• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

Announcement

Collapse

قوانين المنتدى " التعديل الاخير 17/03/2018 "

فيكم تضلو على تواصل معنا عن طريق اللينك: www.ch-g.org

قواعد المنتدى:
التسجيل في هذا المنتدى مجاني , نحن نصر على إلتزامك بالقواعد والسياسات المفصلة أدناه.
إن مشرفي وإداريي منتدى الشباب المسيحي - سوريا بالرغم من محاولتهم منع جميع المشاركات المخالفة ، فإنه ليس بوسعهم استعراض جميع المشاركات.
وجميع المواضيع تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا يتحمل أي من إدارة منتدى الشباب المسيحي - سوريا أي مسؤولية عن مضامين المشاركات.
عند التسجيل بالمنتدى فإنك بحكم الموافق على عدم نشر أي مشاركة تخالف قوانين المنتدى فإن هذه القوانين وضعت لراحتكم ولصالح المنتدى، فمالكي منتدى الشباب المسيحي - سوريا لديهم حق حذف ، أو مسح ، أو تعديل ، أو إغلاق أي موضوع لأي سبب يرونه، وليسوا ملزمين بإعلانه على العام فلا يحق لك الملاحقة القانونية أو المسائلة القضائية.


المواضيع:
- تجنب استخدام حجم خط كبير (أكبر من 4) او صغير (أصغر من 2) او اختيار نوع خط رديء (سيء للقراءة).
- يمنع وضع عدد كبير من المواضيع بنفس القسم بفترة زمنية قصيرة.
- التأكد من ان الموضوع غير موجود مسبقا قبل اعتماده بالقسم و هالشي عن طريق محرك بحث المنتدى او عن طريق محرك بحث Google الخاص بالمنتدى والموجود بأسفل كل صفحة و التأكد من القسم المناسب للموضوع.
- إحترم قوانين الملكية الفكرية للأعضاء والمواقع و ذكر المصدر بنهاية الموضوع.
- مو المهم وضع 100 موضوع باليوم و انما المهم اعتماد مواضيع ذات قيمة و تجذب بقية الاعضاء و الابتعاد عن مواضيع العاب العد متل "اللي بيوصل للرقم 10 بياخد بوسة" لأنو مخالفة و رح تنحزف.
- ممنوع وضع الاعلانات التجارية من دون موافقة الادارة "خارج قسم الاعلانات".
- ممنوع وضع روابط دعائية لمواقع تانية كمان من دون موافقة الادارة "خارج قسم الاعلانات".
- لما بتشوفو موضوع بغير قسمو او فيو شي مو منيح او شي مو طبيعي , لا تردو عالموضوع او تحاورو صاحب الموضوع او تقتبسو شي من الموضوع لأنو رح يتعدل او ينحزف و انما كبسو على "التقرير بمشاركة سيئة" و نحن منتصرف.
- لما بتشوفو موضوع بقسم الشكاوي و الاقتراحات لا تردو على الموضوع الا اذا كنتو واثقين من انكم بتعرفو الحل "اذا كان الموضوع عبارة عن استفسار" , اما اذا كان الموضوع "شكوى" مافي داعي تردو لأنو ممكن تعبرو عن وجهة نظركم اللي ممكن تكون مختلفة عن توجه المنتدى مشان هيك نحن منرد.
- ممنوع وضع برامج الاختراق او المساعدة بعمليات السرقة وبشكل عام الـ "Hacking Programs".
- ممنوع طرح مواضيع او مشاركات مخالفة للكتاب المقدس " الانجيل " وبمعنى تاني مخالفة للايمان المسيحي.
- ممنوع طرح مواضيع او مشاركات تمس الطوائف المسيحية بأي شكل من الاشكال "مدح او ذم" والابتعاد بشكل كامل عن فتح اي نقاش يحمل صبغة طائفية.
- ضمن منتدى " تعرفون الحق و الحق يحرركم " بالامكان طرح الاسئلة بصيغة السؤال والجواب فقط ويمنع فتح باب النقاش والحوار بما يؤدي لمهاترات وافتراض اجوبة مسبقة.


عناوين المواضيع:
- عنوان الموضوع لازم يعبر عن محتوى الموضوع و يفي بالمحتوى و ما لازم يكون متل هيك "الكل يفوت , تعوا بسرعة , جديد جديد , صور حلوة , الخ ....".
- لازم العنوان يكون مكتوب بطريقة واضحة بدون اي اضافات او حركات متل "(((((((((العنوان)))))))))))) , $$$$$$$$$ العنوان $$$$$$$$$".
- عنوان الموضوع ما لازم يحتوي على اي مدات متل "الــعــنـــوان" و انما لازم يكون هيك "العنوان".


المشاركات:
- ممنوع تغيير مسار الموضوع لما بكون موضوع جدي من نقاش او حوار.
- ممنوع فتح احاديث جانبية ضمن المواضيع وانما هالشي بتم عالبرايفت او بالدردشة.
- ممنوع استخدام الفاظ سوقية من سب او شتم او تجريح او اي الفاظ خارجة عن الزوق العام.
- ممنوع المساس بالرموز و الشخصيات الدينية او السياسية او العقائدية.
- استخدام زر "thanks" باسفل الموضوع اذا كنتو بدكم تكتبو بالمشاركة كلمة شكر فقط.
- لما بتشوفو مشاركة سيئة او مكررة او مو بمحلها او فيا شي مو منيح , لا تردو عليها او تحاورو صاحب المشاركة او تقتبسو من المشاركة لأنو رح تنحزف او تتعدل , وانما كبسو على "التقرير بمشاركة سيئة" و نحن منتصرف.


العضوية:
- ممنوع استخدام اكتر من عضوية "ممنوع التسجيل بأكتر من اسم".
- ممنوع اضافة حركات او رموز لاسم العضوية متل " # , $ , () " و انما يجب استخدام حروف اللغة الانكليزية فقط.
- ممنوع اضافة المدات لاسم العضوية "الـعـضـويـة" و انما لازم تكون بهل شكل "العضوية".
- ممنوع استخدام اسماء عضويات تحتوي على الفاظ سوقية او الفاظ بزيئة.
- ممنوع وضع صورة رمزية او صورة ملف شخصي او صور الالبوم خادشة للحياء او الزوق العام.
- التواقيع لازم تكون باللغة العربية او الانكليزية حصرا و يمنع وضع اي عبارة بلغة اخرى.
- ما لازم يحتوي التوقيع على خطوط كتيرة او فواصل او المبالغة بحجم خط التوقيع و السمايليات او المبالغة بمقدار الانتقال الشاقولي في التوقيع "يعني عدم ترك سطور فاضية بالتوقيع و عدم تجاوز 5 سطور بحجم خط 3".
- ما لازم يحتوي التوقيع على لينكات "روابط " دعائية , او لمواقع تانية او لينك لصورة او موضوع بمنتدى اخر او ايميل او اي نوع من اللينكات , ما عدا لينكات مواضيع المنتدى.
- تعبئة كامل حقول الملف الشخصي و هالشي بساعد بقية الاعضاء على معرفة بعض اكتر و التقرب من بعض اكتر "ما لم يكن هناك سبب وجيه لمنع ذلك".
- فيكم تطلبو تغيير اسم العضوية لمرة واحدة فقط وبعد ستة اشهر على تسجيلكم بالمنتدى , او يكون صار عندكم 1000 مشاركة , ومن شروط تغيير الاسم انو ما يكون مخالف لشروط التسجيل "قوانين المنتدى" و انو الاسم الجديد ما يكون مأخود من قبل عضو تاني , و انو تحطو بتوقيعكم لمدة اسبوع على الاقل "فلان سابقا".
- يمنع انتحال شخصيات الآخرين أو مناصبهم من خلال الأسماء أو الصور الرمزية أو الصور الشخصية أو ضمن محتوى التوقيع أو عن طريق الرسائل الخاصة فهذا يعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال.


الرسائل الخاصة:
الرسائل الخاصة مراقبة مع احترام خصوصيتا وذلك بعدم نشرها على العام في حال وصلكم رسالة خاصة سيئة فيكم تكبسو على زر "تقرير برسالة خاصة" ولا يتم طرح الشكوى عالعام "متل انو توصلكم رسالة خاصة تحتوي على روابط دعائية لمنتجات او مواقع او منتديات او بتحتوي على الفاظ نابية من سب او شتم او تجريح".
لما بتوصلكم رسائل خاصة مزعجة و انما ما فيها لا سب ولا شتم ولا تجريح ولا روابط دعائية و انما عم يدايقكم شي عضو من كترة رسائلو الخاصة فيكم تحطو العضو على قائمة التجاهل و هيك ما بتوصل اي رسالة خاصة من هالعضو.
و تزكرو انو الهدف من الرسائل الخاصة هو تسهيل عملية التواصل بين الاعضاء.


السياسة:
عدم التطرق إلى سياسة الدولة الخارجية أو الداخلية أو حتى المساس بسياسات الدول الصديقة فالموقع لا يمت للسياسة بصلة ويرجى التفرقة بين سياسات الدول وسياسات الأفراد والمجتمعات وعدم التجريح أو المساس بها فالمنتدى ليس حكر على فئة معينة بل يستقبل فئات عدة.
عدم اعتماد مواضيع أو مشاركات تهدف لزعزعة سياسة الجمهورية العربية السورية أو تحاول أن تضعف الشعور القومي أو تنتقص من هيبة الدولة ومكانتها أو أن يساهم بشكل مباشر أو غير مباشر بزعزعة الأمن والاستقرار في الجمهورية العربية السورية فيحق للادارة حذف الموضوع مع ايقاف عضوية صاحب الموضوع.


المخالفات:
بسبب تنوع المخالفات و عدم امكانية حصر هالمخالفات بجدول محدد , منتبع اسلوب مخالفات بما يراه المشرف مناسب من عدد نقط و مدة المخالفة بيتراوح عدد النقط بين 1-100 نقطة , لما توصلو لل 100 بتم الحظر الاوتوماتيكي للعضو ممكن تاخدو تنبيه بـ 5 نقط مثلا على شي مخالفة , و ممكن تاخد 25 نقطة على نفس المخالفة و ممكن يوصلو لل 50 نقطة كمان و هالشي بيرجع لعدد تكرارك للمخالفة او غير مخالفة خلال فترة زمنية قصيرة.
عند تلقيك مخالفة بيظهر تحت عدد المشاركات خانة جديدة " المخالفات :" و بيوصلك رسالة خاصة عن سبب المخالفة و عدد النقط و المدة طبعا هالشي بيظهر عندكم فقط.


الهدف:
- أسرة شبابية سورية وعربية مسيحية ملؤها المحبة.
- توعية وتثقيف الشباب المسيحي.
- مناقشة مشاكل وهموم وأفكار شبابنا السوري العربي المسيحي.
- نشر التعاليم المسيحية الصحيحة وعدم الإنحياز بشكل مذهبي نحو طائفة معينة بغية النقد السيء فقط.
في بعض الأحيان كان من الممكن أن ينحني عن مسار أهدافه ليكون مشابه لغيره من المنتديات فكان العمل على عدم جعله منتدى ديني متخصص كحوار بين الطوائف , فنتيجة التجربة وعلى عدة مواقع تبين وبالشكل الأكبر عدم المنفعة المرجوة بهذا الفكر والمنحى , نعم قد نشير ونوضح لكن بغية ورغبة الفائدة لنا جميعا وبتعاون الجميع وليس بغية بدء محاورات كانت تنتهي دوما بالتجريح ومن الطرفين فضبط النفس صعب بهذه المواقف.



رح نكتب شوية ملاحظات عامة يا ريت الكل يتقيد فيها:
• ابحث عن المنتدى المناسب لك و تصفح أقسامه ومواضيعه جيداً واستوعب مضمونه وهدفه قبل ان تبادر بالمشاركة به , فهناك الكثير من المنتديات غير اللائقة على الإنترنت .وهناك منتديات متخصصة بمجالات معينة قد لا تناسبك وهناك منتديات خاصة بأناس محددين.
• إقرأ شروط التسجيل والمشاركة في المنتدى قبل التسجيل به واستوعبها جيدأ واحترمها و اتبعها حتى لا تخل بها فتقع في مشاكل مع الأعضاء ومشرفي المنتديات.
• اختر اسم مستعار يليق بك وبصفاتك الشخصية ويحمل معاني إيجابية ، وابتعد عن الأسماء السيئة والمفردات البذيئة ، فأنت في المنتدى تمثل نفسك وأخلاقك وثقافتك وبلدك ، كما أن الاسم المستعار يعطي صفاته ودلالته لصاحبه مع الوقت حيث يتأثر الإنسان به بشكل غير مباشر ودون ان يدرك ذلك.
• استخدم رمز لشخصيتك " وهو الصورة المستخدمة تحت الاسم المستعار في المنتدى " يليق بك و يعبر عن شخصيتك واحرص على ان يكون أبعاده مناسبة.
• عند اختيارك لتوقيعك احرص على اختصاره ، وأن يكون مضمونه مناسباً لشخصيتك وثقافتك.
• استخدم اللغة العربية الفصحى وابتعد عن اللهجات المحكية " اللهجة السورية مستثناة لكثرة المسلسلات السورية " لانها قد تكون مفهومة لبعض الجنسيات وغير مفهومة لجنسيات أخرى كما قد تكون لكلمة في لهجتك المحكية معنى عادي ولها معنى منافي للأخلاق أو مسيء لجنسية أخرى . كذلك فإن استخدامك للغة العربية الفصحى يسمح لزوار المنتدى وأعضائه بالعثور على المعلومات باستخدام ميزة البحث.
• استخدم المصحح اللغوي وراعي قواعد اللغة عند كتابتك في المنتديات حتى تظهر بالمظهر اللائق التي تتمناه.
• أعطي انطباع جيد عن نفسك .. فكن مهذباً لبقاً واختر كلماتك بحكمة.
• لا تكتب في المنتديات أي معلومات شخصية عنك أو عن أسرتك ، فالمنتديات مفتوحة وقد يطلع عليها الغرباء.
• أظهر مشاعرك وعواطفك باستخدام ايقونات التعبير عن المشاعر Emotion Icon's عند كتابة مواضيعك وردودك يجب ان توضح مشاعرك أثناء كتابتها ، هل سيرسلها مرحة بقصد الضحك ؟ او جادة أو حزينه ؟ فعليك توضيح مشاعرك باستخدام Emotion Icon's ،لأنك عندما تتكلم في الواقع مع احد وجها لوجه فانه يرى تعابير وجهك وحركة جسمك ويسمع نبرة صوتك فيعرف ما تقصد ان كنت تتحدث معه على سبيل المزاح أم الجد. لكن لا تفرط في استخدام أيقونات المشاعر و الخطوط الملونة و المتغيرة الحجم ، فما زاد عن حده نقص.
• إن ما تكتبه في المنتديات يبقى ما بقي الموقع على الإنترنت ، فاحرص على كل كلمة تكتبها ، فمن الممكن ان يراها معارفك وأصدقائك وأساتذتك حتى وبعد مرور فترات زمنية طويلة.
• حاول اختصار رسالتك قدر الإمكان :بحيث تكون قصيرة و مختصرة ومباشرة وواضحة وفي صلب مضمون قسم المنتدى.
• كن عالمياً : واعلم أن هناك مستخدمين للإنترنت يستخدمون برامج تصفح مختلفة وكذلك برامج بريد الكتروني متعددة ، لذا عليك ألا تستخدم خطوط غريبة بل استخدم الخطوط المعتاد استخدامها ، لأنه قد لا يتمكن القراء من قراءتها فتظهر لهم برموز وحروف غريبة.
• قم بتقديم ردود الشكر والتقدير لكل من أضاف رداً على موضوعك وأجب على أسئلتهم وتجاوب معهم بسعة صدر وترحيب.
• استخدم ميزة البحث في المنتديات لمحاولة الحصول على الإجابة قبل السؤال عن أمر معين أو طلب المساعدة من بقية الأعضاء حتى لا تكرر الأسئلة والاستفسارات والاقتراحات التى تم الإجابة عنها قبل ذلك.
• تأكد من أنك تطرح الموضوع في المنتدى المخصص له: حيث تقسم المنتديات عادة إلى عدة منتديات تشمل جميع الموضوعات التي يمكن طرحها ومناقشتها هنا، وهذا من شأنه أن يرفع من كفاءة المنتديات ويسهل عملية تصنيف وتبويب الموضوعات، ويفضل قراءة الوصف العام لكل منتدى تحت اسمه في فهرس المنتديات للتأكد من أن مشاركتك تأخذ مكانها الصحيح.
• استخدم عنوان مناسب ومميِّز لمشاركتك في حقل الموضوع. يفضل عدم استخدام عبارات عامة مثل "يرجى المساعدة" أو "طلب عاجل" أو "أنا في ورطة" الخ، ويكون ذلك بكتابة عناوين مميِّزة للموضوعات مثل "كيف استخدم أمر كذا في برنامج كذا" أو "تصدير ملفات كذا إلى كذا".
• إحترم قوانين الملكية الفكرية للأعضاء والمواقع والشركات، وعليك أن تذكر في نهاية مشاركتك عبارة "منقول عن..." إذا قمت بنقل خبر أو مشاركة معينة من أحد المواقع أو المجلات أو المنتديات المنتشرة على الإنترنت.
• إن أغلب المنتديات تكون موجهه لجمهور عام ولمناقشة قضايا تثقيفية وتعليمية . لذلك يجب ان تكون مشاركتك بطريقة تحترم مشاعر الآخرين وعدم الهجوم في النقاشات والحوارات. وأي نشر لصور أو نصوص أو وصلات مسيئة، خادشة للحياء أو خارج سياق النهج العام للموقع.
• المنتدى لم يوجد من أجل نشر الإعلانات لذا يجب عدم نشر الإعلانات أو الوصلات التي تشير إلى مواقع إعلانية لأي منتج دون إذن او إشارة إلى موقعك أو مدونتك إذا كنت تمتلك ذلك.
• عدم نشر أي مواد أو وصلات لبرامج تعرض أمن الموقع أو أمن أجهزة الأعضاء الآخرين لخطر الفيروسات أو الدودات أو أحصنة طروادة.
•ليس المهم أن تشارك بألف موضوع فى المنتدى لكن المهم أن تشارك بموضوع يقرأه الألوف،فالعبرة بالنوع وليس بالكم.
• عدم الإساءة إلى الأديان أو للشخصيات الدينية.
•عند رغبتك بإضافة صور لموضوعك في المنتدى ، احرص على ألا يكون حجمها كبير حتى لا تستغرق وقتاً طويلاً لتحميلها وأن تكون في سياق الموضوع لا خارجه عنه.
•الالتزام بالموضوع في الردود بحيث يكون النقاش في حدود الموضوع المطروح لا الشخص، وعدم التفرع لغيره أو الخروج عنه أو الدخول في موضوعات أخرى حتى لا يخرج النقاش عن طوره.
• البعد عن الجدال العقيم والحوار الغير مجدي والإساءة إلى أي من المشاركين ، والردود التي تخل بأصول اللياقة والاحترام.
• احترم الرأي الآخر وقدر الخلاف في الرأي بين البشر واتبع آداب الخلاف وتقبله، وأن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
• التروي وعدم الاستعجال في الردود ، وعدم إلقاء الأقوال على عواهلها ودون تثبت، وأن تكون التعليقات بعد تفكير وتأمل في مضمون المداخله، فضلاً عن التراجع عن الخطأ؛ فالرجوع إلى الحق فضيلة. علاوة على حسن الاستماع لأقوال الطرف الآخر ، وتفهمها تفهما صحيحا.
• إياك و تجريح الجماعات أو الأفراد أو الهيئات أو الطعن فيهم شخصياً أو مهنياً أو أخلاقياً، أو استخدام أي وسيلة من وسائل التخويف أو التهديد او الردع ضد أي شخص بأي شكل من الأشكال.
• يمنع انتحال شخصيات الآخرين أو مناصبهم من خلال الأسماء أو الصور الرمزية أو الصور الشخصية أو ضمن محتوى التوقيع أو عن طريق الرسائل الخاصة فهذا يعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال.
• إذا لاحظت وجود خلل في صفحة أو رابط ما أو إساءة من أحد الأعضاء فيجب إخطار مدير الموقع أو المشرف المختص على الفور لأخذ التدابير اللازمة وذلك بإرسال رسالة خاصة له.
• فريق الإشراف يعمل على مراقبة المواضيع وتطوير الموقع بشكل يومي، لذا يجب على المشاركين عدم التصرف "كمشرفين" في حال ملاحظتهم لخلل أو إساءة في الموقع وتنبيه أحد أعضاء فريق الإشراف فوراً.
See more
See less

اوسع السجون / المتأخر - د. ناديا خوست

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • اوسع السجون / المتأخر - د. ناديا خوست

    أوسع السجون


    قال: لو تزوجنا، أكان كل منا هكذا؟ أنا وحيد وأنت وحيدة؟ وحيد، وكل اولئك الناس حوله؟ أعرف أن نساء متنوعات لحقنه. وهل يرد امرأة تقصده؟! الشهامة! وأنا هل كنت وحيدة، والأيام أقصر مما أريد؟ آه، تعلم التنجيم إذن فعرف أن الانسان قد يكون وحيدا وسط المجموعة!
    نظرت إليه كما كانت تنظر إليه تماما. بملء عينيها! لم تر شعره الأبيض. بل رأته كما كان يوم عرفته. ابتسمت. مازال يتحدث في حماسة، مازال يظهر الوله ويطلق الهوى! كان هكذا يومذاك. لذلك لم يستطع أن يمشي على سكة القطار في عين الخضراء، ومشت هي عليها تحت ظلال الجوز! كانت النزهة مرتبة كي يكونا معا طوال النهار. وكان الربيع في أوله. وربيع دمشق يومذاك واضح الحدود. من جهة شمس دافئة وزهر وبراعم، ومن جهة برودة منعشة منذ تميل الشمس. والنسيم يحمل من الصباح إلى المساء عبق الزهر ولايملّ. على يسارهما صخور تعشش في كهوفها روح الإنسان القديم. صخور تشد الروح إلى السماء الزرقاء الصافية العميقة. وصخور ينساب عليها النبع. وصخور ملثمة بالأشجار على ضفتي النهر. وكانت الأغصان تمس صفحة الماء المندفع بمثل لهفته. أكانت تحرضه على البوح؟
    توقفت على سكة القطار، متوازنة، ونظرت إليه برهة. كان رشيقا، يزيد الحب من جماله. كان فاتنا بصدقه، بشعره الأسود، بنحافته. وكانت كلماته تنساب، تتدافع، تتألم، ترجو وتحلم. فتوهم أن في يدها فقط مفتاح البوابة إلى سعادته. قالت: رضوان؟ توقف دهشا؟ ماذا قلت؟ من رضوان؟ رجل تحبينه؟ ضحكت: لاأعرفه! رفع رأسه إلى رقعة السماء المطلة بين الصخور والأشجار: ياربي! أكان يشكوها الى رقعة السماء العميقة الزرقة؟ أم إلى إله قديم مختبئ في الكهوف؟ سارت على سكة القطار، وتكاثفت فوقها الأشجار. تبعها على الحصى المفروش على السكة، ثم واكبها. التفتت إليه مرة أخرى وتساءلت: هل سيبقى منه شيء حتى المساء إذا ظل يحترق باللهفة والشوق؟ ارتعش الليل في ذلك اليوم من الرطوبة لكنها لم تشعر ببرد الليل.
    مشيا. من طرف بينهما وبين النهر مجمعات من أشجار الحور، ومن الطرف الآخر تظهر بوابات بيوت طينية مغمورة بالشجر ويثغو أحيانا خروف وتطل أحيانا فتاة. كانت تسبقه وهي تمشي على السكة. ثم التفتت إليه فواجهته وهو على بعد خطوات. وقفا ينظر كل منهما إلى الآخر. رأت في عينيه بريق دموع. وبدا في ذلك الخندق الأخضر إنسانا نزل من الجبل ووقف أمامها وسيما طلق اللغة، نظيف الملابس، ناصع الأسنان. فكادت تقول له: مشيت مثل ذاك الذي سكن في كهوف هذا الجبل، لكن يومذاك لم تكن هناك حدود. وربما لم تكن كلمة "التسلل" موجودة في اللغة!
    هل سألها هناك أيضا، وهي تمشي على السكة وهو يواكبها على الحصى: تتزوجيني؟ وهل قالت له يومذاك: ليتنا نتبع طريق السكة إلى بيروت، كأنها تدعوه الى مدينة خارج الخرائط؟ يصعب عليها أن تربط الأمكنة إلا بالسعادة الواسعة التي كانت تنشرها صحبته. "كنت تلبسين يومذاك تنورة واسعة زرقاء، وقميصا أبيض! وكان شعرك يرف مع حركتك!" قالت: "كان ذلك هو طراز الفتيات في تلك الأيام!"
    كانت الحياة سهلة يومذاك، لباس الناس بسيط، وفي البلد مقاه تكتنفها الأشجار والأزهار. كانت البيوت تناسب طول الإنسان. كانت الأنهار تعيش والأشجار تعانق المدينة. كانت الأحلام هي الكبيرة لاالبنايات. وكانت أحلامها هي تمتد، لاتحبسها حدود. كانت ايمانا بأن الغد كبستان من زهر المشمش. من يستعجل الزواج يومذاك! تحمي نفسها مم، ممن؟ ولم يكن في مشروعها، وقت يحين الزواج، أن تهاجر من البلاد. قالت: "هل تترك هذه الصخور مكانها؟" لم تكن ذاقت الوحدة، وضعف الإنسان وقت يلين فيقبل ماظن أنه لن يقبله، ويدفع بعد ذلك الثمن.
    ماذا جمعهما فيما بعد، وكل منهما بعيد عن الآخر؟ أن الرجل الذي تركاه جالسا على كرسي من القش قرب النهر ليمشيا على السكة، مات مقتولا في سجن؟ أنهما التقيا في التفكير به، وكل منهما في طرف من الأرض؟
    كان يخرج من غرفته كلما سمع خطواتها وهي تعبر الممر إلى أرض الدار التي تظللها شجرة مشمش هندي. لا، ليس "كلما"! كان يتلكأ عندما يغضب منها! وكان أحيانا يفتح نافذته ليعكس الزجاج صورتها فيراها من غرفته! عرفت ذلك يوم رأت بنت الجيران تراقبه بزجاج النافذة!
    كانت تصادف أحيانا بعض الفتيات في أرض الدار، وتفهم أنهن بنات الجيران أتين ليستعرن، في الظاهر، شيئا من صاحبة البيت. وفي الحقيقة كي يجلسن قليلا ويتحدثن معه. لكن ذلك لايعنيها! لماذا يعنيها؟ مابينهما أعمق من أن يخترقه حب آخر. هل كانا يختلفان هنا؟ هل كان يريد أن يكون مابينهما حبا عاديا فيه غيرة وانتظار وغضب، وينتهي بزواج؟
    للزمن قرار آخر! وصلتها منه رسالة، مرة. وجد شبيهتها! نسخة أخرى في الشكل واللون والحركة! أحبته تلك الغريبة، وقبل حبها زمنا. كتب في رسالته: "تركتها هائمة تمشي على الأرض!" فغضبت: لايحتاج الرجال نذلا آخر! تركها هائمة؟ غضبت عليه! لم تشعر بالغيرة، بل بالحزن على الفتاة!
    يوم التقيا صدفة في مطار من المطارات، كان يودع رجلا، وكانت هي تعبر المطار إلى بلد آخر. نهض ملهوفا عندما رآها. وبرقت الدموع في عينيه. أهناك قال لها إنه ترك شبيهتها وهناك قالت له إنها لامته لأنه جرح فتاة تحبه؟ كانا يكتبان قصة بالعمر، بالأمكنة، كأنهما يصفّانها قطعة، قطعة. لم يتبيناها كاملة إلا هنا في مملكة الصمت. جلسا على حجر، وتناول يدها. قلّبها بين كفيه وقبلها. ركع أمامها. لم تكن أية قطعة منها أقل قداسة من الأخرى. فلماذا تشد قبضتيها وتبعد قدميها! كان هناك إنسانا تجاوز مايستوقف الرجال أو يقيدهم. كان لايخجل بأن يبوح بحبه كله، ويكشف ليالي شوقه وحزنه. كانت هي أغنيته التي ينشدها أمام الغرباء. فهل أراد أن يحيي قيس ليلى؟ منذ تلك الأزمنة خجل الناس بالحب وأخفوه، وأهانوه كي يظهروا أنهم أكبر منه! فهل تحمل حبك على كتفك من بلد إلى بلد، كي يعيش قيس العرب في العصر؟
    في مملكة الصمت عرفت أنصاف الحقائق الأخرى، أنصاف الصور الأخرى، ووضعت الجزء إلى جانب الجزء. لم تفرقهما إذن جروح الحرية، والحدود، والرياح التي عصفت بالبلاد! فرقتهما أيضا الخلافات بين أهل البيت! فهل كان ينشد حلما مبهجا، ويرسم صورة ملونة على أفق قاتم؟ ويبعث أمامها قيس وليلى في الزمن المعاصر؟ ويعلن أن أراغون وإلسا موجودان هنا أيضا؟ كان يعرض البطاقات البريدية إذا وصلته منها وقت يعرف أحدهما عنوان الآخر. ويعرض الرسائل التي تكتبها إليه وتبرأ بها من ثلج الغربة وسمائها المنخفضة. في ذلك المقطع من الحياة كانت تعرف عنوانه. لكنها وقت نزلت من القطار في المدينة التي يوجد فيها تفادته. كانت وحيدة، ومريضة. نزلت في الفندق الذي كان يسهر فيه. اختارت طاولة في قاعة صغيرة لاترى من قاعة الطعام الكبيرة. لبست ثوبا في مثل لون قلب الموجة، وشعرت بأنه يجلس هناك صامتا معها. تناولت القليل من الطعام، شربت القليل من عصير البرتقال، ثم صعدت إلى غرفتها. وفي الصباح مشت أنيقة إلى السفارة المقصودة فجددت جواز سفرها. صمدت للأسئلة، فبدت مغتربة غنية، ليست من المشبوهين في زمن القلاقل، الذين لاتمدد لهم الجوازات. وعادت إلى الفندق. عبرت الردهة التي يعبرها، وجلست في القاعة الصغيرة وقلبها يرتعش. هل كانت تخاف من السعادة إذا رأته؟ هل كانت تتفادى ليالي الأرق التي ستتبعها؟ يوم صادفته في مدينة أخرى انزلق لسانها فعرف أنه كان قربها في الفندق نفسه. آه، ماذا فعلت! من ذلك الفندق، وهي جالسة في القاعة الصغيرة اتصل بها في تلك الليلة، إلى البلد الآخر ليطلب أن تزوره! ثم عاد فجلس خائبا في قاعة المطعم الكبيرة! "كنت في الفندق نفسه وأنا أصغي إلى دقات هاتفك؟!" تركها برهة وابتعد إلى المغاسل ليخفي انفعاله. ثم عاد إليها وأثر الألم في وجهه، والبريق في عينيه. عاتبها. تريدين أن تحمليني كما تحمل صورة في الجيب وكما يحمل تمثال صغير في الحقيبة! ترحلين بي في اتجاهاتك، لكنك لاتتوقفين لتكوني مع الأصل الحي! ماذا تقول له؟ كانت الحياة تندفع في اتجاه آخر. "يعلم الله متى تعودين إلى بلدك!" ترد على نفسها: "ذات يوم سأعود إلى بلدي! لكنه لن يعود!" سألها لماذا؟ لماذا؟ فلم ترد عليه! كانت على كل حال مريضة، لم تزر حتى النهر الذي تحبه، لم تصعد الطريق ذا الفوانيس، لم تقصد المقهى الصغير ذي المقاعد الخشب! لم تسع إلى شيئ تحبه يومذاك! تذكرت أنه قال لها مرة وهو يتبع خطوطها مبهورا: ألم تتأملي نفسك في المرآة؟ لكنها، لم تترك صورتها في المرآة! وكان هو وقتذاك جالسا في مطعم الفندق، كالمنفيين، يدخن ويتحدث ويخرج من جيبه صورتها ويعرضها لأصدقائه القدماء. آه، لايعرف أن حبه دون أرض يعشش فيها! لم ترسم مجموعة من الرجال الغرباء الحدود قبل مولدهما كي تقسم البلاد، بل كي تمنعها من العبور إلى مدينته وتمنعه من العبور إلى مدينتها!
    أخرج الصورة من جيبه يوم التقيا. ورأت نفسها شابة مضيئة العينين، ترفع رأسها، كما طلب المصور، لينهمر الضوء على وجهها، وليتألق شعرها. كانت أفراح الحياة هناك، في حركة الرأس وفي العينين. كانت في تلك الصورة كشحرور لاعمر له، لانهاية له. سألت نفسها وهي تنظر إلى الصورة: أنا؟ قال: أخذتها منك، وأوصلتك بالتكسي إلى البيت الذي ستلتقين فيه بأصدقائك لتسافروا منه في الفجر! كنت تلبسين ثوبا أخضر.. وكانت رائحة الصابون تفوح منك، وبشرتك مازالت دافئة من الماء. آه كيف تتذكر التفاصيل؟ عذابه أنه يحفظ التفاصيل! تحيط به الصور، يسمع الكلمات والأصوات، يحس بالمشاعر التي مضت! قال: أي شقاء! تساءلت: شقاء أن تبقى الأيام شابة، والأصوات نضرة؟! كان يقصد أمرا آخر! لكنه لم يحك لها عنه يومذاك. لم يقل لها إن الانتقام في العصور كلها يختار بقعة القلب النضرة! "اختلفت معه، وفي الاجتماع التالي كنت مقابله، وفي الثالث كنا نتحدث بلغتين. بعد ذلك أعلن لي: لن تتزوجها أبدا، طالما كنت حيا! لن تصل أبدا إلى مدينة تكون هي فيها!" كانت جميع مفاتيح تلك المدن في يديه! روى لها ذلك في مملكة الصمت! كانت إذن تنفذ أمرا لاتعرفه يوم مرت بإحدى مدنه وتفادت أن تراه! لم يمت إذن أهل قيس وليلى أبدا! وصلوا أحياء إلى أبعد الأجيال عنهم، إلى أبعد الرجال عنهم! الحرمان من الحب عقاب في المنافسات السياسية على مدى الدهر!
    ألذلك أنشد في تلك الأيام: "ياويل درب لايضيعني"، فغضبت عليه؟ ألذلك كان يبدو كأنه يريد أن ينتحر؟ نظرت إليه. كان يرفع رأسه كي يبتلع الدموع. وفهمت أنه شهد مقتل المثل قبل الاحتفال بمقتلها. عبر، هو ومنافسه، السجن. فأين بدأت العداوة بينهما؟ كان قبلها يؤمن بالأساطير التي تنسج عنه، وكان ينشرها. لكنه خلال الاجتماعات به تبين بعد الأسطورة عن الحقيقة! خطؤه، أو مجده، أنه أعلن ذلك مبكرا، فافتتح معركة يصعب أن يجد لنفسه فيها مؤيدين. وكان الحب جرحه المفتوح. ضعفه المعلن. بعد ألف سنة أوقف على منصة قيس نفسها ونفذ فيه الحكم!
    في مملكة الصمت عرفت الصفحات الضائعة! كانت تتلقى نظرات مريبة. فتتساءل لماذا؟ قال لها أصدقاء، كأنما من الغيرة عليها: يجب أن تتزوجي! صمتت من التهذيب. فهل يتفق مشروع تحرر الإنسان، مع إلغاء الحب من الزواج؟ حضرت في تلك الأيام عرضا واسعا: مر أمامها رجال طوال وقصار، سمر وشقر، سمان ونحاف. ذهلت: "كم كان أبي إذن راقيا! لم يلزمني بمثل ذلك العرض!" كادت تعترف له وقت التقيا لقاء سريعا: وقت سمعت صوتك في التلفون تقول لي مرة أخرى: تتزوجيني؟ كبحت لساني في البرهة الأخيرة! لكنها صمتت. يجب أن يبقى مابينهما أعلى من الطوارئ. وماذا تقول له، ألا يعرف أن الخلاف مع مجموعة في الغربة مفزع، يحوك حول الخارج عليها الوحدة والشبهة؟ تصبح المدينة الكبيرة المليئة بالمتاحف والمسارح والكتب صغيرة كالسجن! نظر إليها زمنا. هل خمن مافكرت فيه؟ هو، كاد ينقل بالطائرة ويسلم لسجن بلده! "أصحابك حموني!" تبتسم. كيف يقال الفرد غير مهم؟ الفرد يحمي، والفرد يجعلك تتجاوز همك، والفرد قد يحاصرك! كانت محظوظة بالنوعين! حولها من يجرح ومن يداوي الجرح! ترى هل شكت له بينها وبين نفسها خيبتها وهي في غرفتها باكية كالأطفال في الليل؟ هل قويت بالوهم وهي تقول لنفسها: سيشق الأرض ويصل إلي إذا ناديته، سيرسل جنيا يطير بي إليه؟ هل كان الأمان، هو غير الآمن! تنظر إليه، فتقابل حبه فترخي عينيها. كم التقت به إذن في أرض مختلفة اللون عن الساحة التي نصب تمثالها فيها!
    تتذكر كم كانت ثمينة وهي بين يديه. كأنها تحفة قد تنكسر! كأنها إبداع استثنائي يحتاج المتعبدين! يقول لها: ألاتنظرين إلى نفسك في المرآة؟ تنظر إليه وتكاد تضحك من الصورة التي يراها. ثم تنسى ذلك وتندفع مبتعدة. فيتساءل: هل ستنتهي مما يشغلها ذات يوم؟ ومع ذلك يتابعها مبهورا وهي تخترع مشاريع ترسمها، يظنها خيالا حتى تنفذها. ثم يقول: والمشروع الموجود أمامك تجعلينه حلما بعيدا! تهربين كالسنجاب! فتهمس لنفسها: آه، حبه الثابت دون مدينة ثابتة تؤويه!
    يومذاك لم يقبل أن يلف له البائع الهدية التي اختارها لها. مشى في الطريق يحمل سنجابا مزهوا بذيله! وضعه على طاولتها. فتذكرت أنها لم تر في دمشق إلا سنجابا واحدا كان معروضا في واجهة مخزن على كتف الصالحية، يعرض اسطوانات ولوحات وتحفا صغيرة. والسنجاب ينظر من وراء الزجاج إلى المارين متأهبا للهرب. تعبره عندما تتناول من بائع زهر إلى جانبه حزمة مرغريت بربع ليرة. قال وهو يشير إلى السنجاب: أنت! سألته: بلونه؟ رد: بخفته في الهرب! قالت: رأيت مثل هذا السنجاب، بلونه نفسه. لكنه كان قطة! القطة المدللة، بنت البيت العربي! وفتشت ذاكرتها: هل صادفت السنجاب؟ لم أصادفه! فعلى أية شجرة رآه؟ آه، ظننتك قادما من الصحراء!
    يوم رأت السنجاب في غابة على طرف بحيرة دارت حول الشجرة وتابعته. وقصدت تلك الغابة لتقتفي أثر السناجب. في المساء الذي صادفت فيه السنجاب خابرها. دهشت! كيف عرف مقرها؟! لكنها لم تبح له بأنها التقت بسنجابه في ذلك اليوم في الغابة. بعد ربع قرن وصلت منه رسالة يذكر فيها السنجاب؟ قال: "وماتزال الصنوبرة تحن للسنجاب"! فرفعت عينيها، كما رفعهما مرة في إحدى المطارات!
    لا، لم تصادف قبل ذلك السنجاب إلا في الكتب! صادفت البلابل والشحارير! يوم مشيا في الغوطة كانت تلك أيام الزهر. والغوطة غابات متصلة تحتفل بزهر المشمش. كان حاجز البستان من الدكّ في مكان، ومن البيلسان في مكان. وكان شجر الجوز ينتصب عاريا معتدا بقامته. مشيا في درب، مواكبين الساقية. وعبرا معها البساتين. تركته مرات ووقفت على الحجر الذي يوزع الماء حصصا بين البساتين. وقتذاك غرد شحرور، فكادت توقف تنفسها كيلا يسمعه ويهرب. غرد الشحرور نشيدا ثم صمت برهة ثم غرد. هل قدر فترة صمت الشحرور ولذلك صفر مغردا مثله؟ كبحت ضحكتها. استمع إليه الشحرور، وعاد إلى نشيده. لم يبال به! لكنهما معا ألّفا أغنية مستمرة للأشجار، للبساتين، لزهر المشمش. نظر إليها: لك! التفتت نحوه: أنت أم الشحرور؟ لا، لم تفه يومذاك بكلمة! استمرت في المشي وابتعد تغريد الشحرور. كانت سوق الحور رشيقة، ترسم في البعد مايشبه ضباب الصباح. وخلفها في عمق البستان كان أصحابها حول دخان يتجمع يتعرج ويصعد حرا في هدوء. وعبق الحطب يفوح حتى الدرب الذي تمشي فيه. آه! تسلقت مرة مثل تلك الشجرة، وجلست على فرعها لتلتقط لها زميلاتها صورة. كانت يومذاك في رحلة مدرسية. لاشك أن في كثير من مجموعات الصور تلميذات استندن إلى شجرة لتلتقط لهن هناك صورة! وحول تلك النار، أيضا، التقطت صور، يخترقها الدخان! ذلك الشعير الأخضر كان يصل إلى خصرها في صورة أخرى قديمة! كانت صغيرة يخيل إليها وهي تعبره أنها تخترق غابة. أمام مجموعات الزهر الأصفر على طرف البستان المهملة التقطت صور كانت فيها تركب حمارا صغيرا زينت جبهته بالخرز الأزرق، وكان رأسها مزينا بشقائق النعمان.
    هي من هناك! كالجوز والحور. وهو؟ لماذا يتسرب إلى تلك الدروب، ويبحث عن تلك الأمكنة؟ أهو قادم من الصحراء؟ سائح؟ أم صاحب هوى؟ أم يقتفي أثرها هناك، كما تقتفي أثر السناجب في الغابات؟! لمس خطواتها. فهل يعرف أنه ترك إلى جانبها خطواته! لم تكن كتلك الورقة التي التقطها وخبأها في جيبه! كانت شفافة، وقد رأتها بعد ربع قرن هناك. مشت على حافة الساقية، بحثت عن الحجارة التي توزع حصص الماء على البساتين. وصادفت الجوز المعتد بجسمه الفارع، والحور الفضي، والدخان الذي يتعرج في هدوء. سمعت شحرورا يغرد، وملأت هي فترات صمته بالصفير. كانت الساقية فارغة من الماء، كان الجوز مريضا، اقتلعت أكثر البساتين، كان يصعب أن تجد دربا تمشي وحدها فيه. لكن لابأس! تناولت حبات العمر من الأرض، فحصتها في كفها، ثم نثرتها في الأرض المفلوحة. كم كانت تلك السنوات جميلة! كم كانت تلك البلاد جميلة! وكم كنا شبابا يومذاك!
    لماذا إذن حكم علينا بأن نعبر الثلج والمطر والريح، منفيين لارحالة إلى الحضارات الغريبة؟ لماذا.. في ذلك العمر؟! نظرت إلى رسالته على طاولتها. وكان الثلج يملأ النافذة. وهي تتساءل كيف عرف عنوانها. سألتها رفيقتها التي قرأت أول سطر في الرسالة: سنجابي؟ من يسميك سنجابا؟! ردت: هس! الرسالة ليست لي! اكتشفت فائدة التسمية التي تموّه الاسم! موّهته؟ نظرت إليها رفيقتها: صرت تفتحين رسائل أصدقائك السناجب؟ أم تستعيرينها مصادر للبحث الجامعي؟! نظرت إلى رفيقتها. "آه لاتعرفين كيف يكون الإنسان مهملا وحيدا وهو محبوب، فقيرا معدما وهو غني!" تأملتها رفيقتها دهشة: صرت ماهرة في الهمهمة؟! أجابت: ماهرة في خنق الشوق!
    لمس في جيبه الورقة. كان فمها مرسوما عليها. كانا يطلان على البحر. عشية فراق جديد يركب فيه كل منهما طائرة في اتجاه. بجواز سفر ملفق أو دون جواز سفر. هاهي بيروت التي كانت في نهاية السكة، بيروت التي بدت في عين الخضراء مدينة خارج الخرائط! تتكئ على بحر أزرق وهما يطلان معها على الروشة والبحر! في برهة كان يمكن أن يساقا وتقفل عليهما جدران السجن. وتمر شهور لايعرفان فيها اليوم من الآخر والليل من النهار. ويعلن أن شخصين خطرين سقطا في الفخ، وتعلق أوسمة على الصياد. كان البحر مدهشا بزرقته في ذلك اليوم. كان نيليا في مكان، فيروزيا في مكان، وكانت هي تشهق كلما هرعت إلى الشاطئ موجة فستقية مكللة بالزبد الأبيض. بعد الطعام مسحت شفتيها بورقة ووضعتها في الصحن. تناول تلك الورقة وهي مشغولة بلون قلب الموجة! وبحث فيما بعد طويلا بين الأقمشة عن ذلك اللون.
    بعد عشرين سنة أم أكثر، قال لها إنه التقط تلك الورقة وخبأها في جيبه؟ أم تراه التقط ورقة مثلها، في لقاء آخر؟ تغديا في بيت أصحابهما في الجبل. وكانت فيروز تغني. لم يحمل معه إلا أغنياتها! كان رحالة يسافر في الليل، كلما هبت عاصفة على بلد يقيم فيه تمزقت خيمته! يستدعونه ويطلبون أن يجيب على "بعض" الأسئلة. وكأنهم يكتشفونه يومذاك فقط! فيفهم أنه يجب أن يرحل. تصل إليه رسائل تحذره. ويتساءل وهو يعبر الحدود خلسة في الليل، ماشيا خلف الدليل: هل كانت هذه البلاد كلها حقا بلدا واحدا؟! وهل يعيش البدو فقط في الخيام؟! في تلك المرة، في ذلك البلد، سألوه عنها. فارتعش. ينشد حبها أمام أصحابه، لكن هذا المكان ليس لذلك النشيد! قلّب الرجل الجالس خلف الطاولة كتابا بين يديه: هذا خطها، وهذا الكتاب مهدى إليك منها! كيف فكوا توقيعها، كيف عرفوا خطها؟ ارتعش من الخوف عليها.
    يوم التقيا بعد أشهر كاد يلمسها متفقدا. نجت! اخترقا الكابوس إذن! لكن الدماء تسيل على أرض الشوارع. أضيف حنين جديد إلى بلد آخر غير فلسطين! حنينها! وهو المهاجر مرة ثالثة، في أية اتجاهات يوزع حنينه؟ سننتظر حتى يصحو العرب كي يعود كل منا إلى مدينته! حتى ذلك اليوم، سأسأل عن الأيدي التي تتلف في السجون. سأسأل عن الليالي التي يبددها الأرق، عن الدم المسفوح والدمع! نظرت إليه. نجونا نحن من امتحان الكرامة! لكن أصحابنا هناك! فلاتحدثني عن الحب! هل تذكرهم؟ كنا معا في أول الربيع، وفي أول الربيع نتساءل في الصباح، هل نلبس الجاكيت أم نتركه. في الباص لم أنظر إلى الطريق. كنت من المشغولين بالأحاديث والألعاب. فلم أر المطر المنهمر إلا وقت وصلنا إلى الجبل. حمل كل منا زوادته وبحث مع مجموعته عن ثنية في الجبل تؤويه من المطر. فجأة رأيتك تتسلل إلينا. هل اتفقت مع ذلك الذي اشتريت معه خمرا من الدير، خبأتماه بجريدة؟ زوّرت قصيدة قيس، ودفعتني إلى مكان ليلى! لكن قيسا لم يكن يعرف شعر ليلى الطويل، ولم يعتب لأنها قصته! بعد المطر وجدنا أول زنبق في الربيع. غنينا، ودبكنا. ضحكنا. تدفق الفرح. أعرف أنك كنت تنظر إلي وأنا أنظر إلى الجبل! بحثت معنا عن الزنبق، وقلت: لايحتاج إلى بحث! أصحابنا في تلك الرحلة بقوا هناك! فلاتحدثني عن الحب!
    كنت خبيرا بالغربة والتهجير. أنا كنت أجربهما أول مرة في أول العمر. في تلك الغرفة على الجبل، بين أصحاب جدد، رأيت شابة تنظر إليك في وله. وكنت أحبها. أمسكت بيدها ومشيت معها خارج البيت، بين الصخور. جمعنا الزعتر البري. وتأملتها وهي تغسله في عناية وتضعه على الطاولة التي ستتناول عليها طعامك. تعرف أنك تحبه! رويت لي في إحدى المدن، فيما بعد، أنها تسللت إلى غرفتك في الليل. كانت صبية نضرة وجميلة، أحبتك. لم أبح لك بأنها كتبت لي: "غدا أتزوج! أحببته، وأحببتك! أتركه لك!" كانت رسالتها مبقعة بالدمع. لكنها دموع شباب لاتهدده أحزان لايستطيع دفعها. شباب يستطيع أن يمشي في الطرقات التي مشى فيها أمس، ولايتلفت حذرا. وإذا اغترب يستطيع أن يرسل الرسائل إلى أهله وأصحابه مزهوا بالمدن التي يزورها. تتركك لي؟ ماأنضرها؟ طويت سرها. لم أبح به!
    بعد الزعتر البري وصل مساء واهن ساحر. تركنا ذلك البيت على الجبل والصبية وفيروز فيه. كان الشارع مغريا. لايعرف الرغبة في المشي إلا من يحرم منه! بدأت العتمة تطوي ألوان المساء وترتبها في صندوق الليل. بعد خطوات تبينت أن المشي معك مستحيل! وجهك نحوي طول الطريق! في بلاد أخرى تبعد الشبهة عن الفارين أن يمشوا متعانقين. لكن الحب في هذا البلد يجذب الشك! استدرت وقلت لك يعود كل منا الى مأواه! قال: تهربين؟ وبدا الحزن فيه. ففتشت يده الأولى ثم يده الثانية. وقالت: لايوجد مصباح! هدأ ولان! تذكره بليلة هربها منه! انزلقت من المجموعة وعادت الى البيت. في تلك الأيام كانت تنام ملء عينيها. لماذا ارتعشت؟ غمر ضوء ساطع وجهها! ثم تبينته واقفا خلف النافذة يوجه ضوء الكشاف عليها! حدقت فيه فيما بعد متسائلة: كيف يستطيع أن يجمع العقل إلى الجنون؟! كان غضبها كالعاصفة يهب كلما جن. لكنها وهي تواكب البحيرة ماشية، وحيدة، غريبة، اعترفت لنفسها بأنه كان مبهرا بجنونه. ورغم البرد خلعت قفازيها من الدفء.
    لم تتساءل مع من هو الآن؟ من التي تهواه اليوم؟ كانت في مساحة لايمكن أن يوجد فيها سواهما. وعندما كان العالم يبدو لها مقفرا وباردا وتبدو صغيرة ضائعة فيه، كانت تردد: هو في مكان ما! ولابد أن يظهر في البرهة الضرورية!
    كانت إسرائيل موجودة في جميع تلك الأزمنة بينهما. كانت تبني مدنا، وتعلّم صغارها أن العرب همجيون وخطرون ومتخلفون، أرضهم لها وقتلهم حلال. وكان العرب يظنون أنهم أباطرة البلاد، وأن المصير لايجسر على تكرار سنة 1948. كان يشغل الزعماء السياسيين الشعب المشاغب، الأحزاب المنافسة، قدرة مخافر الحدود على مراقبة المسافرين، شطب الأسماء من قوائم طالبي العمل أو الموظفين، تنظيف الجيش والتعليم من العناصر الخطرة. وإياك أن تهمس هذا خطأ أو هذا صواب! في إحدى تلك السنوات حدث احتلال إسرائيلي جديد، فسمح العرب للمنفيين بالعودة إلى المدن التي لم تحتل بعد.
    عاد. هاهو دون الأسرة التي اختارها ودون الأسرة التي ورثها! نفذ إذن ماكتبه لها في رسالة منذ عشر سنوات: "لن أموت قبل أن أرى الأعزاء علي!" لم يقبل جنسية غريبة! هكذا نحن، تسلبنا بلادنا الجنسية الموروثة، ونرفض الجنسية المهداة! فنعيش دون أوراق ثبوتية في عالم يرتبنا بلون المنشأ، ولون الاتجاه!
    صحا الزعماء العرب بعد الهزائم؟ مرحبا! فقدوا من مزقوه، جميع المنفيين، والمبعدين، والمسجونين! فليحاربوا بالمدللين المنافقين! تطلب إسرائيل أن يسجدوا لها كما طلبوا منا أن نسجد لهم! كسبت الوقت الذي انشغلوا فيه عنها بنا! وكسبت ضعفنا وموتنا! مع ذلك لم يصحوا! ولن!
    يوم عبرت البوابة إلى مملكة الصمت كانت الطرقات ماتزال مقطوعة بين مدينته ومدينتها. فجرّته إلى مطل على الشوارع التي كان يمكن أن يمشيا فيها، وقالت: لاتحزن! لن نستطيع أن نمشي هناك ولو سمح لنا بذلك! فالمدن التي عرفناها لم تعد موجودة! فقدنا مدينة المشاة! لن يهف الياسمين وزهر النارنج! لن تشعر بأنك ملك الأرصفة! لن ترى أسراب العصافير الدورية! لايوجد غراب يسرق الجبن، ولاأحد اليوم يعرف "الشوحة"! وفوق نافذتك لن تعشش الستيتية! لكننا في مملكة الصمت. هنا، نستطيع أن نمشي كما نشاء! تعال!
    مشى معها تحت السرو، وعبرا أشخاصا بملابس بيضاء ناصعة. ثم توقف. لاتوجد أمكنة في مملكة الصمت تجمعهما! لانهر يجلسان على ضفته، ولاسكة قطار تمشي أمامه عليها وهو يتبعها! ولاصخور يخيل إليها أنه نزل من كهوفها! آه، كانت الحياة التي تفرقهما هي التي تجمعهما! خسراها ولن يكسبا هذه! من يستطيع أن يكسب الموت! أغمض عينيه. لو تعود تلك الأيام .. لو تعود المدن المفقودة! لو!
    هل فقدناها؟ لا! بل فقدها من بعدنا! مساكين! في ذلك المساء عاد حاملا زجاجة عطر. صبها على يديها. فالتفتت عنه كيلا يرى بريق عينيها. أخرج صورتها القديمة من جيبه، وبكى! على أي شهيد أو قتيل تبكي؟ على المدن، على السنوات أم على نضارة الشباب المسفوك في الغربة! نظرت إليه: تركت هناك السلسلة الذهبية التي علقت لي فيها حجرا صافيا شفافا كالدمعة! خرجت من البيت مسرعة! لم أتناولها! لو بقيت برهة أخرى لما نجوت! أحاطت بيتي عشرات السيارات العسكرية! تبتسم؟ لماذا؟ خطرة على أمن الدولة! تسخر؟ لكن ذلك حدث حقا! يتكرر ذلك مرة في هذا البلد العربي ومرة في ذاك! من الحدود تجر فتيات إلى هذا الجانب أو إلى ذاك. إذا أردن الخروج منعن منه، وإذا أردن الدخول منعن! في هذه البرهة لست كذلك، لكني كنت، وقد أكون! أمر، لكن شخصا يحدق في أوراقي مرتابا: تمر؟! كيف تمر؟! لذلك تأملت في تأن جنة حواء، وخيل إلي أن مخافر الحدود بدأت من هناك!
    أنت، قل لي، كيف نجوت بقلبك ولهفتك من تلك الأعاصير؟ في العالم الذي شيع فيه الحب وكفّن، ودفن، كيف استطعت أن تحمي الحب؟ أكان ذلك حب امرأة، أم حب زمن مزين بريش الطاووس والأجراس والخرز الأزرق! تكاد تسأله عن ذلك لكنها تصمت! لذلك جلست على الأرض. هزت الودع في كفها ورمته وبدأت تقرأه وتفحصه. منذ متى ياسنجابي تقرئين الودع؟ هل تقرئين الكف أيضا؟ راقبها مسحورا. وقال لنفسه: كانت تمارس السحر إذن، لذلك جرتني وراءها ثلث قرن! قالت له: وقت كان الزمن الخاطف يبدو طويلا في الغربة، كانت رفيقاتي يشربن القهوة لينقبن في خطوط الفنجان باحثات عن القدر. فكنت أفتح الباب وأخرج فتبدو الدنيا واسعة حتى في الثلج والسماء عالية حتى في الشتاء. لكن تعال الآن لنتبع الصدف إلى البحر! ابتسم: فلنتبعه! وسارا على طرقات من ماء وهواء في مملكة الصمت.
    ورأته طفلا يرفع يديه كأنهما تستطيعان حماية رأسه من القصف. قيل: الأمان في الملجأ فقط. فأين الملجأ! والبلاد غفت في وهمها، والملوك يقتفون أثر المشاغبين! مرت الطائرات فوق رأسه، وهرب منها. اندفع مع الناس. ظن مثلهم أن العراء هو المكان الآمن. لكن الأمان كان هربا فقط في اتجاه تقودهم إليه الطائرات!
    "عندي كان غير ذلك! ظنت أمي أن أطباق النحاس تحمي من القنابل والرصاص، فوضعتها بيني وبين الجدار. قدرت أن الطائرات والمدافع من جهة ذلك الجدار! لكن القنبلة سقطت من أعلى فوق بيت الجيران!"
    في أول نشيد كتبه أطلق الغضب المغلول خلال البحث عن ملجأ من الطائرات، والطفل يهرب من أرضه ومدينته ومن كل ماأحبه. كتب ذلك النشيد لنفسه وهو يجرب اللغة التي تعلمها في المدرسة. لم يكن في المدرسة غير تلك القصيدة، فدفعوه ليقرأها عندما زار زعيم البلد المدرسة في عيد من الأعياد الوطنية. فاستمتع بيده الناعمة السمينة، المرصعة بخاتم، يد امتدت الى ذقنه ورفعت وجهه: شاطر! موهوب! سيكون شاعرا عظيما، فاعتنوا به!
    كانت يومذاك بين صفوف تلاميذ المدرسة الذين وضعوا في استقبال ملك بلدها! أوقفت في الصف الأول لأنها بيضاء، على رأسها شريطة بيضاء، وفي قدميها جوربان أبيضان قصيران. مر الملك بين صفوف التلاميذ. يومذاك أيضا كان يقدم أصحاب الملابس المرتبة المكوية والوجوه الجميلة، أو الأولاد المحظوظون بأهل مهمين. توقف ملك البلد قربها ونظر إليها نظرة طويلة فالتفتت إليه المعلمة: سنعنى بها، ياملك الزمان!
    هكذا رصدت لكل منهما عناية خاصة. بدأت بأوراق مزخرفة اسمها مرحى، وبسجل الشرف المذهب المعلق على الحائط، وانتهت بسجلات في المرافئ والحدود!
    في أيام المرحى وسجل الشرف المذهّب كان زمن تلك المدن دون نهاية. شمس وماء! لاجوع ولابذخ. في الشوارع سيارات قليلة، أكثرها باصات. في الشوارع مشاة، والمقاهي رخيصة، ظليلة، والبساتين على بعد خطوات: في نهاية الطريق، على كتف المدرسة، خلف البيت، في سفح الجبل، حول بيت الأصحاب. والسواقي تقطع الطرقات، وحيث يتجمع الماء بط ووز، وفي السماء شحارير وأسراب من الدوري والغربان.
    هل قطعت كل ذلك دبابة وقفت على زاوية الطريق ذات فجر؟ "كنت ذاهبة إلى المدرسة. ففاجأتني دبابة. في التقاطع رأيت دبابة أخرى. المدرسة مغلقة. والمديرة مضطربة تقول للتلاميذ: عودوا إلى بيوتكم في هدوء! كنت صغيرة. فتفرجت على ذلك في فضول. لي لم يكن ذلك يعني السجون وسجلات الحدود."
    قال لها: "كانت الهجرات بحثا عن العشب، أو الدفء. أصبحت بحثا عن الحرية." كم هجرة أو تهجيرا رأى في عمره؟ التهجير من اسكندرون. من فلسطين. من القدس. من الجنوب. من الجولان، من المدن المحتلة. من الأنظمة الظالمة. هربا من السجون. من التعذيب. إلى الخليج ومن الخليج! وإلى بلاد الأرض بحثا عن الملجأ والعمل!
    يومذاك لم تنزل الدبابات إلى الشارع. نزل البصّاصون. الشارع خطر، والبيت خطر. لامأوى ولاأمان! مداهمات واعتقالات. موت "تحت التعذيب". نزع الجنسية. والصحف تعد الانتصارات والإنجازات والتقدم والرخاء. شوارع، أبنية، جسور، أنفاق، بوابات عالية، نفاق، تصفيق، شعارات، زينات، احتفالات، طبول، صفوف من الأطفال والتلاميذ والشباب والكهول على حافة الطرقات، في المداخل، على السلالم، في القاعات، لهز الأعلام والورود والهتافات.
    "العدو على طول الحدود؟ فليكن! يجب أن أسوي مسألة الداخل أولا!" ممن؟ من المشاغبين! بعد سنوات طويلة، انطلقت العصابات في الطرقات. رددت هي أيضا: "يجب أن نصفي مسألة الداخل أولا!" كيف اتفق النقيضان؟ كيف؟ أوقفوه: أنت مع من؟ لم يتذكروا أن اسمه كان في سجل الشرف..
    لماذا تصر على تعريف ذلك الزمان؟ دعه! فليكن زمن الصغائر! فليكن زمن جني ثمار الشوك! يجنيها من لم يزرعها؟ نحن؟ دع الزمن! سأدعه! وأنا أشكره! لأني أخذت ظلامه الواضح، ولم تلحقني فوضاه إلا في الهزيع الأخير! اسكت! لاهزيع أخير بعد!
    تمسك بيده وتمشي في مدن الأمس، في شوارع الأمس، تعبر أنهار الأمس، ويجلسان على الضفة تحت الأشجار. شوشك يومذاك صوت الماء! كان هو الملك الثرثار. تركناه حيث يقفز على الجذوع ويلعب بالضفاف، ويتحدث بصوت عال، وقصدنا النبع. ماء صاف شفاف، فوق صخور مرقشة بالسواد، يرتعش دون صوت. وفوقنا صخرة كبيرة جميلة، ونحن فوق ذرى الشجر. وذرى الصخور تمسك بالأفق. عدنا إلى الطفولة التي كنا نرغب فيها التسلق لنرى ماحولنا من مرتفع. من فوق رأينا أصحابنا جالسين حول طاولة من الخشب على كراس من القش. وكان هو بينهم. يوم انطلق البصاصون إلى الشوارع، وهجعوا في الزوايا، فاجأوه وخطفوه. أعرف أنك بكيت عليه! أعرف أنك لم تنامي في تلك الليالي، لأني لم أنم. "في أيامنا يغبطون المحظوظ بالموت في فراشه!" "وهل مات هو على صهوة الخيل؟ قتل مقيدا معذبا في السجن!"
    قالت له يوم صادفها في إحدى المدن: صادفت صورة من صوري بين جمع. كانت مصائرهم كلهم محزنة! ماتوا شبابا. بعضهم قتل في السجن، بعضهم اغتيل، بعضهم استشهد، وبعضهم طقّ من الغم! لعلني الوحيدة التي تعيش حتى اليوم!
    أكانت تلك الصورة هي التي التقطت لنا في رحلة، في معرض الكتب، في اللقاء العربي، في الاستقبال؟ كنت فيها خلفك! تسللت في نهاية الاحتفال. هربت مني. عرفت أنك تعودين مشيا. فسبقتك. مازال ظهري يحمل أثر تلك الليلة! تكورت على نفسي خلف باب البناء وانتظرتك. سمعت جارك يقول، كأنه شعر بي: من هناك؟ فردت عليه جارتك: قد تكون قطة! كورت نفسي كي تسعني زاوية تسع قطة! منذ تلك الليلة أشعر بألم في ظهري، وأحنو عليه لأنه يذكرني بك!
    "ياللمجنون!" علق في إطار خلف مكتبه ورقة كتبتها مرة له! كانت صارمة في توازنها. لذلك كان يرعبها جنونه! يكاد يسألها في أي عمر تعلمت أن تكبحي التعبير عن الحب وتخنقي الشوق؟ ألا تدركين حقا ماذا خسرت؟ تقول لنفسها: لاتعد الخسائر! ولكن هل منها عرض العواطف! يقول لها وهما يمشيان في مملكة الصمت: آه، ياسنجابي! لو تعرفين أن الإنسان يستمتع بحبه وهو يتحدث عنه وينشره على حبال الهواء والضوء وعلى باقات البنفسج! لذلك أنشد قيس هواه! تجيبه: هنا نختلف! يردد: نختلف؟! يضحك. نختلف وقد جرفتنا ريح عاصفة واحدة؟! ترد: ريح عاصفة لم توحد المدن ولم تجمع الناس! ومازلنا نحلم بأيام العثمانيين، أيام لم تكن بيننا حدود!
    مشيا تحت السرو حتى المنعطف فوقف وسألها: تتزوجيني؟ ياللمجنون! لايعرف بعد أن ماحرما منه في الحياة لايستعاد! لايستعاد شيء أبدا في مملكة الصمت! رفعت عينيها لتبتلعا الدموع، وعندئذ فهم أنه في سجن واسع، لامخرج منه.. وقرب شجرة السرو سقطت بعض الدموع .


    __________________________________________________ _____________________





    المتأخر


    لم يومن بالحظ في حياته، حتى يوم اشترى ورقة يانصيب . فهل يضطر إلى الإيمان به بعد موته؟ بم يفسر إذن ما حدث؟
    ولد بعد خمس بنات. فكان يفترض أن يكون مولده فرحة عظيمة في الحي كله. لكن زغردة واحدة لم تسمع في بيت أهله أو في بيوت جيرانه. لم يحدث ذلك لأن ابن شيخ الحارة ولد في ذلك اليوم نفسه، في تلك الساعة نفسها. بل ولد ثلاثة صبيان في حارته يومذاك حتى سميت تلك السنة سنة الصبيان. لكن ابن شيخ الحارة خطف الانتباه إليه باحتفال مشهود. نقل السجاد من بيوت المولودين في ذلك اليوم، وقطعت أغصان الكينا حتى من الشجرة التي غرسها جد الصبي وعقدت قوساً على بوابة شيخ الحارة . وهناك كانت العراضة الكبيرة التي بدت كأنها تهنىء قادماً من الحج!
    سمعت في البيوت سخرية من ذلك، لكن الساخرين أنفسهم مشوا إلى بيت شيخ الحارة وقدموا له التهنئة والهدايا، ورووا له أن منجماً أكد مولد نابغة يحمل أبوه صفات المختار نفسها تماماً. انشغلت الحارة كلها يومذاك بالمنجمين والتنجيم وأعلنت أن الخير سينتشر في البلاد كلها طوال حياة المولود السعيد، وأن الكوارث ستنزل بها إذا مرض. لذلك قررت الحارة أن تحرس صحته .
    قدم أهل الصبي يومذاك الكراوية لأصحابهم، في السر. لكن هؤلاء الأصحاب ذاقوا مقدار ملعقة منها فقط، ولم يمنعهم الخجل أن يعلنوا: لم تترك كراوية المختار مكاناً لغيرها‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍! ووصفوا الكراوية التي قدمت في بيت المختار: زبادي كبيرة، ملأى بالفستق واللوز وجوز الهند!
    يجب أن يعترف بأن حظه سيء! لولا ذلك لا نزلق كي يولد تحت نجم آخر! فرغم الأحداث التي واكبت مولده، كان في المدرسة متفوقاً.لكنه لم يذق مرة الاحتفال بتفوقه، حتى بين أهله. فالحارة كانت ترتب الاحتفالات بتفوق ابن المختار في دراسته في اليوم والساعة التي ينوي أهله فيها الاحتفال به. ويوم أحاط أهله احتفالهم بالسر خوفاً من العين ومن المصادفات، فوجئوا بما لم يتوقعوه: مات رجل وقور من أجداده. فتكتموا على موته كيلا يفسدوا الاحتفالات بتفوق ابن المختار، لكن هل يمكن أن يحتفلوا هم بابنهم!!
    لحقته المصادفات حتى في ختانه. دعي الأهل والأصحاب إلى سيران في البستان. وحضّر أهله اللحم والرز . لكن ابن كبير التجار وصل يومذاك من غربته الطويلة فخرج أهل الحارة لاستقباله، ومعهم المدعوون إلى الختان من أقربائه . هل فضلوا الحفلة الكبرى للفرجة على الأجنبية الشقراء التي قيل إنه أتى بها، ووصل صيت جمالها بالبريد قبل أن تصل!
    أصبح يتوقع الأحداث الكبيرة كلما فكر باحتفال أو دعوة يجمع فيها أصحابه . فكان يبتسم سائلاً أمه: هل تريدون عرساً أو مأتماً أو احتفالاً يهز الحارة؟ فيفهم من يسمعه مقصده . نعم، لم يعرف في عمره، أو يعرفوا، أن حارته لم تشاركه في حزنه وفرحه!
    هل نسي ذلك كله يوم سحرته زميلته فأحبها، ولم يحترس فأظهر حبه! انتظرها ومشى معها ورأسه مستدير إليها كأن حفر الطريق لا توجد، ولا يوجد الرجال الغلاط الذين لا يفهمون أنه شريكهم في الأرصفة! دفعه أحدهم مرة حتى كادت كتفه تنكسر، وكاد يقع لو لم تمسك به حبيبته.
    في ذلك اليوم اكتشف حبها العميق له! لو لم يرفض اقتراحها لأوصلته هي حتى موقف الباص، أو لأركبته تاكسي يوصله إلى باب بيته! بعد ذلك اليوم تجولا في طرقات المدينة حتى كاد يخيل إليه أنها انتهت . فهل يلومها بعد ذلك إذا تركته؟
    رآها تركب سيارة فخمة إلى جانب رجل، وفهم لماذا اختفت من مجال رؤيته . تذكر أن ذلك التاجر الغني راقبها وهي تمشي معه . واكتشف رشاقة خطوتها وأناقة جسمها وحركة شعرها الذي يرف في ايقاع! ألم يلمح تلك السيارة مرات خلال سيرهما في الشوارع؟
    عجز الحب عن الدفاع عن النفس أمام أموال التاجر وفخامته!
    لذلك طلب من أمه أن تخطب له فتاة من حي بعيد، من أسرة متواضعة، وأن تبقي الخطبة في السر حتى ليلة العرس . فقالت أمه لأهل العروس أنها تخشى الحسد والعين، وأكدت أن العرس المطنطن سيعوض الخطبة السرية .
    كان يتلفت كلما زار بيت خطيبته، ليتأكد أن شخصاً لم يتبعه .وكان كالسمن والعسل مع خطيبته وأهلها . كانوا يتركونه وحده مع خطيبته عندما يحضرون القهوة . فيسمحون بالحد الممكن من خلوة لا تمنع الشابين من التعارف، ولا تسمح به.
    رتبت خطوات العرس، وعلقت بذلة العروس في غرفتها لتحفظ بهجة السر . وانشغل الأهل بشراء التفاصيل التي يعرفون أنها ستظل ناقصة حتى يستكملها الزوجان عندما يكتشفان أن الحب يأكل ويطبخ وينام وينشر الغسيل، ويغلي الثياب البيضاء في وعاء، ويبدل شراشف السرير، ويهتم بكبس المخلل في قطرميزات، وبحبك البامياء حبالاً لتجف . ويمد الملوخية على ملاءات .
    كيف وصل في تلك الزحمة ذلك الشاب مع أمواله التي كنزها في عشر سنوات في الخليج؟ قالت أم الفتاة لأمه الذاهلة: قدم ابنك خير! لم يخطبها قبله أحد! لم تخترها امرأة من نساء الحارة لابنها! منذ خطبها ابنك نستقبل كل يوم خطابين، فنفهمهم أنهم تأخروا لأن البنت مخطوبة . لكن النصيب يخرس اللسان . عندما زارنا أهل هذا الشاب أعجبوا بالعروس، ولم يثنهم ما أعلناه فعادوا مع ابنهم . رآها صدفة، صدفة . وكأن الله، جل اسمه، أغلق أفواهنا عندما طلبها بنفسه منا! نصيب.. نصيب..
    قالت أمه: بل الأموال، الأموال! يلحقك الأغنياء أينما مشيت، ويتبعون خطاك يا ابني حتى أكاد أؤمن بالجن، أستغفر الله! يحلو في عيون الناس كل ما تمد يدك نحوه! ينتبهون إلى ما تنبه إليه! لم تقل له أمه: يسرقون اللقمة من فمك! لكنه فهم ما لم تقله .
    ما العمل إذن؟ هل قرر في ذلك اليوم أن يترك الدنيا لأهلها القادرين على إنفاق الأموال على الفتيات وإغراء العرائس، وترتيب الاحتفالات بالولادة والختان ونجاح الأولاد في المدارس والجامعات والأعمال؟ هل أحب تلك الفتاة التي لم ينتبه إليها أحد قبله، ولذلك لم يطق بعدها الحياة؟
    قالت أمه: بحثت تحت الملاءات وفي البيوت المظلمة حتى اكتفشتها. لولا ملابس الخطبة وصبغ الوجه بالحمرة لما انتبه إليها أحد . مع ذلك كبّرها ابني بموته في عين خطيبها! فوصل خطابون جدد إليها بعد مأتمه . أنا أعرف أنه لم يمت من الحب! ولكن من يفهم ذلك! لم يحزن الأم أن ابنها طق ومات، فقط. بل أن ابن شيخ الحارة الذي ولد معه في اليوم نفسه، مات بعده بدقائق . وفي ذلك اليوم نفسه وقع سقف مقهى فخم فوق مجموعة من الشباب كانوا يرقصون مع مجموعة من الشابات الجميلات. صاحت أمه: يا ويلي، لحقوه حتى إلى القبر!
    لم يجد أهله آسا يتقدم جنازته ويزين قبره! وكم كان يحب الآس! لم يجد أصحابه حتى زهر الأكاليل الرخيص لجنازته، ولم يجدوا حتى شرائط سوداء يشيرون بها إلى موته.
    انشغلت أمه عن الحزن بالتفكير في مصيره: لم يعطونا حتى الآن رخصة بدفنه! قال لها صاحبه: البلد كلها مشغولة بغيره! وكاد يقول لها " قدمه خير " لكنه صحح جملته فقال: قدمه جرّارة! وروى لها أنه رآه يدخل مطعماً يكاد يفلس، فإذا بالناس يتدفقون إليه!
    بعد ذلك الكلام تسلل بعض الشباب خائفين على أنفسهم، وقالت النساء: فأل الله ولا فألك!
    وصل الشاب إلى المقبرة في أول المساء، دون آس ودون أكاليل . لم يجد سيارة ينقل بها ويعلن منها اسمه ويقال: ترحموا عليه يرحمكم الله! لو لم يحمله أصحابه المخلصون الذين أتوا إليه بعد حضورهم مأتم ابن شيخ الحارة، لبقي في الحارة كأنه لم يقصد الخروج منها . رفعوه على أكتافهم مرة، ووضعوه على الأرض مرة . التفتوا فلم يجدوا أحداً غيرهم وراءه . فاضطر أولئك الأصحاب المخلصون إلى الاعتذار من صديقهم المحبوب، فالطريق طويل، والعزم قليل، والله نفسه لا يأمر إلا بما يستطاع! تركوه فكشف الغطاء ونهض، وأكمل طريقه الطويل ماشياً .
    لم تعرف تلك التفاصيل أمه التي جلست وحيدة في البيت . لكنها قدرت وهو بعد أمام الباب أنه لن يصل إلى ملجئه الأخير إلا بشفقة الملائكة . فتركته هناك وجلست في صدر الغرفة كمن ينتظر المعزين . يجب أن تقوم بذلك الطقس من طقوس المأتم على الأقل! فلا صوت بكاء يعلن للميت أن فراقه مؤلم للمحبين، ولا تلاوة تخفف عنه الوحدة وتشعره بأنه يودع في مهابة . ولا زهر ولو كان "الغريب"! فالمقرئون والأزهار والناس في اتجاه آخر، تستدعيه عواطف أخرى منها طلب الستر ومنها الطموح.
    من غير الأم يستطيع أن يتخيل الغرفة الفارغة مزدحمة بالملائكة الطيبين، يلبسون ملابسهم البيضاء النظيفة ويجلسون صامتين! جلست الأم بينهم مستمعة إلى الحفيف حتى فتح الباب ودخلت امرأة عجوز فكادت تظنها من الجن . ثم تأملتها وفهمت أن الانسان إذا تقدم في السن ضيع أنواعاً من العواطف، منها الشعور بالخوف . وبدا لها أن الإنسان إذا فقد من يخاف عليهم ويحبهم، فقد الرغبة في الحياة . لم تكن أم المتوفى قد شارفت على تلك السن . لكنها باحت للمعزية العجوز بشعورها بالراحة، لأن ابنها وصل إلى مكان وزمان لا سباق فيه . وقالت لها: يستمتع من يتحمل أثقال الحياة بمرة واحدة يحمل فيها على الأكتاف .
    وكان ابنها وقتذاك يمشي في الطريق الطويل . ويرى الأكاليل معلقة على الجانبين، والآيات القرآنية والكلمات المأثورة على ورق كبير، في إطارات من خشب معلقة على شرفات البيوت .
    رأى من الأزهار ما لم ير مثله في حياته كلها . واستمتع بذلك . لو يستطيع أن يواسي أمه ويقول لها: وفرت ذلك عليك وعلى أصحابي، فها هو الزهر يحف بطريقي من أوله إلى آخره!
    توقف برهة عند البوابة . هل يودع الأمس الذي امتد على حياته؟ هل يودع المدينة التي لم تودعه؟ لا مجال للعتب أو الحزن! فالعالم الجديد، أيضاً، لم يرسل موفداً لاستقباله! دفع البوابة وكانت بوابة رائعة، واسعة، مزخرفة، مدهونة باللون الأبيض، خلفها أشجار كثيفة، حديقة عظيمة! لم يجد عند الباب حارساً يدله إلى مكانه، فهل يستطيع أن يصل إليه في هذه العتمة؟ من يتناول منه الورقة التي في يده؟ من يسجله؟ هنا أيضاً لا مكان له؟ أيتكرر هنا أيضاً ما حدث له يوم عبر المسافرون كلهم الحدود قبله مع أنهم وصلوا بعده؟ وما حدث يوم حمل أوراقه إلى المؤسسة ليطلب عملاً، فنودي كل من كان بعده؟ قال لنفسه: يا للحرية! وتجول حراً كالهواء .
    تجول حتى غيبت العتمة الأشجار والأرقام . وعندئذ سمع ترتيلاً شجياً فتبع الصوت . فرأى هناك ابن شيخ الحارة كالمحتفى به وسط شباب وكهول عرفهم في حياته . رأى وسط مرج من الشموع والأزهار، الأغنياء الذين خطفوا منه يومه الأخير، والفقراء المحتفين بهم! سحرته الشموع والأزهار والثياب الناصعة التي تتألق في ضوء الشموع . أينضم إليهم ويرتل معهم؟ أيترك مأتمه ليشترك في احتفالهم؟
    استدار عن ذلك السحر . قرر أن يتجول في العتمة . لكنه وجد نفسه وسط حلقات من الناس، وراءها حلقات . كان اتجاه حركتها نحو المركز حيث ابن شيخ الحارة والأغنياء والفقراء والشموع . فاندفع عكسها . لكنه كان يقاد إلى المركز كلما خطا خطوة في الاتجاه المعاكس . كأن ريحاً تدفعه . وكان يبدو كأنه هو الذي اختار اتجاهه .
    سلطانة ٌ و الكل يعرفني

    ستُّ النساء ِ يغازلـُني المطرْ

    الشمس ُ في كفي تداعبني

    ومن السماء ِ يمازِحـُني القمرْ

  • #2
    رد: اوسع السجون / المتأخر - د. ناديا خوست

    جيدا
    أن أحب امرأة واحدة .. خير من أن تحبني نساء الأرض جميعاً ..

    صار وقت الجد و هالمرة عن جد .
    فـ من له عينان .. فليقرأ منيح .

    ( المطر ما بيحلا إلا هون على هالمنتدى .. فأكيد أنا هون )
    هل عندَكِ شك أنك أحلى و أغلى امرأة في الدنيا ؟
    برأيي ما لازم تشكي نهائياً
    كلما قدَّسكِ المطرُ .. اذكريني

    Comment


    • #3
      رد: اوسع السجون / المتأخر - د. ناديا خوست

      ولوووووو جيدا
      طويلة كتيييييييييييييير
      بس هلء رح سجل متابعة
      بس وعد بس افضا رح اقرأها كلها


      When you have a free mind and free heart
      So you have your freedom
      Infinity and eternity



      Comment


      • #4
        رد: اوسع السجون / المتأخر - د. ناديا خوست

        نبيد ميرسي كتير الك

        انس .. انو قصة يعني ما رح تكون اقصر .. ميرسي لمرورك
        سلطانة ٌ و الكل يعرفني

        ستُّ النساء ِ يغازلـُني المطرْ

        الشمس ُ في كفي تداعبني

        ومن السماء ِ يمازِحـُني القمرْ

        Comment

        Working...
        X