• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

Announcement

Collapse

قوانين المنتدى " التعديل الاخير 17/03/2018 "

فيكم تضلو على تواصل معنا عن طريق اللينك: www.ch-g.org

قواعد المنتدى:
التسجيل في هذا المنتدى مجاني , نحن نصر على إلتزامك بالقواعد والسياسات المفصلة أدناه.
إن مشرفي وإداريي منتدى الشباب المسيحي - سوريا بالرغم من محاولتهم منع جميع المشاركات المخالفة ، فإنه ليس بوسعهم استعراض جميع المشاركات.
وجميع المواضيع تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا يتحمل أي من إدارة منتدى الشباب المسيحي - سوريا أي مسؤولية عن مضامين المشاركات.
عند التسجيل بالمنتدى فإنك بحكم الموافق على عدم نشر أي مشاركة تخالف قوانين المنتدى فإن هذه القوانين وضعت لراحتكم ولصالح المنتدى، فمالكي منتدى الشباب المسيحي - سوريا لديهم حق حذف ، أو مسح ، أو تعديل ، أو إغلاق أي موضوع لأي سبب يرونه، وليسوا ملزمين بإعلانه على العام فلا يحق لك الملاحقة القانونية أو المسائلة القضائية.


المواضيع:
- تجنب استخدام حجم خط كبير (أكبر من 4) او صغير (أصغر من 2) او اختيار نوع خط رديء (سيء للقراءة).
- يمنع وضع عدد كبير من المواضيع بنفس القسم بفترة زمنية قصيرة.
- التأكد من ان الموضوع غير موجود مسبقا قبل اعتماده بالقسم و هالشي عن طريق محرك بحث المنتدى او عن طريق محرك بحث Google الخاص بالمنتدى والموجود بأسفل كل صفحة و التأكد من القسم المناسب للموضوع.
- إحترم قوانين الملكية الفكرية للأعضاء والمواقع و ذكر المصدر بنهاية الموضوع.
- مو المهم وضع 100 موضوع باليوم و انما المهم اعتماد مواضيع ذات قيمة و تجذب بقية الاعضاء و الابتعاد عن مواضيع العاب العد متل "اللي بيوصل للرقم 10 بياخد بوسة" لأنو مخالفة و رح تنحزف.
- ممنوع وضع الاعلانات التجارية من دون موافقة الادارة "خارج قسم الاعلانات".
- ممنوع وضع روابط دعائية لمواقع تانية كمان من دون موافقة الادارة "خارج قسم الاعلانات".
- لما بتشوفو موضوع بغير قسمو او فيو شي مو منيح او شي مو طبيعي , لا تردو عالموضوع او تحاورو صاحب الموضوع او تقتبسو شي من الموضوع لأنو رح يتعدل او ينحزف و انما كبسو على "التقرير بمشاركة سيئة" و نحن منتصرف.
- لما بتشوفو موضوع بقسم الشكاوي و الاقتراحات لا تردو على الموضوع الا اذا كنتو واثقين من انكم بتعرفو الحل "اذا كان الموضوع عبارة عن استفسار" , اما اذا كان الموضوع "شكوى" مافي داعي تردو لأنو ممكن تعبرو عن وجهة نظركم اللي ممكن تكون مختلفة عن توجه المنتدى مشان هيك نحن منرد.
- ممنوع وضع برامج الاختراق او المساعدة بعمليات السرقة وبشكل عام الـ "Hacking Programs".
- ممنوع طرح مواضيع او مشاركات مخالفة للكتاب المقدس " الانجيل " وبمعنى تاني مخالفة للايمان المسيحي.
- ممنوع طرح مواضيع او مشاركات تمس الطوائف المسيحية بأي شكل من الاشكال "مدح او ذم" والابتعاد بشكل كامل عن فتح اي نقاش يحمل صبغة طائفية.
- ضمن منتدى " تعرفون الحق و الحق يحرركم " بالامكان طرح الاسئلة بصيغة السؤال والجواب فقط ويمنع فتح باب النقاش والحوار بما يؤدي لمهاترات وافتراض اجوبة مسبقة.


عناوين المواضيع:
- عنوان الموضوع لازم يعبر عن محتوى الموضوع و يفي بالمحتوى و ما لازم يكون متل هيك "الكل يفوت , تعوا بسرعة , جديد جديد , صور حلوة , الخ ....".
- لازم العنوان يكون مكتوب بطريقة واضحة بدون اي اضافات او حركات متل "(((((((((العنوان)))))))))))) , $$$$$$$$$ العنوان $$$$$$$$$".
- عنوان الموضوع ما لازم يحتوي على اي مدات متل "الــعــنـــوان" و انما لازم يكون هيك "العنوان".


المشاركات:
- ممنوع تغيير مسار الموضوع لما بكون موضوع جدي من نقاش او حوار.
- ممنوع فتح احاديث جانبية ضمن المواضيع وانما هالشي بتم عالبرايفت او بالدردشة.
- ممنوع استخدام الفاظ سوقية من سب او شتم او تجريح او اي الفاظ خارجة عن الزوق العام.
- ممنوع المساس بالرموز و الشخصيات الدينية او السياسية او العقائدية.
- استخدام زر "thanks" باسفل الموضوع اذا كنتو بدكم تكتبو بالمشاركة كلمة شكر فقط.
- لما بتشوفو مشاركة سيئة او مكررة او مو بمحلها او فيا شي مو منيح , لا تردو عليها او تحاورو صاحب المشاركة او تقتبسو من المشاركة لأنو رح تنحزف او تتعدل , وانما كبسو على "التقرير بمشاركة سيئة" و نحن منتصرف.


العضوية:
- ممنوع استخدام اكتر من عضوية "ممنوع التسجيل بأكتر من اسم".
- ممنوع اضافة حركات او رموز لاسم العضوية متل " # , $ , () " و انما يجب استخدام حروف اللغة الانكليزية فقط.
- ممنوع اضافة المدات لاسم العضوية "الـعـضـويـة" و انما لازم تكون بهل شكل "العضوية".
- ممنوع استخدام اسماء عضويات تحتوي على الفاظ سوقية او الفاظ بزيئة.
- ممنوع وضع صورة رمزية او صورة ملف شخصي او صور الالبوم خادشة للحياء او الزوق العام.
- التواقيع لازم تكون باللغة العربية او الانكليزية حصرا و يمنع وضع اي عبارة بلغة اخرى.
- ما لازم يحتوي التوقيع على خطوط كتيرة او فواصل او المبالغة بحجم خط التوقيع و السمايليات او المبالغة بمقدار الانتقال الشاقولي في التوقيع "يعني عدم ترك سطور فاضية بالتوقيع و عدم تجاوز 5 سطور بحجم خط 3".
- ما لازم يحتوي التوقيع على لينكات "روابط " دعائية , او لمواقع تانية او لينك لصورة او موضوع بمنتدى اخر او ايميل او اي نوع من اللينكات , ما عدا لينكات مواضيع المنتدى.
- تعبئة كامل حقول الملف الشخصي و هالشي بساعد بقية الاعضاء على معرفة بعض اكتر و التقرب من بعض اكتر "ما لم يكن هناك سبب وجيه لمنع ذلك".
- فيكم تطلبو تغيير اسم العضوية لمرة واحدة فقط وبعد ستة اشهر على تسجيلكم بالمنتدى , او يكون صار عندكم 1000 مشاركة , ومن شروط تغيير الاسم انو ما يكون مخالف لشروط التسجيل "قوانين المنتدى" و انو الاسم الجديد ما يكون مأخود من قبل عضو تاني , و انو تحطو بتوقيعكم لمدة اسبوع على الاقل "فلان سابقا".
- يمنع انتحال شخصيات الآخرين أو مناصبهم من خلال الأسماء أو الصور الرمزية أو الصور الشخصية أو ضمن محتوى التوقيع أو عن طريق الرسائل الخاصة فهذا يعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال.


الرسائل الخاصة:
الرسائل الخاصة مراقبة مع احترام خصوصيتا وذلك بعدم نشرها على العام في حال وصلكم رسالة خاصة سيئة فيكم تكبسو على زر "تقرير برسالة خاصة" ولا يتم طرح الشكوى عالعام "متل انو توصلكم رسالة خاصة تحتوي على روابط دعائية لمنتجات او مواقع او منتديات او بتحتوي على الفاظ نابية من سب او شتم او تجريح".
لما بتوصلكم رسائل خاصة مزعجة و انما ما فيها لا سب ولا شتم ولا تجريح ولا روابط دعائية و انما عم يدايقكم شي عضو من كترة رسائلو الخاصة فيكم تحطو العضو على قائمة التجاهل و هيك ما بتوصل اي رسالة خاصة من هالعضو.
و تزكرو انو الهدف من الرسائل الخاصة هو تسهيل عملية التواصل بين الاعضاء.


السياسة:
عدم التطرق إلى سياسة الدولة الخارجية أو الداخلية أو حتى المساس بسياسات الدول الصديقة فالموقع لا يمت للسياسة بصلة ويرجى التفرقة بين سياسات الدول وسياسات الأفراد والمجتمعات وعدم التجريح أو المساس بها فالمنتدى ليس حكر على فئة معينة بل يستقبل فئات عدة.
عدم اعتماد مواضيع أو مشاركات تهدف لزعزعة سياسة الجمهورية العربية السورية أو تحاول أن تضعف الشعور القومي أو تنتقص من هيبة الدولة ومكانتها أو أن يساهم بشكل مباشر أو غير مباشر بزعزعة الأمن والاستقرار في الجمهورية العربية السورية فيحق للادارة حذف الموضوع مع ايقاف عضوية صاحب الموضوع.


المخالفات:
بسبب تنوع المخالفات و عدم امكانية حصر هالمخالفات بجدول محدد , منتبع اسلوب مخالفات بما يراه المشرف مناسب من عدد نقط و مدة المخالفة بيتراوح عدد النقط بين 1-100 نقطة , لما توصلو لل 100 بتم الحظر الاوتوماتيكي للعضو ممكن تاخدو تنبيه بـ 5 نقط مثلا على شي مخالفة , و ممكن تاخد 25 نقطة على نفس المخالفة و ممكن يوصلو لل 50 نقطة كمان و هالشي بيرجع لعدد تكرارك للمخالفة او غير مخالفة خلال فترة زمنية قصيرة.
عند تلقيك مخالفة بيظهر تحت عدد المشاركات خانة جديدة " المخالفات :" و بيوصلك رسالة خاصة عن سبب المخالفة و عدد النقط و المدة طبعا هالشي بيظهر عندكم فقط.


الهدف:
- أسرة شبابية سورية وعربية مسيحية ملؤها المحبة.
- توعية وتثقيف الشباب المسيحي.
- مناقشة مشاكل وهموم وأفكار شبابنا السوري العربي المسيحي.
- نشر التعاليم المسيحية الصحيحة وعدم الإنحياز بشكل مذهبي نحو طائفة معينة بغية النقد السيء فقط.
في بعض الأحيان كان من الممكن أن ينحني عن مسار أهدافه ليكون مشابه لغيره من المنتديات فكان العمل على عدم جعله منتدى ديني متخصص كحوار بين الطوائف , فنتيجة التجربة وعلى عدة مواقع تبين وبالشكل الأكبر عدم المنفعة المرجوة بهذا الفكر والمنحى , نعم قد نشير ونوضح لكن بغية ورغبة الفائدة لنا جميعا وبتعاون الجميع وليس بغية بدء محاورات كانت تنتهي دوما بالتجريح ومن الطرفين فضبط النفس صعب بهذه المواقف.



رح نكتب شوية ملاحظات عامة يا ريت الكل يتقيد فيها:
• ابحث عن المنتدى المناسب لك و تصفح أقسامه ومواضيعه جيداً واستوعب مضمونه وهدفه قبل ان تبادر بالمشاركة به , فهناك الكثير من المنتديات غير اللائقة على الإنترنت .وهناك منتديات متخصصة بمجالات معينة قد لا تناسبك وهناك منتديات خاصة بأناس محددين.
• إقرأ شروط التسجيل والمشاركة في المنتدى قبل التسجيل به واستوعبها جيدأ واحترمها و اتبعها حتى لا تخل بها فتقع في مشاكل مع الأعضاء ومشرفي المنتديات.
• اختر اسم مستعار يليق بك وبصفاتك الشخصية ويحمل معاني إيجابية ، وابتعد عن الأسماء السيئة والمفردات البذيئة ، فأنت في المنتدى تمثل نفسك وأخلاقك وثقافتك وبلدك ، كما أن الاسم المستعار يعطي صفاته ودلالته لصاحبه مع الوقت حيث يتأثر الإنسان به بشكل غير مباشر ودون ان يدرك ذلك.
• استخدم رمز لشخصيتك " وهو الصورة المستخدمة تحت الاسم المستعار في المنتدى " يليق بك و يعبر عن شخصيتك واحرص على ان يكون أبعاده مناسبة.
• عند اختيارك لتوقيعك احرص على اختصاره ، وأن يكون مضمونه مناسباً لشخصيتك وثقافتك.
• استخدم اللغة العربية الفصحى وابتعد عن اللهجات المحكية " اللهجة السورية مستثناة لكثرة المسلسلات السورية " لانها قد تكون مفهومة لبعض الجنسيات وغير مفهومة لجنسيات أخرى كما قد تكون لكلمة في لهجتك المحكية معنى عادي ولها معنى منافي للأخلاق أو مسيء لجنسية أخرى . كذلك فإن استخدامك للغة العربية الفصحى يسمح لزوار المنتدى وأعضائه بالعثور على المعلومات باستخدام ميزة البحث.
• استخدم المصحح اللغوي وراعي قواعد اللغة عند كتابتك في المنتديات حتى تظهر بالمظهر اللائق التي تتمناه.
• أعطي انطباع جيد عن نفسك .. فكن مهذباً لبقاً واختر كلماتك بحكمة.
• لا تكتب في المنتديات أي معلومات شخصية عنك أو عن أسرتك ، فالمنتديات مفتوحة وقد يطلع عليها الغرباء.
• أظهر مشاعرك وعواطفك باستخدام ايقونات التعبير عن المشاعر Emotion Icon's عند كتابة مواضيعك وردودك يجب ان توضح مشاعرك أثناء كتابتها ، هل سيرسلها مرحة بقصد الضحك ؟ او جادة أو حزينه ؟ فعليك توضيح مشاعرك باستخدام Emotion Icon's ،لأنك عندما تتكلم في الواقع مع احد وجها لوجه فانه يرى تعابير وجهك وحركة جسمك ويسمع نبرة صوتك فيعرف ما تقصد ان كنت تتحدث معه على سبيل المزاح أم الجد. لكن لا تفرط في استخدام أيقونات المشاعر و الخطوط الملونة و المتغيرة الحجم ، فما زاد عن حده نقص.
• إن ما تكتبه في المنتديات يبقى ما بقي الموقع على الإنترنت ، فاحرص على كل كلمة تكتبها ، فمن الممكن ان يراها معارفك وأصدقائك وأساتذتك حتى وبعد مرور فترات زمنية طويلة.
• حاول اختصار رسالتك قدر الإمكان :بحيث تكون قصيرة و مختصرة ومباشرة وواضحة وفي صلب مضمون قسم المنتدى.
• كن عالمياً : واعلم أن هناك مستخدمين للإنترنت يستخدمون برامج تصفح مختلفة وكذلك برامج بريد الكتروني متعددة ، لذا عليك ألا تستخدم خطوط غريبة بل استخدم الخطوط المعتاد استخدامها ، لأنه قد لا يتمكن القراء من قراءتها فتظهر لهم برموز وحروف غريبة.
• قم بتقديم ردود الشكر والتقدير لكل من أضاف رداً على موضوعك وأجب على أسئلتهم وتجاوب معهم بسعة صدر وترحيب.
• استخدم ميزة البحث في المنتديات لمحاولة الحصول على الإجابة قبل السؤال عن أمر معين أو طلب المساعدة من بقية الأعضاء حتى لا تكرر الأسئلة والاستفسارات والاقتراحات التى تم الإجابة عنها قبل ذلك.
• تأكد من أنك تطرح الموضوع في المنتدى المخصص له: حيث تقسم المنتديات عادة إلى عدة منتديات تشمل جميع الموضوعات التي يمكن طرحها ومناقشتها هنا، وهذا من شأنه أن يرفع من كفاءة المنتديات ويسهل عملية تصنيف وتبويب الموضوعات، ويفضل قراءة الوصف العام لكل منتدى تحت اسمه في فهرس المنتديات للتأكد من أن مشاركتك تأخذ مكانها الصحيح.
• استخدم عنوان مناسب ومميِّز لمشاركتك في حقل الموضوع. يفضل عدم استخدام عبارات عامة مثل "يرجى المساعدة" أو "طلب عاجل" أو "أنا في ورطة" الخ، ويكون ذلك بكتابة عناوين مميِّزة للموضوعات مثل "كيف استخدم أمر كذا في برنامج كذا" أو "تصدير ملفات كذا إلى كذا".
• إحترم قوانين الملكية الفكرية للأعضاء والمواقع والشركات، وعليك أن تذكر في نهاية مشاركتك عبارة "منقول عن..." إذا قمت بنقل خبر أو مشاركة معينة من أحد المواقع أو المجلات أو المنتديات المنتشرة على الإنترنت.
• إن أغلب المنتديات تكون موجهه لجمهور عام ولمناقشة قضايا تثقيفية وتعليمية . لذلك يجب ان تكون مشاركتك بطريقة تحترم مشاعر الآخرين وعدم الهجوم في النقاشات والحوارات. وأي نشر لصور أو نصوص أو وصلات مسيئة، خادشة للحياء أو خارج سياق النهج العام للموقع.
• المنتدى لم يوجد من أجل نشر الإعلانات لذا يجب عدم نشر الإعلانات أو الوصلات التي تشير إلى مواقع إعلانية لأي منتج دون إذن او إشارة إلى موقعك أو مدونتك إذا كنت تمتلك ذلك.
• عدم نشر أي مواد أو وصلات لبرامج تعرض أمن الموقع أو أمن أجهزة الأعضاء الآخرين لخطر الفيروسات أو الدودات أو أحصنة طروادة.
•ليس المهم أن تشارك بألف موضوع فى المنتدى لكن المهم أن تشارك بموضوع يقرأه الألوف،فالعبرة بالنوع وليس بالكم.
• عدم الإساءة إلى الأديان أو للشخصيات الدينية.
•عند رغبتك بإضافة صور لموضوعك في المنتدى ، احرص على ألا يكون حجمها كبير حتى لا تستغرق وقتاً طويلاً لتحميلها وأن تكون في سياق الموضوع لا خارجه عنه.
•الالتزام بالموضوع في الردود بحيث يكون النقاش في حدود الموضوع المطروح لا الشخص، وعدم التفرع لغيره أو الخروج عنه أو الدخول في موضوعات أخرى حتى لا يخرج النقاش عن طوره.
• البعد عن الجدال العقيم والحوار الغير مجدي والإساءة إلى أي من المشاركين ، والردود التي تخل بأصول اللياقة والاحترام.
• احترم الرأي الآخر وقدر الخلاف في الرأي بين البشر واتبع آداب الخلاف وتقبله، وأن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
• التروي وعدم الاستعجال في الردود ، وعدم إلقاء الأقوال على عواهلها ودون تثبت، وأن تكون التعليقات بعد تفكير وتأمل في مضمون المداخله، فضلاً عن التراجع عن الخطأ؛ فالرجوع إلى الحق فضيلة. علاوة على حسن الاستماع لأقوال الطرف الآخر ، وتفهمها تفهما صحيحا.
• إياك و تجريح الجماعات أو الأفراد أو الهيئات أو الطعن فيهم شخصياً أو مهنياً أو أخلاقياً، أو استخدام أي وسيلة من وسائل التخويف أو التهديد او الردع ضد أي شخص بأي شكل من الأشكال.
• يمنع انتحال شخصيات الآخرين أو مناصبهم من خلال الأسماء أو الصور الرمزية أو الصور الشخصية أو ضمن محتوى التوقيع أو عن طريق الرسائل الخاصة فهذا يعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال.
• إذا لاحظت وجود خلل في صفحة أو رابط ما أو إساءة من أحد الأعضاء فيجب إخطار مدير الموقع أو المشرف المختص على الفور لأخذ التدابير اللازمة وذلك بإرسال رسالة خاصة له.
• فريق الإشراف يعمل على مراقبة المواضيع وتطوير الموقع بشكل يومي، لذا يجب على المشاركين عدم التصرف "كمشرفين" في حال ملاحظتهم لخلل أو إساءة في الموقع وتنبيه أحد أعضاء فريق الإشراف فوراً.
See more
See less

الشعلة الزرقاء - رسائل جبران خليل جبران إلى مي زيادة

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الشعلة الزرقاء - رسائل جبران خليل جبران إلى مي زيادة

    في هذا الموضوع اضع تباعا رسائل الحب المتبادلة بين جبران ومي زيادة وهو الكتاب المعروف باسم ....الشعلة الزرقاء



    نيويورك 2 كانون الثاني 1914


    حضرة الأديبة الفاضلة.


    قد فكرت بأمور كثيرة في تلك الشهور الخرساء التي مرت بدون خطاب ولا جواب ولكنه لم يخطر على بالي كونك " شريرة" أما الآن وقد صرّحت لي بوجود الشر في روحك فلا يجمل بي سوى تصديقك فأنا أصدق وأثق بكل كلمة تقولينها لي ! أنت بالطبع تفتخرين بقولك – أنا شريرة – ويحق لك الافتخار لأن الشر قوة تضارع الخير بعزمها وتأثيرها . ولكن اسمحي لي أن أقول لك مصرحاً بأنك مهما تماديت بالشر فلا تبلغين نصف ما بلغته فأنا شرير كالأشباح الساكنة في كهوف الجحيم بل أنا شرير كالروح السوداء التي تحرس أبواب الجحيم ! وأنت بالطبع ستصدقين كلامي هذا !.

    غير أنني للآن لم أفهم الأسباب الحقيقية التي دعتك إلى استخدام الشر ضدي فهلا تكرمت بافهامي ؟ قد أجبت على كل رسالة تكرمت بها عليّ واسترسلت متعمقاً بمعاني كل لفظة تعطفت بهمسها في أذني فهل هناك أمر آخر كان يجب عليّ أن أفعله ؟ أو لم تبدعي لي من " لا شيء" ذنباً لتبيني لي مقدرتك على الاقتصاص ؟ لقد فلحت وأحسنت البيان , أما أنا فقد آمنت باقنومك الجديد الكلي المطلق الجامع بين أسياف " كالي" ربة الهند وسهام " ديانا" معبودة الأغريق .

    والآن وقد فهم كل منا ما في روح الآخر من الشر والميل إلى الاقتصاص فلنعد إلى متابعة الحديث الذي ابتدأنا به منذ عامين . كيف أنت وكيف حالك ؟ هل أنت بصحة وعافية ( كما يقول سكان لبنان )؟ هل خلعت ذراعاً ثانية في الصيف الماضي أم منعتك والدتك من ركوب الخيل فعدت إلى مصر صحيحة الذراعين ؟ أما أنا فصحتي أشبه شيء بحديث السكران وقد صرفت الصيف والخريف متنقلاً بين أعالي الجبال وشواطئ البحر ثم عدت إلى نيويورك أصفر الوجه نحيل الجسم لمتابعة الأعمال ومصارعة الأحلام – تلك الأحلام الغريبة التي تصعد بي إلى قمة الجبل ثم تهبط بي إلى أعماق الوادي .

    وقد سررت باستحسانك مجلة الفنون فهي أفضل ما ظهر من نوعها في العالم العربي , أما صاحبها فهو فتى عذب النفس دقيق الفكر وله كتابات لطيفة وقصائد مبتكرة ينشرها تحت اسم " ليف" ومما يستدعي الإعجاب بهذا الشاب هو أنه لم يترك شيئاً مما كتبه الافرنج إلا وعرفه حق المعرفة . أما صديقنا أمين الريحاني فقد ابتدأ بنشر رواية جديدة طويلة في مجلة فنون وقد قرأ لي أكثر فصولها فوجدتها جميلة للغاية ولقد أخبرت صاحب الفنون بأنك سوف تبعثين إليّ بمقالة ففرح وبات يترقب .

    بكل أسف أقول انني لا أحسن الضرب على آلة من آلات الطرب ولكنني أحب الموسيقى محبتي الحياة ولي ولع خاص بدرس قواعدها ومبانيها والتعمق بتاريخ نشأتها وارتقائها , فان ابقتني الأيام سأكتب رسالة طويلة في الدوائر العربية والفارسية وكيفية ظهورها وتدرجها وتناسخها .

    ولي ميل للموسقى الغربية يضارع ميلي للأنغام الشرقية فلا يمر أسبوع إلا وأذهب مرة أو مرتين إلى الأوبرا غير أني أفضل من البيان الموسيقي الأفرنجي تلك المعروفة بالسنفوني والسوناتا والكنتاتا على الأوبرا والسبب في ذلك خلوّ الأوبرا من البساطة الفنية التي تناسب أخلاقي وتتمايل مع أميالي . واسمحي لي الآن أن أغبط يدك على عودك وعودك على يدك وأرجوك أن تذكري اسمي مشفوعاً باستحساني كلما ضربت نغم النهوند على الأوتار فهو نغم أحبه ولي رأي فيه يشابه رأي " كارليل في النبي محمد ". ( كارلايل : أديب ومؤرخ انكليزي درس بعضا من العربية في جامعة كمبردج سنة 1795 وكتب عن النبي محمد فصلا ضمنه إعجابه بشخصيته البطولية في مؤلفه " الأبطال , عبادة الأبطال , والبطولة في التاريخ "

    وهلا تكرمت بذكري أمام هيبة أبي الهول ؟ عندما كنت في مصر كنت أذهب مرتين في الأسبوع واصرف الساعات الطوال جالساً على الرمال الذهبية محدقاً بالأهرام وكنت في ذلك العهد صبياً في الثامنة عشرة ذا نفس ترتعش أمام المظاهر الفنية ارتعاش الأعشاب أمام العاصفة , أما أبو الهول فكان يبتسم لي ويملأ قلبي بحزن عذب وندبات مستحبة .

    أنا معجب مثلك بالدكتور شميل فهو واحد من القليلين الذين انبتهم لبنان ليقوموا بالنهضة الحديثة في الشرق الأدنى وعندي أن الشرقيين يحتاجون إلى أمثال الدكتور شميل حاجة ماسة كرد فعل للتأثير الذي أوجده الصوفيون والمتعبدون في القطرين مصر وسوريا .

    هل قرأت الكتاب الفرنساوي الذي وضعه خير الله افندي خير الله ؟ أنا لم أره بعد وقد أخبرني صديق أن في الكتاب فصل عنك وفصل آخر عني فإذا كان لديك نسختان تكرمي بإرسال نسخة منهما إليّ وأجرك على الله .

    ها قد انتصف الليل فليسعد الله مساءك ويبقيك للمخلص .

    جبران خليل جبران




    ......................................



    نيويورك 24 كانون الثاني 1919



    حضرة الأديبة الفاضلة الآنسة ماري زيادة المحترمة .

    سلام على روحك الطيبة الجميلة . وبعد فقد استلمت اليوم أعداد المقتطف التي تفضلت بإرسالها إليّ فقرأت مقلاتك الواحدة أثر الأخرى وأنا بين السرور العميق والإعجاب الشديد . ولقد وجدت في مقالاتك سرباً من تلك الميول والمنازع التي طالما حامت حول فكرتي وتتبعت أحلامي ولكن هناك مبادئ ونظريات أخرى وددت لو كان بامكاننا البحث فيها شفاها . فلو كنت الساعة في القاهرة لاستعطفتك لتسمحي لي بزيارتك فنتحدث مليا في " أرواح الأمكنة " وفي " العقل والقلب " وفي بعض مظاهر " هنري برغسن" ( هنري برغسن فيلسوف فرنسي حاز على جائزة نوبل عام 1927 وهو صاحب نظرية الروحانية ضد هجمات المذاهب المادية . من مؤلفاته " المادية والذاكرة" و " التطور والأخلاق" .) غير أن القاهرة في مشارق الأرض ونيويورك في مغاربها وليس من سبيل إلى الحديث الذي أوده وأتمناه .

    إن مقالاتك هذه تبين سحر مواهبك وغزارة إطلاعك وملاحة ذوقك في الانتقاء والانتخاب , وعلاوة على ذلك فهي تبين بصورة جلية اختباراتك النفسية الخاصة – وعندي أ، الاختبار أو الاقتناع النفسي يفوق كل علم وكل عمل – وهذا ما يجعل مباحثك من أفضل ما جاء من نوعها في اللغة العربية .

    ولكن لي سؤال استأذنك بطرحه لديك وهو هذا : ألا يجيء يوم يا ترى تنصر فيه مواهبك السامية من البحث في مآتي الأيام إلى إظهار أسرار نفسك واختباراتها الخاصة ومخبآتها النبيلة ؟ أفليس الابتداع أبقى من البحث في المبدعين ؟ ألا ترين أن نظم قصيدة أو نثرها أفضل من رسالة في الشعر و الشعراء ؟ إني كواحد من المعجبين بك أفضل أن اقرأ لك قصيدة في ابتسامة أبي الهول مثلا من أن أقرأ لك رسالة في تاريخ الفنون المصرية وكيفية تدرجها من عهد إلى عهد ومن دولة إلى دولة لأن بنظمك قصيدة في ابتسامة أبي الهول تهبيني شيئاً نفسياً ذاتياً أما بكتابتك رسالة في تاريخ الفنون المصرية فانك تدلينني على شيء عمومي عقلي . وكلامي هذا لا ينفي كونك تستطيعين اظهار اختباراتك النفسية الذاتية في كتابة تاريخ الفنون المصرية بيد أني أشعر بأن الفن – والفن اظهار ما يطوف ويتمايل ويتجوهر في داخل الروح- هو أحرى وأخلق بمواهبك النادرة من البحث – والبحث اظهار ما يطوف ويتمايل ويتجوهر في الاجتماع . ليس ما تقدم سوى شكل من الاستعطاف باسم الفن .
    فأنا استعطفك لأني أريد أن استميلك إلى تلك الحقول السحرية حيث سافو ( شاعرة اغريقية ولدت في مدينة ليزبوس في أوائل القرن السادس قبل الميلاد , لها تسع دواوين من الشعر الغنائي والاناشيد لم يصلنا منها سوى بضع قصائد ) وايليزبيت براوننغ ( شاعرة بريطانية مبدعة تمتاز قصائدها بالعمق والرقة والنزعة الصوفية . وهي زوج الشاعر الانكليزي روبيرت براوننغ الذي أحبها من خلال قصائدها قبل أن يتعرف إليها ثم زارها في بيتها فأحبته حباً عارماً جعلها تتغلب على مرض عضال كان قد أقعدها .) وأليس شراينر ( كاتبة انكليزية دعت في مؤلفاتها إلى تحرير النساء ) وغيرهن من أخواتك اللواتي بنين سلّما من الذهب والعاج بين الأرض والسماء .

    أرجوك أن تثقي بإعجابي وأن تتفضلي بقبول احترامي الفائق والله يحفظك للمخلص.


    جبران



    .....................................




    نيويورك في 7 شباط 1919



    عزيزتي الآنسة مي .

    لقد أعادت رسالتك إلى نفسي ذكرى ألف ربيع وألف خريف وأوقفتني ثانية أمام تلك الأشباح التي كنا نبتدعها ونسيرها موكباً إثر موكب . تلك الأشباح التي ما ثار البركان ( يقصد بذلك الحرب العالمية الأولى ) في أوربا حتى انزوت محتجبة بالسكوت – وما أعمق ذلك السكوت وما أطوله .

    هل تعلمين يا صديقتي أنني كنت أجد في حديثنا المتقطع التعزية والأنس والطمأنينة , وهل تعلمين بأنني كنت أقول لذاتي هناك في مشارق الأرض صبية ليست كالصبايا قد دخلت الهيكل قبل ولادتها ووقفت في قدس الأقداس فعرفت السر العلوي الذي تخفره جبابرة الصباح ثم اتخذت بلادي بلاداً لها وقومي قوماً لها , هل تعلمين بأنني كنت أهمس هذه الأنشودة في إذن خيالي كلما وردت عليّ رسالة منك ؟ لو علمت لما انقطعت عن الكتابة إليّ- وربما علمت فانقطعت وهذا لا يخلو من أصالة الرأي والحكمة .

    أما مقالة أبي الهول فالسماء تعلم بأنني لم أطلبها منك إلا بعد إلحاح مستمر من صاحب مجلة الفنون – سامحه الله . فان من طبعي استهجان اقتراح المواضيع على الأدباء خصوصاً تلك الفئة القليلة التي لا تدون إلا ما توحيه الحياة إليها – وأنت من تلك الفئة القليلة – وفوق ذلك فأنا أعلم أن الفن يطلب ولا يطلب منه , وأن في نفس اقتراح المواضيع شيئاً مانعاً عن الإجادة فيها , فلو كتبت إلي في ذلك الزمن قائلة " لا ميل لي الآن إلى كتابة مقالة في أبي الهول " لقلت مترنماً :

    " لتعش ميّ طويلا فهي ذات مزاج فني لا غش فيه " الخلاصة أنني سأسبقك في كتابة مقالة , في ابتسامة أبي الهول ! وبعد ذلك سأنظم قصيدة في ابتسامة ميّ ولو كان لدي صورتها مبتسمة لفعلت اليوم , ولكن عليّ أن أزور مصر لأرى ميّ وابتسامتها . وماذا عسى أن يقول الكاتب في ابتسامة المرأة؟ أفلم يقل ليونردو دافنشي آخر كلمة في الموضع عندما انتهى من صورة " لا جوغندا " ؟ , ولكن, أليس في ابتسامة الصبية اللبنانية سر لا يستطيع ادراكه واعلانه غير اللبناني , أم هي المرأة لبنانية كانت أم ايطالية تبتسم لتخفي أسرار الأبدية وراء ذلك النقاب الرقيق الذي تحوكه الشفاه .

    والمجنون ( أول مؤلفات جبران باللغة الانكليزية ) وماذا يا ترى أقول لك عن المجنون ؟ أنت تقولين أن فيه ما يدل على " القسوة" بل وعلى " الكهوف المظلمة" . وأنا الآن لم أسمع مثل هذا الانتقاد مع انني قرأت الكثير مما نشرته جرائد ومجلات اماركا وانكلترا في هذا الكتاب الصغير . والغريب أن أكثر الأدباء الغربيين قد استحسنوا القطعتين :
    My Minds
    و
    The Sleep Walkers
    ( مقالتان لجبران , عقلي والسائرون في نومهم )
    واستشهدوا بهما أو ذكروهما بصورة خاصة . أما أنت يا صديقتي فقد وجدت فيهما القسوة – وماذا ينفع الانسان إذا ربح استحسان العالم وخسر استحسان ميّ ؟ وقد يكون ارتياح هؤلاء الغربيين إلى المجنون واخيلته ناتجاً عن مللهم أخيلة نفوسهم وعن ميلهم الطبيعي إلى الغريب والغير مألوف خصوصاً إذا كان شرقي المظاهر . أما تلك الأمثال والقصائد المنثورة التي نشرت في الفنون فقد ترجمها عن الأصل الانكليزي أديب محبته لي أوسع قليلا من معرفته بدقائق البيان الانكليزي .

    ولقد رسمت بالحبر الأحمر دائرة حول لفظة " اشمئزاز" التي جاءت في كلامك عن المجنون , فعلت ذلك لعلمي بأنك إذا وضعت كلمات
    The Sleep Walkers
    بين شفاه الأمس والغد بدلا من وضعها على لسان أم وابنتها لأبدلت لفظة الاشمئزاز بلفظة أخرى – أليس كذلك ؟.

    وماذا أقول عن كهوف روحي ؟ تلك الكهوف التي تخيفك – اني التجئ إليها عندما أتعب من سبل الناس الواسعة وحقولهم المزهرة وغاباتهم المتعرشة. إني أدخل كهوف روحي عندما لا أجد مكاناً آخر أسند إليه رأسي , ولو كان لبعض من أحبهم الشجاعة لدخول تلك الكهوف لما وجدوا فيها سوى رجل راكع على ركبتيه وهو يصلي .

    أما استحسانك الرسوم الثلاثة في المجنون فقد سرني ودلني على وجود عين ثالثة بين عينيك , وقد طالما عرفت أن وراء أذنيك آذان خفية تسمع تلك الأصوات الدقيقة الشبيهة بالسكوت – تلك الأصوات التي لا تحدثها الشفاه والألسنة بل ما وراء الألسنة والشفاه من الوحدة العذبة , والألم المفرح , والشوق إلى ذلك العالم البعيد الغير معروف .

    وأنت تسألين ما إذا كنت أريد أن يفهمني أحد بعد قولي :
    For those who understand us enslave something in us
    " لأن الذين يدركون خبايا نفوسنا يأسرون شيئا منها"
    لا , لا أريد أن يفهمني بشري إذا كان فهمه إياي ضرياً من العبودية المعنوية . وما أكثر الذين يتوهمون أنهم يفهموننا لأنهم وجدوا في بعض مظاهرنا شيئاً شبيهاً بما اختبروه مرة في حياتهم . وليتهم يكتفون بادعائهم ادراك أسرارنا – تلك الأسرار التي نحن ذواتنا لا ندركها – ولكنهم يصموننا بعلامات وأرقام ثم يضعوننا على رف من رفوف أفكارهم واعتقاداتهم مثلما يفعل الصيدلي بقناني الأدوية والمساحيق ! أوليس ذلك الأديب الذي يقول بأنك تقليدينني في بعض كتاباتك من هؤلاء البشر الذين يدعون فهمنا ومعرفة خفايانا؟ وهل تستطيعين اقناعه بأن الاستقلال هو محجة الأرواح وإن أشجار السنديان والصفصاف لا تنمو في ظلال بعضها البعض ؟

    ها قد بلغت هذا الحد من رسالتي ولم أقل كلمة واحدة مما قصدت أن أقوله عندما ابتدأت . ولكن من يا ترى يقدر أن يحول الضباب اللطيف إلى تماثيل وانصاب ؟ ولكن الصبية اللبنانية التي تسمع ما وراء الأصوات سترى في الضباب الصور و الأشباح .

    والسلام على روحك الجميلة ووجدانك النبيل وقلبك الكبير والله يحرسك .

    المخلص جبران خليل جبران



    ......................................




    نيويورك 11 حزيران – 1919



    عزيزتي الآنسة ميّ.

    رجعت اليوم من سفره مستطيلة إلى البرية فوجدت رسائلك الثلاث والمقال الجميل الذي تفضلت بنشره في جريدة المحروسة . ولقد علمت من خادمي أن هذه الرسائل بل هذه الثروة الجليلة قد وصلت معاً منذ أربعة أيام . الظاهر أن البريد المصري قد توقف عن اصدار الرسائل من القطر مثلما حجز الرسائل الواردة إليه .

    ولقد انصرفت عن كل ما وجدته بانتظاري في هذا المكتب لأصرف نهاري مصغياً إلى حديثك الذي يتمايل بين العذوبة والتعنيف – أقول التعنيف لأنني وجدت في رسالتك الثانية بعض الملاحظات التي لو سمحت لنفسي الفرحة أن تتألم لتألمت منها . ولكن كيف اسمح لنفسي النظر إلى شبه سحابة في سماء صافية مرصعة بالنجوم ؟ وكيف أحول عيني عن شجرة مزهرة إلى ظلّ من أغصانها ؟ وكيف لا أقبل وخزة صغيرة من يد عطرة مفعمة بالجواهر ؟ إن حديثنا الذي أنقذناه من سكوت خمسة أعوام لا ولن يتحول إلى عتاب أو مناظرة , فأنا أقبل بكل ما تقولينه لاعتقادي بأنه يجمل بنا وسبعة آلاف ميل تفصلنا ألا نضيف فتراً واحداً إلى هذه المسافة الشاسعة بل أن نحاول تقصيرها بما وضعه الله فينا من الميل إلى الجميل والشوق إلى المنبع والعطش إلى الخالد . يكفينا يا صديقتي ما في هذه الأيام وهذه الليالي من الأوجاع والتشويش والمتاعب والمصاعب . وعندي أن فكرة تستطيع الوقوف أمام المجرد المطلق لا تزعجها كلمة جاءت في كتاب أو ملاحظة أتت في رسالة. إذا فلنضع خلافاتنا , وأكثرها لفظية – في صندوق من ذهب ولنرمي بها إلى بحر من الابتسامات .

    ما أجمل رسائلك يا ميّ وما أشهاها , فهي كنهر من الرحيق يتدفق من الأعالي ويسير مترنماً في وادي أحلامي , بل هي كقيثارة اورفيوس ( شاعر وموسيقي تحدثت عنه أساطير اليونان , سحر بأنغامه وحش الغاب وآلهة الجحيم .) تقرب البعيد وتبعد القريب وتحول بارتعاشاتها السحرية الحجارة إلى شعلات متقدة والأغصان اليابسة إلى أجنحة مضطربة . إن يوماً يجيئني منك برسالة واحدة لهو من الأيام بمقام القمة من الجبل فما عسى أن أقول في يوم يجيئني بثلاث رسائل ؟ ذلك يوم انتحى فيه عن سبل الزمن لأصرفه متجولا في إرم ذات العماد.

    وبما أجيب على سؤالاتك؟ وكيف أستطيع متابعة الحديث وفي النفس مالا يسيل مع الحبر ؟ ولكن لا بد من متابعة الحديث . فما بقي صامتاً ليس بالغير مفهوم لديك .

    تقولين في رسالتك الأولى " لو كنت أنا في نيويورك لكنت زرت مكتبك الفني في هذه الأيام " أفلم تزوري مكتبي قط ؟ أليس رواء أثواب الذكرى الظاهرة جسد خفي للذكرى ؟ انما مكتبي هيكلي وصديقي ومتحفي وجنتي وجحيمي . هو غاب تنادي فيه الحياة الحياة وهو صحراء خالية أقف في وسطها فلا أرى سوى بحر من رمال وبحر من أثير . إن مكتبي يا صديقي هو منزل بدون جدران وبدون سقف .

    ولكن في مكتبي هذا أشياء كثيرة أحبها وأحافظ عليها . أنا مولع بالآثار القديمة وفي زوايا هذا المكتب مجموعة صغيرة من طرائف الأجيال وبعض نفائسها كتماثيل وألواح مصرية ويونانية ورومانية وزجاج فينيقي وخزف فارسي وكتب قديمة العهد ورسوم ايطالية وفرنسية وآلات موسيقية تتكلم وهي صامتة . ولا بد من الحصول يوما ما على تمثال كلداني من الحجر الأسود . إني أميل بكليتي إلى كل شيء كلداني فأساطير هذا الشعب وشعره وصلواته وهندسته بل وأصغر أثر أبقاه الدهر من فنونه وصنائعه ينبّه في داخلي تذكارات غامضة بعيدة ويعود بي إلى الماضي الغابر ويجعلني أرى الحاضر من نافذة المستقبل . أحب الآثار القديمة وأشغف بها لأنها من أثمار الفكرة البشرية السائرة بألف قدم من الظلام نحو النور – تلك الفكرة الخالدة التي تغوص بالفن إلى أعماق البحار وتصعد به إلى المجرة .

    أما قولك " ما أسعدك أنت القانع بفنك " فقد جعلني أفتكر طويلاً , لا يا ميّ لست بقانع ولا أنا بسعيد . في نفسي شيء لا يعرف القناعة ولكنه ليس كالطمع , ولا يدري ما السعادة غير أنه لا يشابه التعاسة . في أعماقي خفقان دائم وألم مستمر ولكنني لا أريد ابدال هذا ولا تغيير ذاك – ومن كان هذا شأنه فهو لا يعرف السعادة ولا يدري ما هي القناعة ولكنه لا يشكو لأن في الشكوى ضرباً من الراحة وشكلاً من التفوق .

    وهل أنت سعيدة وقانعة بمواهبك العظيمة ؟ أخبريني يا ميّ هل أنت قانعة وسعيدة ؟ أكاد أسمعك هامسة : " لا لست بقانعة ولا أنا بسعيد " إن القناعة هي الاكتفاء والاكتفاء محدود وأنت غير محدودة .
    أما السعادة فهي أن يملأ المرء نفسه من خمرة الحياة ولكن من كان كأسه سبعة آلاف فرسخ بالطول و سبعة آلاف فرسخ بالعرض لا ولن يعرف السعادة حتى تنسكب الحياة بكاملها في كأسه . أفليس كأسك يا ميّ سبعة آلاف فرسخ وفرسخ ؟

    وماذا أقول عن " جوي المعنوي؟" لقد كانت حياتي منذ عام أو عامين لا تخلو من الهدوء والسلامة أما اليوم فقد تبدل الهدوء بالضجيج والسلامة بالنزاع . إن البشر يلتهمون أيامي ولياليّ ويغمرون أحلامي بمنازعهم ومراميهم فكم مرة هربت من هذه المدينة الهائمة إلى مكان قصيّ لأتخلص من الناس ومن أشباح نفسي أيضاً . إنما الشعب الأماركي جبار لا يكل ولا يمل ولا يتعب ولا ينام ولا يحلم , فإذا بغض هذا الشعب رجلا قتله بالإهمال وإذا أحبه قتله بالانعطاف فمن شاء أن يحيى في نيويورك عليه أن يكون سيفاً سنيناً ولكن في غمد من العسل : السيف لروع الراغبين في قتل الوقت والعسل لارضاء الجائعين !

    وسوف يجيء يوم أهرب فيه إلى الشرق . إن شوقي إلى وطني يكاد يذيبني ولولا هذا القفص الذي حبكت قضبانه بيدي – لاعتليت متن أول سفينة سائرة شرقاً . ولكن أي رجل يستطيع أن يترك بناءً صرف عمره بنحت حجارته وصفّها ؟ حتى وإن كان ذلك البناء سجناً له فهو لا يقدر أو لا يريد أن يتخلص منه في يوم واحد .

    سامحيني أيتها الصديقة العزيزة فقد أزعجتك بالكلام عن نفسي وبشكواي من أمور أدعى إلى الجهاد منها إلى التذمر .

    إن استحسانك " المواكب" قد جعلها عزيزة لديّ . أما قولك بأنك ستستظهرين أبياتها فمنّة أحني أمامها رأسي , غير أنني أشعر بأن حافظتك خليقة بقصائد أسمى وأبلغ وأنبل من كل ما جاء في المواكب , بل ومن كل ما كتبته وأكتبه . وأما قولك في رسوم الكتاب " أنتم أهل الفن تبرزون هذه البدائع بقوى أثيرية احتفظتكم عليها ملوك الجوزاء فنأتي بغباوتنا أشقياء مظلومون ونحن بها أشقياء خاسرون " فكلام لا أقبله بل إني استميحك بالتمرد عليه و ( ما أكثر تمردي) – أنت يا ميّ منا وفينا . بل وأنت بين بنات الفن وأبنائه كالوردة بين أوراقها . إن ما جاء في مقالتك التي نشرت في " المحروسة" عن رسوم المجنون لأكبر دليل على شعور فني عميق وفكرة خاصة دقيقة وبصيرة نفاذة ترى ما لا يراه غير القليل من الناس . ولست بمبالغ إذا قلت بأنك أول صبية شرقية مشت في غابة " الأخوات التسع ( إشارة إلى الآلهات التسع في الميثولوجيا الاغريقية المشرفات على الآداب والفنون وقد عرفن بأسماء عديدة في عصور التاريخ القديم .) بقدم ثانية ورأس مرفوع وملامح منفرجة كأنها في بيت أبيها . ألا فأخبريني كيف عرفت كل ما تعرفين وفي أي عالم جمعت خزائن نفسك وفي أي عصر عاشت روحك قبل مجيئها إلى لبنان ؟ إن في النبوغ سراً أعمق من سر الحياة .

    وأنت تريدين أن تسمعي ما يقوله الغربيون عني , فألف شكر لك على هذه الغيرة وهذا الاهتمام القومي . لقد قالوا الشيء الكثير وكانوا مبالغين في أقوالهم متطرفين في ظنونهم متوهمين وجود الجمل في وكر الأرنب . ويعلم الله يا صديقتي بأنني ما قرأت شيئاً حسناً عني إلا ونحت في قلبي . إن الاستحسان نوع من المسؤولية يضعها الناس على عواتقنا فتجعلنا نشعر بضعفنا . ولكن لا بد من المسير حتى ولو قوّص الحمل الثقيل ظهورنا , ولا بد من استنباط القوة من الضعف . أنا باعث إليك في غلاف آخر بشيء من أقوال الجرائد والمجلات وستعلمين منها أن الغربيين قد ملوا أشباح أرواحهم وضجروا من ذواتهم فأصبحوا يتمسكون بالغريب الغير مألوف خصوصاً إذا كان شرقياً . هكذا كان الشعب الأثيني بعد انقضاء عصره الذهبي . لقد بعثت منذ شهر أو أكثر بمجموعة من أقوال الصحف في المجنون إلى اميل زيدان ( تولى رئاسة تحرير مجلة الهلال سنة 1914 التي أسسها والده الأديب العلامة جرجي زيدان .) وهو بالطبع من أصدقائك .

    أحمد الله وأشكره على انقضاء الأزمة عندكم . ولقد كنت أقرأ أخبار تلك المظاهرات فأتخيلك هائبة فأهاب , مضطربة فاضطرب . ولكنني كنت أردد في الحالين قول شكسبير :

    [Do not fear our person .
    There’s such divinity doth hedge a king
    That treason can but peep to what it would
    Acts little of his will .[
    لا تخافي منا
    فالملك تحيط به هالة من القداسة
    وليس في مقدور الخيانة
    أن تبلغ ما ترمي إليه
    أو تحد من عزيمته

    وأنت يا ميّ من المحروسين وفي نفسك مَلَكٌ يحميه الله من كل مكروه .
    وتسألين ما اذا كان لكم من صديق في ربوعنا ؟

    أي والحياة وما في الحياة من حلاوة جارحة ومرارة مقدسة إن لكم في ربوعنا صديقاً إرادته تدافع عنكم ونفسه ترغب في الخير لكم وابعاد السوء عنكم وتحميكم من كل أذى . وقد يكون الصديق الغائب أدنى وأقرب من الصديق الحاضر . أفليس الجبل أكثر هيبة وأشد وضوحاً وظهوراً لسائرٍ في السهل منه لساكنيه ؟

    ها قد غمر المساء هذا المكتب بوشاحه فلم أعد أرى ما تخطه يدي . وألف تحية لك وألف سلام عليك والله يحفظك ويحرسك دائماً .

    صديقك المخلص
    جبران خليل جبران


    .............................................



    نيويورك 25 تموز 1919

    عزيزتي الآنسة ميّ

    منذ كتبت إليك حتى الآن وأنتِ في خاطري . ولقد صرفت الساعات الطوال مفكراً بكِ مخاطباً إياكِ مستجوباً خفاياك مستقصياً أسراركِ . والعجيب أنني شعرت مرات عديدة بوجود ذاتك الأثيرية في هذا المكتب ترقب حركاتي وتكلمني وتحاورني وتبدي رأيها في مآتيَّ وأعمالي .

    أنت بالطبع تستغربين هذا الكلام ، وأنا أستغرب حاجتي واضطراري إلى كتابته إليك . وحبذا لو كان بامكاني معرفة ذلك السر الخفي الكائن وراء هذا الاضطراب وهذه الحاجة الماسة .

    قد قلت لي مرةً " ألا إن بين العقول مساجلةً وبين الأفكار تبادلاً قد لا يتناوله الإدراك الحسي ولكن من ذا الذي يستطيع نفيه بتاتاً من بين أبناء الوطن الواحد ؟".

    إن في هذه الفقرة الجميلة حقيقة أولية كنت فيما مضى أعرفها بالقياس العقلي ، أما الآن فإني أعرفها بالاختيار النفسي . ففي الآونة الأخيرة قد تحقق لي وجود رابطة معنوية دقيقة قوية غريبة تختلف بطبيعتها ومزاياها وتأثيرها عن كل رابطة أخرى ، فهي أشد وأصلب وأبقى بما لا يقاس من الروابط الدموية والجينية حتى والأخلاقية . وليس بين خيوط هذه الرابطة خيط واحد من غزل الأيام والليالي التي تمر بين المهد واللحد . وليس بين خيوطها خيط غزلته مقاصد الماضي أو رغائب الحاضر أو أماني المستقبل ، فقد تكون موجودة بين اثنين لم يجمعهما الماضي ولا يجمعهما الحاضر – وقد لا يجمعهما المستقبل .

    وفي هذه الرابطة يا ميّ , في هذه العاطفة النفسية ، في هذا التفاهم الخفي ، أحلام أغرب وأعجب من كل ما يتمايل في القلب البشري – أحلام طيّ أحلام طيّ أحلام .

    وفي هذا التفاهم يا " ميّ" أغنية عميقة هادئة نسمعها في سكينة الليل فتنتقل بنا إلى ما وراء الليل ، إلى ما وراء النهار ، إلى ما وراء الزمن ، إلى ما وراء الأبدية .

    وفي هذه العاطفة يا ميّ غصّات أليمة لا تزول ولكنها عزيزة لدينا ولو استطعنا لما أبدلناها بكل ما نعرفه ونتخيله من الملذات والأمجاد .

    لقد حاولت في ما تقدم ابلاغك ما لا ولن يبلغك إياه إلا ما يشابهه في نفسك . فإن كنت قد أبنت سراً معروفاً لديك كنت من أولئك الذين قد حبتهم الحياة وأوقفتهم أمام العرش الأبيض . وإن كنت قد أبنت أمراً خاصاً بي وحدي فلكِ أن تطعمي النار هذه الرسالة .

    استعطفك يا صديقتي أن تكتبي إليَّ ، واستعطفك أن تكتبي إليَّ بالروح المطلقة المجردة المجنحة التي تعلو فوق سبل البشر . أنت وأنا نعلم الشيء الكثير عن البشر ، وعن تلك الميول التي تقربهم إلى بعضهم البعض ، وتلك العوامل التي تبعد بعضهم عن البعض . فهلا تنحينا ولو ساعة واحدة عن تلك السبل المطروقة ووقفنا محدقين ولو مرة واحدة بما وراء الليل ، بما وراء النهار ، بما وراء الزمن ، بما وراء الأبدية ؟

    والله يحفظك يا ميّ ويحرسك دائماً



    صديقك المخلص
    جبران خليل جبران






    .........................................


    نيويورك 9 تشرين الثاني 1919


    عزيزتي الآنسة "مي"
    أنتِ حاقدة عليّ , ناقمة عليّ , ولك الحق , ومعك الحق , وما عليّ سوى الامتثال فهلا نسيت إثماً اقترفته وأنا بعيد عن عالم المقاييس والموازين ؟ هلا وضعت في " صندوق الذهب" ما لا يستحق الحفظ في الصندوق الأثيري ؟

    إن ما يعرفه الحاضر يجهله الغائب وليس من العدالة أن تحسب جهل الغائب جريمة فالجرائم لا تكون الا في موضع الإدراك والمعرفة , وأنا لا أريد أن أسكب سهواً قليلاً من الرصاص المذوب أو الماء الغالي على أصابع العارفين المدركين لعلمي أن الجريمة نفسها عقاب المجرمين وأن مصائب أكثر الناس في ما أسند إليهم من الأعمال .

    لقد استأنست بذلك العنصر الشفاف الذي تتلاشى أمامه المسافة والحدود والحواجز , والنفس المستوحشة لا تستأنس إلا بذلك العنصر ولا تستصرخ سواه ولا تستنجد غيره . وأنتِ – أنتِ التي تعيشين كثيراً في عالم المعنى تعلمين أن العنصر الشفاف فينا يتنحى عن جميع أعمالنا ويبتعد حتى وعن أجمل ميولنا البيانية وأنبل رغائبنا الفنية , فهو وإن جاور الشاعرية فينا لا ينظم ذاته نشيداً غنائياً ولا يضع خفاياه في الخطوط والألوان . كل بشري يستطيع التكلف بمنازعه واللعب بمطامعه والمتاجرة بأفكاره ولكن ليس بين البشر من يستطيع التكلف بوحشته أو اللعب بألمه أو المتاجرة بجوعه وعطشه . ليس بين الناس من يقدر أن يحول أحلامه من صورة إلى صورة أو ينقل أسرار نفسه من مكان إلى مكان . وهل بإمكان الضعيف والصغير فينا أن يؤثر على القوي والعظيم فينا ؟ هل بإمكان الذات المقتبسة وهي من الأرض أن تحور وتغير الذات الوضعية وهي من السماء ؟ إن تلك الشعلة الزرقاء تنير ولا تتغير وتحول ولا تتحول وتأمر ولا تأتمر . وهل تظنين حقيقةً , وأنت أبعد الناس فكراً , أن " التهكم الدقيق " ينبت في حقل يفلحه الألم وتزرعه الوحشة ويحصده الجوع والعطش ؟ هل تظنين أن "النكتة الفلسفية " تسير بجانب الميل إلى الحقيقة والرغبة في المجرد المطلق ؟ لا يا صديقتي , أنت أرفع من الشك والارتياب . الشك يلازم الخائفين السلبيين والارتياب يلاحق من ليس لهم الثقة بنفوسهم , أما أنت فقوية إيجابية ولكِ الثقة التامة بنفسك فهلا كنتِ مؤمنة بكل ما تضعه الأيام في راحتيك ؟ هلا حولتِ عينيكِ عن المظاهر الجميلة إلى الحقيقة الجميلة ؟

    قد صرفت شهور الصيف في منزل منفرد منتصب كالحلم بين البحر والغاب فكنت كلما أضعت نفسي في الغاب أذهب إلى البحر فأجدها وكلما فقدتها بين الأمواج أعود إلى ظل الأشجار فألتقي بها . إن غابات هذه البلاد تختلف عن غابات الأرض كافةً , فهي غضة كثيفة متعرشة تعود بالذكرى إلى الأزمنة الغابرة , إلى البدء اذ كان الكلمة عند الله وكان الكلمة لله ! أما بحرنا فبحركم وذلك الصوت المجنح الذي تسمعونه على شواطئ مصر نسمعه نحن على هذه الشواطئ , وذلك القرار الرهاوي الذي يملأ صدوركم بهيبة الحياة وهولها يملأ صدرنا بهول الحياة وهيبتها . لقد أصغيت إلى نغمة البحر في مشارق الأرض ومغاربها فكانت ولم تزل هي هي الأغنية الأزلية الأبدية التي تعلو وتهبط بالروح فتكسبها تارةً الحزن وطوراً الطمأنينة . لقد أصغيت إلى تلك النغمة حتى وعلى رمال الإسكندرية – نعم على رمال الإسكندرية – وكان ذلك في صيف 1903 فسمعت اذ ذاك حديث الدهور من بحر المدنية القديمة مثلما سمعته بالأمس من بحر المدنية الحديثة , ذلك الحديث الذي سمعته للمرة الأولى وأنا في الثامنة فاحترت بأمري وألبست عليّ حياتي فأخذت أحارب بسؤالاتي الكثيرة صبر المرحومة أمي وجلدها , ذلك الحديث الذي أسمعه اليوم فأطرح السؤالات ذاتها ولكن على الأم الكلية فتجيبني بغير الكلام وتفهمني أموراً كلما حاولت اظهارها للآخرين تحولت الألفاظ في فمي إلى سكوت عميق . أنا اليوم , وقد صرت في (الثمانين؟؟؟؟) مثلما كنت وأنا في الثامنة , أجلس على شط البحر وأنظر إلى أبعد نقطة من الأفق الأزرق وأسأل ألف سؤال وسؤال : " ترى هل لنا من مجيب في ربوعكم ؟" ترى هل تتفتح الأبواب الدهرية ولو لدقيقة واحدة لنرى ما ورائها من الأسرار والخفايا ؟ أليس بامكانكم أن تقولوا لنا كلمة واحدة عن تلك الأنظمة السرية النافذة حولنا في الحياة قبل أن يضع الموت نقابه الأبيض على وجوهنا ؟" وأنت تسألين ما اذا كنت لا " أستطيب الفائدة في التفكهة بلا اجهاد " إني أستطيب الفائدة , أستطيبها إلى درجة قصوى ولكن بعد أن أترجم لفظها إلى لغتي الخاصة !!! أما الاجهاد فسلّم نصعد عليه لنبلغ العليّة . أنا بالطبع أفضل الصعود إلى عليتي طائراً ولكن الحياة لم تعلّم جانحيّ الرفرفة والطيران فماذا أفعل ؟ وأنا أفضل الحقيقة الخفية على الحقيقة الظاهرة , وأفضل الحاسة الصامتة اكتفاءً واقتناعاً على الحاسة التي تحتاج إلى التفسير والتعليل . غير أنني وجدت أن السكوت العلوي يبتدئ دائما بكلمة علوية .

    إني أستطيب الفائدة , بل وأستطيب كل شيء في الحياة إلا الحيرة , فإذا جاءت الفائدة وعلى منكبيها غمر من الحيرة أغمضت عينيَّ وقلت في سري " هذا صليب آخر علي أن أحمله مع المئة صليب التي أحملها " وليست الحيرة بذاتها من الأمور المكروهة ولكنني قد رافقتها حتى مللتها – قد أكلتها خبزاً وشربتها ماءً وتوسدتها فراشاً ولبستها رداءً حتى صرت أتبرم من لفظ اسمها وأهرب من ظل ظلها .

    أظن أن مقالتك في " المواكب" هي الأولى من نوعها باللغة العربية . هي أول بحث في ما يرمي إليه الكاتب بوضع كتاب . حبذا لو كان بإمكان أدباء مصر وسوريا أن يتعلموا منكِ استجواب أرواح الكتب دون أجسادها واستفسار ميول الشعراء النفسية قبل استقصاء مظاهر الشعر الخارجية . يجب عليّ أن لا أحاول اظهار امتناني الشخصي على تلك المقالة النفيسة لأنني أعلم أنها كتبت وأنت منصرفة عن كل شيء شخصي . وإذا ما حاولت اظهار امتناني القومي بصورة عمومية أوجب عليّ ذلك كتابة مقالة في تلك المقالة وهذا أمر يحسبه الشرقيون في الوقت الحاضر من الأمور التي لا تجاور الذوق السليم ! ولكن سيجيء يوم أقول فيه كلمتي في " مي " ومواهبها , وستكون كلمتي هائلة ! وستكون طويلة عريضة ! وستكون صادقة لأنها ستكون جميلة .

    إن الكتاب الذي سيصدر في هذا الخريف هو كتاب رسوم خالٍ من " ضجيج التمرد والعصيان ." ولولا اضراب العمال في المطابع لظهر منذ ثلاثة أسابيع . وفي السنة القادمة سيصدر كتابان الأول " المستوحد " وربما دعوته باسم آخر " وهو مؤلف من قصائد وأمثال والثاني كتاب رسوم رمزية باسم " نحو الله " وبهذا الأخير انتهي من عهد وابتدئ بعهد آخر . وأما " النبي " فكتاب فكرت به منذ ألف سنة ولكنني لم أكتب فصلاً من فصوله حتى أواخر السنة الغابرة . وماذا عسى أقول لك عن هذا النبي ؟ هو ولادتي الثانية ومعموديتي الأولى . هو الفكرة الوحيدة التي تجعلني حرياً بالوقوف أمام وجه الشمس . ولقد وضعني هذا النبي قبل أن أحاول وضعه , وألفني قبل أن أفكر بتألفيه , وسيرني صامتاً وراءه سبعة آلاف فرسخ قبل أن يقف ليملي عليّ ميوله ومنازعه .

    أرجوك أن تسألي رفيقي ومعاوني العنصر الشفاف عن هذا النبي وهو يقص عليك حكايته . اسألي العنصر الشفاف , اسأليه في سكينة الليل عندما تنعتق النفس من قيودها وتتملص من أثوابها وهو يبوح لكِ بأسرار هذا النبي وبخفايا من تقدمه من الأنبياء أجمعين .

    أنا أعتقد يا صديقي أن في العنصر الشفاف من العزم ما لو وضعنا ذرةً منه تحت جبل لانتقل من مكان إلى مكان آخر , واعتقد , بل واعلم , أننا نستطيع أن نمد ذلك العنصر سلكاً بين بلاد وبلاد فنعلم بواسطته كل ما نريد أن نعلمه ونحصل على كل ما نشوق إليه ونبتغيه .

    ولدّي أمور كثيرة أريد أن أقولها عن العنصر الشفاف وغيره من العناصر ولكن عليّ أن أبقى صامتاً عنها . وسوف أبقى صامتاً حتى يضمحل الضباب وتنفتح الأبواب الدهرية ويقول لي ملاك الرب " تكلم , فقد ذهب زمن الصمت وسر فقد طال وقوفك في ظلال الحيرة ."

    أي متى يا ترى تنفتح الأبواب الدهرية ؟ هل تعلمين ؟ هل تعلمين أي متى تتفتح الأبواب الدهرية ويضمحل الضباب ؟

    والله يحفظك يا " مي" ويحرسك دائماً


    المخلص
    جبران خليل جبران




    ................................




    نيويورك مساء السبت 21 أيار 1921

    يا مي يا صديقتي

    " كثيراً وبحنو – كثيراً وبحنو" , هذه حقيقة بسيطة ظهرت لي منذ حين فانفتحت في روحي نوافذ وأبواب جديدة , ولما قررتها رأيتني واقفاً أمام مشاهد ما كنت أحلم بوجودها في هذا العالم.

    " كثيراً وبحنو – كثيراً وبحنو" , ومن هذا الكثير وهذا الحنو قد تعلمت الصلاة بفرح والحنين بطمأنينة والامتثال بدون انكسار. لقد عرفت أن الرجل المستوحد يستطيع أن يغمر وحدته بنور " الكثير" ويزيل الاجهاد في عمله بحلاوة " الحنو" . وعرفت أن الغريب المستوحش يستطيع أن يكون أباً وأخاً ورفيقاً وصديقاً- وفوق كل ذلك أن يكون طفلاً فرحاً بالحياة. " كثيراً وبحنو" إن في هذا الكثير وهذا الحنو أجنحة تخيم وأيادٍ تبارك. صحتي اليوم أحسن مما كانت عليه منذ شهر , لكنني لم أزل مريضاً, وهذا الجسم الضعيف ما برح بدون نظام وبدون وزن وبدون قافية. وأنت تريدين أن أقول لك مم أشكو , فإليك خلاصة ما قاله الأطباء :

    " اضطراب عصبي سببه الاجهاد ونقص في التغذية أدى إلى اضطراب في الجهاز العام للقلب فكان تسرع النبض نتيجة حتمية له, وقد بلغت نبضاته 115 في الدقيقة في حين أن النبض الطبيعي هو في حدود (80)."

    أي يا ميّ, ففي العامين الغابرين قد حمّلت جسمي فوق طاقته, فكنت أصور ما دام النور وأكتب حتى الصباح وألقي المحاضرات وأختلط بجميع أنواع البشر – وهذا العمل الأخير هو أصعب شيء أمام وجه الشمس- وكنت اذا جلست إلى مائدة الطعام أشغل نفسي بالكلام والمتكلمين حتى تحضر القهوة فأتناول منها الشيء الكثير وأكتفي بها طعاماً وشراباً. وكم مرة عدت إلى منزلي بعد منتصف الليل وبدلاً من الخضوع إلى سنة الله في أجسامنا كنت أنبّه ذاتي بالحمامات الباردة وبالقهوة القوية وأصرف ما بقي من الليل كاتباً أو مصوراً – أو على الصليب. ولو كنت شبيهاً بقومي سكان شمال لبنان لما قبضت عليّ العلة بهذه السرعة. هم كبار الأجسام أقوياء البنية أما أنا فبعكس ذلك ولم أرث عن أولئك الأشداء حسنة واحدة من حسناتهم الجسدية. ها قد أشغلت فسحةً كبيرة بالكلام عن مرضي, وكان الأحرى بي أن لا أفعل – ولكن ما العمل وأنا لا أستطيع إلا الجواب على كل سؤال من سؤالاتك الممنطقة بحلاوة الاهتمام " والرغبة والتمني".

    أين الرسالة الطويلة المقطعة المكتوبة بقلك رصاص وعلى ورق بلدي مربع التسطير في حديقة جميلة أمام صف من الذهبيات؟ أين رسالتي يا مي؟ لماذا لم تبعثي بها إلي؟ أريد الحصول عليها, أريدها بكلياتها وجزئياتها. أتعلمين مقدار رغبتي في الحصول على تلك الرسالة بعد أن قرأت نتفة منها- تلك النتفة القدسية التي جاءت فجراً ليوم جديد. أتعلمين أنه لولا خوفي من كلمة " وبجنون" لكنت بعثت إليك ليلة أمس برقية أرجوك فيها تسليم الرسالة إلى البريد؟

    أترين فيَّ الطيبة يا ميّ؟ وهل أنت بحاجة إلى الطيبة؟ هذا كلام جارح بعذوبته فبما أجيب عليه؟ إذا كان في كياني يا صديقتي ما أنت في حاجة إليه فهو لك بكليته . ليست الطيبة فضيلة بحد ذاتها أما عكسها فجهالة- وهل تقطن الجهالة حيث " كثيراً وبحنو"؟

    إذا كانت الطيبة في محنة الجميل وفي التهيب أمام النبيل وفي الشوق إلى البعيد والخفي- إذا كانت الطيبة في هذه الأشياء فأنا إذن من الطيبين, أما إذا كانت في غير هذه الأشياء فأنا لا أدري ما ومن أنا. وإني أشعر يا مي أن المرأة السامية تستلزم وجود الطيبة في روح الرجل حتى ولو كان جاهلاً.

    حبذا لو كنت الساعة في مصر. حبذا لو كنت في بلادي قريباً ممن تحبهم نفسي. أتعلمين يا مي أنني في كل يوم أتخيل ذاتي في منزل في ضواحي مدينة شرقية وأرى صديقتي جالسة قبالتي تقرأ في آخر مقالة من مقالاتها التي لم تنشر بعد, فنتحدث طويلاً في موضوعها ثم نتفق على إنها أحسن ما كتبته حتى الآن. وبعد ذلك أنتشل من بين مساند فراشي بعض الأوراق وأقرأ قطعة كتبتها أثناء الليلة الغابرة فتستحسنها صديقتي قليلاً ثم تقول في سرها " يجب ألا يكتب وهو في هذه الحالة. إن تراكيب هذه القطعة تدل على الضعف والوهن والتشويش- عليه ألا يأتي بعمل فكري حتى يتعافى تماماً"- تقول صديقتي هذا في سرها وأنا أسمعه في سري فأقتنع بعض الاقتناع ثم لا ألبث أن أقول بصوت عالٍ " أمهليني قليلاً, أمهليني أسبوعاً أو أسبوعين فأتلو عليك قطعة جميلةً , جميلة للغاية". فتجيبينني بصراحة " يجب أن تمتنع عن الكتابة والتصوير وكل عمل آخر عاماً أو عامين, وإن لم تمتنع فأنا عليك من الساخطين!" – تلفظ صديقتي كلمة " الساخطين" بلهجة ملؤها " الاستبداد المطلق" ثم تبتسم كالملاكة فأحتار دقيقة بين سخطها وابتسامها, ثم أجدني فرحاً بسخطها وابتسامها- وفرحاً بحيرتي.

    وعلى ذكر الكتابة – أتدركين مقدار سروري وابتهاجي وافتخاري بما ظهر لك من المقالات والحكايات في الشهور الأخيرة؟ ما قرأت لك قطعة إلى وشعرت بنمو وتمدد في قلبي, وما قرأتها ثانية إلا وتحولت عمومياتها إلى شيء شخصي فأرى في الأفكار والقوالب ما لم يره سواي وأقرأ بين السطور سطوراً لم تكتب إلا لي. أنت يا مي كنز من كنوز الحياة, بل وأكثر من ذلك- أنتِ أنتِ, وإني أحمد الله لأنك من أمة أنا من أبناها ولأنك عائشة في زمن أعيش فيه. كلما تخيلتك عائشة في القرن الماضي أو في القرن الآتي رفعت يدي وخفقت بها الهوا كمن يريد أن يزيل غيمة من الدخان من أمام وجهه.

    بعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع أذهب إلى البرية فأسكن بيتاً صغيراً منتصباً كالحلم بين البحر والغابة – وما أجمل تلك الغابة , وما أكثر أطيارها وأزهارها وينابيعها. كنت في الأعوام الغابرة أسير وحيداً منفرداً في تلك الغابة. وكنت أذهب عشية إلى البحر وأجلس كئيباً على الصخور أو أرمي بنفسي إلى الأمواج كمن يريد أن يتملص من الأرض وأشباحها. أما في هذا الصيف فسأسير في الغابة وأجلس أمام البحر وفي روحي ما ينسيني الوحدة وفي قلبي ما يشغلني عن الكآبة.

    أخبريني يا ميّ ما أنت فاعلة في هذا الصيف؟ أذاهبة إلى رمل الاسكندرية أم إلى لبنان؟ أذاهبة وحدك إلى لبناننا؟ أي متى يا ترى أعود إلى لبنان؟ أتستطيعين أن تقولي لي أي متى أتخلص من هذه البلاد ومن القيود الذهبية التي حبكتها منازعي حول عنقي؟

    أتذكرين يا مي قولك لي مرة أن صحفياً في بيونيس آيريس قد بعث إليك برسالة يطلب فيها رسمك ومقالة من مقالاتك؟ لقد فكرت مرات عديدة في طلب هذا الصحفي وفي ما يطلبه جميع الصحفيين وكنت في كل مرة أقول متحسراً " لست بصحفي! لست بصحفي! لذلك يتعذر عليّ أن أطلب ما يطلبه الصحفيون. لو كنت صاحب مجلة أو محرر جريدة لطلبت رسمها بكل حرية, وبدون خجل, وبدون وجل, وبدون توطئة منسوجة من الألفاظ المرتعشة" كنت ولم أزل أقول هذا في قلبي, فهل سمع الذين اتخذوا قلبي وطناً لهم؟

    ها قد انتصف الليل وللآن لم أخط الكلمة التي تلفظها شفتي وتلفظها تارة همساً وطوراً بصوت عالِ. إني أضع كلمتي في قلب السكينة فالسكينة تحتفظ على كل ما نقوله بحنو وحرقة وإيمان. والسكينة يا ميّ تحمل صلاتنا إلى حيث نريد أو ترفعها إلى الله.

    أنا أذهب إلى فراشي. وسوف أنام الليلة طويلاً . وسوف أقول لكِ في الحلم ما لم أخطه على هذه الورقة. مساء الخير يا مي. الله يحرسكِ






    ...................................




    نيويورك صباح الاثنين 30 أيار 1921


    يا مي , يا ماري , يا صديقتي

    ( ماري هو اسم مي الأصلي , إلا أنها اختارت الثاني مختصرة اسم ماري إلى مي وهو الاسم العربي الجميل الذي تغنى به الشعراء. وقد غلب عليها واشتهرت به وأصبح اسمها الأدبي والشخصي.)

    استيقظت الساعة من حلم غريب. ولقد سمعتك تقولين لي في الحلم كلمات حلوة ولكن بلهجة موجعة, والأمر الذي يزعجني في هذا الحلم ويزعجني جداً – هو أنني رأيت في جبهتك جرحاً صغيراً يقطر دماً. ليس في حياتنا شيء أدعى إلى التفكير والتأمل من الأحلام. وأنا من الذين يحلمون كثيراً, بيد أنني أنسى أحلامي إلا إذا كانت ذات علاقة بمن أحبهم. لا أذكر أنني حلمت في ماضيَّ حلماً أوضح من هذا الحلم, لذلك أراني مشوشاً مضطرباً مشغول البال في هذا الصباح. ماذا تعني رنة التوجع في كلماتكِ الجميلة؟ وما معنى الجرح في جبهتكِ؟ و أيّ بشري يستطيع أن يخبرني مفاد انقباضي وكآبتي؟

    سوف أصرف نهاري مصلياً في قلبي. أصلي لأجلكِ في سكينة قلبي. وسوف أصلي لأجلنا.

    والله يباركك يا ميّ ويحرسك






    ..................................




    نيويورك 9 أيار 1922


    صديقتي الفاضلة.

    تسألينني يا سيدتي ما إذا كنت وحيد الفكر والقلب والروح , فبما يا ترى أجيبك؟ أشعر أن وحدتي ليست بأشد ولا أعمق من وحدة غيري من الناس. كلنا وحيد منفرد. كلنا سر خفي. كلنا محجوب بألف نقاب ونقاب, وما الفرق بين مستوحد ومستوحد سوى أن الأول يتكلم عن وحدته والثاني يظل صامتاً. وقد يكون في الكلام بعض الراحة, وقد يكون في الصمت بعض الفضيلة.

    لا أدري يا سيدتي ما إذا كانت وحدتي بما فيها من الكآبة مظهراً " لهوى بعض شخصياتي" أو برهاناً على عدم وجود شخصية في هذا الكائن الذي أدعوه " أنا" , لا, لا أدري. ولكن إذا كانت الوحدة عنوان الضعف فأنا بدون شك أضعف الناس.

    أما مقالة" نفسي مثقلة بثمارها" فلم تكن " أنة شاعر في ساعة غمّ عابرة" بل " صدى لعاطفة عمومية قديمة مستتبة شعر ويشعر بها الكثيرون", وسيدتي تعلم أن ميلنا إلى سكب ما في أرواحنا في كؤوس الآخرين لأشد بما لا يقاس من الرغبة في الارتواء مما يسكبه الآخرون في كؤوسنا. تلك صفة لا تخلو من الغرور في بعض الأحايين ولكنها طبيعية.

    ما أحسن قولكِ" إن كربة الوحدة وتباريحها تشتد وسط الجماهير". هذه حقيقة أولية . فكم مرة يجلس الواحد منا بين أترابه ومريديه فيحدثهم ويجادلهم ويشاركهم بالأقوال والأعمال- يفعل كل ذلك بإخلاص ومسرة, ولكن فعله لا يتعدى حدود الذات المقتبسة من عالم المظهر , أما ذاته الأخرى, ذاته الخفية, فتبقى ساكنة مستوحدة في عالم المصدر.

    الناس, وأنا منهم, ميالون إلى الدخان والرماد, أما النار فيخافونها لأنها تبهر العين وتحرق الأصابع. الناس, وأنا منهم, منصرفون إلى درس ثنايا قشور بعضهم بعضاً , أما اللباب فيتركونه وشأنه لأنه لا يقع تحت حواسهم. وكيف يستطيع اللباب أن يظهر إلا بكسر القشرة؟ وليس من الأمور الهينة أن يمزق المرء قلبه ليرى الناس مكنونات قلبه. وهذه هي الوحدة يا سيدتي, وهذه هي الكآبة.

    قد أسأت التعبير- وبشيء من القصد- عندما قلت لكِ في أواخر الصيف الغابر " منذ ستة أسابيع وأنا أحاول الكتابة إليكِ" كان يجب أن أقول" من ستة أسابيع وأنا أستأجر بعض الناس للاهتمام برسائلي لأن أعصاب يميني لم تكن صالحة للكتابة" ولم أحلم قط بأن لفظة " أحاول" ستتحول إلى مبضع في يد صديقتي. كنت أتوهم أن الأرواح المجنحة لا تسجن في قفص من الألفاظ. وكنت أتوهم أن الضباب لا يتحجر وكنت أتوهم وأتوهم وأجد الراحة والطمأنينة في أوهامي, حتى إذا ما طلع الفجر واستيقظت وجدتني جالساً على رابية من رماد وفي يدي قصبة مرضوضة وعلى رأسي اكليل من الشوك.. لا بأس فأنا المخطىء , أنا , أنا المخطىء يا " مي" .

    أرجو أن تحقق الأيام رغبتك في السفر إلى أوربا . سوف تجدين , خصوصاً في إيطاليا وفرنسا, من مظاهر الفن والصناعة ما يسرك ويبهجك. هناك المتاحف والمعاهد, وهناك الكنائس القديمة الغوطية, وهناك آثار نهضة القرنين – الرابع عشر والخامس عشر , وهناك أفضل ما تركته الأمم المغلوبة والأمم المنسية. أوربا يا سيدتي مغارة لص غاوي خبير يعرف قيمة الأشياء النفيسة ويعرف كيف يحصل عليها.

    كان بقصدي الرجوع إلى الشرق في الخريف الآتي. ولكن بعد قليل من التفكير وجدت أن الغربة بين الغرباء أهون من الغربة بين أبناء وبنات أمي. وأنا لست ممن يميلون إلى الهيّن ولكن القنوط فنون كالجنون.
    تفضلي بقبول تحيتي مشفوعة بأحسن تمنياتي والله يحفظك




    .............................................





    نيويورك 5 تشرين الأول 1923


    لا يا مي , ليس التوتر في اجتماعاتنا الضبابية بل في اجتماعاتنا الكلامية. ما لقيتكِ في ذلك الحقل البعيد الهادئ إلا وجدتك الصبية العذبة العطوفة التي تشعر بكل الأشياء وتعرف كل الأشياء وتنظر إلى الحياة بنور الله وتغمر الحياة بنور روحها. لكن ما اجتمعنا بين سواد الحبر وبياض الورق إلا رأيتكِ ورأيتني أرغب الناس في الخصام والمبارزة – المبارزة العقلية المفعمة بالقياسات المحدودة والنتائج المحدودة.

    الله يسامحكِ. لقد سلبتني راحة قلبي, ولولا تصلبي وعنادي لسلبتني إيماني.من الغريب أن يكون أحب الناس إلينا أقدرهم على تشويش حياتنا.
    يجب ألا نتعاتب , يجب أن نتفاهم. ولا نستطيع التفاهم إلا إذا تحدثنا ببساطة الأطفال. أنتِ وأنا نميل إلى الإنشاء بما يلازم الإنشاء من المهارة والتفنن والتنميق والترتيب. قد عرفنا, أنتِ وأنا, أن الصداقة والإنشاء لا يتفقان بسهولة. القلب يا مي شيء بسيط ومظاهر القلب عناصر بسيطة, أما الإنشاء فمن المركبات الاجتماعية. ما قولكِ في أن نتحول عن الإنشاء إلى الكلام البسيط؟

    " أنت تحيين فيَّ وأنا أحيا فيكِ , أنتِ تعلمين ذلك وأنا أعلم ذلك".

    أليست هذه الكلمات القليلة أفضل بما لا يقاس من كل ما قلناه في الماضي؟ ماذا يا ترى كان يمنعنا عن التلفظ بهذه الكلمات في العام الغابر؟ أهو الخجل أم الكبرياء أم الاصطلاحات الاجتماعية أم ماذا؟ منذ البدء عرفنا هذه الحقيقة الأولية فلماذا لم نظهرها بصراحة المؤمنين المخلصين المتجردين؟ لو فعلنا لكنا أنقذنا نفسينا من الشك والألم والندم والسخط والمعاكسات, المعاكسات , المعاكسات التي تحول عسل القلب إلى مرارة وخبز القلب إلى تراب. الله يسامحك ويسامحني.

    يجب أن نتفاهم , ولكن كيف نستطيع ذلك بدون أن يقابل الواحد منا صراحة الآخر بالتصديق التام؟ أقول لكِ يا ماري, أقول لك أمام السماء والأرض وما بينهما, أنني لست ممن يكتبون " القصائد الغنائية" ويبعثون بها إلى الشرق وإلى الغرب كرسائل خصوصية, ولست ممن يتكلمون صباحاً عن نفوسهم المثقلة بالأثمار وينسون مساءً نفوسهم وأثمارها وأثقالها, ولست ممن يلمسون الأشياء المقدسة قبل أن يغسلوا أصابعهم بالنار, ولست ممن يجدون في أيامهم ولياليهم الفسحات الفارغة فيشغلونها بالمداعبات الغزلية, ولست ممن يستصغرون أسرار أرواحهم وخفايا قلوبهم فينشرونها أمام أية ريح تهب, أنا كثير الأشغال مثل بعض الرجال الكثيري الأشغال, أنا أتوق إلى العظيم والنبيل والجميل النقي مثل بعض الرجال الذين يتوقون إلى العظيم والنبيل والجميل والنقي, وأنا غريب مستوحد مستوحش مثل بعض الرجال المستوحدين المستوحشين رغم سبعين ألف صديقة وصديق. وأنا مثل بعض الرجال, لا أميل إلى البهلوانيات الجنسية المعروفة عند الناس بأسماءٍ حسنة ونعوت أحسن, وأنا يا مي مثل جاركِ وجاري, أحب الله والحياة والناس, ولحد الآن لم تطلب مني الأيام أن ألعب دوراً لا يليق بجاركِ أو بجاري.

    لما كتبت إليك في البداية كانت رسالتي دليلاً على ثقتي بك, لما جاوبتني كان جوابك دليلاً على الشك. كتبت إليك مضطراً فأجبتني متحذرة. حدثتك عن حقيقة غريبة فأجبتني بكل لطف قائلة " عافاك يا شاطر, ما أحسن قصائدك الغنائية." أنا أعلم جيداً أنني لم أتبع إذ ذاك السبل المألوفة. وأنا لم أتبع ولن أتبع السبل المألوفة. وأنا أعلم أن تحذرك كان من الأمور المنتظرة, وهذا, هذا هو سبب ألمي , لأنني لم أنتظر المنتظر. لو كتبت لغير ميّ لكان عليّ أن أنتظر المنتظر. ولكن هل كان بإمكاني إظهار تلك الحقيقة لغير ميّ ؟

    والغريب أنني لم أندم بعد ذلك. لا لم أندم بل بقيت متمسكاً بحقيقتي راغباً في إظهارها لكِ, فكتبت إليكِ مرات عديدة وكنت أحصل بعد كل مرة على الجواب اللطيف, ولكن من غير ميّ التي أعرفها. كنت أحصل على الجواب اللطيف من كاتمة أسرار ميّ , وهي صبية ذكية تعيش في القاهرة بمصر. ثم ناديت وناجيت, وكنت أحصل على الجواب نعم كنت أحصل على الجواب ولكن ليس من تلك التي " أحيا فيها وتحيا فيَّ " بل من امرأة متحذرة متشائمة تأخذ وتعطي معي كأنها المدّعي العمومي وكأنني المُدّعى عليه.

    وهل أنا ناقم عليكِ؟

    كلا , لكنني ناقم على كاتمة أسراركِ.

    وهل حكمت عليك حكماً عادلاً أم غير عادل؟

    كلا, لم أحكم أبداً. إن قلبي لا ولن يسمح بإيقافك أمام منصة القضاء, قلبي لا ولن يسمح لي بالجلوس عليها. إن ما بنا يا ميّ يقصينا عن جميع المحاكم. ولكن لي رأي في كاتمة أسراركِ وهو هذا :

    كلما جلسنا لنتحدث تدخل علينا حضرتها وتجلس قبالتنا كمن يستعد لتدوين وقائع جلسة من جلسات مؤتمر سياسي. اسألك, اسألك يا صديقتي, هل نحن بحاجة إلى كاتمة الأسرار؟ هذا سؤال مهم. إذا كنتِ حقيقةً بحاجة إلى كاتمة أسراركِ فعليَّ إذاً أن أستدعي كاتم أسراري لأنني أنا أيضاً أريد تسيير أشغالي على الطراز الأول! أتريدين كاتم أسراري أن يكون معنا؟

    انظري يا ميّ: ههنا طفلان جبلاويان يمشيان في نور الشمس, وهناك أربعة أشخاص امرأة وكاتمة أسرارها ورجل وكاتم أسراره. ههنا طفلان يسيران يداً بيد, يسيران بإرادة الله إلى حيث يريد الله, وهناك أربعة أشخاص في مكتب يتجادلون ويتحاجون ويقومون ويقعدون وكل منهم يحاول إثبات ما يظنه حقاً له على حساب ما يظنه بُطلاً في الآخر. ههنا طفلان, وهناك أربعة أشخاص, فإلى أية جهة يميل قلبك؟ قولي لي إلى أية جهة؟

    آه لو كنتِ تعلمين مقدار تعبي مما لا لزوم له. لو كنت تعلمين مقدار حاجتي إلى البساطة. لو كنت تعلمين مقدار حنيني إلى المجرد, المجرد الأبيض, المجرد في العاصفة , المجرد على الصليب, المجرد الذي يبكي لا يستر دموعه , المجرد الذي يضحك ولا يخجل من ضحكة- لو تعلمين , لو كنت تعلمين.

    " وماذا أنا فاعل في هذا المساء"؟

    ليس الوقت مساءً. نحن في الساعة الثانية بعد منتصف الليل فإلى أي مكان تريدين أن نذهب في هذه الساعة المتأخرة ؟ الأفضل أن نبقى هنا , هنا في هذه السكينة العذبة. هنا نستطيع أن نتشوق حتى يدنينا الشوق من قلب الله. وهنا نستطيع أن نحب البشرية حتى تفتح لنا البشرية قلبها.

    ها قد قبّل النعاس عينيك.

    لا تنكري أن النعاس قد قبل عينيك. لقد رأيته يقبلهما. قد رأيته يقبلهما هكذا, هكذا كما يقبلون , فالقي رأسك هنا, إلى هذه الجهة ونامي, نامي صغيرتي, نامي فأنت في وطنكِ.

    أما أنا فسوف أسهر , سوف أسهر وحدي . علي أن أبقى خافراً حتى الصباح. قد ولدت لأبقى خافراً حتى الصباح.

    الله يحرسكِ. الله يبارك سهري . الله يحرسك دائماً.







    .................................................. ..
    Attached Files
    بلا ولا شي ..... بحبك

  • #2
    رد: الشعلة الزرقاء ...رسائل جبران خليل جبران إلى مي زيادة

    يسلمو رهوف موضوعككتير كتير حلو انا قريتون من فتره بس مو كاملين لاني كنت بفترة الامتحانات



    وان شالله بيوم افضى اقراهون كلياتون


    معَ اللهْ.. وَ بقدرتِهْ .. قادرة على فعلْ كُل شيءْ ..!
    BRAVEHEART,in our Hearts
    ترنيم..اشتقنا إليكِ..

    Comment


    • #3
      رد: الشعلة الزرقاء ... رسائل جبران خليل جبران إلى مي زيادة

      شكراا كتير

      عينــــــــــــاكي ...... حلمــــــــــــــا
      ×
      انا بــشتريلك موتور .. بضويلك البناية كلها
      وانا بعرف اطبخ بصير عنا ولاد كتــير تتجـوزيني

      ×

      انتـــــــــي كتــــــــير حلـــــــوة .... طيـب

      خلي الجو ولعان مع BuZz

      Comment

      Working...
      X