• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

Announcement

Collapse

قوانين المنتدى " التعديل الاخير 17/03/2018 "

فيكم تضلو على تواصل معنا عن طريق اللينك: www.ch-g.org

قواعد المنتدى:
التسجيل في هذا المنتدى مجاني , نحن نصر على إلتزامك بالقواعد والسياسات المفصلة أدناه.
إن مشرفي وإداريي منتدى الشباب المسيحي - سوريا بالرغم من محاولتهم منع جميع المشاركات المخالفة ، فإنه ليس بوسعهم استعراض جميع المشاركات.
وجميع المواضيع تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا يتحمل أي من إدارة منتدى الشباب المسيحي - سوريا أي مسؤولية عن مضامين المشاركات.
عند التسجيل بالمنتدى فإنك بحكم الموافق على عدم نشر أي مشاركة تخالف قوانين المنتدى فإن هذه القوانين وضعت لراحتكم ولصالح المنتدى، فمالكي منتدى الشباب المسيحي - سوريا لديهم حق حذف ، أو مسح ، أو تعديل ، أو إغلاق أي موضوع لأي سبب يرونه، وليسوا ملزمين بإعلانه على العام فلا يحق لك الملاحقة القانونية أو المسائلة القضائية.


المواضيع:
- تجنب استخدام حجم خط كبير (أكبر من 4) او صغير (أصغر من 2) او اختيار نوع خط رديء (سيء للقراءة).
- يمنع وضع عدد كبير من المواضيع بنفس القسم بفترة زمنية قصيرة.
- التأكد من ان الموضوع غير موجود مسبقا قبل اعتماده بالقسم و هالشي عن طريق محرك بحث المنتدى او عن طريق محرك بحث Google الخاص بالمنتدى والموجود بأسفل كل صفحة و التأكد من القسم المناسب للموضوع.
- إحترم قوانين الملكية الفكرية للأعضاء والمواقع و ذكر المصدر بنهاية الموضوع.
- مو المهم وضع 100 موضوع باليوم و انما المهم اعتماد مواضيع ذات قيمة و تجذب بقية الاعضاء و الابتعاد عن مواضيع العاب العد متل "اللي بيوصل للرقم 10 بياخد بوسة" لأنو مخالفة و رح تنحزف.
- ممنوع وضع الاعلانات التجارية من دون موافقة الادارة "خارج قسم الاعلانات".
- ممنوع وضع روابط دعائية لمواقع تانية كمان من دون موافقة الادارة "خارج قسم الاعلانات".
- لما بتشوفو موضوع بغير قسمو او فيو شي مو منيح او شي مو طبيعي , لا تردو عالموضوع او تحاورو صاحب الموضوع او تقتبسو شي من الموضوع لأنو رح يتعدل او ينحزف و انما كبسو على "التقرير بمشاركة سيئة" و نحن منتصرف.
- لما بتشوفو موضوع بقسم الشكاوي و الاقتراحات لا تردو على الموضوع الا اذا كنتو واثقين من انكم بتعرفو الحل "اذا كان الموضوع عبارة عن استفسار" , اما اذا كان الموضوع "شكوى" مافي داعي تردو لأنو ممكن تعبرو عن وجهة نظركم اللي ممكن تكون مختلفة عن توجه المنتدى مشان هيك نحن منرد.
- ممنوع وضع برامج الاختراق او المساعدة بعمليات السرقة وبشكل عام الـ "Hacking Programs".
- ممنوع طرح مواضيع او مشاركات مخالفة للكتاب المقدس " الانجيل " وبمعنى تاني مخالفة للايمان المسيحي.
- ممنوع طرح مواضيع او مشاركات تمس الطوائف المسيحية بأي شكل من الاشكال "مدح او ذم" والابتعاد بشكل كامل عن فتح اي نقاش يحمل صبغة طائفية.
- ضمن منتدى " تعرفون الحق و الحق يحرركم " بالامكان طرح الاسئلة بصيغة السؤال والجواب فقط ويمنع فتح باب النقاش والحوار بما يؤدي لمهاترات وافتراض اجوبة مسبقة.


عناوين المواضيع:
- عنوان الموضوع لازم يعبر عن محتوى الموضوع و يفي بالمحتوى و ما لازم يكون متل هيك "الكل يفوت , تعوا بسرعة , جديد جديد , صور حلوة , الخ ....".
- لازم العنوان يكون مكتوب بطريقة واضحة بدون اي اضافات او حركات متل "(((((((((العنوان)))))))))))) , $$$$$$$$$ العنوان $$$$$$$$$".
- عنوان الموضوع ما لازم يحتوي على اي مدات متل "الــعــنـــوان" و انما لازم يكون هيك "العنوان".


المشاركات:
- ممنوع تغيير مسار الموضوع لما بكون موضوع جدي من نقاش او حوار.
- ممنوع فتح احاديث جانبية ضمن المواضيع وانما هالشي بتم عالبرايفت او بالدردشة.
- ممنوع استخدام الفاظ سوقية من سب او شتم او تجريح او اي الفاظ خارجة عن الزوق العام.
- ممنوع المساس بالرموز و الشخصيات الدينية او السياسية او العقائدية.
- استخدام زر "thanks" باسفل الموضوع اذا كنتو بدكم تكتبو بالمشاركة كلمة شكر فقط.
- لما بتشوفو مشاركة سيئة او مكررة او مو بمحلها او فيا شي مو منيح , لا تردو عليها او تحاورو صاحب المشاركة او تقتبسو من المشاركة لأنو رح تنحزف او تتعدل , وانما كبسو على "التقرير بمشاركة سيئة" و نحن منتصرف.


العضوية:
- ممنوع استخدام اكتر من عضوية "ممنوع التسجيل بأكتر من اسم".
- ممنوع اضافة حركات او رموز لاسم العضوية متل " # , $ , () " و انما يجب استخدام حروف اللغة الانكليزية فقط.
- ممنوع اضافة المدات لاسم العضوية "الـعـضـويـة" و انما لازم تكون بهل شكل "العضوية".
- ممنوع استخدام اسماء عضويات تحتوي على الفاظ سوقية او الفاظ بزيئة.
- ممنوع وضع صورة رمزية او صورة ملف شخصي او صور الالبوم خادشة للحياء او الزوق العام.
- التواقيع لازم تكون باللغة العربية او الانكليزية حصرا و يمنع وضع اي عبارة بلغة اخرى.
- ما لازم يحتوي التوقيع على خطوط كتيرة او فواصل او المبالغة بحجم خط التوقيع و السمايليات او المبالغة بمقدار الانتقال الشاقولي في التوقيع "يعني عدم ترك سطور فاضية بالتوقيع و عدم تجاوز 5 سطور بحجم خط 3".
- ما لازم يحتوي التوقيع على لينكات "روابط " دعائية , او لمواقع تانية او لينك لصورة او موضوع بمنتدى اخر او ايميل او اي نوع من اللينكات , ما عدا لينكات مواضيع المنتدى.
- تعبئة كامل حقول الملف الشخصي و هالشي بساعد بقية الاعضاء على معرفة بعض اكتر و التقرب من بعض اكتر "ما لم يكن هناك سبب وجيه لمنع ذلك".
- فيكم تطلبو تغيير اسم العضوية لمرة واحدة فقط وبعد ستة اشهر على تسجيلكم بالمنتدى , او يكون صار عندكم 1000 مشاركة , ومن شروط تغيير الاسم انو ما يكون مخالف لشروط التسجيل "قوانين المنتدى" و انو الاسم الجديد ما يكون مأخود من قبل عضو تاني , و انو تحطو بتوقيعكم لمدة اسبوع على الاقل "فلان سابقا".
- يمنع انتحال شخصيات الآخرين أو مناصبهم من خلال الأسماء أو الصور الرمزية أو الصور الشخصية أو ضمن محتوى التوقيع أو عن طريق الرسائل الخاصة فهذا يعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال.


الرسائل الخاصة:
الرسائل الخاصة مراقبة مع احترام خصوصيتا وذلك بعدم نشرها على العام في حال وصلكم رسالة خاصة سيئة فيكم تكبسو على زر "تقرير برسالة خاصة" ولا يتم طرح الشكوى عالعام "متل انو توصلكم رسالة خاصة تحتوي على روابط دعائية لمنتجات او مواقع او منتديات او بتحتوي على الفاظ نابية من سب او شتم او تجريح".
لما بتوصلكم رسائل خاصة مزعجة و انما ما فيها لا سب ولا شتم ولا تجريح ولا روابط دعائية و انما عم يدايقكم شي عضو من كترة رسائلو الخاصة فيكم تحطو العضو على قائمة التجاهل و هيك ما بتوصل اي رسالة خاصة من هالعضو.
و تزكرو انو الهدف من الرسائل الخاصة هو تسهيل عملية التواصل بين الاعضاء.


السياسة:
عدم التطرق إلى سياسة الدولة الخارجية أو الداخلية أو حتى المساس بسياسات الدول الصديقة فالموقع لا يمت للسياسة بصلة ويرجى التفرقة بين سياسات الدول وسياسات الأفراد والمجتمعات وعدم التجريح أو المساس بها فالمنتدى ليس حكر على فئة معينة بل يستقبل فئات عدة.
عدم اعتماد مواضيع أو مشاركات تهدف لزعزعة سياسة الجمهورية العربية السورية أو تحاول أن تضعف الشعور القومي أو تنتقص من هيبة الدولة ومكانتها أو أن يساهم بشكل مباشر أو غير مباشر بزعزعة الأمن والاستقرار في الجمهورية العربية السورية فيحق للادارة حذف الموضوع مع ايقاف عضوية صاحب الموضوع.


المخالفات:
بسبب تنوع المخالفات و عدم امكانية حصر هالمخالفات بجدول محدد , منتبع اسلوب مخالفات بما يراه المشرف مناسب من عدد نقط و مدة المخالفة بيتراوح عدد النقط بين 1-100 نقطة , لما توصلو لل 100 بتم الحظر الاوتوماتيكي للعضو ممكن تاخدو تنبيه بـ 5 نقط مثلا على شي مخالفة , و ممكن تاخد 25 نقطة على نفس المخالفة و ممكن يوصلو لل 50 نقطة كمان و هالشي بيرجع لعدد تكرارك للمخالفة او غير مخالفة خلال فترة زمنية قصيرة.
عند تلقيك مخالفة بيظهر تحت عدد المشاركات خانة جديدة " المخالفات :" و بيوصلك رسالة خاصة عن سبب المخالفة و عدد النقط و المدة طبعا هالشي بيظهر عندكم فقط.


الهدف:
- أسرة شبابية سورية وعربية مسيحية ملؤها المحبة.
- توعية وتثقيف الشباب المسيحي.
- مناقشة مشاكل وهموم وأفكار شبابنا السوري العربي المسيحي.
- نشر التعاليم المسيحية الصحيحة وعدم الإنحياز بشكل مذهبي نحو طائفة معينة بغية النقد السيء فقط.
في بعض الأحيان كان من الممكن أن ينحني عن مسار أهدافه ليكون مشابه لغيره من المنتديات فكان العمل على عدم جعله منتدى ديني متخصص كحوار بين الطوائف , فنتيجة التجربة وعلى عدة مواقع تبين وبالشكل الأكبر عدم المنفعة المرجوة بهذا الفكر والمنحى , نعم قد نشير ونوضح لكن بغية ورغبة الفائدة لنا جميعا وبتعاون الجميع وليس بغية بدء محاورات كانت تنتهي دوما بالتجريح ومن الطرفين فضبط النفس صعب بهذه المواقف.



رح نكتب شوية ملاحظات عامة يا ريت الكل يتقيد فيها:
• ابحث عن المنتدى المناسب لك و تصفح أقسامه ومواضيعه جيداً واستوعب مضمونه وهدفه قبل ان تبادر بالمشاركة به , فهناك الكثير من المنتديات غير اللائقة على الإنترنت .وهناك منتديات متخصصة بمجالات معينة قد لا تناسبك وهناك منتديات خاصة بأناس محددين.
• إقرأ شروط التسجيل والمشاركة في المنتدى قبل التسجيل به واستوعبها جيدأ واحترمها و اتبعها حتى لا تخل بها فتقع في مشاكل مع الأعضاء ومشرفي المنتديات.
• اختر اسم مستعار يليق بك وبصفاتك الشخصية ويحمل معاني إيجابية ، وابتعد عن الأسماء السيئة والمفردات البذيئة ، فأنت في المنتدى تمثل نفسك وأخلاقك وثقافتك وبلدك ، كما أن الاسم المستعار يعطي صفاته ودلالته لصاحبه مع الوقت حيث يتأثر الإنسان به بشكل غير مباشر ودون ان يدرك ذلك.
• استخدم رمز لشخصيتك " وهو الصورة المستخدمة تحت الاسم المستعار في المنتدى " يليق بك و يعبر عن شخصيتك واحرص على ان يكون أبعاده مناسبة.
• عند اختيارك لتوقيعك احرص على اختصاره ، وأن يكون مضمونه مناسباً لشخصيتك وثقافتك.
• استخدم اللغة العربية الفصحى وابتعد عن اللهجات المحكية " اللهجة السورية مستثناة لكثرة المسلسلات السورية " لانها قد تكون مفهومة لبعض الجنسيات وغير مفهومة لجنسيات أخرى كما قد تكون لكلمة في لهجتك المحكية معنى عادي ولها معنى منافي للأخلاق أو مسيء لجنسية أخرى . كذلك فإن استخدامك للغة العربية الفصحى يسمح لزوار المنتدى وأعضائه بالعثور على المعلومات باستخدام ميزة البحث.
• استخدم المصحح اللغوي وراعي قواعد اللغة عند كتابتك في المنتديات حتى تظهر بالمظهر اللائق التي تتمناه.
• أعطي انطباع جيد عن نفسك .. فكن مهذباً لبقاً واختر كلماتك بحكمة.
• لا تكتب في المنتديات أي معلومات شخصية عنك أو عن أسرتك ، فالمنتديات مفتوحة وقد يطلع عليها الغرباء.
• أظهر مشاعرك وعواطفك باستخدام ايقونات التعبير عن المشاعر Emotion Icon's عند كتابة مواضيعك وردودك يجب ان توضح مشاعرك أثناء كتابتها ، هل سيرسلها مرحة بقصد الضحك ؟ او جادة أو حزينه ؟ فعليك توضيح مشاعرك باستخدام Emotion Icon's ،لأنك عندما تتكلم في الواقع مع احد وجها لوجه فانه يرى تعابير وجهك وحركة جسمك ويسمع نبرة صوتك فيعرف ما تقصد ان كنت تتحدث معه على سبيل المزاح أم الجد. لكن لا تفرط في استخدام أيقونات المشاعر و الخطوط الملونة و المتغيرة الحجم ، فما زاد عن حده نقص.
• إن ما تكتبه في المنتديات يبقى ما بقي الموقع على الإنترنت ، فاحرص على كل كلمة تكتبها ، فمن الممكن ان يراها معارفك وأصدقائك وأساتذتك حتى وبعد مرور فترات زمنية طويلة.
• حاول اختصار رسالتك قدر الإمكان :بحيث تكون قصيرة و مختصرة ومباشرة وواضحة وفي صلب مضمون قسم المنتدى.
• كن عالمياً : واعلم أن هناك مستخدمين للإنترنت يستخدمون برامج تصفح مختلفة وكذلك برامج بريد الكتروني متعددة ، لذا عليك ألا تستخدم خطوط غريبة بل استخدم الخطوط المعتاد استخدامها ، لأنه قد لا يتمكن القراء من قراءتها فتظهر لهم برموز وحروف غريبة.
• قم بتقديم ردود الشكر والتقدير لكل من أضاف رداً على موضوعك وأجب على أسئلتهم وتجاوب معهم بسعة صدر وترحيب.
• استخدم ميزة البحث في المنتديات لمحاولة الحصول على الإجابة قبل السؤال عن أمر معين أو طلب المساعدة من بقية الأعضاء حتى لا تكرر الأسئلة والاستفسارات والاقتراحات التى تم الإجابة عنها قبل ذلك.
• تأكد من أنك تطرح الموضوع في المنتدى المخصص له: حيث تقسم المنتديات عادة إلى عدة منتديات تشمل جميع الموضوعات التي يمكن طرحها ومناقشتها هنا، وهذا من شأنه أن يرفع من كفاءة المنتديات ويسهل عملية تصنيف وتبويب الموضوعات، ويفضل قراءة الوصف العام لكل منتدى تحت اسمه في فهرس المنتديات للتأكد من أن مشاركتك تأخذ مكانها الصحيح.
• استخدم عنوان مناسب ومميِّز لمشاركتك في حقل الموضوع. يفضل عدم استخدام عبارات عامة مثل "يرجى المساعدة" أو "طلب عاجل" أو "أنا في ورطة" الخ، ويكون ذلك بكتابة عناوين مميِّزة للموضوعات مثل "كيف استخدم أمر كذا في برنامج كذا" أو "تصدير ملفات كذا إلى كذا".
• إحترم قوانين الملكية الفكرية للأعضاء والمواقع والشركات، وعليك أن تذكر في نهاية مشاركتك عبارة "منقول عن..." إذا قمت بنقل خبر أو مشاركة معينة من أحد المواقع أو المجلات أو المنتديات المنتشرة على الإنترنت.
• إن أغلب المنتديات تكون موجهه لجمهور عام ولمناقشة قضايا تثقيفية وتعليمية . لذلك يجب ان تكون مشاركتك بطريقة تحترم مشاعر الآخرين وعدم الهجوم في النقاشات والحوارات. وأي نشر لصور أو نصوص أو وصلات مسيئة، خادشة للحياء أو خارج سياق النهج العام للموقع.
• المنتدى لم يوجد من أجل نشر الإعلانات لذا يجب عدم نشر الإعلانات أو الوصلات التي تشير إلى مواقع إعلانية لأي منتج دون إذن او إشارة إلى موقعك أو مدونتك إذا كنت تمتلك ذلك.
• عدم نشر أي مواد أو وصلات لبرامج تعرض أمن الموقع أو أمن أجهزة الأعضاء الآخرين لخطر الفيروسات أو الدودات أو أحصنة طروادة.
•ليس المهم أن تشارك بألف موضوع فى المنتدى لكن المهم أن تشارك بموضوع يقرأه الألوف،فالعبرة بالنوع وليس بالكم.
• عدم الإساءة إلى الأديان أو للشخصيات الدينية.
•عند رغبتك بإضافة صور لموضوعك في المنتدى ، احرص على ألا يكون حجمها كبير حتى لا تستغرق وقتاً طويلاً لتحميلها وأن تكون في سياق الموضوع لا خارجه عنه.
•الالتزام بالموضوع في الردود بحيث يكون النقاش في حدود الموضوع المطروح لا الشخص، وعدم التفرع لغيره أو الخروج عنه أو الدخول في موضوعات أخرى حتى لا يخرج النقاش عن طوره.
• البعد عن الجدال العقيم والحوار الغير مجدي والإساءة إلى أي من المشاركين ، والردود التي تخل بأصول اللياقة والاحترام.
• احترم الرأي الآخر وقدر الخلاف في الرأي بين البشر واتبع آداب الخلاف وتقبله، وأن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
• التروي وعدم الاستعجال في الردود ، وعدم إلقاء الأقوال على عواهلها ودون تثبت، وأن تكون التعليقات بعد تفكير وتأمل في مضمون المداخله، فضلاً عن التراجع عن الخطأ؛ فالرجوع إلى الحق فضيلة. علاوة على حسن الاستماع لأقوال الطرف الآخر ، وتفهمها تفهما صحيحا.
• إياك و تجريح الجماعات أو الأفراد أو الهيئات أو الطعن فيهم شخصياً أو مهنياً أو أخلاقياً، أو استخدام أي وسيلة من وسائل التخويف أو التهديد او الردع ضد أي شخص بأي شكل من الأشكال.
• يمنع انتحال شخصيات الآخرين أو مناصبهم من خلال الأسماء أو الصور الرمزية أو الصور الشخصية أو ضمن محتوى التوقيع أو عن طريق الرسائل الخاصة فهذا يعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال.
• إذا لاحظت وجود خلل في صفحة أو رابط ما أو إساءة من أحد الأعضاء فيجب إخطار مدير الموقع أو المشرف المختص على الفور لأخذ التدابير اللازمة وذلك بإرسال رسالة خاصة له.
• فريق الإشراف يعمل على مراقبة المواضيع وتطوير الموقع بشكل يومي، لذا يجب على المشاركين عدم التصرف "كمشرفين" في حال ملاحظتهم لخلل أو إساءة في الموقع وتنبيه أحد أعضاء فريق الإشراف فوراً.
See more
See less

مقالات كتبت بنزار قباني

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • مقالات كتبت بنزار قباني

    ومضات: نزار قباني في نثره المموسق الجميل : في الذكرى العاشرة لرحيله

    عبدالعزيز المقالح
    لقد كتب عن شعر نزار قباني الكثير وحظي حتى الآن بدراسات كثيرة متنوعة التناول بينما ظل نثره البديع خارج الاهتمام ولم يحظ في حدود ما أعلم بدراسة تذكر مع أنه جدير بالبحث شأن شعره تماماً لا لانه ينطلق من الينابيع نفسها التي انطلق منها شعره ويطرح كثيراً من القضايا التي طرحتها قصائده وحسب، وانما لكونه نثراً فانه يأتي اكثر وضوحاً وقدرة على تحديد الكثير من مواقف الشاعر الكبير واهتماماته العامة ومعاركه المباشرة، وكما ان لشعر نزار خصوصيته التي تميزه عن سائر شعراء عصره فان لنثره الخصوصية نفسها ايضاً.
    ويبدو ان اللغة في مفهوم نزار قباني ليست أداة توصيل جامدة تنقل المعنى عارياً وخالياً من الاضواء والظلال، وانما هي كائن جميل يتم التعامل معه بانفعال صادق واشراقة روحية تؤدي الي استخراج ما في قراراته من معطيات ايقاعية وموسيقية، ولذلك فاسلوبه في كتابة القصيدة لايكاد يختلف كثيراً عن اسلوبه في كتابة المقالة او الرسالة والسيرة الذاتية. ولنا ان نقول دون حذر انه مسكون بالشعر الى درجة يصعب معها تخليه عن شروط هذا الفن ومقوماته في كل ما يكتب على الرغم من وجود فوارق لا تخفى بين شعره و نثره ابرزها الانضباط الشديد في النثر والانطلاق الاشد في الشعر المفتوح على عوالم واسعة من الانفعال والعفوية والخيال.
    لست في حاجة الي ايراد نماذج من شعر نزار تأكيداً لما اذهب اليه، ومن هنا فسوف تقتصر النماذج المحدودة على نثره فقط، وهنا مقتطف من مقال له بعنوان طريف ومثير هو "اتو بوسات الشعر" ومما جاء فيه : "الكتابة هي فن التورط ولا كتابة حقيقية خارج "التورط". الكتابة ليست سجادة فارسية يمشي عليها الكاتب كما يقول جان كوكتو ولا مقعداً مغلفاً ب "لأوبوسون "، ولا مخدة من ريش العصافير تغوص رؤوسنا فيها ، ولا يختاً خاصاً نتشمس على ظهره.. ونشرب البيرة الدنماركية المثلجة.. ان الكاتب يجب ان يظل في اعماقه بدوياً يتعامل مع الشمس والملح، والعطش .. يجب ان يبقى حافي القدمين حتى يتحسس حرارة الارض ونتوءاتها ووجع حجارتها.. يجب ان يبقى عارياً كحصان متوحش، ورافضاً كل السروج التي تحاول الانظمة وضعها على ظهره. ومتى فقد الكاتب بداوته ، وتوحشه وقدرته علي الصهيل، ومتى فتح فمه للجام الحديدي، ومنح ظهره للبراكين، تحول الى "اوتوبوس حكومي" مضطر الي الوقوف على جميع المحطات والخضوغ لصفارة قاطع التذاكر ."الكتابة عمل انقلابي ص15".

    لقد اسس نزار قباني اسلوباً في الكتابة النثرية هي الى الشعر اقرب منها الي النثر ويمكن لنا ان نقول ان بعض كتاباته النثرية تفوق في شاعريتها بعض قصائده السياسية خاصة حين يهبط التعبير الشعري الى درجة الكلام العادي بينما يرتفع نبض اللغة في بعض الكتابات النثرية الى مناخ الشعر.
    وليس نزار قباني الوحيد في هذا المنحى، شعراء آخرون يشاركونه في ذلك الا انه يظل اكثرهم حرصاً على ان يكتب المقالة النثرية تحت شروط تشبه الى حد ما شروط كتابة القصيدة. كما انه يحتشد لكتابة المقال احتشاده لكتابة القصيدة تماماً فتأتي نابضة بالصور، مترعة باعمق المشاعر ، كما في حديثه على سبيل المثال عن الحرية : "اتصور ، انه لابد من ان نتفق على تعريف مبدئي لمعنى الحرية حتى لا تتداخل حدود الاشياء وتضطرب الرؤية، ويختلط اللون الابيض باللون الاسود واول ما اتصوره هو ان الحرية هي حركة فردية داخل دائرة الجماعة هذه الجماعة يمكن ان تكون اسرة او قبيلة، او جمعية ، او مدرسة او وطناً . ومعنى هذا ان الحرية هي خط هندسي ضمن دائرة، وليست ابداً حركة في الفراغ او المطلق.. وكما ان البحر محدود بالشواطئ والريح محدودة بالجبال، والانهار محدودة بضفافها ، والطائرات محدودة بمدارج الصعود والهبوط، والعصافير محدودة بمساحة اجنحتها فان الانسان هو الآخر محدود بمسؤوليته واستعمال الحرية كاستعمال المستحضرات والعقاقير الطبية، لايمكن ان يكون بغير مقاييس ومعايير وضوابط والا كانت الحرية قاتلة". "المصدر نفسه ص31".
    ان في هذين النموذجين من نثر نزار قباني والمختارين عشوائياً ما يؤكد تفرده بحساسية شعرية خارقة تجاه اللغة التي يكتب بها وتجاه المفردات التي يتعامل معها قبل ان يضعها في اطارها المموسق الجميل.
    لقد كتب عن شعر نزار قباني الكثير وحظي حتى الآن بدراسات كثيرة متنوعة التناول بينما ظل نثره البديع خارج الاهتمام ولم يحظ في حدود ما أعلم بدراسة تذكر مع أنه جدير بالبحث شأن شعره تماماً لا لانه ينطلق من الينابيع نفسها التي انطلق منها شعره ويطرح كثيراً من القضايا التي طرحتها قصائده وحسب، وانما لكونه نثراً فانه يأتي اكثر وضوحاً وقدرة على تحديد الكثير من مواقف الشاعر الكبير واهتماماته العامة ومعاركه المباشرة، وكما ان لشعر نزار خصوصيته التي تميزه عن سائر شعراء عصره فان لنثره الخصوصية نفسها ايضاً.
    ويبدو ان اللغة في مفهوم نزار قباني ليست أداة توصيل جامدة تنقل المعنى عارياً وخالياً من الاضواء والظلال، وانما هي كائن جميل يتم التعامل معه بانفعال صادق واشراقة روحية تؤدي الي استخراج ما في قراراته من معطيات ايقاعية وموسيقية، ولذلك فاسلوبه في كتابة القصيدة لايكاد يختلف كثيراً عن اسلوبه في كتابة المقالة او الرسالة والسيرة الذاتية. ولنا ان نقول دون حذر انه مسكون بالشعر الى درجة يصعب معها تخليه عن شروط هذا الفن ومقوماته في كل ما يكتب على الرغم من وجود فوارق لا تخفى بين شعره و نثره ابرزها الانضباط الشديد في النثر والانطلاق الاشد في الشعر المفتوح على عوالم واسعة من الانفعال والعفوية والخيال.
    لست في حاجة الي ايراد نماذج من شعر نزار تأكيداً لما اذهب اليه، ومن هنا فسوف تقتصر النماذج المحدودة على نثره فقط، وهنا مقتطف من مقال له بعنوان طريف ومثير هو "اتو بوسات الشعر" ومما جاء فيه : "الكتابة هي فن التورط ولا كتابة حقيقية خارج "التورط". الكتابة ليست سجادة فارسية يمشي عليها الكاتب كما يقول جان كوكتو ولا مقعداً مغلفاً ب "لأوبوسون "، ولا مخدة من ريش العصافير تغوص رؤوسنا فيها ، ولا يختاً خاصاً نتشمس على ظهره.. ونشرب البيرة الدنماركية المثلجة.. ان الكاتب يجب ان يظل في اعماقه بدوياً يتعامل مع الشمس والملح، والعطش .. يجب ان يبقى حافي القدمين حتى يتحسس حرارة الارض ونتوءاتها ووجع حجارتها.. يجب ان يبقى عارياً كحصان متوحش، ورافضاً كل السروج التي تحاول الانظمة وضعها على ظهره. ومتى فقد الكاتب بداوته ، وتوحشه وقدرته علي الصهيل، ومتى فتح فمه للجام الحديدي، ومنح ظهره للبراكين، تحول الى "اوتوبوس حكومي" مضطر الي الوقوف على جميع المحطات والخضوغ لصفارة قاطع التذاكر ."الكتابة عمل انقلابي ص15".

    لقد اسس نزار قباني اسلوباً في الكتابة النثرية هي الى الشعر اقرب منها الي النثر ويمكن لنا ان نقول ان بعض كتاباته النثرية تفوق في شاعريتها بعض قصائده السياسية خاصة حين يهبط التعبير الشعري الى درجة الكلام العادي بينما يرتفع نبض اللغة في بعض الكتابات النثرية الى مناخ الشعر.
    وليس نزار قباني الوحيد في هذا المنحى، شعراء آخرون يشاركونه في ذلك الا انه يظل اكثرهم حرصاً على ان يكتب المقالة النثرية تحت شروط تشبه الى حد ما شروط كتابة القصيدة. كما انه يحتشد لكتابة المقال احتشاده لكتابة القصيدة تماماً فتأتي نابضة بالصور، مترعة باعمق المشاعر ، كما في حديثه على سبيل المثال عن الحرية : "اتصور ، انه لابد من ان نتفق على تعريف مبدئي لمعنى الحرية حتى لا تتداخل حدود الاشياء وتضطرب الرؤية، ويختلط اللون الابيض باللون الاسود واول ما اتصوره هو ان الحرية هي حركة فردية داخل دائرة الجماعة هذه الجماعة يمكن ان تكون اسرة او قبيلة، او جمعية ، او مدرسة او وطناً . ومعنى هذا ان الحرية هي خط هندسي ضمن دائرة، وليست ابداً حركة في الفراغ او المطلق.. وكما ان البحر محدود بالشواطئ والريح محدودة بالجبال، والانهار محدودة بضفافها ، والطائرات محدودة بمدارج الصعود والهبوط، والعصافير محدودة بمساحة اجنحتها فان الانسان هو الآخر محدود بمسؤوليته واستعمال الحرية كاستعمال المستحضرات والعقاقير الطبية، لايمكن ان يكون بغير مقاييس ومعايير وضوابط والا كانت الحرية قاتلة". "المصدر نفسه ص31".
    ان في هذين النموذجين من نثر نزار قباني والمختارين عشوائياً ما يؤكد تفرده بحساسية شعرية خارقة تجاه اللغة التي يكتب بها وتجاه المفردات التي يتعامل معها قبل ان يضعها في اطارها المموسق الجميل.
    عن سبتمبر نت
    في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
    أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
    وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

  • #2
    رد: مقالات كتبت بنزار قباني

    نزار قباني وقصيدة النثر

    صبحي حديدي
    عن دار النشر الفرنسية Actes Sud، وبالتعاون مع معهد العالم العربي في باريس، أصدر المؤرخ والناقد والناشر السوري الصديق فاروق مردم بيه كتاباً صغير الحجم (94 صفحة) ثمين المحتوي هو أنطولوجيا الشعر العربي المعاصر ، للفتيان هذه المرة، مزيناً برسوم من التشكيلي الجزائري رشيد قريشي. والمختارات، ثنائية اللغة، تضم قصائد من جورج شحادة، محمد ديب، نزار قباني، نازك الملائكة، بدر شاكر السياب، عبد الوهاب البياتي، كاتب ياسين، أدونيس، سعدي يوسف، محمد الماغوط، أحمد عبد المعطي حجازي، أنسي الحاج، سميح القاسم، أمل دنقل، عبد اللطيف اللعبي، محمود درويش، عباس بيضون، قاسم حداد، محمد بنيس، ومحمد الصغير أولاد أحمد.

    وكما كانت الحال في مختارات سابقة ثنائية اللغة ( قصائد من الشعر العربي ، 1999، التي ضمت مزيجاً من القديم والحديث؛ و الشعر الأندلسي ، 2006، برسوم من قريشي أيضاً)، لم يقتصر ذكاء اختيار القصائد علي اعتماد أفضل المعايير لتمثيل خصوصية الشعراء الأسلوبية فحسب، بل كذلك علي ترسيم أكبر مقدار ممكن من تفاصيل الصورة الجمالية لمشهد الشعر العربي في هذه الحقبة أو تلك. وأما في المختارات الجديدة فإن الذكاء القديم انطوي هذه المرة علي مفاجأة خاصة، مباغتة بقدر ما هي جسورة: أن قصيدة نزار قباني ليست عمودية ولا تفعيلية، بل... قصيدة نثر!

    و درس في الرسم قصيدة فاتنة حقاً، تقوم علي حوارية بين فتي وأبيه حول سلسلة رسومات تنتهي إلي مفارقات نقيضة (يطلب الابن من الأب أن يرسم عصفوراً فيرسم مربعاً عليه قفل وقضبان، والبحر يصبح دائرة سوداء، وسنبلة القمح تصير مسدساً، إلي أن يطلب الابن سماع قصيدة فتسقط من الأب دمعة، لأن الكلمة والدمعة شقيقتان ، و القصيدة العربية ليست سوي دمعة تخرج من بين الأصابع ). وأما مفارقة الختام فهي التالية: يضع ابني أقلامه وعلبة ألوانه أمامي/ ويطلب مني أن أرسم له وطناً/ تهتز الفرشاة في يدي/ وأسقط باكياً... .

    مبعث المفاجأة أن نزار قباني (1923 ـ 1998) شاعر عمود وتفعيلة أساساً، وهو في الشكلين مجرب متمرس وصانع ماهر ومعلم كبير، وقصائده النثرية لا توضع محل مقارنة مع قصائده الموزونة، من باب إنصاف شعريته وليس التقليل من قيمة وسيط النثر. ولكن قباني كان، وصار أشد خلال العقدين الأخيرين من حياته، ديمقراطياً في موقفه من أشكال الكتابة الشعرية: القصيدة الحرة اجتهاد في نظره، وكذلك قصيدة التفعيلة و القصيدة الدائرية وقصيدة النثر، هذه التي لا يجوز لنا أن نطلق الرصاص عليها بتهمة الخيانة العظمي، أو بحجة أنها تقول كلاماً ليس له سند أو شبيه في كتب الأولين. إن من مصلحة القصيدة العربية أن تترك باب الاجتهاد مفتوحاً. وإلا تحولت إلي قصيدة فاشستية. أو إلي قصيدة من الخشب ، كما جاء في تقديمه لكتاب محي الدين صبحي الكون الشعري عند نزار قباني 1982.

    ولأنه صانع الشعر الماهر، فقد استشعر الأنواء والأعاصير والعواصف، أو مجرد سوء الأحوال الجوية، في جمهورية الشعر كما كان يحلو له أن يقول، فأحسن تحصين بيته: إنني لم أتوقف لحظة من اللحظات عن تغيير جلدي. إنني أعيش دائماً في حالة حذر وخوف من الآتي. إنني أشعر دائماً أنني أقف علي أرض لا ثبات لها، وأن خيول الشعر تركض من حولي بالمئات (...) آخر تجربة لي كانت مائة رسالة حب ، وفيه تركت مواقعي القديمة لأخرج إلي برهة قصيدة النثر، حيث السماء أرحب، والحرية تقطف بالأصابع ، كما جاء في حوار مع منير العكش يعود إلي أواخر السبعينيات. وبعد مجموعته مئة رسالة حب ، 1970، أفرج قباني عن طائفة أخري من قصائد النثر، في مجموعته كل عام وأنت حبيبتي ، 1978، ثم ضم قصائد نثر متفرقة في مجموعات أخري.

    مدهش، مع ذلك، أن تلك السماء التي يشير إليها لم تكن رحبة معه دائماً، كما كانت حالها مع سواه من شعراء قصيدة النثر المتمرسين، حتي أن بعض قصائدة النثرية بدت ببرودة الصقيع، والجملة الاستعارية فيها بلغت مستوي مفاجئاً من الفقر التعبيري والمجازي معاً. وهكذا، لم يكن مألوفاً أن رسام الكلام، الفصيح الرشيق الأنيق المباغت الطليق، يمكن أن يكتب التالي: كل عام وأنت حبيبتي/ أقولها لك بكل بساطة/ كما يقرأ طفل صلاته قبل النوم/ وكما يقف عصفور علي سنبلة قمح/ فتزداد الأزاهير المشغولة علي ثوبك الأبيض زهرة . وعشرات النماذج التي كتبها في هذا الخيار الشعري ظلت في معظمها تحوم علي حافة غائمة بين الشعر والنثر المشعرن والقول المجازي الصرف، ولم ترق إلي مستوي قصيدة النثر في نماذجها العربية المتقدمة.

    لا أستطيع الجزم حول دوافع فاروق مردم بيه في اختيار قصيدة نثر من قباني، وما إذا كانت فتنة هذه القصيدة تحديداً قد شدته أولاً، او أنه أراد أيضاً التشديد علي تعددية الأشكال الشعرية فضرب هذا المثال المفاجيء، أو شاء لـ درس في الرسم أن تمثل هذين الاعتبارين معاً، وسواهما. أستطيع، في المقابل، الجزم بأن المفاجأة كانت في ناظري بهيجة تماماً، و... ضربة معلم.

    عن القدس العربي

    9-4-2007
    في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
    أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
    وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

    Comment


    • #3
      رد: مقالات كتبت بنزار قباني

      الشاعر نزار قبّاني.. شاعر ظل يرسم عالمه والحياة بالكلمات

      أ.د. سيار الجميل
      "في فمي يا عراق ماء كثير كيف يشكو من كان في فيه ماء" نزار
      مقدمة

      الشاعر نزار قباني الذي ملأ الدنيا وشغل الناس في النصف الثاني من القرن العشرين .. ولم تزل اشعاره ورسومه وصوره والوانه تنتشر في كل مكان من ثقافتنا العربية وقد نقلها جيل الى جيل . نعم ، لقد كان نزار قباني قد رحل فجأة وهو يقيم في لندن يوم 30 ابريل 1998 .. واذا كان نزار قد رحل رحلة نهائية ، فان تراثه الادبي سيبقى الى جانب تاريخه الادبي والفكري على طول الزمن . ويسرني بهذه " المناسبة " ان استعير من كتابي ( نسوة ورجال : ذكريات شاهد الرؤية ) الفصلة من ذكرياتي عن نزار قباني وقد كنت قد اسميته : شاعر الرسم بالكلمات الرائعة . لقد كتبت اقول عنه : اولا : شاعر التناقضات العربية
      شاعرية نزار وثقافته

      لقد خلق نزار قباني على امتداد حياته المليئة بالتناقضات جملة من الأزمات الفكرية والأدبية .. انه المعبر الحقيقي عن تناقضات خطاب العرب في النصف الثاني من القرن العشرين . انه الشاعر الذي نسف بكل جرأة وشجاعة جملة من البنى التقليدية التي ألفها الناس في تفكيرهم وتقاليدهم الاجتماعية منذ أزمان طويلة .. كان شاعرنا حرا ومتمردا في ما يقوله بشأن أهم ما شغل البال العربي ، والتفكير ، والجوارح ، والمشاعر والأحاسيس .. من جانب وكل المحرمات والمنكرات والحلال والحرام من جانب آخر .. موضوع المرأة الذي وجد نزار فيه ضالته ، واعتبره الاهم في هذا الوجود ! لم يقدم نزار المرأة باعتبارها إنسان مثل أصناف البشر ، بل ليعرضها في فاترينة ويبقى يجملها بالمساحيق والألوان وينادي الآخرين إليها مع كل أوصافه الرائعة فيها والتلذذ بما يطلقه من تعابير عن جسدها .. مستلهما كل تراثات أسواق النخاسة التي كانت مزدحمة ورائجة البضاعة في ماضينا المتعب !
      انني اعترف أن للرجل شاعريته التي لا يختلف حولها اثنان ، وعندما يسمعه الناس تطرب أسماعهم وتهفو قلوبهم ، خصوصا ، وانه امتلك قدرة رائعة في الإلقاء الشعري الذي يأسر القلوب ! إنني لا أريد أن أكون ضد الرجل وقد غاب عنا ، فلقد حكيت له كيف اقيم له تفكيره ! صحيح انه جادلني في البداية ، ولكنه بدأ يحترم آرائي لأنه عرف إنني من المؤمنين بحرية الإنسان وتنمية قدراته وتفكيره واستقلالية إرادته . وكان نزار ينتشي جدا عندما يسمونه بـ " شاعر المرأة " . والحق يقال ، بأن نزارا في قصائده الوطنية وأنشوداته القومية ومواقفه النقدية الساخرة وفي العديد من مقالاته التي نشرها في سنواته الاخيرة في ركن من جريدة الحياة المعروفة ، كان مثالا للمثقف العاشق ليس للمرأة حسب ، بل لترابه واوطانه لولا جملة التناقضات التي وقع فيها كأي شاعر عربي متمرد في هذا الوجود.

      كلمات عن تكوين نزار وحياته

      ولد نزار بن توفيق قباني آقبيق في 21 / 3/1923 في عائلة متوسطة الحال ـ حسب قوله ـ ، وفي بيت عادي يقع في حي مئذنة الشحم في القيمرية بدمشق ، ونشأ فيها :ان أبوه يصنع الحلويات ويعتاش منها .. ويقال ان عمه هو الفنان ابو خليل القباني رائد المسرح السوري الحديث ، ولما لم اكن متأكدا من ذلك فلقد سألت نزارا عن صلته به ، فاجابني بأن أبا خليل القباني. هو عم والدتي و شقيق جد والدي.. تخرج نزار في الجامعة السورية بشهادة في الحقوق العام 1944، ولكنه لم يمارس القانون ولا المحاماة ولا القضاء ، بل خدم في السلك الدبلوماسي السوري للفترة 1945-1966.. وتنقل ما بين القاهرة ، وأنقرة ، ومدريد ، وبكين .. كتب الشعر منذ مطلع شبابه مذ درس في الكلية العلمية الوطنية بدمشق وفيها التقى استاذه خليل مردم بك الذي أخذ بيده ودفعه وشجعه ونشر ديوانه الاول " قالت لي السمراء " على نفقته الخاصة وهو طالب في الحقوق.. وخرج عن التقاليد والاطواق متمردا عليها ، اذ ثار عليه بعض رجال الدين وطالبوا بقتله عام 1945 اثر نشره قصيدة ( خبز وحشيش وقمر ).. استقر في بيروت بعد ان آثر الشعر وترك الوظيفة التي قيدته لسنوات طوال تقدر بقرابة عشرين سنة .. اصدر عدة دواوين تصل الى 35 ديوانا كتبها على مدى نصف قرن ، وله عدة كتب نثرية . أسس دار نشر لأعماله في بيروت تحمل اسم منشوراته. غنى المطربون عدد من قصائده ، ومنهم: ام كلثوم ونجاة وعبد الحليم وفايزة وفيروز وكاظم وماجدة وأصالة وغيرهم . حكى لي انه كان يزور العراق دوما ويلتقي فيه بأبرز المثقفين والادباء العراقيين .. وفي بغداد التقى الآنسة بلقيس الراوي وتحابا الى حد العشق ، ولكن اهلها منعوا زواجهما ، فافترقا وتزوج للمرة الاولى زوجته الاولى ، وهي ابنة عمه زهراء آقبيق التي رحلت عنه ، وله منها ولد وبنت ، توفي الولد توفيق وهو شاب في مقتبل العمر عندما كان يدرس الطب بالقاهرة .. وشاءت الصدف ان يلتقي بلقيس ثانية بعد سنوات فتحقق حلمهما وتزوجا وعاشا معا ، وله منها ولد وبنت ، وجاء مصرعها عام 1982 اثر تفجير السفارة العراقية ببيروت وكانت تعمل فيها ، فكان ذلك صدمة عنيفة عنده وآثر التنقل في باريس وجنيف واستقر في لندن التي عاش فيها الاعوام الخمسة عشر الاخيرة من حياته... لقد تلقى نزار عدة صدمات قوية في حياته الخاصة ، منها رحيل والدته وهو طفلها المدلل ، ووفاة اخته وصال بمرض القلب ، وانتحار اخته هدباء التي زوجوها برجل لا تحبه ، ومصرع ولده الشاب توفيق ، ورحيل زوجته الاولى ابنة عمه على اثر مرض .. ومقتل زوجته الثانية بلقيس ..كما وشكلت السنوات الاخيرة من حياته صخبا من المعارك والجدل والقصائد السياسية الساخنة وخصوصا في عقد التسعينات من القرن العشرين. وقد قاوم مشروعات السلام والتطبيع مع اسرائيل وعبر عن ذلك في قصائده الشهيرة: المهرولون ، والمتنبي ، ومتى يعلنون وفاة العرب .. الخ . توفي في لندن يوم 30 /4/ 1998 ودفن في دمشق وترك اشعاره يرددها الناس.
      كيف عرفت نزارا ؟

      كنا ثلة من المراهقين في أروقة الاعدادية ( متوسطة المثنى ) بمدينة الموصل. شباب عند مطلع حياتهم لا يهجعون ولا يهدأون ابدا لا في الليل ولا في النهار ، ونحن في مرحلة حساسة وحرجة جدا في اواسط عقد الستينيات . كنا نقرأ الكتب في الليل ونطالع المجلات ونكتب الاشعار في اويقات النهار .. لم اكتشف نزار في مكتبة بيتنا الغنية والمكتنزة برغم محبة اسرتنا للشعر والشعراء ، ولكنني اكتشفت نزارا من خلال ديوانه " الرسم بالكلمات " الذي كان مدرسنا في الجغرافية واسمه الاستاذ طارق فضل قد حمله معه يوما ، وكان يعشق نزار وأشعاره على عكس استاذنا في العربية الاستاذ عبد النافع الحكيم المشهور بسيدارته العراقية وهو يتأبط قاموسه كل الاوقات ، ومن كثرة اعتزازه بالقاموس دعونا بـ " قاموس افندي " !.. تذكرت قصيدة " أيظن " التي يقدمها نزار بنفسه تلفزيونيا ويقرأها قبل ان تشدوها المطربة نجاة الصغيرة على شاشة التلفزيون بالأبيض والأسود ! بدأت اهتم شيئا فشيئا بأشعار نزار.. كنت أخشى من والدي ـ رحمه الله ـ أن يعنفني إذا ما اكتشف أنني اقرأ مثل تلك الأشعار! ولكنه لم يقل شيئا لي عندما اكتشف ذلك ، وكان رجلا مثقفا ومستنيرا وانه رسم ابتسامة خفيفة على محياه ، وقال : لابد أن تقرأ المعاني وتتحسسها قبل أن تنعشك الألفاظ الجميلة . وبالرغم من كونه من رجال القانون الا انه يعشق الشعر وله باع كبير في نقد الشعر على القواعد النقدية العربية القديمة التي أسسها كل من عبد القاهر الجرجاني والآمدي وابن الاثير .. وغيرهم . وفي الثانوية الشرقية وكنت في الخامس والسادس الثانوي ، نجحت رفقة الصديق القاص عبود عبد الله بكر ( استشهد في الحرب العراقية الايرانية عام 1982 ) ان نؤسس صحيفة أدبية اسبوعية جدارية اسميناها بـ " الاصداء " ترأست تحريرها عام 1969 ، وكنت اكتب افتتاحيتها اسبوعيا ، واصدرنا عدة اعداد منها ، ولكن الاوامر صدرت باغلاقها كوننا نشرنا قصيدة سياسية ساخنة ينتقد فيها العرب في هزيمتهم نقدا مبرحا ، وكانت للشاعر نزار قباني ( هوامش على دفتر النكسة ) .
      نزار : ثورة التناقض في التغيير

      لقد كانت الحياة العربية قبل هزيمة يونيو / حزيران 1967 بسنوات مفعمة بالروح القومية الوقادة وذكر الأمجاد ، وترديد الشعارات ، واذاعة الاغنيات الحماسية ، والهوس السياسي ، وحمأة الأيديولوجيات ، وسماع الخطابات .. وبنفس الوقت ، كان المجتمع العربي يعتز بنخبه المثقفة ومبدعيه وكانت الاستنارة في الفن والادب قد وصلت الى اعلى مداها عند العرب .. وبرز عند منتصف القرن العشرين وبعد الحرب العالمية الثانية نخبة عربية رائعة من الشعراء والفنانين والادباء المثقفين وقد شغلتهم السياسة والايديولوجيات الثورية والقومية والنضال والاشتراكية .. ، ولم يكن لنزار في ذلك كله أي نصيب يذكر ، كما اذكر ، كانت المرأة شغله الشاغل يتفنن في توصيفاتها ويتخيلها كما يريد له خياله ويصورها كما يجمح به فكره وخياله .. كان نزار يتلذذ بمشاهد خصرها وسيقانها ونهودها وأظافرها وخصلات شعرها .. التي يخلقها ويجسمها تعبيريا برسم كلماته جميعها للناس ، ويجلس يترقب ردود افعالهم على نصوصه واشعاره .. وكان ذكيا جدا في استخدام الألفاظ البسيطة جدا في خطابه الشعري الذي يدخل النفس مباشرة من دون أية تعقيدات ، ونجح في تضمين كلمات عادية يومية يستخدمها الناس صباح مساء ..
      واستطيع القول ، ان نزارا يتميز بقاموسه الشعري وتعابيره التي انفرد بها عن الاخرين .. ولكن بقي الرجل محافظا على التفعيلة الشعرية، وقد اغرم بموسيقى بعض الكلمات والتعابير التي كانت تثير الأحاسيس وتسخن العواطف .. لقد وجد في البيئة الاجتماعية العربية المكبوتة الى حد النخاع فرصته التي يستطيع اللعب فيها لعباته العاطفية بكل جرأة وشجاعة وقد ساعدته ظروف تلك المرحلة على استخدام كل التعابير في الجنس والجسد والشهوات ووصف حتى ركامات الحلمات .. ولكنه اضطر الى تغيير جملة كبرى من الفاظه وتعابيره في العشرين سنة الاخيرة من القرن العشرين بسبب تغير الظروف في المجتمع العربي تغييرا كاملا اولا ، وبسبب فقدانه بلقيس في رحيلها الذي قض مضجعه !

      عن الصباح الجديد
      2008-06-30
      في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
      أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
      وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

      Comment


      • #4
        رد: مقالات كتبت بنزار قباني

        جنازة نزار قباني تطاردني

        حمد الماجد


        عن الشرق الأوسط

        «نزار قباني شاعر لا تشمله رحمة الله، فلا يستحق أن يصلى على جنازته ولهذا أخرجت جثمانه من المسجد المركزي بلندن دون أن يصلى عليه»، بمعنى هذه العبارات فاجأني القارئ محمد جمال من ألمانيا يتهمني بتلميح أشبه بالتصريح في تعليق على مقالي الاثنين الماضي عن المطرب محمد عبده بأنني ـ وإن كنت قد وسعت ضيقا مع هذا الفنان ـ فإنني قد ضيقت واسعا مع فنان الشعر نزار قباني. ويقول القارئ بأنني أردت أن أملك رحمة ربي فرفضت حين كنت مديرا للمركز الإسلامي في عام 1998 أن يصلى على جنازته!
        أنا لا ألوم هذا القارئ ولا ألوفا غيره يعتلج في نفوسهم نفس العتب، على الرغم من مضي أكثر من عشر سنوات على وفاة هذا الشاعر الذي أشغل الناس حيا وميتا. فقد باء بإثم هذه الكذبة الكبرى صحفي نشر تقريره في الصفحة الأولى فشرق الخبر وغرب، وذكر في بهتانه بأن عددا من المتشددين لم ينقصهم إلا البلطات والسكاكين، قد أحدثوا هرجا ومرجا واعترضوا على الصلاة على جنازة نزار قباني وكادوا يقذفون بها خارج المركز الإسلامي، ويؤكد الخبر أنني قد فاوضت هؤلاء المتشددين وخرجت معهم بحل وسطي يقضي بأن يصلى على روحه ولا يصلى على جسده!!والله يشهد وخمسة آلاف مصل ومعهم عشرات من السفراء والدبلوماسيين العرب يتقدمهم السفير المتيم بنزار قباني الدكتور غازي القصيبي، سفير السعودية في لندن آنذاك، بأنه لم يحدث هرج ولا مرج، وأن الجنازة قد صلى عليها المسلمون، وأنني لم أفاوض في هذا الشأن لا متشددا ولا متفلتا. وما برحت أتذكر أن الجنازة قد أحضرت في ضحى يوم الجمعة ووضعت في الجانب الأيمن من المسجد وادعة ساكنة هادئة هدوء الليل البهيم في عمق الصحراء حتى صلى عليها المسلمون. وكانت الأمور ستجري طبيعية 100% لولا أن شابا قام في الناس متحدثا بعد الفراغ من صلاة الجمعة وقبل صلاة الجنازة وقال بلغة هادئة بأن هذه الجنازة للشاعر نزار قباني الذي ينسب إليه في شعره سخرية بالدين وشعائره، ولهذا لا يجوز أن يصلى عليه، فاعترضه مصلون آخرون. فتدخل الإمام بسرعة وهو في محرابه وفض النقاش بحكمة لافتة، وقال: إننا سنصلي على الجنازة فمن أحب أن يصلي معنا فأهلا به ومن لا يرغب في الصلاة عليه فلينصرف مشكورا. فصلى عليه الأغلبية الساحقة، فكتبت حينها توضيحا لهذا اللبس نشر في تعليقات القراء. فكان هذا التوضيح المنزوي عن الأنظار أمام خبر نشر في صدر الصفحة الأولى كمن يريد أن يحجب أشعة الشمس عن الناس بيده، وهكذا علق الخبر في أذهان الناس ومنهم القارئ العزيز محمد جمال.
        اللافت في هذا الشأن أن ابنة نزار قباني الكبرى وكانت تتشح بالسواد قد دخلت علي في مكتبي في المركز الإسلامي قبيل الصلاة واستأذنتني أن تتقبل وأسرتها عزاء المعزين داخل قاعة الصلاة بالمسجد، فقلت لها إن هذا لا يمكن لعدة اعتبارات منها المحافظة على أمنكم وسلامتكم. وقلت لها إننا في المركز لا نملك إلا رجلي أمن اثنين فقط، ويصعب أمام مصلين بالألوف أن يحميكم رجلان، وإن أصررتم على تقبل العزاء داخل المصلى فهذا قد يتسبب في مشكلة خطيرة وأنا لن أتحمل أية مسؤولية. فردت علي بلغة غاضبة وقالت: «لو كان أبي حيا لهجاكم أيها المتشددون»، بطبيعة الحال لم يكن المجال مناسبا للجدل خاصة أنها مكلومة ومفجوعة بموت أبيها، وإلا لأخبرتها أن هؤلاء المتشددين الذين حشرتني معهم في صولة غضب وحزن يعتبرون ان المسجد المركزي مسجد ضرار فلا يجيزون الصلاة معنا ولا خلف أئمتنا. ولهذا طبقوا علينا مطلع الآية «إن الذين اتخذوا مسجدا ضرارا..» وآخر الآية طبقوها عليهم «..لمسجد أسس على التقوى أحق أن تقوم فيه..»، فأنشأوا مسجدهم على بعد أمتار من «مركز الضرار»!
        كان الله في عون الذي ينهشه المتشددون من جهة، ويطعنه المتحررون من الجهة الأخرى، فهو منفلت في عين ومتشدد عند العين الأخرى، وأظن أن تهمة الانفلات والتشدد في آن واحد عبارة عن شهادة حسن سيرة وسلوك ووسطية.
        في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
        أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
        وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

        Comment


        • #5
          رد: مقالات كتبت بنزار قباني

          "عروبة نزار قباني" يحكيها كتاب

          دمشق : صدر مؤخرا كتاب «عروبة نزار قباني» لمؤلفه أحمد الخوص وهناء برهان، كتاب ثمين بتحليلاته ونقاشه لآثار نزار قباني الشعرية ودخوله في حياة هذا الشاعر المليئة بالمواقف والجروح والتحديات.
          في القسم المخصص لعروبة نزار قباني، يعترف مؤلفا الكتاب ، وفقاً لجريدة "تشرين" السورية ، بأن نظرة غير صحيحة كانت موجودة عندهما لنزار قباني وشعره«كنت كلما اقتربت من مواجهة مكتبة فيها ديوان لنزار قباني ابتعدت عن هذه المواجهة، وإذا ما رأيت شخصاً يقرأ لنزار قباني في أحد دواوينه نصحته أن يترك الديوان، لأن نزاراً شاعر المرأة المترفة والمدللة التي تروي نزواته..»
          وتتغير تلك النظرة لشعر نزار مع معرفتنا بقصيدته«خبز وحشيش وقمر»التي أثارت مجلس النواب السوري فحكم عليها أحكاماً جائرة، والقصيدة في مضمونها نقد لاذع للأوضاع السائدة في الوطن العربي من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه يقول فيها: ‏
          ما الذي عند السماء؟ ‏
          لكسالى ضعفاء ‏
          يستحيلون إلى موتى إذا عاش القمر ‏
          ويهزون قبور الأولياء.. ‏
          وعندما حلت نكسة حزيران عام«1967»حزن نزار قباني على ما أصاب أمته من هزيمة وذل ومهانة، واعترف أول مرة أنه تحول من شاعر حب وحنين إلى شاعر يكتب بالسكين حيث قال: ‏
          ياوطني الحزين ‏
          حولتني بلحظة ‏
          من شاعر يكتب شعر الحب والحنين ‏
          لشاعر يكتب بالسكين ‏
          ويتحدث الكتاب في قسمه هذا حسبما ذكرت "تشرين" عن عشق نزار وحبه لكل ذرة من تراب الوطن العربي، وأول ما يذكر في هذا المضمار حبه للشام مسقط رأسه التي عاش في أحضانها بين ياسمينها وفلها ووردها الجوري، في دمشق الخالدة أقدم مدن العالم وأقدرها على البقاء. يقول نزار: ‏
          هل واحد من بينكم ‏
          يعرف أين الشام؟ ‏
          هل واحد من بينكم ‏
          أدمن سكنى الشام؟ ‏
          رواه ماء الشام ‏
          تأكدوا ياسادتي ‏
          لن تجدوا في كل أسواق الورود، وردة كالشام ‏
          وفي دكاكين الحلى جميعها ‏
          لؤلؤة كالشام.... ‏
          وأيضاً يشارك نزار قباني العرب في مصر وهم يصدون عدواناً غاشماً يريد أن يذل شعباً يعتز بعروبته، ويسير قدماً من نصر إلى نصر من خلال قصيدة تتضمن أربع رسائل من جندي في بور سعيد إلى والده. ‏
          وينتقل الشاعر إلى بلد المليون شهيد إلى الجزائر الأبية ليسجل انتصاراً آخر في شخص امرأة مناضلة تحدت جبروت المستعمر الفرنسي الغاصب، ونالت من كبريائه حين لم تأبه للتعذيب والقهر اللذين أنزلا بها، فيقدم لنا هوية هذه البطلة ويصف شجاعتها.. ‏
          امرأة دوخت الشمس ‏
          جرحت أبعاد الأبعاد ‏
          ثائرة من جبل الأطلس.. ‏
          وفي مكان آخر يتحدث الكتاب عن موت الرئيس جمال عبد الناصر الذي هز الشاعر هزاً عميقاً. ‏
          فبعد الناصر كان أمل الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج.. يناديه نزار: ‏
          رفيق صلاح الدين.. هل لك عودة ‏
          فإن جيوش الروم تنهى وتأمر.. ‏
          وها هو يمجد حرب تشرين التحريرية ويعتبر أن يوم السادس من تشرين يوم الانتصار العربي في عصرنا الحديث على قوى الاستعمار والصهيونية. يضم الكتاب 24 قسماً البداية التعريف بنزار قباني ابن دمشق مروراً بوطنية نزار قباني ومفهوم الحرية عنده إلى نزار شاعر الحب والمرأة و«نزار قباني شاعر ثوري»...الخ.
          عن محيط
          في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
          أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
          وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

          Comment


          • #6
            رد: مقالات كتبت بنزار قباني

            منحني نزار خصوصية في الصداقة ووحدة الروح

            حاوره - محمد باوزير
            هي مقالة مضمخة بالحب لم يرد بخلد كاتبها ان تنتي بمهرجان من الوفاء، حملت المقالة الصدق والعفوية وعذوبة الكلمات وأنتهى هذا الفصل بعقد صفقة من الحب بينهما استمرت الى ان رحل احدهما الى الدار الآخرة فبقي الآخر يحاول ان يطفي حزنه ويبر بهذه العلاقة الجميلة فاخرج كتاباً محضه سيل من الحب انهمر بين ثنايا الكتاب.
            هذه قصة كتاب «نزار قباني.. آخر سيوف الأمويين الذهبية» للكاتب الكبير الأستاذ عبدالله الجفري.
            اذاً فالكتاب كان موضوعه رؤية انسانية عن شاعر العصر نزار قباني الذي استوقف بقصائده أفئدة الملايين على مدى خمسين عاماً، اما الكاتب فهو من القلائل الذين انصاع لهم البيان سلساً عذباً متدفقاً عبر ما تقدمه انامله الماهرة في صناعة النص الأدبي، ذلك لكونه يتعامل مع الكلمة تعامل الصائغ البارع ليخرج احدى نفائسه، هذا هو عبدالله الجفري الذي يأبى الا ان يكون حاضراً في اي كرنفال للحب ليكون شمعة تضيء شعاع الوفاء وسوسنة تذكي فضاء الآخرين بأريجها الفواح.
            ثقافة الخميس مشاركة الجفري هذا الوفاء وهذا النبل واستمعت اليه وهو ينهمر حباً وذكرى عن الشاعر/ العصر نزار قباني.
            ٭ على الرغم من تنوع الأسماء الشعرية في عالمنا العربي، تأبى ذائقة «أبي وجدي» الا ان تختار الشاعر الكبير نزار قباني.. ما مرد هذا الاختيار الذي اراه - في نظري - موفقاً؟!
            - كنت دائم الترحال وراء قصائد نزار ومعها، فقد كان «كمنارة البحر» - حسب وصفه، وأعجبني فيه انه كان دائماً: «يرفض ان يكون شاعراً سرياً، يكتب قصائده بالشفرة او بالحبر السري»!!
            وزدت التصاقا بشعره بعد ان خرج من مخدع المرأة الذي ظن الكثير من نقاده انه لن يخرج منه، ودخل مخدع السياسة وهموم وطنه العربي.. فلما كتبت مرة عنه في عمودي الذي كان على الصفحة الأخيرة من صحيفة (الحياة) قبل اقلمتها: فوجئت برسالة دافئة منه، رددت عليها فوراً.. فأسعدني انه استمر يواصلني برسائله، حتى اسقطه المرض على مستشفى سرير العناية المركزة، وهرعت الى زيارته وهو يفوق من اغماءته، وتعمقت بيننا وشيجة الصداقة، وفرحت ان هذا الكبير الجميل كان يتابعني في كل ما اكتب، ودلت رسائله الي.. فكان لابد ان اسجل في (كتاب) ملامح وأبعاد وعمق هذه الصداقة القصيرة.. كأني - بهذا الكتاب - كنت الدمعة الأولى من عيون محبي وعشاق شعره على مرضه ثم على رحيله.. وكأن هذه الدمعة التي تشكل منها كتابي عن نزار: تمثل ساقية العشق، وذاكرة العصر الذي شكله نزار بشعره.
            ٭ انت احد الذين حفل بهم الشاعر الكبير نزار قباني، فكانت تسكنه مقالاتك، ويرويه صوتك، وينتشي لمقدمك.. ترى ما اسباب هذه الحميمية بين شاعر وناثر، كان لكل منهما صداه الكبير في عالمنا العربي؟!
            - لابد ان تجد هذه الحميمية في كلمات رسائله التي كان يودعها «فاكسي»، وقد نثرها على سياج قراءاتي: باقات ياسمين مازالت تضمخ كلماتي.. فيكفيني انه منحني هذه الخصوصية في احدى رسائله الي، قائلا:
            - «ما تختاره انت للنشر، اختاره انا.. فبيني وبينك ميثاق حب وشعر اهم من ميثاق الأمم المتحدة، وشريعة حقوق الإنسان، وملفات جامعة الدول العربية».
            - وقد بذر السعادة في نفسي يوم كتب لي: «كم انا سعيد بولادتي الثانية على يديك.. وكم انا سعيد ان تكون طبيبي، وشاهدي، وعرابي.. وكم انا سعيد ان اترعرع على حليب حنانك - الكامل الدسم»!
            فمن الذي منحه «نزار» هذه الخصوصية في الصداقة، ووحدة الروح؟!
            اما اسباب هذه الحميمية بين شاعر وناثر، فأحسب انها تكمن في توحد المعاني التي تتبلور صوتاً يتفوق على الصدى.. فما وراء الشعر هو قدرة الإبداع على الخلق الفني، وما وراء النثر هو الاحتفال بالعلاقة بين الكاتب وواقعه، والكاتب وإذكاء وجدانه.. وتجمعنا معاً هذه التساؤلات التي تلزمنا بالوقوف امامها لاجتلاء اجوبتها وأبعادها!
            ٭ وأنت من القلائل الذين علق بهم نزار: قلماً وإنساناً.. كيف رأيت نزاراً من الداخل.. نزار الإنسان.. نزار المواطن العربي.. نزار الذي يعيش على الحب.. قلي بالله عليك كيف وجدته؟!
            - نزار الإنسان: كان صديق الوردة في زمن يتباهى الناس بقطف الورود، بل ودعسها، وفي زمن تسحق الدبابات الحقول وتقلع اشجارها.
            ونزار المواطن العربي: يكفيه انه صور عمق ألمه، يوم كتب:
            - انا يا صديقة متعب بعروبتي
            فهل العروبة: لعنة وعقاب؟
            امشي على ورق الخريطة خائفاً
            فعلى الخريطة.. كلنا اغراب!!
            ونزار الذي يعيش على الحب: مارس عشقه حتى الجنون، متفوقاً على «عمر بن ابي ربيعة».. فكانت القصيدة عنده: امرأة، والمرأة: قصيدة ووطن!
            ٭ حفل كتابك: «نزار قباني.. آخر سيوف الأمويين الذهبية» بأكثر من مقدمة، شاركت المؤلف حب الشاعر.. بماذا تفسر هذا المهرجان من الحب والوفاء؟!
            - ان المحتفى به في الكتاب: شاعر شكل عصراً يعنون باسمه، ولم تكن عدة مقدمات، ولكن افتتاح الكتاب: حرصت ان يتوجه بكلماته وقلمه الناقد العربي الكبير د. محمد يوسف نجم، وهو من اعز اصدقاء الشاعر، وحرصت ان استضيف: نشيد د. فؤاد عزب عن صديقه، وقد تعارفنا مع الشاعر في فترة تكاد تكون واحدة، ولأن «فؤاد عزب» لا يقل عشقاً عني لنزار.. وكان لابد ان اوحد بين كتابي وكتاب صديقي العزيز عرفان نظام الدين الذي سبقني الى الكتابة عنه، وهو من اصطحبني في لندن الى زيارة الشاعر في المستشفى ثم في بيته.. فكانت هذه الكلمات التي اعتبرتها (مقدمات) ترسيخ لمكانة الشاعر وتعبير عن توحدي مع هؤلاء الذين احبوه.
            ٭ من «طفولة نهد» الى «تنويعات نزارية على مقام العشق».. كيف تنظر الى هذا الثراء الشعري الذي شارك في تنميق صورة الشعر العربي الحديث؟!
            - لقد اطلقت على نزار قباني صفة: (الشاعر - العصر)، فهو الذي ابتدأ عصراً نزارياً، وبموته: انطوى هذا العصر الجميل الذي تشكل مدرسة شعرية فريدة.. وبهذه (الشعرية) في قصائد نزار: جسد حب الجمال، وحب الوطن، وحب المبادئ، وحب الحق.. وهذا (الحب) كان هو لغة نزار قباني الشاعرية التي تفوقت على اضادها ومناوئيها.
            ٭ لماذا تتحول كلمات بعض النقاد الى خناجر مسمومة تريق تجربة نزار الشعرية، وهو الذي يغرد للعصافير، ويسقي الياسمين من نشيده الشعري.. لماذا هذا الغل من اقلام الصبار؟!
            - بكل اسف.. افتقدنا في عصرنا الرمادي هذا: الناقد الموضوعي الذي يرتكز على دراسة ادبية فنية، وصار اكثر النقاد - يدعون النقد، ويرتبطون «بشللية» مقيتة، فلدينا اليوم: نقاد الحداثة، والكثير منهم ينظر الى المنتج الأدبي بنظرة (الشلة)، فإذا لم يكن: حداثيا، وان لم يكن يطبل ويزمر للناقد، فهو من الكتاب المهمشين الذين يكتبون كلاماً فارغاً!
            إنهم هؤلاء الذين يمارسون: (الترشيح الفسيولوجي فينتهون به الى: قتل العطر والوردة، وكأن الثقافة لا تحتمل الكلام المرسل الرائق والجميل) كما قال الكاتب المتوهج الأستاذ نجيب الزامل!!
            وهذا الميل الخاص: كان سبباً مباشراً في غياب النقاد الموضوعيين، وبالتالي: افتقد الكتاب الطليعة من الشباب الى من يضع كتاباتهم تحت مجهر النقد الموضوعي، فلو كان يكتب بطريقة الحداثة: رفعوه ونفخوه وجعلوا منه الأروع!
            وهكذا يسقط النقد المعاصر في هذه اللغة القاسية، الفقيرة الى الحيادية والموضوعية، تتعرى شخصانياً ولا يهمها العمل اذا جاء من غير الشلة، وتدخل في هذه المشاعر السوداء: شهوة الانتقام من الناجحين، وهو الانتقام الذي يخلف في صدر وعقل صاحبه احتقار حزن من شتمه الناقد على تفشي مثل هذه العقول والنفوس!
            ٭ عاش الشاعر نزار قباني سنوات طويلة بعيداً عن خيمتنا العربية، على الرغم من ولهه بها وعشقه لها، وغنى لها في غربته صباح مساء وضع لها مع كل قصيدة قوس قزح.. فلماذا يموت هذا الشاعر العصر بعيداً عن خيمته، وعن ليلى، وعن الخزامى والشيح وطائر القطا.. يموت هناك في بلاد الفرنجة؟!
            - اجيبك بفقرة من رسالة كتبها الي الجميل نزار، تتضمن ابلغ رد على سؤالك، فقال فيها:
            - «اما قبيلتي فلا ازال احبها، وأحن الى عيون عفراء، وكحل عفراء، وخلاخيل الفضة في قدميها، ولكن.. ماذا افعل اذا كان ابو عفراء لا يحبني ولا يحب شعري، ولا يريدني صهراً له؟!
            ماذا افعل اذا كان اعمامي وأخوالي: طردوني من خيامهم حتى اضطررت الى نصب خيمتي في حديقة (هايدبارك) في لندن؟!
            ماذا افعل اذا كان عمي (ابو عفراء) يرفض تغزلي بابنته، ويحرض كلاب الحي على عضي، ويصرخ بي كلما اقتربت من باب خيمته: (امض قيس.. امضي/ هل ترى جئت تطلب ناراً، أم ترى جئت تشعل البيت ناراً»؟!!
            ٭ يعج عالمنا العربي بالأصوات الشعرية، متعددة الجودة والرداءة، حتى اضحى لكل مواطن عربي: شاعر!!
            الا تجد منهم شاعراً يحمل راية نزار، وصوت نزار، وجرأة نزار، وقلب نزار؟!
            - لا يمكن ان نغمط حق وإبداع اسماء فرضت ابداعها الشعري على الساحة في ارجاء الوطن العربي، وعلى رأسهم - في تقييمي - الشاعر المصري، فاروق جويده، ولدينا: الشاعر الكبير، غازي القصيبي، والشاعر الرائد، محمد الفهد العيسى، وشاعر الصهيل الحزين، عبدالعزيز خوجه!
            والتقييم يخضع لمن يتوغل في اعماق القارئ العربي، ولمن يشاركه معاناته وهمومه.. فأين الشاعر الذي يقف على حفافي روحه و.. يعترف؟!
            ٭ هب - يا ابا وجدي - ان ابا هدباء بيننا اليوم في عالم الجرح العربي، وعصر الانكسارات العربية.. فيفجع من هولاكو وجحافله وهم يقضمون اعذاق نخيل العراق ويرتشفون من فراته، ويصنعون من كرومه نخب انتصارهم.. ماذا سيكون حاله؟!
            - سيواصل صراخه ضد الطغاة والاستعماريين والقتلة، ولكنه سيموت مكرراً وبأسرع ما يمكن، فإن الذي تحمله في حياته كان كافياً ليسقط - فجأة - في اغماءة طويلة، ثم يفيق منها لشهور سريعة، ما يلبث بعدها ان يموت!
            - كتب لي ذات يوم يقول: «اطالبك ان تبدأ في سداد فاتورة الزمان بدلاً عني، فأنت وأنا: زهرتا حب قطفتا ووضعتا على قبر قصة عشق احتضرت في موت العالم اليوم بالحقد، وبالأطماع، وبالحروب.. دعني - اذن - اسميك (المجنون)، لعلك تنجو من عقل عالم اليوم»!!
            وهو الذي قال شعراً:
            - «وإذا قسوت على العروبة مرة
            فلقد تضيق بكحلها: الأهداب»!
            هذا هو «نزار» الذي كتبت عنه اقول: إنه شاعر الدهشة والجنون الحزين، يعايش زحام عصره، ورخام بشره!!.
            في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
            أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
            وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

            Comment


            • #7
              رد: مقالات كتبت بنزار قباني

              الأديب عبدالله الجفري يقدم أوراق اعتماد محبته للشاعر نزار قباني في بيروت

              ثلاثة تقاسموا منبر نقابة الصحافة اللبنانية في احتفالية توقيع كتاب الصحافي والكاتب عبد الله الجفري (نزار قباني.. آخر سيوف الأمويين الذهبية ) الصادر حديثا في بيروت.
              نقيب الصحافة اللبنانية محمد البعلبكي الذي قام كعادته بمهمة عريف الاحتفال، وسفير خادم الحرمين الشريفين في بيروت الشاعر الدكتور عبد العزيز محيي الدين الخوجة، والى جانبه جلس الأستاذ عبد الله الجفري ككتلة من الدماثة. هذا الكاتب الصحافي الذي يعتبر من العلامات البارزة في مدرسة الأساليب الصحافية العربية. ولا يمكنني، قبل الكتابة عن الاحتفال والكتاب معاً وسوياً، كما أبناء جيلي من قراء الزميلة «الحياة» سوى الاعتراف بأن الجفري قلب موازين الأمور بالنسبة لنا رأسا على عقب. وبتنا منذ اعتدنا على قراءته نقرأ الجريدة من الجهة اليمين
              في الصفحة الأخيرة، أي من مقالة أبو وجدي تحديدا. التي كانت تعطينا لمسة أدبية ساحرة بلغتها البديعة. الى ملامح الاطمئنان منها على الحياة خالية من نكد السياسة وأخبارها التي تملأ صفحات الجرائد على جاري العادة.
              اليوم عندما شاهدت عبد الله الجفري للمرة الأولى وجدته كما توقعته، محباً خلوقاً دمث المعشر. بنظرة من عينيه عالية الرقي وبلسان شديد الدماثة. هذا الكاتب الذي أشاهده للمرة الأولى لم يكن على غير ما توقعت، أنا الذي ذهبت الى الاحتفال وفي ذهني زاويته اليومية التي كنت أقرأها طوال سنوات. ملامح كتابته تدل عليه من بعيد. وكتابه الذي هو بحسب نقيب الصحافة اللبنانية «شهادة دامغة على مكانة نزار قباني في دنيا القريض» كما أنه أيضاً نسخة من أوراق قليلة. ولكنها «تعيدنا الى الأيام المليئة بالحب والعتب والزهد والوجع». وعبد الله الجفري لا هو من الكتاب المتشوفين، ولا هو ممن أصابهم مس الشهرة، ولا هو كذلك مملوكاً لطبائع الكثير من مثقفي هذا الزمان المدعي النخبوية وهي أكثر ما تكون بعيدة عن سلوكهم. فقبل أي شيء آخر فإن المثقف سلوكي على مايقول جان بول سارتر. والجفري من هذه الطبقة من المثقفين السلوكيين. فهو شخص متواضع ممتلئ بالحب كما كان عموده اليومي الذي كنت من المدمنين عليه يوميا ولفترة طويلة، ومازلت أذكر حين توقف عن الكتابة في «الحياة» أني بحثت عن عنوان له لأكتب رسالة تعبر عن مدى غضبي وحنقي من توقفه. ولكني كما عادة البشر نسيت وبردت همتي وخف حماسي تجاه الموضوع معتقداً أن الرجل ربما قرر أن يريح نفسه من توزيع الابتسامات على قراءه المجهولين يومياً ومن توزيع محبته على أصدقائه المعروفين جداً. ولكنه لشدة أمانته، عاد هذه المرة وبين يديه محبته الوفية لأحد عمالقة الشعر العربي في القرن العشرين صديقه نزار قباني. كتاب واحد، لكن الحب الذي بين صفحاته لا يسعه العالم.
              «أن تتحدث عن كاتب وأديب أو شاعر أمر بغاية الصعوبة، فكيف إذا كان هذا الكاتب بقامة الأستاذ عبد الله الجفري، فالصعوبة مضاعفة، وحسبي في كلمتي المتواضعة هذه أن ألقي الضوء على بعض جوانب موهبته الفذة.
              لقد عرفت الأستاذ عبد الله وواكبت كتاباته منذ البدايات، وأعترف أمامكم اليوم أن أدبه متعب، لأنه يحمل المسؤولية ويصيب بالإدمان، وتشعر أنك ترتكب خطيئة إذا لا تقرأه. تغلغل فينا كالجدول الذي ينساب في الحقول، فروى بدون ضوضاء وتابع مسيرته فأزهرت خلفه العقول وتفتحت أجمل الأفكار.
              الأستاذ عبد الله لا يتكلف في أسلوبه، بل يغمس ريشته بمداد القلب، فتأتي كتاباته واقعية، مفعمة بالحياة، وتزداد رونقاً بتناوله أهم المواضيع الاجتماعية والثقافية والأدبية بشكل مباشر ودون مواربة، وهو من الرواد في هذا المضمار الذين طبعوا مرحلة معينة من تاريخنا الأدبي الحديث بنهجهم واسمهم وبات يشكل علامة فارقة بين أهل القلم برومانسيته الممزوجة بالواقعية، فإذا تكلم عن الحب، فهو عاشق مدمن، وإذا تناول المشكلات الاجتماعية، فهو باحث اجتماعي من الطراز الأول.
              ولا يمكنك أن تتكلم عن عبد الله الجفري دون التوقف عند الصفة الشمولية التي يتمتع بها وسعة العلم والمعرفة التي تضج بها كتاباته، فهو الأديب والروائي والصحافي بامتياز، وتشعر وأن تقرأه أن جملته تحمل قليلا من كل هؤلاء، وليس هذا بالأمر اليسير.
              هذا بعض قليل من عبد الله الجفري، الذي نعتز وتعتز به بلاد العرب، ولا أكون منصفاً، ولن أكون، إذا لم أتكلم عن طيب أخلاقه ورقة نسمته، وعلو خصاله وشمائله، ولو أني أعرف أنني سأجرح تواضعه، ولكن هذا من حقه علينا.
              اليوم، نحتفل معا بولادة فرد جديد في عائلة عبد الله الجفري، كتاب كبير بموضوعه، وبشاعره نزار الذي ملأ الدنيا وشغل الناس. فهنيئاً للأستاذ عبد الله وهنيئا لنا وللمكتبة العربية».
              هكذا قدم سفير خادم الحرمين الشريفين القادم كذلك من عمق الشعر الى الديبلوماسية، والجامع بينهما أبدياً بعقد زواج نهائي لا رجعة عنه. وهو حين أشار في مديحه الى الجفري لم ينتبه الجميع ربما الى أن الجفري كاد أن يغرق في هندامه من كثرة الخجل. وهذا ليس مستغرباً، فأنا أشاهده للمرة الأولى في حياتي وأتلقى هذا الانطباع الذي نادراً ما نجده عند الكثيرين من المثقفين.
              أما الأستاذ عبد الله الجفري، الذي قدم كتابه قبل كلمته الى العلن. فإنه قدم كلمته الموسومة بعنوان جميل هو (ذكرى رحيل الشاعر/ العصر؟!) التي قال فيها:
              «في ذكرى رحيل الشاعر/ العصر: نزار قباني ومرور سبعة أعوام على خفوت صوته الشعري في دنيانا.. استرجعت بعض الأصداء من لقائي الأخيرين به قبل وفاته بشهور قليلة، وبصوته الضعيف الذي أوهنه المرض، قال لي يومها: (مهما يلاقي الشاعر - حياً - من نفي وظلم النظام السياسي له، فلابد أن يعوضه شعبه / قراؤه وهو ميت)!!
              وأتواجد اليوم في بيروت / محبوبته، لأتشرف بدفء هذا الحضور الكريم، أقدم أوراق اعتماد محبتي لهذا الشاعر من خلال كتابي: (نزار قباني آخر سيوف الأمويين الذهبية)، من منشورات دار النور، ومن طباعة دار صادر، متشرفاً
              بالتحية / المقدمة التي أهديت إلي من الناقد الكبير الصديق الشاعر الراحل د. محمد يوسف نجم... وأنا أسترجع أصداء الشجن بصوت نزار:
              لم يعد في العمر ما يكفي لأبقى ساهراً
              أشعل الشمع بأعماق العيون الفاطمية
              إنني آخر نافورة ماء تتهجى اللغة الأندلسية
              وأنا آخر سيف ذهبي في الفتوح الأموية.
              كان نزار قباني، داعية جمال، وصانع خزف، وبستانياً يسقي أشجار الياسمين وأغصان الزيتون.
              كان (مشغولاً بالفيروز، وبالصفصافة التي تغسل ضفائرها بمياه عين الفيجة)!
              كان نزار يمثل، فسيفساء الشعر العربي الحديث.. ويستضيء بأقمار الجمال، كلمات تزهر عشقاً حتى يكتبها شعراً.
              لقد سميته (الشاعر العصر) ذلك أن عصراً ابتدأ بميلاد نزار الشاعر، وعصرا جديداً ابتدأ بموت الشاعر نزار.
              ولكن.. إذا مات الشاعر جسداً وفماً، فمن يدافع عن شخصه وصوته بعد موته؟!
              ونعرف أن (إبداع) الشاعر في شعره المتميز، كفيل بالدفاع عن (تميز) الشعر، وتتويجه على قمة الشعر الحديث المعاصر، وكفيل بدحض أية شوائب يحاول المناوئون للشعر أن يلصقوها بشعره.. فهو القائل (أنا خاتم من صياغة دمشق... نسيج لغوي من حياكة أنوالها... صوت شعري خرج من حنجرتها... رسالة حب مكتوبة بخط يدها).
              ومن حق أي ناقد أن ينتقد شعر نزار قباني وحتى مدرسته الشعرية.. ومن حقه أن يقول، إن أعظم الشعراء المبدعين، تعرض شعرهم وإبداعهم للنقد بعد موتهم، منذ المتنبي وحتى أحمد شوقي، ولكن... لو كان النقد ينصب على النص، او العمل الإبداعي بتحليل موضوعي.. فهذا حق للأجيال كلها، ورسالة الناقد المتجردة من الشخصانية.!
              لقد طفرت دمعة من عيني، وقد استيقظ انتباهي على صوتي يهمس، يا أيها الحب الجميل.. كيف مت؟!!
              كأن هذا الكرسي الهزاز الذي كان يجلس داخله في بيته في لندن، وحده صار يعبر اليوم في تطويحه عن واقع الشعر العربي المعاصر المتطوح... فهل نواصل الرثاء.
              وهل تسمحون لي أن أبكي الآن نزاراً من جديد؟!!
              أتخيل كرسيه مازال في وسط الغرفة المستطيلة الصغيرة تلك. تكبر وتكبر، فتتحول الى صالون ملوكي، الى إيوان، الى طريق بامتداد الدنيا حتى قبر نزار قباني.. الى بيت شعر نزاري لا يموت.. لا يخف صداه.
              الى أين يذهب موتى الوطن؟!
              أي موت هذا الذي لا يميت الإنسان، بل يزيده حياة وصداحاً؟!
              أي حياة هذه التي يتفوق فيه الموتى على الأحياء.. ويتفوق عليها الموت. يحيا؟!
              حقا... كلما تتقدم بنا الحياة الى النسيان، يستعصي نزار على هذا التقدم.. التقدم الوحيد الذي استعصى عليه نزار، هو الذي كانت دعوته الأولى بمشعل التقدم!
              فكيف نجرؤ على نسيان كل هذه الذاكرة العظيمة للحب.. وهل ننسى الحب من بعده؟!
              إذا حاول واقعنا إرغامنا على نسيان الحب... فقصائد نزار تبقى هي، قلب الحب الخفاق النابض أبداً.
              وبعد...
              فإني أتوجه بشكر خاص لنقابة الصحافيين اللبنانيين ونقيبها الأستاذ محمد البعلبكي على استضافته هذا الحفل... وأتوجه بحب خاص الى سعادة السفير د. عبد العزيز خوجه. شاعر بطحاء مكة المكرمة، من أسميته، شاعر الصهيل الحزين. الذي تفضل بوازع من محبته الأخوية ومن تقديره وتشجيعه لتطوير الحركة الثقافية في المملكة، فرعى هذا الاحتفال الذي شرفت فيه بمشاركة رموز ونجوم الثقافة والأدب في لبنان، مثمناً حضورهم وشاكراً لهم تلبية الدعوة.
              وأخص بالشكر أيضاً الزميل العزيز الصديق الأستاذ تركي عبدالله السديري رئيس اتحاد الخليجيين للصحافة، ورئيس هيئة الصحافيين السعوديين ورئيس تحرير صحيفة «الرياض» الذي حرص على الوقوف بجانبي، مقدراً له هذه اللفتة، ومقدراً أيضا لفتة الزميل العزيز الأستاذ علي محمد الحسون رئيس تحرير صحيفة البلاد بحضوره.
              ولكم جميعا الشكر».
              انتهى عبد الله الجفري من تقديم كتابه وشاعره الى الجميع، وأثناء ذلك لم ينس أن يكون هو هو، ناثر حب على جميع من رآهم.
              عن جريدة الرياض
              في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
              أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
              وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

              Comment


              • #8
                رد: مقالات كتبت بنزار قباني

                قاسم حداد : نزار قباني

                قاسم حداد
                (1)
                تعرف أنك ستموت، لكن حين يحدث ذلك يكون مفاجئا ، ولحسن الحظ إنك ساعتها لا تكون موجودا . وحين يحدث ذلك، خصوصا ، لشخص تحبه، يكون الحدث بمثابة الصاعقة، لكونك موجودا خارج الحدث، ومتلقيا هشا له. لذلك أشعر بأن الموت هو قدر غير عادل، خصوصا إذا وقع على الشعراء. يمكننا تفهم الموت حين يحدث للبشر العاديين، لكن أن ينال شاعرا ، فهذا ضرب من العبث الذي يتوجب ... عدم تأمله. وفي هذا ما يدفعنا إلى الشك في ما يقال عن خلود الشعراء، فماذا يعني أن يبقى الشعر ويموت الشاعر؟ ثم ، لماذا يبدو الشاعر قويا أمام كل شيئ فيما عدا الموت؟ لماذا يكون الموت بابا يمر فيه الجميع، أليست هناك استثناءات يخص بها الله مخلوقاته من الشعراء ؟ ثم، ماذا يعني الشاعر قبل الموت وبعده؟
                تنتابني مثل هذه الأسئلة كلما فقدت شاعرا . أي شاعر في العالم, كأنهم أ صدقائي أو جيراني الذين أتبادل معهم التحية كل صباح لكي يكتمل وجودي في العالم. وعندما يكون الشاعر قريبا إلى درجة نزار قباني فإن التأمل المقلق سيبلغ مداه وتطرفه ساعتها أتذكر فيلسوفا قال ذات مرة أنه ؛ليس من الحكمة التأمل في الموت, بل في الحياة وكأن في مقدورنا حقا تمييز الحدود (في كياننا) بين الموت و الحياة دعونا إذن لا نعترف بموت الشاعر
                (2)
                أعرف أنه كان يجتاز مرحلته الحرجة بعد الذبحة الأخيرة. (لماذا سماها الناس ذبحة لولا كونها إشارة إلى قتل). ترى هل أستطيع أن أسمي موت الشاعر قتلا ؟ أقول كنت أعرف أنه يجتاز ذبحته بصعوبة المقاتل. لكنني عندما سمعت الخبر ارتبكت لدرجة أنني أوشكت على التدهور في الضحك كمن لا يريد أن يقبل الفكرة. و أقسى ما في الأمر أن الذي نقل لي الخبر كان قد اتصل لكي يأخذ مني كلمة (بهذه المناسبة)، وكأن موت شاعر مناسبة لا يجوز تفويتها لإطلاق التصريحات. لحظتها شعرت أن ثمة استهتار بالموتى والأحياء معا . لوسائل الإعلام أسلوبها الفذ في التنكيل بنا، لكنني وجدت في ذلك الأسلوب (إحتفاءا ) مبالغا فيه بشاعر يموت توآ
                وضعت سماعة الهاتف ووقعت في حزن كثيف سلب مني القدرة على الكلام طوال اليوم كأن حدثا غامضا عجزت عن تفسيره حدث لي. اليوم الأول كان يوم الحزن. وفي صباح اليوم الثاني بدأ شعور بالوحشة يسيطر علي ، كمن يكتشف فراغآ هائلا في الكون، فثمة شاعر محدد قد غاب عن الحياة. شاعر خاص لم يعد موجودا معي. شعور الوحشة هذا يجعل من الحياة قاصرة عن إقناعنا بأن لا فرق بين الشاعر وغيره من البشر فأنت تشعر بالوحشة عندما تفقد صديقا أو قريبا ، لكن حين تفقد شاعرا فإن المسألة تتجاوز الشخص لتنال الكيان كله. الشاعر هو الطبيعة التي تضفي على الحياة إنسانيتها وأسطوريتها في آن واحد. وأسطورية نزار قباني لا تكمن في شعره ولكنها تتجلى في قدرته على الحضور المتناهي في البساطة المستحيلة، تلك البساطة التي لا يفسرها شيئ سوى كائن شعري مثل نزار قباني شخصيا
                (3)
                لن أزيده مجدا إذا قلت أنه علمني الدرس الأول في الشعر، لكنها حقيقة تعنيني بدرجة أشعر بحيوتها في تجربتي، وأدرك وحدي خطورتها في تكويني الشعري. وربما نلت مجدا مضاعفا إذا صرحت بها في هذا السياق الحزين. فأنا جزء صغير من جيل شاسع أخذ من نزار قباني الدرس الشعري مبكرآ . وربما كان نزار قباني قد أتاح للغة التعبير الشعري درسا في الحب لم يعرفه من قبل. وعندما كنت أنسخ كتبه وأحفظها عن ظهر قلب (مثل الملايين غيري) لم أكن أشعر بأنه درسي الأول، ربما لأن المعنى الفني يأتي لاحقا ، ويعنيني هنا المعنى الإنساني الغامض (لحظتها) ، والمتصل بشهوة الحرية المكبوتة التي كانت ستينات هذا القرن تدخرها لجيلنا، وهو يجد في البحث عن آفاق ينطلق بها بعناصر مختلفة تسعفه للتعبير عن ذاته. نزار قباني كان مكونا جوهرا لذواتنا الإنسانية، والفنية بعد تفتح وعي الذات لذاتها. فالذين وجدوا في نزار قباني شخصا يمس شغافهم العاطفية، تيسر لهم لاحقا أن يرقبوه بوله وهو يمس الشغاف الأخرى بطريقته الغير قابلة للتقليد دون فضيحة
                (4)
                أقول دون فضيحة، لكي أشير إلى الفضيحة الرائعة التي قادني إليها تقليدي المبكر لكتابته
                ففي تجاربي الأولى كنت مقلدا لبعض نصوصه بصورة جعلتني أعلن أنني كنت قادرا على تقليد شاعر كبير مثل نزار قباني. ولم يكن ذلك دون فضيحة.
                أذكر أن الأستاذ محمود المردي (رئيس تحرير جريدة الأضواء البحرينية أوائل الستينات) كان يقرأ كل المحاولات الشعرية التي ترد إلى الجريدة آنذاك ويرد عليها شخصيا في باب القراء. أذكر أنه كتب لي ذات مرة جوابا على (قصيدة) أرسلتها للجريدة قائلا : ؛ إن هذه القصيدة صورة مهزوزة من نزار قباني«. يومها اعتبرت تلك الفضيحة شهادة اعتراف بأنني يمكن أن أفشل في تقليد نزار قباني، لكنني أيضا بدأت أكتشف كيف يمكن أصنع من هذا الفشل وتلك الفضيحة الرائعة مستقبلا جديرا بالمحاولة. أذكر هذه الحادثة الآن، لكي أشير إلى عدة أمور منها أننا كنا نتلقى الدرس الشعري على أيدي شعراء كبار ونعترف بفشلنا في تقليدهم. ومنها أيضا أن ذلك الإعتراف كان (معترفا به) من قبل رؤساء تحرير يتحملون مسؤلية الجانب الثقافي والأدبي في صحفهم، بصورة تدفعهم إلى قراءة تلك المحاولات والرد عليها بصراحة وصرامة تكبحان أي إدعاء فارغ يمكن أن يمارسه شخص يزعم أنه شاعر لمجرد أنه قل د شاعرا آخر. ومنها, خصوصا ، أن ما يحدث الآن في الساحة الأدبية أن الذين يكتبون محاولاتهم الأولى (وهم يقلدون الشعراء) يحصلون على الفرصة كاملة لأن يعلنوا (شعريتهم) بدون أي اعتراف بالفشل، بل وبتشجيع مريب من قبل أشخاص لا يفقهون شيئا في الأدب، لكي يختلط على الجميع (إلا قليلا ) بأن هؤلاء هم الشعراء الذين يصر ون على التعامل معهم على هذا الأساس

                (5)
                الآن, يمكن القول أن غياب شاعر مثل نزار قباني، من شأنه أن يجعلنا نتأكد من الوسائل المعتمدة في تقييم الشعر والشعراء الذين يرو جون ويرو ج لهم، فيما هم صور مهزوزة من
                عشرات الشعراء الحقيقيين، دون أن يرف لهم جفن، ودون أن يردعهم رأي رصين وصارم ولعل التكريم الحقيقي لتجربة خطيرة مثل نزار قباني هو أن يكف المقلدون عن تقليد مستمر يستغرق حياتهم كلها، وليس مجرد بواكير محاولاتهم الأولى
                الآن سوف أشعر بالحزن والوحشة بصورة مضاعفة، عندما أرقب النسخ المكررة لنزار قباني وغيره من التجارب، في ساحة واسعة من الكتابة دون الإعتراف بأن الفرق بين الموهبة وبين التقليد كبير بشكل فاجع، ويتوجب عدم المجاملة بشأنه. وإلا فإننا سوف نبالغ في التنكيل بنزار قباني إذا خلطنا بين التجليات الفنية والإبداعية لمدرسة نزار قباني ، ومئات (الصور المهزوزة) لقصائده التي يجري تداولها بوصفها تجارب شعرية متميزة
                (6)
                سوف يتضاعف الآن المعجبون بنزار قباني لكونه أصبح تجربة مكتملة الحياة والشعر فهذا شاعر لا يمكن العبور عليه دون إتخاذه درسا لنوع خاص وشخصي من الكتابة وعلينا أن نكتشف الفرق بين الأسطورة والواقع في هذه التجربة. فأحيانا تكون المبالغة في الحب ضربا من الإساءة، تماما مثل المبالغة في الموت .. لكي يبدو كما لو أنه نوع من القتل
                أعني أن ثمة من سيمارس قتلا لنزار قباني عندما يعتبره (آخر الأنبياء)، أو أنه الشاعر الذي يجب ما قبله وما بعده. لأن هذا الضرب من المديح من شأنه أن يحو ل التجربة الحية إلى تمثال من الرخام يتوجب صقله، خصوصا إذا عرفنا أن من يحاول أن يصقل القمر سوف يعمل على تكديره وتشويه طاقة الضوء فيه. ويقيني أن أجمل تكريم لشاعر يموت سوف يتجلى دائما في صورة احترام الشاعر الذي يولد
                (7)
                لماذا أذهب في هذه التداعيات بعيدا عن الرثاء المتوقع في مثل هذا الموقف؟ الحقيقة أنني لا أعرف تماما السبب المباشر لهذا النزوع، لكنني أشعر بأن ثمة أسلوب مختلف أتوق للتعبير عنه وأنا أقول عن حزني الخاص تجاه فقد فادح على هذه الشاكلة
                ربما لأنني أذهب إلى مقاومة شعور الوحشة الذي ينتابني جراء هذا الفقد. ولو أنني أطلقت لنفسي الحرية أكثر للمزيد من التداعيات، فإن لدي من البوح الكثير مما يمس صميم تجربتي الشعرية بوصفها تجربة صغيرة في مدرسة نزار قباني، ليس على الصعيد الشعري فحسب، ولكن في المجال الإنساني خصوصا . وحين أقول هذا إنما أحب أن أشير بأن الشاعر الذي لا يعترف (أمام نفسه) بالأساتذة الذين تلقى على تجاربهم دروسه الأولى سيكون أقل جدارة من المسؤولية الإبداعية التي تستدعي الوضوح أمام الذات ومن جهة أخرى فإن تلقي الخبرة وصقل الموهبة لا ينشأ من فراغ متوهم، ولكنه ينهض من حقيقة كونية مفادها أن الإبداع هو ضرب من الشبكة المتصلة بالعديد من الخبرات الفنية والإنسانية المتراكمة، هذه الخبرات التي لا تصبح هواء لقلب الشاعر وروح النص إلا بحرية الإعتراف بها وتمثلها وتقديم الشكر العظيم لها
                المصدر
                في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                Comment


                • #9
                  رد: مقالات كتبت بنزار قباني

                  مختارات هدباء قباني (إبنة نزار قباني رحمه الله)

                  كانت جدتي تدلـله باسم " نزوري " حين كان طفلا ضائعا بين أحواض الورد والخبيزة وبين عريشة الياسمين وأشجار الليمون والسفرجل ونافورة المياه الزرقاء في بيت أبويه بدمشق القديمة، وهائما مع أسراب الحمام والسنونو وقطط البيت. وعندما بلغ سن العاشرة ، لم يترك " نزار " صنعة فن لم يجربها : من الرسم إلى الخط العربي ، إلى الموسيقى، إلى أن رسا قاربه - وهو في السادسة عشرة - على شاطئ الشعر.
                  قبل أن يكون أبي كان صديقي، ومنه تعلمت أن أحكي بينما هو يستمع ، رغم ندرة استماع الرجل إلى المرأة في مجتمعنا. زان أبي مراهقتي وشبابي بشعره، لكنه - في المقابل وبصفاء نية - أفسد حياتي بشعره وبتعامله معي؛ فقد جعلني أقارن بينه وبين الرجال الذين ألقاهم ، وأتت المقارنة دائما لصالح أبي ، ورأيت أغلب الرجال طغاة.
                  كان جاري في لندن ، لكنه لم يزرني قط دون موعد مسبق. وفي نادرة ، دق بابي دون موعد ، وعندما وجد لدي صديقات اعتذر ، واستدار عائدا مؤجلا زيارته لمرة أخرى ، ولم يسبقه سوى صراخ الصديقات بأن يبقى.
                  قد يكون أهم ما أذكره عن أبي ، هو ذلك التشابه المذهل بينه وبين شعره ؛ فهو لا يلعب دورا على ورق الكتابة ، ودورا آخر على مسرح الحياة. ولا يضع ملابس العاشق حين يكتب قصائده، ثم يخلعها عند عودته إلى البيت.
                  أنقل عن " أدونيس " فقرة مما قاله عن نزار قباني :
                  " كان منذ بداياته الأكثر براعة بين معاصريه من الشعراء العرب، في الإمساك باللحظة - التي تمسك بهموم الناس وشواغلهم الضاغطة : من أكثرها بساطة، وبخاصة تلك المكبوتة والمهمشة ، إلى أكثرها إيغالا في الحلم وفي الحق بحياة أفضل. وفي هذا تأسست نواة الإعجاب به ، ذلك الإعجاب التلقائي الذي تجمع عليه الأطراف كلها.

                  ابتكر نزار قباني تقنية لغوية وكتابية خاصة ، تحتضن مفردات الحياة اليومية بتنوعها، ونضارتها ، وتشيع فيها النسم الشعري، صانعا منها قاموسا يتصالح فيه الفصيح والدارج، القديم والحديث، الشفوي والكتابي "
                  وبعد ، كم أشعر بالفخر لأن أبي هو نزار قباني، الشاعر الذي نقل الحب من الأقبية السرية إلى الهواء الطلق.
                  في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                  أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                  وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                  Comment


                  • #10
                    رد: مقالات كتبت بنزار قباني

                    تشكل الموقف النقدي في ظل الحداثة الشعرية المضادة عند نزار قباني

                    د. حبيب بوهرور
                    ناقد وباحث أكاديمي من الجزائر

                    مراجعة لآليات الهدم والتأسيس


                    تراجع الدراسة عملية بناء وتشكل الموقف وفق التجربة النقدية عند نزار قباني، من خلال مقاربة مسار نزار الشعري الذي تجنب خلاله الاشتغال ضمن مسار الأنساق الكبرى للحداثة، أي نسق الرؤيا بالمفهوم الفلسفي الميتافيزيقي، ونسق الرؤية الوصفية المبنية على طقوس الالتزام والإلزام معا. الأمر الذي جعل النقد الحداثي يصنف نزار في كثير من المناسبات خارج النسقين معا، ولهذا نقول إن قباني كان ذا أفق حداثي مضادٍ للحداثتين معا، فقد استطاع أن يؤسس مساره الحداثي المضاد وأن يورط الحداثات الأخرى ويضعها في مأزق من الجانبين الفكري و الفني معا ... .

                    لمراجعة معالم تشكل الموقف النقدي عند نزار قباني، أجد من الضروري أن أقف عند خصائص الحداثة الشعرية النزارية التي أعتقد أنها اختلفت عن الحداثة الشعرية بخلفياتها النظرية ومرجعياتها الغربية عند أدونيس ومن سار في فلكه. فما إن استقرت القصيدة العربية الحديثة على تبني قالب النظام التفعيلي في مرحلة أولى ثم قالب قصيدة النثر في مرحلة ثانية حتى ظهر اتجاهان أساسيان على المشهد الشعري العربي الحديث والمعاصر. تمثل الاتجاه الأول في ما يعرف بقصيدة الرؤيا التي تتحد مع التجربة الشعرية، والتي مثلتها جماعة شعر، أمثال أنسي الحاج، ويوسف الخال، وأدونيس، ثم جاءت تجربة محمد الماغوط في قصيدة النثر حيث أسس لمعالم كتابة أفقية تنطلق من واقع التجربة الذاتية لتتفرد بالأنموذج الشكلاني لمرحلة طويلة، أما الاتجاه الثاني فيربط بين النص/القصيدة والمرجعيات الاجتماعية والقومية والتيارات الأيديولوجية الفاعلة على الساحة، وهو الاتجاه الذي نادى بكتابة ما سماه بالقصيدة الملتزمة، وقد نشط الشعراء الملتزمون إلى غاية الثمانينات من القرن الماضي خاصة في سوريا ومصر والعراق أمثال، البياتي، وصلاح عبد الصبور، وأحمد عبد المعطي حجازي، وأمل دنقل وغيرهم.
                    وبين الاتجاه الأول الذي مثل الحداثة بمفهوماتها الرؤيوية والاتجاه الثاني الذي مثل الحداثة بآليات ثورية تقدمية، مثل نزار قباني نوعًا جديدًا من الحداثة الشعرية، يمكن أن يدرج ضمن خانة الحداثة المضادة، فإذا"كانت قصيدة الرؤيا تؤكد التجربة الفردية ذات البعد الإنساني بالمعنى الأنطولوجي للصفة، وإذا كانت قصيدة الرؤية قد ظلت تعتبر النص في خدمة المعركة شعارها المفضل، فإن نزار قباني بات يحمل صفة الشاعر المخملي الذي ينعت من طرف شعراء قصيدة الرؤيا ونقادها بأنه شاعر الجماهير الغوغاء، وينعته شعراء الالتزام بأنه شاعر البرجوازية المتخنة بالغرائز الشهوانية، والنتيجة أن نزارًا نال عداء الاتجاهين، وبات يمثل بمفرده صوتا شعريا متميزاً". من هنا أضحت حداثة نزار الشعرية حداثة لا تستمع كثيرا إلى ذلك الصخب النظري والدعوات الحداثية التي سادت في النصف الثاني من القرن الماضي، والتي كانت على علاقة مباشرة بالمنظومة الفكرية التي ظلت تشتغل ضمنها الرؤيا الحداثية من خلال العمل الدائم على تفكيك العلاقات الإنسانية داخل النصوص، وفقا للتجربة الشعرية عند الشاعر الحداثي من جهة وضمن برنامج تحطيم الأنساق السابقة وإعادة بناء أنساق جديدة من دون الخروج عن فضاء المنظومة الفكرية الحداثية ذات الروافد الإليوتية الغربية من جهة أخرى.
                    وقد عمل نزار خلال مساره الشعري على تجنب الاشتغال ضمن مسار الأنساق الكبرى للحداثة(نسق الرؤيا/نسق الرؤية) وهو ما جعل النقد الحداثي يصنف الشاعر (نزار) في كثير من المناسبات خارج النسقين معا، ولهذا نقول إن نزار كان ذا أفق حداثي مضادٍ للحداثتين معا، استطاع أن يؤسس مساره الحداثي المضاد وأن يورط الحداثات الأخرى ويضعها في مأزق وضحه الدكتور نجيب العوفي*حيث يقول :"... أعتقد أن نزار كشاعر حداثي يورط الحداثة والحداثات والحداثيين ويضع الجميع في مأزق. فعل كثرة كثيرة من الشعراء العرب على توالي العقود الزمنية الشعرية، تعاملوا مع الشعر والحداثة الشعرية بنوايا مسبقة وبمرجعيات وخلفيات مستحضرة سلفا، فكان هناك مشروع نظري وجملة مبادئ نظرية هي التي تؤهل للدخول في حمى الحداثة، ثم يجهد الشاعر نفسه من أجل أن يصوغ نصوصا على مقاس تلك المشاريع والمبادئ الأولية الموضوعة سلفا.هذا في تصوري، هو الذي أجهز على كثير من النصوص الشعرية المحسوبة على الحداثة، وخنق فيها بعض مكامن الحيوية والحرارة، وهو ما انتبه إليه نزار قباني بطريقة عفوية وتلقائية، ولكنها طريقة معززة كذلك بثقافة أدبية ولغوية وتاريخية رفيعة، فحرر تجربته الشعرية من كثير من المسوح الثقافية والأقماط المعرفية والطقوس الاستعارية والمجازية، لهذا كانت نصوص نزار الشعرية عارية وتلقائية، وتدخل في إطار ما سماه بعض النقاد بالسهل الممتنع ". لهذا كثيرا ما رفض نزار تحديد مفهوم دقيق للحداثة لأنه يعلم أن التنظير للأفق الشعري سوف يبعد مسار الشعر عن الذوق العربي العام، ويجعل من القصيدة ثرثرة أيديولوجية عقيمة، فهو لا يؤمن بالحداثة ضمن منظومة فكرية معينة وإنما يتطلع دائما نحو الحداثة الشعبية لا الحداثة النخبوية، لأن الحداثة الشعبية "يمكنها أن تخترق وتتواصل مع الناس وتصبح جزءا من الفلكلور الشعبي، مارسيل خليفة وزياد الرحباني يمثلان الحداثة التي وجدت مفتاحها الشعبي، واكتشفت المعادلة التي تجمع الخاص والعام والانتلجنسيا "الدراويش"... هذا على الصعيد الموسيقي، أما على صعيد الشعر، فإن محمود درويش و مظفر النواب يمثلان الحداثة الشعرية التي وجدت مفتاحها الشعبي.محمود درويش استطاع بموهبته الفذة أن يخترق جدار الجماهير، ويزرع الثورة الفلسطينية في كل بيت من الخليج إلى المحيط. ومظفر النواب استطاع هو الآخر أن يكتشف مفتاح الحزن العربي ويقرع أجراس الثورة والغضب في ليل المدن العربية النائمة. إذن الحق ليس على الحداثة وإنما على المحدثين، الحداثة التي تستحق اسمها تستطيع أن تضيء، أن تشعل دم الجماهير ، أن تحرضها...".
                    وأعتقد أن هذا الموقف عند نزار هو الذي جعل آلة الخطاب النقدي النخبوي الحداثي في الستينيات والسبعينيات تعمل جاهدة على إقصاء الدور الريادي الذي لعبة نزار قباني في الشعرية العربية الحداثية من منظور الانتيليجنسيا، خاصة وأن سلطة النص الشعري المتضمنة للموقف من الواقع الاجتماعي والفكري والسياسي كثيرًا ما تستمد من جملة علاقاتها بالخطاب النقدي الموجه بجملة من الروافد الفكرية والأيديولوجية المرحلية. ثم إن نزارا لم يكن يكتب - في تقديري- ضمن فضاءات الحداثة الخاضعة للإبدالات والأنساق المكرسة لواجهة الحداثة، وهذا ما ذهب إليه الدكتور حسن مخافي*حين اعتبر أن "النقد الأكاديمي يخضع في العموم لمجموعة من المعايير، فهو نقدٌ عالمٌ لأنه يستجيب للنظرية النقدية أكثر مما يستجيب لحاجيات النص. ولذلك فإننا بحاجة في العالم العربي إلى نقد تحليلي لا يبحث في تجليات المفاهيم النقدية في النص الشعري، بل عن تجليات هذا النص في المفاهيم النقدية.فإذا أعطينا الأولوية للنص وحاولنا على الأقل أن نوفق بين ما تعلمناه من مفاهيم ومناهج هي في مجملها غربية، وبين النص الشعري العربي الحديث الذي يتميز بخصوصيته المحملة بثقافة وتاريخ خاصين، فإننا لن نقصي أي شاعر عن البحث الأكاديمي، وعن النقد بصفة عامة، فاعتماد النقد العربي على المناهج والمفاهيم المتصلبة والمتخشبة جعله نقدا معياريا". ويفهم من هذا أن مواقف نزار قباني من أنساق الحداثة العربية في الستينيات والسبعينيات هي التي جعلت مثل هذا النقد المعياري الموجه يختار مواضيعه بعناية، ويقصي نزار قباني من مدار الحداثة، وقد عبر الشاعر عن هذا الصدام قائلا:"...صدامي مع الدارويش مستمر .. دراويش الأمس انقرضوا ..أما دراويش اليوم فهم يلبسون الملابس التقدمية، ويرفعون كذبا لافتات اليسار، ويستعملون تعابير الحداثة والتجاوز والواقعية الاشتراكية...هؤلاء الدراويش سينقرضون أيضا...لأنهم حركة ضد العقل وضد المدارك وضد طبيبعة الأشياء وضد أنفسهم، إنهم منعزلون تماما عن العالم الخارجي، وسابحون في منطقة انعدام التوازن ويتكلمون كأهل الكهف، لغة لا يفهمها أحد، ولأنهم محاصرون وفي حالة استلاب كامل لأن عملتهم الشعرية غير صالحة للتداول، فإنهم يطلقون النار على الشمس لأن الشمس هي فضيحتهم".
                    فإذا عدنا إلى مرحلة المد الحداثي في الشعرية العربية في الستينيات والسبعينيات ندرك أن النقد الأكاديمي قد تعامل مع التجربة النزارية الحداثية بكل تحفظ واحتراز لأن أسماء أخرى أمثال السياب وعبد الصبور، وأدونيس، و الخال و غيرهم قد طبقت توصيات النقد المنهجي والأكاديمي وخضعت لسلطته بامتياز، بالإضافة إلى أن هذا النقد ذاته قد ارتبط على مدى عقود بقناعات خطاب أيديولوجي وفكري موجه. لهذا يصرح نزار بأن"النقد العربي، أو غالبيته هو إفراز قبلي مرتبط بالغريزة والانفعال، أكثر مما هو مرتبط بالبصر والبصيرة، النقد بصورة عامة في العالم العربي مذبحة ككل المذابح السياسية والطائفية يستعمل فيها أخطر أنواع الأسلحة...لا أريد أن يتصور أحد أننا مع الثبات ولكننا لسنا مع التسيب والانفكاك التام عن كل شيء بحجة التخطي والتجاوز. إن الحداثة لا تعني أبدًا أن نرمي كل ملابسنا في البحر، ونبقى عراة، إنما الحداثة أن تكتشف دائما طريقة جديدة للسباحة في بحار جديدة".
                    وبناء على الموقف السابق لنزار يقر الدكتور نجيب العوفي الأسبقية الزمنية والإجرائية للكتابة الحداثية المتضمنة الموقف الحداثي من الواقع والمجتمع عند نزار قباني، لأنه "نادرا ما كان يلتفت إلى التجربة الريادية لنزار قباني، وذلك نظرا إلى نمط الاستعمال والتوظيف الشعري اللغوي الذي كان يتبعه نزار في هذه المرحلة. فمثلا إذا كان شاعر كالسياب قد حاول أن يحقق للقصيدة العربية الحديثة أرضية جديدة يدخل فيها أغراسا متعددة، و يطعمها بمرجعيات عربية وتراثية وغربية وأسطورية، فإن مزية نزار قباني في هذا المجال وبادرته الأولى في هذا المشهد التحديثي، تكمنان في محاولته تحرير اللغة الشعرية من طقوسها الكلاسيكية القديمة، وضخ دماء جديدة في المعجم الشعري، وتوظيف هذا الشعر لأجل اختراق بواباتٍ كانت موصدة من قبل"، ويمكن الوقوف على كلام العوفي بمجرد مراجعة أول ديوان شعري لنزار في الأربعينيات والموسوم بـ"قالت لي السمراء، دمشق 1944م"، والذي أثار إشكالات ثقافية واجتماعية داخل الوطن العربي، خاصة عندما تصدى له الشيخ علي الطنطاوي في عدد شهر مارس 1946م من مجلة الرسالة القاهرية، حين كتب قائلا: "طبع في دمشق كتاب صغير زاهي الغلاف ناعمه، ملفوف بالورق الشفاف الذي تلف به علب الشكولاته في الأعراس، معقود عليه شريط أحمر كالذي أوجب الفرنسيون أول العهد باحتلالهم الشام، فيه كلام مطبوع على صفة الشعر، فيه أشطار طولها واحد إذا قستها بالسنتمترات...يشتمل على وصف ما يكون بين الفاسق والقارح والبغي المتمرسة الوقحة وصفا واقعيا، لا خيال فيه، لأن صاحبه ليس بالأديب واسع الخيال ".
                    والواضح أن نقد الشيخ الطنطاوي للديوان - بعد قراءته طبعا- كان يرتكز على النقاط الآتية:
                    • تجاوز نزار السائد المبتذل، وتطلعه نحو الممكن .
                    • فرادة الديوان اللغوية والتطلع نحو الشكل الجديد .
                    • إعادة قراءة التاريخ، وولوج المحظور فيه .
                    وقد أقر الطنطاوي بهذا حين قال: "في الكتاب مع ذلك تجديد في بحور العروض يختلط فيه البحر البسيط، والبحر الأبيض المتوسط، وتجديد في قواعد النحو لأن الناس قد ملوا رفع الفاعل ونصب المفعول، ومضى عليهم ثلاثة آلاف سنة وهم يقيمون عليه، فلم يكن بدٌ من هذا التجديد..".
                    ويؤكد الدكتور نجيب العوفي أن الاشكالات التي خلفها ديوان نزار الأول(قالت لي السمراء)ما هو إلا دليل قاطع على الثورة الشعرية الحداثية التي خلقها في القصيدة العربية في فترة زمنية(1944)لم تكن النصوص الشعرية المحسوبة على الحداثة العربية قد كتبت بعد، وهذا ما يفسر ظهور ملامح المشروع الحداثي النزاري الذي حصره في نقطتين أساسيتين هما: "اقتحام نزار للمحظور أو الممنوع والمسكوت عنه داخل الوجدان العربي؛فقد اتخذ المرأة محورًا وموضوعا لشعره بطريقة حديثة ومغايرة للأساليب والرؤى والأنماط التي تعامل بها الشعراء السابقون قليلا لنزار قباني، والذين كانوا يحيطون به زمنيا، فقد اخترق جسد المرأة اختراقا جريئا، وأدخل شيمة الجنس بطريقة صريحة، لقد حقق أولا هذا الاهتمام الجريء في الأربعينيات، وبداية تململ ونشوء جيل جديد من الشبيبة خاصة في منطقة الشام (لبنان، سوريا) إضافة إلى نشوء وسط جامعي وهو الأمر الذي أدى بالتدرج إلى نوع من القطيعة مع أجيال سابقة.
                    والعامل الثاني الذي يضع أيدينا على مفاصل الحداثة عند نزار قباني هو خلخلته لبنية النص الشعري التي كانت سائدة في تلك الفترة فقد وظف لأول مرة لغة شعرية لم تكن تحتل أدنى مكانة بالنسبة إلى النص الشعري السابق، أعني لغة الشارع، واللافت للنظر أنه في تجديده وتطويره للمعجم الشعري اللغوي، لم يكن يستبقي تلك الكلمات على حالها، بل كان يعيد إنتاجها شعريا بإدخال كلمات ومفردات اجتماعية متداولة عامية ودارجة على النسيج الشعري، ويجعل منها مفردات شعرية، وهنا يكمن الدور الهام الذي قام به نزار قباني على صعيد تجديد اللغة الشعرية."
                    ويؤكد الدكتور صلاح فضل الفكرة السابقة عند العوفي، حيث اعتبر أن الحسية التي التمسها عند نزار قباني في كتاباته ومواقفه هي امتداد لتلك اليقظة الرومانسية ودعوة للاعتراف بالجسد الإنساني كآلية من آليات الوعي في القرن العشرين، وقد تمظهر المشروع الحداثي لهذه الكتابة من الناحية الأسلوبية تمظهرا وظيفيا ارتبط "بمدى قدرتها على التعبير عن روح العصر الجديد وتحديث الحساسية الجمالية له، ومواجهة المحرمات المتراكمة فيه. فهي بذلك تجربة ثورية إنسانية إلى حد كبير تقاوم الحس الخلقي المزدوج بين السر والعلانية في عالمنا العربي، لتضفي عليه قدرًا من التماسك والانسجام، وتعد استجابة متفاعلة لموجة المواجهة الواقعية للمتغيرات الجديدة في الحياة والفنون ..."
                    لهذا كثيرا ما رفض نزار النخبوية الحداثية التي ظلت تبتعد عن الاختلاط بالمواطن العربي، من خلال كتابات تتعالى فيها عن قصد على الجمهور العربي يقول:
                    "يصعب أن أتصور شعرًا عربيًا حديثًا لا يخاطب أحدًا ... ولا يقنع أحدًا..ولا يعبر عن أفراح ولا عن أحزان أحد. إن صوت الشاعر لابد أن يصطدم بجدار بشري ما..يثبت أنه حي..أما الصوت الذي لا يصطدم بشيء، فهو ليس سوى حشرجة لغوية لا صدى لها. إن مشكلة الحداثيين أنهم لم يكتبوا رسالة حب واحدة لأي مواطن عربي، فكيف يريدون من الشعب أن يحبهم إذا كانوا يجهلون أدب المراسلة ؟"
                    وبناء على هذا ذهب نزار قباني إلى درجة تحديد شروط الحداثة في الشعر انطلاقا من ضرورة مراجعة التراث مراجعة واعية ومسؤولة، لنستفيد منه بدل الحكم عليه بالموت والاندثار، يقول: "خطأ كبير أن نتصور أن الحديث لكي يكون حديثا لابد له من ارتكاب جريمة قتل ضد السابق له زمنيا، فمثل هذا التصور سيجعل التاريخ مقبرة أو مذبحة لا ينجو منها في النهاية أحد. إن الحداثة طابور طويل جدًا يقف فيه الشعراء في أمكنتهم التي يحددها التاريخ، والشاعر العظيم لا يأتي من العدم ولا من المصادفة، فالمصادفات قد تحدث على طاولة القمار، ولكنها لا تحدث في الشعر، وليس الشاعر هو الذي يقرر أنه عظيم أو حديث أو خطير، فعظمة الشاعر أو حداثته أو خطورته يقررها الوجدان العام، وتحكم فيها محكمة شعبية لا تقبل الرشوة، ولا الابتزاز، هذه المحكمة الشعرية الشعبية هي وحدها التي تستطيع أن تأخذ الشاعر إلى المجد أو تأخذه إلى السجن، وعلى هذا الأساس فإن تسعين بالمائة من شعراء الحداثة سيذهبون إلى السجن" .
                    ويؤكد نزار في مناسبات عديدة على ضرورة ربط التجربة الشعرية الحداثية بالتراث ربطا فكريا إجرائيا مباشرا، ينسجم مع روح التراث من خلال إدراك الوعي الجمالي والثقافي والفكري فيه، وليس اجتراره والعمل على تمثله في الشكل والمضمون يقول: "كل الولادات الشعرية الحديثة تمت نتيجة عملية قيصرية، ما من شاعر ولد ولادة طبيعية وخرج من بطن التراث، الطفل الشرعي هو الذي يتغذى من أم يعرفها وينتسب إلى أبويين معروفين ويحمل مكونات التراث، ثم يترعرع في بيئته ككل الأطفال الطبيعيين...من قال إنني أكتب القصيدة وحدي؟ أشعر بأن عشرة آلاف شاعر يكتبونها معي، من طرفة إلى الحطيئة إلى أبى تمام إلى المتنبي وشوقي... الشاعر الذي ينسجم مع روح التراث ويتمثله يتجه رأسا إلى وجدان القارئ العربي. أما الشاعر الذي يعتمد على الصراعات والبدع المستوردة فإنه يسمم الجمهور...هذا الشعر يرفضه القراء" .
                    ويرفض نزار أن تكون التجربة الثقافية وحدها سبيل الشعر وأن قراءة الآثار الغربية واحتواءها ومحاكاتها شعريا يقود الشاعر إلى دخول عالم الحداثة الشعرية، فالتجربة الثقافية العربية تختلف كثيرا عن التجربة الثقافية الغربية، ورغم اطلاعنا عليها(الغربية)نبقى دائما في حاجة إلى احتواء تجاربنا الفكرية والإبداعية المشرقة عبر التاريخ، "إن مجموع التراث من الحلاج والمتنبي والمعري، يشكل نهرًا له ضفاف، الفكر العربي له ملامح، والشعر العربي له ملامح، ما نقرأه مما يسمى بشعر السبعينيات، ماذا يقول؟فهو لا يستقي من مياه التاريخ ولا هو انعكاس لهموم الحاضر.أما المستقبلية التي يدعيها :فما دام هو فوضى فكيف سينشئ مستقبلا؟".
                    ويفهم من المواقف السابقة المشكلة للحداثة النزارية المضادة، أن نزار لا يرفض التراث ولا يدعو إليه في الوقت ذاته، كما أنه لا يرفض التجارب الثقافية الغربية، ولا يدعو إليها أيضا، وإنما يدعو إلى ضرورة ولوج عوالم الكتابة انطلاقا من تحديث الذات المبدعة أولاً، ولا يستقيم هذا في الفكر النزاري إلا بتمثل هذه الذات وربطها بالتجربة الثقافية عبر مراجعات واعية للتراث ثم الانطلاق نحو المصاهرة الثقافية الغربية التي لا تعني بالضرورة الانكفاء عن تحقيق الأنا المبدعة، والتماهي أمام الآخر الغربي، وتمثل آلياته الإبداعية في الشكل والمضمون. من هنا رفض نزار نمط الحداثة الاستعراضية التي فرضت على الذوق العام جراء المحاكاة والتنميط واجترار التجارب الفكرية والثقافية لدى الآخر الغربي يقول: "إن الاستعراضية ليست هما من همومي، وليس يعنيني مطلقا في زحمة من يلهثون للحصول على بركة الحداثة، أن أكون أحد اللاهثين.هناك من يشتغلون على الحداثة ولا يتكلمون وهناك من لا يشتغلون على الحداثة ويعقدون مؤتمرا صحفيا يقولون فيه إنهم كانوا يتعشون مع نازك الملائكة عندما كانت تكتب قصيدة الكوليرا...كل ذلك أورده لأقول أن مدعي الحداثة كثيرون، حتى صارت الحداثة كما سبق لي وذكرت، إشاعة نسمع عنها ولا نراها... أريدك أن تقول لي ما هي؟ ما هي مرتكزاتها ؟ ما هي مواصفاتها؟ ما هي خصائصها؟...لا أريد تعريفا لها في المطلق، أريد نموذجا علمانيا. أريد نصا حداثويا يستطيع أن يتفاعل مع الذوق العربي العام، ويثير الدهشة، ويغطي هموم الناس في هذا الوطن على صعيد الثرثرة الأيديولوجية ومزايدات المقاهي الثقافية، هناك كلام كثير عن الحداثة ولكن ميدانيا وعلى الأرض...(ما في حدا.. لا تندهي ما في حدا...)كما تقول مطربتنا فيروز..." .
                    وأصل إلى القول بأن نزار قباني قد استطاع في قراءته لإشكالية الحداثة على الساحة العربية أن يخلق في كتاباته الشعرية على مسار خمسين سنة من العطاء نوعا من التطابق الذكي بين وعي الحداثة الغربية كرؤيا وتشكيل لا يمكن تجنبه في بناء التجربة الشعرية ووعي الموروث العربي، وقراءة الواقع الاجتماعي والسياسي قراءة موضوعية. ومن خلال هذا الوعي المزدوج رسم نزار قباني أسئلة حداثته المضادة التي احتوت مواقفه من الكتابة والتشكيل الشعري، ومن الواقع المعيش بكل تمظهراته وهذا ما يبرر الوصلة الاجتماعية والسياسية في شعره وفي نثره على السواء. والتي تشكلت في ملمح أساسي من ملامح الحداثة المضادة عند نزار هو ملمح المرأة، وهنا"تكمن شجاعة نزار، إذ لم يكن يحفل بجبروت السلطة النقدية، بل راح يشتغل من خلال ثيمة رهيبة تسكننا جميعا، فالشعراء العرب المحدثون كانوا كلهم يحسون بعمق هذه المأساة، فلم يكن يسمح لهم بأن يتغزلوا بالمرأة كامرأة باعتبار أن هناك إرهابا نقديا وفكريا يسكنهم من الخارج. ولذلك كانت المرأة تحضر بتلاوين وأشكال مختلفة فهي تارة رمزٌ للوطن وتارة رمز لقضية قومية. وهذا يمثل نوعا من الكبت الباطني الذي يعانيه الشعراء العرب الحديثون دون استثناء من السياب وصلاح عبد الصبور والبياتي إلى محمود درويش، هنا كان نزار قباني شاعرا حداثيا حتى النخاع، إذ لم يكن يعبأ بهذه الأنساق، واشتغل بوضوح وبعمق في ثيمة كان يتخوف منها الكثيرون.لهذا نجد في الفترة الأخيرة العديد من شعراء ما بعد الحداثة يشتغلون ضمن الرؤية الإيروتيكية للمرأة، وكأننا بهؤلاء الشعراء قد فطنوا إلى أن الشعر العربي قد ضيع زمنا تجاهل فيه الأجساد وتلك اللغة الجميلة التي سبق أن ابتدعتها عبقرية نزار قباني الشعرية والفنية " ).
                    المصدر
                    في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                    أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                    وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                    Comment


                    • #11
                      رد: مقالات كتبت بنزار قباني

                      ماذا قال الشاعر نزار قباني ؟

                      خالد جوده
                      أديب وناقد مصري

                      كلنا يعرف الشاعر الكبير / نزار قباني ، ولكنه لم يشتهر بثره كما اشتهر بشعره ، والحقيقة ان نثرة في غاية الروعة والجمال ويحمل طاقات شعرية وفكرية هائلة ، ويحتفظ بنفس خصائصه من حيث السهولة والصعبة علي موهبة أخري غير موهبة نزار ، انتقيت لكم عبارات من أقواله أرجو أن تنال رضاكم ، وتكون حافزا نحو مطالعتكم لسفر هذا الناثر الكبير
                      وقراءات في كتاب " الأعمال النثرية الكاملة نزار قباني " المجلد الثامن ص 1 يناير 1993 م – بيروت
                      ص 286 :
                      * " لماذا لا يكون الشعر شجرة يأكل منها الجميع ... ثوبا يلبسونه ... ولغة مشتركة يتكلمونها ..
                      العالم العربي ، أيها الأصدقاء ، بحاجة إلي جرعة شعر بعد أن جف فمه .. وتخشب قلبه ..
                      إن الشعراء أيها الأصدقاء ، مدعوون لغرس السنابل الخضراء في كل زاوية من زوايا الوطن العربي "


                      ص 275
                      " كنت أحلم بديمقراطية شعرية لا فرق فيها بين من يملكون ، ومن لا يملكون ، وبين من يحكمون ولا يحكمون .. "

                      ص 230
                      "قد تكون الرحلة متعبة ، وقد تحرمكم النوم والطمأنينة ، ولكن من قال إن وظيفة الشعر هي ان يحمل لأجفانكم النوم ، ولقلوبكم الطمأنينة ... إن وظيفة الشعر هي ان يغتال الطمأنينة .. "


                      ص 192 : 193
                      " مهمة الشاعر أن يكون جهاز الرصد الذي يلتقط كل الذبذبات ، والإهتزازات والإنفجارات التي تحدث في داخل الأرض ، وفي داخل الإنسان إن جهازه العصبي يجب ان يظل 24 ساعة في ا24 ساعة في حالة استنفار ورقابة ، بحيث يستوعب كل حركة تحدث تحت أرض التاريخ كما تتحسس الخيول بقرب سقوط المطر قبل سقوطه .
                      وهوائيات الشاعر هذه ، تسمح له بأن يسمع أسرع من غيره ، وأقوي من غيره ، وبهذا المعني يأخذ الشعر مدلول النبؤة .
                      إن الشاعر ليس منجما ولا ساحرا ، وليس عنده مفتاح الغيوب ، ولكن أهميته في أن يسبق الآخرين بثانية ، أو بجزء من أجزاء الثانية في اكتشاف الحقيقة ، ويقدمها لهم علي طبق من الدهشة "

                      ص 191
                      " إن التجديد يحدث يوميا دون ان نراه ، ويجري في أعماقنا دون ان نلاحظه .. ودون ان نستعجله ، كما يأخذ الشتاء وقته لتحضير الأرض ، ويأخذ الصيف وقته لإنضاج الثمر .. ويأخذ الربيع وقته لإنجاز الديكورات الجميلة التي وعد بها الأرض إن الفصول لا تزاحم بعضها ولا تتقاتل "

                      ص 177
                      "وفي سؤال أصبح اسمك مقترنا بالقصيدة الأزمة ، فكل كلمة تنشرها تحدث ردود فعل بين مؤيد ومعارض ، لماذا أنت وحدك دون سائر الشعراء تقف علي حد الخنجر ؟
                      منذ عام 1944 أنا أقيم بين أسنان التنين
                      إرنست همنجواي كان يقول إن الكاتب الحقيقي هو الذي يقف علي الحد الفاصل بين الحياة والموت " حين تريد أن تؤسس عالما جديدا علي أنقاض عالم قديم .. فإن كل حجر يصرخ في وجهك وكل الأشجار المقتلعة تقف في طريقك "

                      ص 179
                      "إنني لا أشعر انني علي قيد الحياة إلا حين تتساقط الحجارة علي زجاج نافذتي في هذه اللحظة أشعر ان جرعة الشعر التي أعطيتها للناس بدأت تتفاعل في دورتهم الدموية .. وأن الزلزال الذي كنت أحتفظ به في داخلي قد أنتقل إليهم
                      عندما أنشر قصيدة ولا يرجمونني بسببها .. أشعر أنني مريض وتبدا حرارتي بالإرتفاع "

                      ص 172
                      " الكتابة هي فتح واختراق ومغامرة والشاعر الذي يخاطب الأمة العربية في هذه المرحلة الحارقة من تاريخنا بالفوازير والكلمات المتقاطعة وبلغة مسمارية لا يمكن تفكيكيها هو شاعر هارب من الجندية ويستحق الحبس "

                      المصدر
                      في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                      أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                      وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                      Comment


                      • #12
                        رد: مقالات كتبت بنزار قباني

                        بَعْضُ المختلِفِ في شِعْرِ نِزار قَبّانـِي

                        محمد علاء الدين عبد المولى
                        قيل الكثير من الكلام، نقداً وهجاءً ومدحاً وتكريماً وتسفيهاً، عن الشاعر نزار قباني، ومن المؤكد لدي أنه سيقال كثيرٌ في المستقبل أيضاً. فما الذي يستطيع القارىء الناقد تقديمه من أفكارٍ جديدةٍ في هذا الصدد ؟.
                        لهذا ودون تكرارٍ لمقدماتٍ وشروحٍ تمهيديةٍ، متوفرة لمن يحتاجها، سأحاول هنا بناء عددٍ من الأفكار التي أراها أساسيةً في هذا المجال، من خلال مواصلتي لتفكيك الصورة النمطية المرتسمة في وعي النقد العربي من جهةٍ، وفي وعي أو لا وعي المتلقي، (أو الجماهير) بالتعبير الذي لا أستسيغه، من جهة أخرى.
                        من ملامح التجديد في علاقة شعر نزار قباني بالمرأة

                        قدم نزار تجديداً واضحاً في علاقة الشاعر العربي بالمرأة. وذلك عندما ننظر إلى وضع المرأة/الأنثى في الشعر العربي قبل نزار، وكيف كانت تتمظهر كموضوعٍ فني من جهة وكموضوع بشري من جهة ثانية. فالشعر العربي يقدم لنا نماذج من المرأة نرى أنها لا تختلف أو تتباين كثيراً بين شاعرٍ جاهلي أو عذري، إلى شاعر حسيٍ إلى آخر صوفي؛ فإن كل هذه النماذج وفي غالبيتها، تقدم المرأة/الأنثى بصورةٍ غائمة وضبابيةٍ، بحيث تظهر وكأنها شيءٌ أو موضوعٌ لا ملامح ولا علامات فارقة له، وبلا طعمٍ ولا رائحة، ولا يمكن للمتلقي تخيل وجود المرأة بصورةٍ ملموسة ومدركة. إذ ثمة فجوةٌ حادةٌ بين صورة المرأة الحقيقية كما يتعايش معها الإنسان، وصورتها الشعرية المفارقة للواقع. وكان هذا يشكل ظاهرة عامةً من الطبيعي أن يكون لها استثناءات كالعادة، وهي استثناءات كانت تحقق بعض الاختراقات الهامشية التي لم تصنع ظاهرة بديلة وموازية (على سبيل المثال نذكر بعض أشعار امرىء القيس - القصيدة اليتيمة)، ليظل النموذج السائد هو امرأةٌ حبيبةٌ ينشئها الشاعر كتلةً ضبابية تتشابه في سماتها ومفردات تكوينها. فليس هناك فرق جوهري بين " فاطم امرىء القيس " أو " خولة طرفة " أو " أسماء الحارث اليشكري " أو نساء عمر بن أبي ربيعة أو ليلى أو... الخ. والغريب أن تمتد هذه الصورة النمطية حتى عصور لاحقة وصولا إلى أحمد شوقي وإبراهيم ناجي والشابي على سبيل المثال، وهذا ما سوف نأتي فيما بعد على ذكره ثانيةً مستشهدين برؤية نزار نفسه للمسألة...
                        تطالعنا هنا صورة امرأةٍ لا تفاصيل لها، ولا إحساس ولا كيانٌ مستقل، ولا نعرف عنها إلا ما يريد الشاعر أن ينقله إلينا، وما علينا إلا تصديقه. وما الأمثلة القليلة التي يمكن أن تشكل خروجاً على هذا النمط إلا دليل على أنه هو النمط القاعدة، والمتوارث من جيل إلى جيلٍ. فهي الجميلة دون أن نعرف كيفية جمالها، وهي شهيةٌ دون أن تظهر إلا صدى لشهوة الشاعر، وكأنها أنثى محجبةٌ مضروبٌ عليها خمار مع أنها موضوع للحب والغزل والجنس كذلك.
                        وكان ذلك أمراً يبعث على التساؤل والحيرة حقا. خاصة إذا دقق قارىء التراث في نصوص النثر والسرد العربيين، وكتب (الإيروتيكا) التي كانت تمعن في قراءة الجسد وأحوال الجنس وأوضاعه، كتب لم تترك شيئا في المرأة إلا واخترقته من لباسها حتى عطورها ورقصها ومشيتها وأصنافها وسوياتها الاجتماعية والبيئية والثقافية، وما يتعلق بالشهوة والعلاقة الجسدية بأدق تفاصيلها.
                        إضافة إلى أن القارىء الذكي للتراث سوف لا يعدم وجود بعض نصوص هذا النثر والسرد مشتملةً على الكثير من الإشارات الحسية الواقعية التي تصف خارطة الجسد الأنثوي، وخاصة في المروية الطويلة (ألف ليلة وليلة) التي نجد جسد المرأة فيها وقد اتخذ حضوراً أنثويا حادا وأساسيا ومركزيا، عبر تقديم هذا الجسد الأنثوي لنفسه في علاقته مع الجمال والإغراء والعطور والحمامات واللباس الأنيق والمثير والنطق المموسق والرقص الموظف، وعبر التركيز على صفاته الجريئة باللون والحركة والأعضاء.
                        كما يفصح البعض الآخر من النثر العربي الذي يسرد وقائع الحياة في العصرين الأموي والعباسي، وخاصة حياة ليالي الخلفاء والأمراء والولاة في سراديب قصورهم وأسرار معيشتهم وبساتين القصف واللهو، أقول يفصح هذا النثر عن امرأةٍ من لحمٍ ودمٍ حارين، امرأة ما هي إلا انعكاس أمين للصورة المرتسمة للأنوثة في المخيلة والذهنية العربيتين، وهي صورة كانت تنتقل من الواقع إلى هذه المخيلة، أو لنقل إنها صورة تتناوبها لحظتا الواقع والمخيلة في الوقت نفسه في علاقة متبادلة تأخذ هذه من تلك وتعطيها في الوقت ذاته، أي لم تكن هذه الصورة من إنشاء الخيال وحده بل من تأثير الواقع.
                        هل هناك مبررٌ واضح ومقنع لغياب جسد المرأة وتفاصيلها وجمالها ببعده الجسدي والشهواني عن القصيدة العربية؟ هل نقول إنه تعالي الشاعر العربي، حتى لو كان يصنف على أنه شاعر الجسد والغزل والتشبيب، تعاليه عن تعرية جسد المرأة أمام الآخر؟ وكأن المسألة تتعلق بتناقضٍ بين شبق الشاعر مع امرأته، وبين رغبته في (حجب) هذه المرأة عن المتلقي؟ إن ذلك منع الشاعر من إعطاء أنثاه بعداً حيايتا واضحاً يضاف إلى البعد الغائم أو البعد الروحي لها، أو على الأقل يحقق انسجاما بين المرأة وبين تهافت الشاعر عليها وتهالكه الشبقي أمامها وهو مما يظهر جلياً في القصيدة العربية...
                        أم نبحث عن السبب في مكان آخر؟ فنقول إن المرأة العربية في واقعها المعاش كانت امرأة غير مكشوفة الجسد، محجوبةً بطبيعتها ونظرا لكونها عضوا في مجتمع قبلي ذي منظومة أخلاقية لا تسمح لها ولا تقبل هي كذلك، أن تكون الخروج على النمط المعطى لها، لهذا لن تتكشف تفاصيل هذا الجسد إلا من خلال ما هو متاح ومتناغم مع الأخلاق القبلية والتي كرسها فيما بعد الدين. والمدقق في صورة المرأة سيرى أن الشاعر لم يقصر في التركيز على أي عضو مكشوف من جسدها، من هنا سنفاجأ بهذا الكم الهائل من الصور المتعلقة بعيون المرأة، وحركة مشيتها المتثاقلة من وراء ثيابها المتموجة على امتلاء جسدها. إنها امرأة محجبة في الواقع، لهذا حجبت في القصيدة. على أننا لا نبرىء بهذا تقصير الشاعر العربي على الصعيد الفني البحت، في مسألة الاقتحام وتكسير هذه الصورة،لأن الشاعر لا يقف عند المعطيات المسلم بها في الواقع، ويتجاوزها ويبتدع واقعا آخر يسهم في تثوير الصورة المألوفة للمرأة. لا سيما وأن هذا الشاعر العربي لم تكن تنقصه أبدا المقومات الفنية والجماليات الفذة في التقاط تفاصيل الجسد وتعريته جزءاً جزءاً، والمثال على ذلك ما كان يفعله في قصيدة الناقة، من وصف دقيق ومطول لكل ما يتعلق بجسد الناقة وجمالها. لقد ترك لنا الشاعر العربي صورة جميلة جدا عن الناقة، عارية مكشوفةً لا لبس فيها، وترك لنا بالمقابل صورة غائمة لا تفاصيل فيها عن المرأة. وربما من هنا جاء هذا المعجم الهائل من التشبيهات والاستعارات المأخوذة من جسد الناقة والمسقطة على جسد المرأة، كحالةٍ تعويضية عما احتجب من جسد المرأة. إذ نقل صفات جسد الناقة من حقله الواقعي الأصلي إلى حقلٍ آخر اكتسب من خلاله روحا جديدة وقدرة على التصوير.
                        هذا وقد يحق لنا السؤال بصورة ثانية وعلى مستوى آخر فنقول: لماذا لم نجد هذه المرأة في الشعر العربي إلا كما ذكرنا، بينما وجدناها متوفرةً بصورة أخرى ومختلفة في النثر العربي؟ هل كان النثر أقدر فنيا وجماليا على تلبية هذه الحاجة؟ من حيث أن مفهوم الشعر كان يقتضي التعامل مع المسائل بشكلٍ شمولي وكلي ومطلقٍ وليس بشكلٍ تفصيلي، الأمر الذي كان متاحاً للنثر الذي شكل غالبا خطا هامشيا مقصيا عن سلطة الخطاب الثقافي المطلقة؟ أقول وفي حدود معرفتي، إن هذا السبب ربما لم يكن بعيداً عن خلفية هذه المسألة، والتي شكلت ثغرة كبيرةً اكتشفها نزار قباني من خلال قراءته للشعر العربي عبر مصادره الكبرى، فأدرك الثغرة في نظرة الشاعر العربي إلى المرأة، فكان هو أول شاعر عربي، في زعمي، ينقل العلاقة مع المرأة في الشعر إلى فضاءٍ مبتكرٍ وأرضٍ غير محروثةٍ من قبل، مقترباً بذلك من المحرم الاجتماعي والفني في الوقت نفسه.
                        لقد أطاح نزار منذ تجاربه الشعرية الأولى – وهذا المهم، أي أنه وعى ذلك باكراً – بتمثال المرأة وأسقط عنها كل قناعٍ وحجابٍ ممكنٍ، ليظهرها على أنها جزء من حياتنا التي نعيشها ونعانيها، لا فكرةٌ قائمةٌ في مخيلتنا المكبوتة فقط. وبهذا اقترب من تفاصيلها ونثرياتها ولغتها اليومية، وكانت هذه الثورة بحاجة إلى مصاحباتٍ فنيةٍ تسهم في إنجاز قصيدةٍ ذات جمالياتٍ مختلفةٍ ومحرضةٍ، لذلك جاءت لغة نزار جديدةً ولا تخضع لا لمألوف المتلقي العربي العادي، وأعرافه المستقرة، ولا تخضع كذلك للنمط الشعري المتداول بين أوساط الشعراء.
                        إذا من هنا أشرنا إلى اقتحامه للمحرمين الاجتماعي والفني معاً، ولم يكن اقترابه من لغة الحياة اليومية والبعيدة عن المطلقات والكليات إلا سببا جوهريا من أسباب عداء المجتمع الذكوري المقدس في بعديه الديني والثقافي للشاعر، ولمغامراته التي قرب فيها لغة الشعر من لغة النثر، مكملا بذلك الوظيفة التي كان النثر العربي يقوم بها من توصيفٍ خارقٍ ومدهشٍ ومحرجٍ للجسد الأنثوي.
                        والمجابهة الاجتماعية العنيفة التي ووجه بها نزار قد تكون دليلنا على أن الشاعر العربي عندما يقترب من عراء المرأة وجغرافية جسدها كاملةً، فكأنه يخترق القانون الاجتماعي والديني، أو بتعبيرٍ آخر، كأنه يتجرأ فيعلن على الملأ تلك الصورة الحقيقية للمرأة التي نتستر عليها جميعاً. والمسألة في منشئها الفني تصبح على الشكل التالي: لقد أنزل نزار الشعر من عليائه وميتافيزيقيته وما ورائياته الضبابية المتعلقة بالمرأة والجسد، إلى الأرض ليلتقط لنا المرأة وهي على التراب وفي حياتها اليومية لا المرآة القائمة في ذهن الشاعر وتهويماته. وهذا كان يقتضي من اللغة الشعرية أن تتغير، وتبحث لها عن احتمالاتٍ أخرى جديدة لم تكن في حسابات الشاعر العربي. من هنا كان لا بد للغة الشعر أن تتوسل بلغة النثر من حيث قدرة هذا الأخير على تحقيق المهمة الجديدة للشاعر، وهي تحويل الموضوع المطلق إلى موضوع نسبي. أي ترحيل المرأة من هلاميتها إلى تعينها الملموس المحسوس لا على أنه نمط عمومي يشترك في تداوله الشعراء كلهم، بل على أنها امرأة تخص تجربة شاعر ما بعينه، وتمتلك ما يميزها عن امرأة تخص شاعرا آخر. وهذا ما لم يكن يحدث عبر تاريخ الشعر العربي كما أزعم.
                        وفي هذا الصعيد يمكن لي أن أسجل ريادةً للشاعر نزار في التفاته لتوظيف النثر في الشعر، وهي المسألة التي تنشغل بها الآن كتابات نقدية أو تجارب شعرية على رأسها محمود درويش، الذي أجد أنه يكمل بطريقته وحسب فرادة مشروعه الشعري ما كان نزار يفعله بكل عفوية من استثمار للنثر داخل القصيدة الشعرية، حيث رأينا في قصيدة نزار لأول مرة في اتلشعر العربي هذا الكم من التفاصيل اليومية الهامشية والدقيقة والتي تعيش في الظل والعتمة، في الوقت نفسه كانت قصيدة نزار تستحضر هذه التفاصيل دون كثيرٍ من البلاغة التقليدية العتيدة والمعهودة في الشعر العربي، لأنها بلاغة تتنافى مع طبيعة النثر اليومية. ولا ندري – أو لعلنا ندري - فربما كان هو الآخر – أي نزار – يكمل بوعي أو لا وعيٍ منه، مسيرة النثر العربي الذي تحرر من قيود العروض والإنشاد في البلاط والمحافل الدينية والرسمية.
                        والحقيقة أن المسألة عند نزار في كل الأحوال، لم تكن هوايةً يمارسها في أوقات الفراغ، أو خاطراً يرد على ذهنه أوقات القيلولة، بل كانت مشروعاً مركزيا في تجربته الشعرية، بحيث أزعم أن نزاراً قام على هذا الصعيد بثورةٍ حقيقية في الشعر، ثورة لـه فضل الريادة المطلقة فيها ولا ينازعه فيها أي منازعٍ.
                        لقد كسر نزار النمط الشعري المتكلس في تعامله مع المرأة بكل حياتها، جسدا وتفاصيل وأسراراً وتناقضات وخيانات وشبقا وشذوذاً، مما كان يتطلب منه كسرا للنمط الجمالي للقصيدة والمهيمن على ذهن المتلقي العربي. بحيث تم إخراج بلاغة الشعر وصورته ومجازه واستعاراه وتشبيهاته وكناياته ومعجمه، من منطقة إلى منطقة جديدة حديثة.

                        وإذا كان الأمر بحاجة إلى أمثلة فشعره كله أمثلة على ذلك. لأنها لم تكن كما قلت مسألة موضوعات يقترب منها بين مرحلة وأخرى، وإنما كان شعره قائما على هذه النظرة التجديدية. ومع ذلك، ومن أجل ضرورة القراءة النقدية، نستأنس بالأمثلة التالية:
                        يقول في أول ديوان له:
                        سيري.. ففي ساقيك نهرا أغان
                        أطرى من الحجاز.. والأصبهاني
                        بكاء سمفونيةٍ حلوةٍ
                        يغزلها هناك قوسا كمان
                        ويقول في ديوان آخر:
                        ألوان أثوابها تجري بتفكيري
                        جري البيادر في ذهن العصافير

                        ألا سقى الله أياماً معطرةً
                        كأنهن.. أساطير الأساطير

                        أين الزمان؟ وقد غصت خزانتها
                        بكل مستهتر الألوان معطور
                        فثم رافعةٌ للنهد.. زاهيةٌ
                        إلى رداءٍ، بلون الوجد مسعور
                        ويقول:
                        حبيبي
                        أخاف اعتياد المرايا عليك
                        أخاف اهتمامي بشكل يديك
                        أخاف اعتياد شفاهي
                        مع السنوات على شفتيك
                        أخاف أموت
                        أخاف أذوب
                        كقطعة شمعٍ على ساعديك
                        فكيف ستنسى الحرير
                        وتنسى
                        صلاة الحرير على ركبتيك
                        أضطر لذكر أمثلة مبكرة من تجربة الشاعر لأن النقلة النوعية الفريدة تحققت في مرحلته الأولى، ثم وفي المراحل التالية سرعان ما أصبح الأمر منجزاً وسمةً أساسية من سمات المشروع النزاري. الذي أصاب الشعر العربي بعدواه بطريقة أو بأخرى.
                        إن اللغة التي تعلن عن نفسها في الأمثلة السابقة هي لغة لن نجدها عند شعراء عاصرهم نزار في شبابه، ولو رحنا نقرأ في شعر صلاح لبكي وسعيد عقل على سبيل المثال لرأينا اللغة تتناول المرأة من علٍ وتتأبى على جسدها وتفاصيله، مكملة بذلك المعجم الشعري الموروث من مئات السنين.*
                        ويكفينا أن نستحضر قصيدة (المجدلية) لسعيد عقل، ونتفحص المرأة التي فيها، لنرى كيف يقف موضوع القصيدة الحقيقي وهو الأنثى الآثمة المجدلية، يقف على طرف نقيض من لغة التعبير التي استخدمها سعيد عقل، فمع أن موضوع (المجدلية) يحتمل كثيرا من الشغل على الجسد في بعده الحسي الشهواني، مع ذلك تعفف سعيد عقل عن أن يكون شعره حسيا شهوانيا يهتم بجسد المرأة التي يتخذ منها مادة لقصيدة جميلة ومتميزة.
                        الأمر لن يكون على هذا النحو مع نزار قباني، ونحن نختار سعيد عقل أنموذجاً نظرا لما يعنيه اسمه من دلالة شعرية ورمزية كبيرة ولا تضاهى، فاسمه يغنينا عن الاستشهاد بشعرات الأمثلة، ثم إن سعيد عقل هو الشاعر الذي تأثرت بدايات نزار قباني ببعض جماليات شعره ومعجمه اللغوي، ولكن نزاراً حدد خياره على النقيض من خيار سعيد عقل، على صعيد لغة الجسد.
                        وعبر هذه الثورة التي أشرنا إليها سنرى المرأة/الأنثى وقد انزاحت الضبابية عن وجودها، فأصبحت مرئيةً مكشوفةً بصورة لم يسبق لها مثيلٌ. ويمكن لي ربط ذلك بنزعة التمرد والثورة التي تبلورت وتأسست عليها شخصية الشاعر نزار قباني، التمرد الاجتماعي الثقافي من جهة، والتمرد الفني من جهة ثانية وهذا هو الأهم. وهو ما سوف نرى الشاعر يؤكد عليه مراراً. ولكن رأينا أنه يمكن تفريع ملاحظة نقدية عن هذا الجانب الفني في شخصية الشاعر، وهي تتعلق بارتباطٍ ما نراه قائما بين وضوح جسد الأنثى بتفصيلاته ومخفياته وأسراره، وبين موهبة الرسم التي كان نزار يمارسها وهو طفل، والتي يعترف هو بفشله في تطويرها كموهبة، مما اضطره لنقلها بصورة شعورية ولا شعورية إلى الشعر، فبدأ يعوض موهبة الرسم باللون بموهبة الرسم بالكلمات، الأمر الذي تطلب منه الدمج بين تقنيتي اللغة المكتوبة واللغة الملونة في الوقت نفسه. فالرسم يأخذ الشاعر إلى جهة التفصيلات الدقيقة والمنحنيات المرئية واللامرئية في جسد المرأة، ويملي عليه استخدام خطاب اللون حتى آخر طاقة ممكنة، مما استوجب كذلك أن يظهر المرأة بألوانها من أظافر قدميها حتى ضفيرتها مرورا بألوان ثيابها الداخلية من مايوه وحمالة نهد إلى آخر التفصيلات والموجودة بغزارة في شعره.فأصبحنا نرى للمرة الأولى أشياء المرأة ومشاعرها وأسماءها وهي ملونة. حتى أنني أستطيع إعطاء نزار ميزة استخدام اللون على الطريقة الرمزية بحيث يوحي كل لون بمسألة حسية أو وجدانية معينة. إن النهد عند نزار يبدو تارة نهدا فلياً وتارة حريريا، وتارة ثالثة أسمر،ومرة أخرى ذهبيا. كما نرى عنده الشفاه ليست فقط قرمزية أو خمرية بل قد تكون شفته هو كالمزارع الخضر (وهذا استخدام جديد وفريد للون الأخضر في علاقته بشفاه الرجل)!. كما نرى عنده الدمع أسود والمطر أسود، أو الضوء الأسود في العين الإسبانية، أو نرى شوارع غرناطة في الظهيرة حقولاً من اللؤلؤ الأسود، ونرى الثلج أسود والسماء سوداء، حتى أنه يرى الجسد الخمري أسود! ونرى صوت المرأة أبيض وكلامها أبيض وشعورها أبيض. ويقول لها في موقع آخر ( أنت لي رحمة من الله بيضاء). وقد نرى عنده الصوت أزرق، والدم بنفسجيا والبحر شالاً بنفسجيا. وقد ترقص الكلمات عنده بأثواب مختلفة من اللون الأحمر إلى الأصفر. وقد تغزل يد الأنثى شمعا أصفر.
                        ارتبط تلوين الجسد وأشيائه وأحاسيسه عند الشاعر بعلاقات حسيةٍ شبقية مع الجسد كان اللون يقوم بوظيفة فعالة في صياغة هذه العلاقات.وهو بذلك لم يكن يتوهم الأنثى أو جسدها، إذ أنه لم يتعامل معها من خلف حجاب، بل فاجأها وهي في أدق وأحرج الأماكن والوضعيات مسلطا عليها كل ما يملك من ضوء فاضح ومتلونٍ...
                        وأريد أن أشير هنا إلى عدد من النقاط تتعلق بالمرأة في شعر نزار قباني، وهي نقاط اعتدنا أن نراها ملتبسةً على النقد الذي توجه إلى شعر نزار وما يزال حتى هذه اللحظة تلتبس عليه الأمور.
                        1ـ لم يكن نزار في هذا الاستخدام الفاضح للمرأة/الأنثى يقلد أحداً من شعراء العرب القدماء، ولا يمكن للمدقق أن يرجع شعره إلى أي شاعر بعينه في التراث العربي، فما كان يصنعه كان جديدا بصورة مطلقة في ظني، وكان هو مدركا لذلك، رافضا في عدد كثير من المواقع في شعره ونثره أن يحيله النقد أو القراء إلى أي شاعر عربي، خاصةً عمر بن أبي ربيعة الشاعر الذي اعتاد النقاد على إرجاع شعر نزار إليه.فعلى سبيل المثال يقول:
                        إنني لم أرث حبيباتي
                        عن عمر بن أبي ربيعة
                        ولا عن سواه من الشعراء الغزليين
                        فأنا أعجن نسائي بيدي، كفطائر العسل
                        وأسبكهن في مختبري، كدنانير الفضة
                        ويقول في كتاب (عن الشعر والجنس والثورة):
                        (( أرفض القول أنني أنقل عن الذاكرة الشعرية العربية، أو أية ذاكرة أخرى. إنني بهذا المعنى شاعر مصابٌ بفقدان الذاكرة. منذ بداياتي حاولت أن أخرج على الأنموذج الشعري العام في الغزل العربي. فمن خلال قراءاتي الشعرية تنبهت إلى شيءٍ خطيرٍ، وهو أن كل الحبيبات في الشعر العربي هن واحدة. إن حبيبة جرير هي نفسها حبيبة الفرزدق، وحبيبة أبي تمام، وحبيبة الشريف الرضي، وحبيبة أحمد شوقي، وخليل مطران، وسامي باشا البارودي. ومقاييس المرأة الجسدية كانت هي الأخرى واحدة. والانفعال بجمال المرأة كان دائماً صحراويا، بمعنى أن أمير الشعراء شوقي لم يستطع أنه يتحرر، وهو في باريس، وإسبانيا، وجاردن سيتي، والزمالك، من رنين خلاخيل البدويات ووشمهن، وكحلهن، وأوتاد خيامهن.
                        كانت هذه الحقيقة ترعبني، لذلك أردت أن أدخل إلى الشعر العربي من بابٍ آخر، وأن أطرح عشقي الخصوصي على الورق دون استعارة عشق الآخرين.الحب الذي كتبت عنه ،هو حبي أنا، ومعاناتي أنا، والأبجدية التي اعتمدتها في الكتابة عن هذا الحب هي أبجديتي أنا. إنني أول شاعر دخل إلى غرف الحب الضيقة، ورسم أشياء العشق المعاصرة بدقة عدسة تصوير. وأنا أول من أدخل تفاصيل العشق اليومية في الشعر (الجرائد، الكتب، الستائر، منافض الرماد، أدوات الزينة المعاصرة، المقهى، المرقص، ثياب الاستحمام، العطور، الأزياء...الخ) ومن هنا أعترض على كلمة ذاكرة، لأنني، على حد تصوري، كنت أحاول أن أسجل علاقات الحب في عصري، بطريقتي الخاصة، بحيث اتفق أكثر من ناقد على القول: إن شعري هو وثيقة اجتماعية للحياة العاطفية بين الجنسين خلال الثلاثين سنة الأخيرة))
                        2ـ عندما كشف نزار عن جسد المرأة واقترب من حالات هذا الجسد الإنسانية كما هي على أرض الواقع من جنس وعواطف مكبوتة أو معبر عنها إلى شذوذ وقمع عاطفي إلى أمومة وخيانة ودعارة... الخ، فإنه لم يكن ليقدم نفسه على أنه شاعر إباحي. بمعنى أنه إذا أباح استخدام اللغة الجسدية الجريئة والمقتحمة لأبواب الطوطم الجنسي والاجتماعي فإنه لم يكن يبيح جسد المرأة، بل سأقول إنه ليس في شعره جملة واحدة أو موقف واحد ولو كان عابراً يدل على أنه شاعر إباحيٌ، وهو لا يحقق ـ فيما كتبه من عراء وشبق وجنس وحب ـ شروط الأدب الإباحي. إن هناك في العمق والجوهر فرقا أساسيا ومحوريا بين خطاب الجسد الجريء والصريح وبين استباحة هذا الجسد، بل على العكس إن نزارا في غيرته على المرأة/الأنثى الحبيبة والصديقة يظهر أنانيا وشرسا في الدفاع عنها له وحده. وإذا كان شعره يدخل في باب الأدب الجنسي فليس كل ما هو جنسي إباحيا أبداً.
                        3ـ المرأة في شعر نزار ليست رمزاً لأي شيء. والذي يحدد وجودها وقيمتها في القصيدة ليس شيئا خارجاً عنها أو ملحقا بها. وهو لم يتكىء على المرأة كعكازة فنية ليحملها رموز الوطن والثورة والمستقبل الثوري، بل جعلها تقول نفسها بنفسها مستقلةً عن أية تبعية لمرجعيات مضافة. والمرأة الرمز في الشعر العربي بعامة والسوري بخاصة - ولا سيما في مرحلتي الستينيات والسبعينيات - أصبحت تعني الابتعاد عن الأنوثة الحقيقية والنأي عن بنية المرأة المكتفية بذاتها وبعوالمها ورموزها. إن المرأة في هذا الشعر السوري بخاصة فاقدةٌ لطبيعيتها وأريحيتها وكرامتها، لا يكترث الشاعر بكيانها وحرية شخصيتها، فينظر إليها دائما مرتبطة بالوطن والأرض والاحتلال.
                        وأجد أن الشعر العربي الحديث في هذه المرحلة وفي علاقته بالمرأة، عاد عودةً مريعة إلى صورة المرأة التي أشرنا إليها في حينه، في القصيدة العربية في التراث القديم، وهذه ازدواجية غير مقبولة في رؤية الحداثة، ففي الوقت الذي نخرج فيه على الشكل الخارجي للقصيدة؛ نجد أننا نقلد القصيدة القديمة في طمسها لملامح المرأة / الأنثى، مع أن الظروف الاجتماعية اختلفت وانقلبت جذريا، ولكن يبدو أنه تغيير وانقلاب تناولا سطح المجتمع لا عمقه، فليس ممكنا غض النظر نق�
                        في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                        أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                        وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                        Comment


                        • #13
                          رد: مقالات كتبت بنزار قباني

                          شو مشان كل هدول

                          حمــاة الديــــــار عــلــيكــم ســـلام

                          سأجعل الصلبان في كل مكان وأبني كنيسة.
                          لا يدع قدمك تزلُ لا ينعس ولا ينام حافظك.
                          سامحني أبتي لأنني أخطأت.
                          الإيمان يجمع البشرية قاطبة أما الدين فيفرقها.

                          أبو ميشيل
                          lord z.k
                          صـــانع الأحــذية

                          Comment


                          • #14
                            رد: مقالات كتبت بنزار قباني

                            جدل"أسمهان" يذكّر بمشكلة "نزار قباني:فتش عن الفلوس!!

                            يحدث اليوم للمسلسل الذي يتناول حياة المطربة السورية الأصل "أسمهان" ماسبق وحدث قبل عامين وبنفس الحدة تقريباً للمسلسل الذي تناول حياة الشاعر "نزار قباني"، ويكاد سياق الأحداث المتشابهة بين المسلسلين يعيد نفسه بشكل متطابق تقريباً، بدءاً من غضب أقرباء الشخصيتين بسبب عدم استئذانهما أو اعتراضاتهما على الطريقة التي تم عبرها تناول الشخصيتين العامتين، وهما بالتالي يريدان فرض نوع من الرقابة والفلترة على الأحداث التي سيتناولها العمل الفني، أو بسبب تجاهلهما مادياً باعتبار أن صلة القربى والدم تمنحهما حقوق احتكار حياة الشخصيتين الشهيرتين، والحصول على مقابل مادي في حال موافقتهما على انجاز عمل فني يتناول حياتيها، وصولاً إلى تبادل الاتهامات الاعلامية ورفع الدعاوى القضائية على الجهة المنتجة، وهما بالمناسبة جهتان انتاجيتان مختلفتان لكنهما متطابقتان في ردة الفعل التي تكاد تكون واحدة على أقرباء الشخصيتين، بدءاً من تذرعهما بحجة أن تناول حياة الشخصية العامة مباح ومتاح للجميع انطلاقاً من كونها شخصية عامة لم تعد ملكاً لعائلتها، وانتهاء بأن العمل الفني الذي قاموا بانتاجه هو محاولة لتقديم صورة فيها كل الاحترام للشخصية العامة التي يتناولون سيرة حياتها.
                            مشكلة مسلسل "أسمهان" ومن قبله مسلسل "نزار قباني" أنها تحتمل الجدل، فبطريقة ما كلا الفريقين -أقرباء الشخصية العامة والجهة المنتجة للعمل الفني الذي يتناول سيرتها- يملكان منطقاً قادراً على الاقناع، ويستطيع أن يؤثر في جزء من الجمهور، فمن حق أقرباء أسمهان كما كان من حق أقرباء نزار قباني معنوياً أن يؤخذ رأيهم في حياة المطربة والشاعر، لأنهم كانوا أقرب الناس إليهما وبالتالي فهم الأكثر قدرة على تقديم الصورة الأكثر شبهاً بشخصيتيهما الحقيقيتين، ويستطيعان إغناء العمل الفني بتفاصيل عن سلوكهما، وتقديم التفاسير الأقرب للواقع لكل أفعالهما، لكن بالتأكيد من دون أن يعني ذلك التدخل لحذف أو إضافة صفات أو علاقات غير حقيقية تخص المطربة والشاعر، في محاولة منهما لتكبير وتوسيع هالة القداسة التي تحيط بالشخصيتين وشطب أية مساحات سوداء أو يخيل لأقربائما بأنها سوداء من حياتيهما، كنفي علاقة أسمهان الملتبسة بعالم السياسة والمخابرات، أو حذف دنجوانية نزار قباني على سبيل المثال.
                            ومن حق أقرباء أسمهان كما كان من حق أقرباء نزار قباني أن يحصلوا على تعويض مادي مجز يناسب الأجور التي تدفع في الانتاج التلفزيوني، مثلهما مثل أي صاحب رواية تتحول إلى نص تلفزيوني إن لم يكن أكثر، فجزء كبير من سهولة تسويق المسلسل يعتمد على اسم وشهرة صاحب الشخصية التي يصور حياتها، ولأن العمل التلفزيوني هو عمل تجاري وربحي بالدرجة الأولى وإلا ماكان تجار اللحوم وباعة البطيخ قد دخلوا ميدانه واستثمروا أموالهم فيه، ومادفعوا الملايين إلا ليحصلوا على أضعافها، وفي هذه النقطة يختلف المسلسل التلفزيوني عن كتاب يؤلف عن حياة أو في نقد شخصية عامة ما، ويستطيع كاتبه نشره دون استئذان أقرباء تلك الشخصية أو الالتزام بأية حقوق مادية تجاهها.
                            ما لاتعترف به جهات الانتاج الفنية التي تقدم على انتاج مسلسل عن شخصية عامة عادةً هو الحقوق المعنوية والمادية (وهذه الأخيرة هي الأهم) لأقرباء تلك الشخصية، ورغم إدعاءاتها على الشاشات وفي الصحف بأنها اختارت انتاج مسلسل عن شخصية عامة ما من منطلق احترامها وتقديرها لقيمة ومكان وانجازات هذه الشخصية، إلا أنها وعند أول نقطة خلاف مع أقرباء الشخصية، والذي غالباً مايكون مادياً، تكشر عن أنيابها في وجوههم، وتفرش لهم الملاية وتبدأ بالردح واللطم، بدون أدنى اهتمام أو احترام على الأقل لصلة القرابة التي تجمعهم بالشخصية التي يروي سيرتها المسلسل.
                            في النهاية ورغم أي خلاف بين جهة انتاج تقدم مسلسلاً عن شخصية عامة وأقرباء تلك الشخصية مايهم المشاهد هو رؤية عمل فني مميز، مثل الذي كتبه محفوظ عبد الرحمن عن "أم كلثوم"، وعندها لن يهمه ماإذا كان أقرباء السيدة أم كلثوم قد اختلفو مع الجهة الانتاجية أو المؤلف أو المخرجة، لكن عندما يعرض عمل بالسوء والرداءة الذي عومل به شاعر كبير كنزار قباني، على يد كاتب سيناريو من الدرجة العاشرة كقمر الزمان علوش ومخرج مفكك كباسل الخطيب (وكلاهما يملكان تصوراً مزيجاً بين السياحية والعدوانية عن البيئة الدمشقية) في المسلسل الذي حمل اسم "نزار قباني"، يصبح الحديث عن الخلاف بين عائلة نزار قباني والجهة المنتجة للمسلسل أهم وأكثر صخباً من الحديث عن المسلسل نفسه، وهو مالا أرجوه لمسلسل "أسمهان"!
                            في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                            أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                            وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                            Comment


                            • #15
                              رد: مقالات كتبت بنزار قباني

                              المدلل


                              مر بالشعر العربي كثيرون, وكثيرون منهم عباقرة و"فطاحل" في عالم الشعر غير أن واحدا فقط, أثار من الضجيج والحب والكراهية والاعجاب والرفض, ما لم يثره الآخرون
                              حيث توفي في الثلاثين من أبريل ( نيسان ) في عام 1998
                              وترك لنا 35 ديوانا وكتابا, من أجمل ما كتب في الشعر العربي, وشجون الانسان العربي
                              عرف نزار قباني في شرق الوطن العربي وفي غربه, وقرأ له رجال ونساء, وأعجب به صغار وكبار, وصارت دواوينه مثل روايات احسان عبد القدوس, مما يزرع في المخدة أو يهجع في السرير

                              **المدلل**
                              ولد نزار قباني سنة 1923, في" مئذنة الشحم" في دمشق, ليعيش طفولته مدللا بين اخوته, في منزله الدمشقي الأصيل, وهو من البيوت الشامية القديمة, ويتكون من طابقين, أحدهما باحة مكشوفة مصنوعة من الرخام والأعمدة الرخامية, التي يتسلقها الياسمين الأبيض والورد الأحمر وفيها شجر الليمون, وفي منتصف الباحة نافورة مياه

                              نشأ نزار في هذا الجو الرومانسي الجميل, تربطه بأمه علاقة حميمة. فقد ظلت ترضعه من صدرها حتى بلغ السابعة من عمره, وتطعمه الطعام بيدها حتى بلغ الثالثة عشرة من عمره, حتى قالوا عنه انه يعاني من عقدة "اوديب" عاشق أمه, حتى أن بعض العلماء النفسيين أخذ يطبق علم النفس على شعر نزار, ويرى أن سر استعماله كلمة "نهد" هو طول فترة رضاعته

                              وعندما كان في الثالثة عشرة من عمره كان ضيوف أبيه يسألون: "ماهي اهتمامات نزار؟" فيجيبهم والده بكل بساطة :"ابني يريد أن يكون شاعرا" فيتغير لون سائليه, ويتصبب العرق البارد من جباههم ويلتفتون الى بعضهم قائلين: "لا حول ولا قوة الا بالله..قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا ، لكن نزار لم يبدأ حياته شاعرا بل بدأ بأشياء فنية أخرى مثل الرسم, وكان مولعا بالألوان ويصبغ الجدران بها. وأدرك أن لن يكون رساما عبقريا, فقرر أن يجرب الموسيقى والتلحين, فأحضر عودا وطلب من أمه أن تأتي له بأستاذ يعلمه العود والموسيقى. وبدأ يتلقى دروسه الموسيقية. لكن الأستاذ بدأ معه بطريقة غير موفقة, فقد بدأ يعلمه النوتة الموسيقية, وهي علم مثل الرياضيات, حسب قوله, وهو يكره الرياضيات
                              في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                              أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                              وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                              Comment


                              • #16
                                رد: مقالات كتبت بنزار قباني

                                ميلاده الشعري

                                كان عمره 16 عاما, عندما سافر سنة 1939 في رحلة بحرية الى روما مع المدرسة. وأثناء وقوفه على سطح السفينة, شاهد الأمواج والدرافيل, وهي تقفز حول الباخرة فجأة أول بيت شعري ثم الثاني والثالث الرابع, وهكذا
                                فنزل سريعا وكتب الأبيات كي لا ينساها ولا تضيع, واضعا اياها طي الكتمان حتى لايسخر أصحابه. ونام تلك الليلة, ولأول مرة في حياته, يوم 15 أغسطس شاعرا للمرة الأولى واستيقظ وهو شاعر أيضا التحق نزار بكلية الحقوق لدراسة القانون ولم يمارس قضية الدفاع في حياته الا عن قضية واحدة, وهي قضية المرآة
                                عندما كبر نزار قباني وصار شابا, لم ينفصل عنه الطفل, بل كبر معه بكل سلوكياته الصاخبة وأنانيته. وعندما فشل في أن يكون رساما أو موسيقيا, قرر أن يكون شاعرا, وهو يعرف تماما أن التفرد لن يكون الا بالاختلاف, وهي موهبة لا يجيدها كثيرون ومنذ ديوانه الأول "قالت لي السمراء" الذي أصدره نزار قباني, الطالب في كلية الحقوق, وعلى نفقته الخاصة, أثار هذا الصوت المختلف جدلا عنيفا, وصفه نزار في ما بعد فقال "لقد هاجموني بشراسة وحش مطعون, وكان لحمي يومئذ طريا ويسهل أن نتصور رد الناس على شاعر لم يبلغ العشرين من عمره يتوجه لهم بقصيدة عنوانها "خبز وحشيش وقمر" , ينتقد بها سلوكياتهم. فقد هلل أناس للقصيدة, بينما طالب آخرون برأس من قالها, ويبدو أن الضجة أثارت شهية الطفل الشاب نزار ووجدها أول سطر في كتابه الأسطوري
                                في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                                أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                                وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                                Comment


                                • #17
                                  رد: مقالات كتبت بنزار قباني

                                  دوديه طولي بالك علينا لنلحق نقرا
                                  حابه اقراهن بس شوي شوي
                                  الله يعطيكي العافيه عالمقالات
                                  ,,,,


                                  وحكايه حب لاتحكى في الحب يموت الإيضاح


                                  ,,,




                                  اني احـــــــــــــ وبعض الحب ذباح ــــــــــــــب
                                  ,,,,


                                  بحبك مارح تفرق معي حلوه القصيده مغيره

                                  Comment


                                  • #18
                                    رد: مقالات كتبت بنزار قباني

                                    العمل الدبلوماسي

                                    تخرج نزار سنة 1945 من كلية الحقوق في جامعة دمشق, ثم التحق بوزارة الخارجية السورية, وانتقل في العام ذاته الى القاهرة موظفا دبلوماسيا في السفارة السورية. وكان عمره انذاك 22 عاما, وكانت القاهرة في ذروة نضجها الثقافي والصحافي والاذاعي, وكان نزار يحمل في جعبته ديوان شعر جديد اسمه خارج عن المألوف في عالم الكتاب وهو "طفولة نهد". وكانت صياغته الشعرية غير مألوفة أيضا في ذلك الزمان قدم نزار الديوان لثلاثة من نجوم الفكر والصحافة والنقد, هم : توفيق الحكيم, وكامل الشناوي, وأنور المعداوي, الذي تحمس للشاعر الشاب, فكتب مقالا نقديا عن الديوان وحمله الى أحمد حسن الزيات, صاحب مجلة "الرسالة" المصرية. ولما كانت "الرسالة" كجلة محافظة, نشر الزيات نقد المعداوي, لكن بعد أن غير عنوان الديوان من "طفولة نهد" الى "طفولة نهر", فقال نزار تعليقا على هذا: "وبذلك أرضى (حسن الزيات) صديقه الناقد أنور المعداوي وأرضى قراء الرسالة المحافظين, الذين تخيفهم كلمة النهد وتزلزل وقارهم, ولكنه ذبح اسم كتابي الجميل من الوريد الى الوريد
                                    وهكذا شهدت القاهرة ميلاد شاعر انطلق في بيئة تحفل بطه حسين, وعباس محمود العقاد, وعبد القادر المازني, وعبد العزيز البشري, وأحمد أمين, وبشر فارس, ودريني خشبة, وأحمد حسن الزيات, ومصطفى صادق الرافعي, ومحمود حسن اسماعيل, وبيرم التونسي, وابراهيم ناجي, ونجيب محفوظ, ويحيى حقي, وعزيز أباظة
                                    وهكذا تعود على مصر وتعودت مصر عليه وصارت تعتبره واحدا من شعرائها أو من أولادها. لكن حياة الدبلوماسيين لا تستقر بهم, فانتقل نزار الى العمل في عدة عواصم بعد القاهرة, منها: أنقرة ولندن ومدريد وبكين وبيروت وظل نزار يعمل في الخارجية السورية أكثر من 20 عاما, حتى استقال منها عام 1966, وأسس دارا للنشر باسمه في بيروت, متفرغا بذلك لقراره الوحيد, وهوالشعر
                                    في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                                    أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                                    وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                                    Comment


                                    • #19
                                      رد: مقالات كتبت بنزار قباني

                                      زواج وطلاق

                                      تزوج نزار بعد سنوات من انتسابه الى السلك الدبلوماسي السوري, بقريبة له هي "زهراء أقبيق", أم ابنه توفيق وابنته هدباء. وقد جاء زواجه بها في مرحلة البدء في اقلاعه نحو عالم الكفاح الصعب بسيف الشعر ونحو آفاق الشهرة. وكانت زهراء "سيدة بيت", نمت وترعرعت في بيئة اجتماعية محافظة شامية تقليدية, وكانت اتصالات ورسائل "المعجبات" قد بدأت تنهمر على نزار انهمار المطر, من شتى أرجاء الوطن العربي, وكان نزار وسميا أنيقا رشيقا قويا رقيقا في آن, ولم تكن لدى زهراء قدرة تعينها على تحمل أن يكون زوجها لها ولغيرها, فكانت تسارع الى تمزيق رسائل المعجبات به وبشعره, ولم يكن ثمة مفر من تصادم الماضي بالمستقبل الآتي الأكثر تطورا وجمالا, فطلقها نزار بالحسنى
                                      وفي عقد الخمسينات ارتبط نزار بعلاقة, بحفيدة رئيس الوزراء السوري الأسبق "فارس الخوري", كوليت خوري, ابنه سهيل خوري, النائب الأسبق في المجلس النيابي السوري. وبعد زواجها بشاب اسباني فارع الطول ووسيم الملامح, أنجبت منه طفلتها الوحيدة, سجلت كوليت تفاصيل علاقة الحب العاصف التي جمعتها بنزار. وفي روايتها الأولى الشهيرة "أيام معه", وهي الرواية التي اشتراها المنتج السينمائي السوري صبحي فرحات لانتاجها للسينما, كان نزار هو بطل الرواية
                                      في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                                      أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                                      وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                                      Comment


                                      • #20
                                        رد: مقالات كتبت بنزار قباني

                                        على عرش بلقيس

                                        التقى نزار "بلقيس" للمرة الأولى, ولم يكن يعلم أن عقله وقلبه سيتعلقان بها الى هذا الحد المجنون, الذي دفعه رغم الرفض المتواصل, الى الاستمرار في التقدم لخطبتها حتى نال ما كان يحلم به, التقاها في حفل استقبال بسيط في احدى السفارات العربية في بيروت, وكان خارجا لتوه من أزمة وفاة زوجته الأولى"زهراء" الدمشقية, وولده "توفيق" الذي توفي اثر عملية جراحية للقلب في لندن, وهو لا يزال في الثانية والعشرين من عمره. وكانت ابنته الوحيدة "هدباء" قد تزوجت وانتقلت لتعيش مع زوجها في احدى دول الخليج العربي. كان نزار وحيدا تماما وكانت بلقيس قبيلة من النساء, هيفاء فرعاء يكاد شعرها يلامس الأرض في استرسال لم تر عين نزار مثله. هكذا رآها, عفية وهدارة بشكل جعله يعود الى كتابة الشعر مرة أخرى بعد توقف دام ثلاث سنوات, لم يكن يعرف له نزار مبررا. ويقول: "لكنها بلقيس, أعادت الحبر للأقلام مثلما أعادت الدماء للعروق
                                        تقدم نزار لخطبة بلقيس لأول مرة عام 1962, لكن عائلتها رفضت لما كانت تسمع عن نزار من أنه شاعر النساء والغزل والحب, ولم تأمن على ابنتها أن تعيش مع رجل كل كلامه عن النساء. وظل نزار يلاحقها باصرار شديد مدة سبع سنين, رفضت خلالها أشخاصا عديدين لأنها تحب نزار على الرغم من أنه يكبرها كثيرا, فهي لم تتجاوز 23 عاما, وهو في سن الأربعين
                                        وعاود الكرة عام 1969, وكانت الموافقة وتزوجا ليعيشا معا في بيروت, ورزقا بطفلين: زينب وعمر. ونعم نزار معها بحب عميق لا تشوبه شائبة ولا تعكر صفوه الأيام, حتى جاء اليوم المشؤوم الذي فقد فيه نزار كل شيء. فقد قتلت بلقيس عام 1981 في حادث انفجار دمر السفارة العراقية في بيروت, وصمت نزار لصيح وقد جن جنونه: "سأقول في التحقيق.. اني قد عرفت القاتلين..

                                        بلقيس..يافرسي الجميلة..انني من كل تاريخي خجول
                                        هذي بلاد يقتلون بها الخيول..
                                        سأقول في التحقيق:
                                        كيف أميرتي اغتصبت..
                                        وكيف تقاسموا الشعر الذي يجري كأنهار الذهب
                                        سأقول كيف استنزفوا دمها..
                                        وكيف استملكوا فمها..فما تركوا به وردا
                                        ولا تركوا به عنبا..
                                        هل موت بلقيس..هو النصر الوحيد في تاريخ كل العرب؟"

                                        وبكى نزار بمرارة زوجة سقته من حنانها 12 عاما, نعم فيها بالراحة والسكينة, وصار يجمع ولديه, زينب وعمر, ويغلق بابه منذ الغروب, بعيدا عن الناس, عله يسبح بخياله فيقابل طيف بلقيس
                                        في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                                        أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                                        وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                                        Comment

                                        Working...
                                        X