّك كيان الإنسان، ومن ثمّ الإنسان كلّه، كما تشغِّل الطّاقة الكهربائيّة البرّاد أو الغسّالة. الطّاقة الكهربائيّة تأتي من خارج البرّاد أو الغسّالة. هكذا قوّة المحبّة تأتي من خارج الإنسان لا من الإنسان. تأتي من الله. الإنسان قابل للمحبّة ولا تُشَغَّل طاقاته، على نحو موافق، إلاّ بقوّة المحبّة الإلهيّة!
                              إثر ذلك، لم يمت الإنسان. لم ينطفئ فيه نور الحياة، رغم كون المحبّة الإلهيّة هي قوّة الحياة الحقّ. تَرك الرّبّ الإله للإنسان فرصة اختبار الطّاقة أو الطّاقات البديلة في ما ليس في الحقّ. هذه الطّاقات البديلة كان لا بدّ لها أن تكون بدائل عن الحبّ الإلهيّ. يلتمسها الإنسان باسم المحبّة وكأنّها طاقات محبّة وهي ليست أصيلة. يسمِّيها الإنسان حبًّا وهي ليست حبًّا حقيقيًّا. الأمر كان محكومًا بكون الإنسان مفطورًا على المحبّة. ولكنَّ الله ومحبّته لا يُستبدلان، يُمسَخان! إذًا ما صار يسعى إليه الإنسان لم يكن ممكنًا أن يفي بالغرض المطلوب! ولكن الرّبّ الإله سمح بالطّاقات البديلة أن تكون مؤقّتةً، لحياة عابرة، لكي يعطي الإنسانَ فرصةَ أن يعرف، أوّلاً، أنّها حياة مائتة، فيما طاقة المحبّة الإلهيّة حياة أبديّة. ولكي يعرف الإنسان أنّ ما اختاره، بملء إرادته، مشوب بالألم والضّيق، ومن ثمّ لكي يتّضع ويعترف بأنّه أخطأ؛ وبذلك يكون الرّبّ الإله قد سمح له بأن يخطأ إليه وتركه يدفع ثمن خطيئته لكي لا يعود إلى الخطيئة مرّة أخرى. الخطيئة تشتهيها طالما لم تعرف إلى أين تفضي بك، فلو عرفت، بدءًا، ماهيّتها، ما كنت اقتبلتها. وثالثًا، وأخيرًا، لكي يتوب الإنسان إلى الرّبّ الإله، والرّبُّ الإله في انتظاره لأنّه محبّة. "تعالوا إليّ يا جميع المتعَبين والثّقيلي الأحمال وأنا أُريحكم".
                              تلك الطّاقات البديلة في الإنسان ما هي؟ الطّاقات البديلة في الإنسان هي الأهواء. الأهواء، أساسًا، كانت موجودة قبل السّقوط، وكانت بمثابة بطّاريات تنشحن بقوّة تيّار المحبّة الإلهيّة الّتي كانت تملأ القلب أو الكيان البشريّ أوّلاً، ثمّ تتحوّل، عبر أسلاك روحيّة، إلى قوّة شحن للبَرَكة والنّعمة لتلك البطّاريات. مثلاً هوى الغضب جعله الرّبّ الإله، في الإنسان، لكيما، إذا ما انشحن بقوّة المحبّة الإلهيّة، يدفع عن الإنسان أحابيل الشّيطان وخباثاته، ومن ثمّ كلّ تجربة. هوى الكِبَر، مثلٌ آخر. هذا جعله الرّبّ الإله، في الإنسان، لكيما، إذا ما انشحن بقوّة المحبّة الإلهيّة، يستحيل تواضعًا ويعطي الإنسان أن يعي أنّه تراب ورماد، وأن يشكر الله ويمجِّده لأنّه كلّه وكلّ ما له عطيّة من عند الله، ومن ثمّ أن يعي أنّ الرّبّ الإله اصطفاه له كبيرًا، ابنًا. ولكنْ ماذا حدث؟ إثر توقّف تيّار المحبّة الإلهيّة عن التّدفّق إلى قلب الإنسان، أخذت الأهواء تتحوّل إلى طاقات تترك رواسب مؤذية. لماذا؟ لأنّ بطّاريّات هذه الأهواء صارت تنشحن بطاقة محبّة الإنسان لذاته. هذا تسبّب بتلوّث نفس الإنسان والعلاقات بين النّاس والمجتمع والأرض برمّتها، بالمواد السّامة والخطرة خطرَ الموت. هوى الغضب صار مصدرًا للعنف والصّراعات والحروب، فيما تحوّل هوى الكِبَر إلى كبرياء تكرِّس قطيعة الإنسان لله وتتسبّب في إلغاء النّاس بعضهم بعضًا. وهكذا دواليك. هذا يشبه، إلى حدٍّ بعيد، اصطناع الإنسان لمحطّات توليد الكهرباء بالطّاقة النّوويّة. العالم، بعد حادثة تشرنوبيل في أوكرانيا، سنة 1986، وحادثة فوكوشيما في اليابان، سنة 2011، لَمَس لمْس اليد خطر الطّاقة البديلة غير الطّبيعيّة على الإنسان. لذا صار الاتّجاه عارمًا، اليوم، في مستوى شعوب الأرض، إلى التّخلّي عن استعمال ما يُعرف بـ "الطّاقة النّوويّة للأغراض السّلميّة"، حتّى لا نتكلّم على خطرها على استمرار الأرض، بصورة نهائيّة!
                              في إطار منظور الطّاقة البديلة، في الإنسان، عنيت محبّة الذّات، يتركّز اهتمام النّاس في أجسادهم باعتبار أنّها هي الّتي تتلقّى نوازع أهوائهم وتعبِّر عنها حسّيًّا وتحقِّق ما ترغب به، من حيث إنّ الإنسان نَفْس وجسد. النّفْس فِكْرُ الجسد والجسدُ لغةُ النّفس. ثمّ الجسد، متى تمّم رغبة النّفس أحدثَ للأهواء إشباعًا وزادها حدّة. ثمّ الأهواء، بدورها، تستغلّ الجسد، بالأكثر، طلبًا لإشباع أوفر. الأهواء تُضرم الجسد والجسد يتفنّن في تلبية رغبات الأهواء. يصير الإنسان نفسانيًّا جسدانيًّا بشكل متطرِّف. هذا يُرهق! هذا يجعل الجسد برسم الاستهلاك الأهوائيّ الحادّ، والنّفس برسم التّجيّيش الجسديّ العنيف. ولكنْ لا الجسد معدٌّ للإسراف الاستهلاكيّ، ولا الأهواء مركّبةٌ لتكون قوّة دفع مِتعَوِي مبالَغ فيه! لذا ينشأ عن الواقع المستجدّ تلوّث خانق يصيب النّفس والجسد كوحدة واحدة. يتمثّل هذا التّلوّث في شعور بالفراغ الكيانيّ المتزايد يترافق وطلب المتعة الجسدانفسانيّة لأجل ذاتها بلا حدود؛ ويجعل النّفس عرضة للأمراض النّفسيّة والآلام والقلق، كما يجعل الجسد عرضة للأمراض والأوجاع النّاجمة عن حالة النّفس، وهي على هذه الحال؛ والنّاجمة، أيضًا، عن واقع الاستهلاك المفرط وغير الطّبيعيّ الّذي يتعرّض له الجسد!
                              إلامَ يُفضي هذا الواقع المصطنَع؟ يُظلِم القلب أو الكيان ويتولّد عن أمراض النّفس والجسد خوفٌ متزايد يسعى الإنسان، بما أُوتي من وسائل، لإزالته أو التّخفيف منه. من هذه الوسائل الأدوية والعلاجات والتّأمينات على اختلاف أنواعها. ولكن، مهما فعل الإنسان فإنّه يكون أعجز من أن يبدِّد جو المرض والقلق والموت عن نفسه بالكامل. هذا يعطي الإنسان فرصة الشّعور بالقصور والعجز. والشّعور بالقصور والعجز يفضي بالإنسان إلى حال من ثلاث أحوال: الإصرار بعناد في مواجهة الحال الّتي آل إليها حتّى الأخير. والإنسان، قد يسقط صريعًا، وهو في حال الصّراع وعدم الاستسلام! أو يستسلم لليأس حتّى الموت. أو يتوب إلى ربّه مدرِكًا أنّه كان في ضلال ويبكي خطيئته! أيًّا من هذه السّبل ينهج الإنسان؟ لا هو يعرف ولا أحد يعرف. ليس الموضوع موضوع إدارك عقليّ. الخطيئة قد تقسّي القلب وتفتك بالإرادة إلى المنتهى. ليس واقعيًّا أن يتصوّر الإنسان أنّ بإمكانه أن يعيش لأهوائه طول عمره، ثمّ يتوب في الأخير، لأنّه لا يدري في أيّ حال سيكون متى حلّت السّاعة. كما يمكن أن تَخِزَ الخطيئةُ القلبَ عميقًا فينوجع الإنسان ويتوب إلى ربّه. لذا، ليس موافقًا أن يبني الإنسان حياته على أساس أن يستسلم لهواه اليوم ويتوب غدًا. الحكيم يتوب اليوم لأنّه لا يعرف إن كان سيكون له غدٌ يتوب فيه!
                              في كلّ حال، محبّة الله في الانتظار، اليوم وغدًا. والسّؤال باقٍٍ: هل ستكون النّفس، غدًا، في وضع تكون فيه مهيّأة لاقتبال محبّة الله؟
                              الأرشمندريت توما (بيطار)
                              رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي – دوما
                              بما أنّكِ جعلتِ اهتمامَكِ ملائمًا لتسميتِكِ أحرزتِ الإيمان القويم مسكناً،


                              فلذلك يا لابسة الجهاد تفيضين الأشفية وتتشفعين من أجل نفوسنا


                              يا باراسكيفي المطابقة لاسمِها.




                              best friends
                              Infinity and eternity


                              Comment

                              Working...
                              X