• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

Announcement

Collapse

قوانين المنتدى " التعديل الاخير 17/03/2018 "

فيكم تضلو على تواصل معنا عن طريق اللينك: www.ch-g.org

قواعد المنتدى:
التسجيل في هذا المنتدى مجاني , نحن نصر على إلتزامك بالقواعد والسياسات المفصلة أدناه.
إن مشرفي وإداريي منتدى الشباب المسيحي - سوريا بالرغم من محاولتهم منع جميع المشاركات المخالفة ، فإنه ليس بوسعهم استعراض جميع المشاركات.
وجميع المواضيع تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا يتحمل أي من إدارة منتدى الشباب المسيحي - سوريا أي مسؤولية عن مضامين المشاركات.
عند التسجيل بالمنتدى فإنك بحكم الموافق على عدم نشر أي مشاركة تخالف قوانين المنتدى فإن هذه القوانين وضعت لراحتكم ولصالح المنتدى، فمالكي منتدى الشباب المسيحي - سوريا لديهم حق حذف ، أو مسح ، أو تعديل ، أو إغلاق أي موضوع لأي سبب يرونه، وليسوا ملزمين بإعلانه على العام فلا يحق لك الملاحقة القانونية أو المسائلة القضائية.


المواضيع:
- تجنب استخدام حجم خط كبير (أكبر من 4) او صغير (أصغر من 2) او اختيار نوع خط رديء (سيء للقراءة).
- يمنع وضع عدد كبير من المواضيع بنفس القسم بفترة زمنية قصيرة.
- التأكد من ان الموضوع غير موجود مسبقا قبل اعتماده بالقسم و هالشي عن طريق محرك بحث المنتدى او عن طريق محرك بحث Google الخاص بالمنتدى والموجود بأسفل كل صفحة و التأكد من القسم المناسب للموضوع.
- إحترم قوانين الملكية الفكرية للأعضاء والمواقع و ذكر المصدر بنهاية الموضوع.
- مو المهم وضع 100 موضوع باليوم و انما المهم اعتماد مواضيع ذات قيمة و تجذب بقية الاعضاء و الابتعاد عن مواضيع العاب العد متل "اللي بيوصل للرقم 10 بياخد بوسة" لأنو مخالفة و رح تنحزف.
- ممنوع وضع الاعلانات التجارية من دون موافقة الادارة "خارج قسم الاعلانات".
- ممنوع وضع روابط دعائية لمواقع تانية كمان من دون موافقة الادارة "خارج قسم الاعلانات".
- لما بتشوفو موضوع بغير قسمو او فيو شي مو منيح او شي مو طبيعي , لا تردو عالموضوع او تحاورو صاحب الموضوع او تقتبسو شي من الموضوع لأنو رح يتعدل او ينحزف و انما كبسو على "التقرير بمشاركة سيئة" و نحن منتصرف.
- لما بتشوفو موضوع بقسم الشكاوي و الاقتراحات لا تردو على الموضوع الا اذا كنتو واثقين من انكم بتعرفو الحل "اذا كان الموضوع عبارة عن استفسار" , اما اذا كان الموضوع "شكوى" مافي داعي تردو لأنو ممكن تعبرو عن وجهة نظركم اللي ممكن تكون مختلفة عن توجه المنتدى مشان هيك نحن منرد.
- ممنوع وضع برامج الاختراق او المساعدة بعمليات السرقة وبشكل عام الـ "Hacking Programs".
- ممنوع طرح مواضيع او مشاركات مخالفة للكتاب المقدس " الانجيل " وبمعنى تاني مخالفة للايمان المسيحي.
- ممنوع طرح مواضيع او مشاركات تمس الطوائف المسيحية بأي شكل من الاشكال "مدح او ذم" والابتعاد بشكل كامل عن فتح اي نقاش يحمل صبغة طائفية.
- ضمن منتدى " تعرفون الحق و الحق يحرركم " بالامكان طرح الاسئلة بصيغة السؤال والجواب فقط ويمنع فتح باب النقاش والحوار بما يؤدي لمهاترات وافتراض اجوبة مسبقة.


عناوين المواضيع:
- عنوان الموضوع لازم يعبر عن محتوى الموضوع و يفي بالمحتوى و ما لازم يكون متل هيك "الكل يفوت , تعوا بسرعة , جديد جديد , صور حلوة , الخ ....".
- لازم العنوان يكون مكتوب بطريقة واضحة بدون اي اضافات او حركات متل "(((((((((العنوان)))))))))))) , $$$$$$$$$ العنوان $$$$$$$$$".
- عنوان الموضوع ما لازم يحتوي على اي مدات متل "الــعــنـــوان" و انما لازم يكون هيك "العنوان".


المشاركات:
- ممنوع تغيير مسار الموضوع لما بكون موضوع جدي من نقاش او حوار.
- ممنوع فتح احاديث جانبية ضمن المواضيع وانما هالشي بتم عالبرايفت او بالدردشة.
- ممنوع استخدام الفاظ سوقية من سب او شتم او تجريح او اي الفاظ خارجة عن الزوق العام.
- ممنوع المساس بالرموز و الشخصيات الدينية او السياسية او العقائدية.
- استخدام زر "thanks" باسفل الموضوع اذا كنتو بدكم تكتبو بالمشاركة كلمة شكر فقط.
- لما بتشوفو مشاركة سيئة او مكررة او مو بمحلها او فيا شي مو منيح , لا تردو عليها او تحاورو صاحب المشاركة او تقتبسو من المشاركة لأنو رح تنحزف او تتعدل , وانما كبسو على "التقرير بمشاركة سيئة" و نحن منتصرف.


العضوية:
- ممنوع استخدام اكتر من عضوية "ممنوع التسجيل بأكتر من اسم".
- ممنوع اضافة حركات او رموز لاسم العضوية متل " # , $ , () " و انما يجب استخدام حروف اللغة الانكليزية فقط.
- ممنوع اضافة المدات لاسم العضوية "الـعـضـويـة" و انما لازم تكون بهل شكل "العضوية".
- ممنوع استخدام اسماء عضويات تحتوي على الفاظ سوقية او الفاظ بزيئة.
- ممنوع وضع صورة رمزية او صورة ملف شخصي او صور الالبوم خادشة للحياء او الزوق العام.
- التواقيع لازم تكون باللغة العربية او الانكليزية حصرا و يمنع وضع اي عبارة بلغة اخرى.
- ما لازم يحتوي التوقيع على خطوط كتيرة او فواصل او المبالغة بحجم خط التوقيع و السمايليات او المبالغة بمقدار الانتقال الشاقولي في التوقيع "يعني عدم ترك سطور فاضية بالتوقيع و عدم تجاوز 5 سطور بحجم خط 3".
- ما لازم يحتوي التوقيع على لينكات "روابط " دعائية , او لمواقع تانية او لينك لصورة او موضوع بمنتدى اخر او ايميل او اي نوع من اللينكات , ما عدا لينكات مواضيع المنتدى.
- تعبئة كامل حقول الملف الشخصي و هالشي بساعد بقية الاعضاء على معرفة بعض اكتر و التقرب من بعض اكتر "ما لم يكن هناك سبب وجيه لمنع ذلك".
- فيكم تطلبو تغيير اسم العضوية لمرة واحدة فقط وبعد ستة اشهر على تسجيلكم بالمنتدى , او يكون صار عندكم 1000 مشاركة , ومن شروط تغيير الاسم انو ما يكون مخالف لشروط التسجيل "قوانين المنتدى" و انو الاسم الجديد ما يكون مأخود من قبل عضو تاني , و انو تحطو بتوقيعكم لمدة اسبوع على الاقل "فلان سابقا".
- يمنع انتحال شخصيات الآخرين أو مناصبهم من خلال الأسماء أو الصور الرمزية أو الصور الشخصية أو ضمن محتوى التوقيع أو عن طريق الرسائل الخاصة فهذا يعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال.


الرسائل الخاصة:
الرسائل الخاصة مراقبة مع احترام خصوصيتا وذلك بعدم نشرها على العام في حال وصلكم رسالة خاصة سيئة فيكم تكبسو على زر "تقرير برسالة خاصة" ولا يتم طرح الشكوى عالعام "متل انو توصلكم رسالة خاصة تحتوي على روابط دعائية لمنتجات او مواقع او منتديات او بتحتوي على الفاظ نابية من سب او شتم او تجريح".
لما بتوصلكم رسائل خاصة مزعجة و انما ما فيها لا سب ولا شتم ولا تجريح ولا روابط دعائية و انما عم يدايقكم شي عضو من كترة رسائلو الخاصة فيكم تحطو العضو على قائمة التجاهل و هيك ما بتوصل اي رسالة خاصة من هالعضو.
و تزكرو انو الهدف من الرسائل الخاصة هو تسهيل عملية التواصل بين الاعضاء.


السياسة:
عدم التطرق إلى سياسة الدولة الخارجية أو الداخلية أو حتى المساس بسياسات الدول الصديقة فالموقع لا يمت للسياسة بصلة ويرجى التفرقة بين سياسات الدول وسياسات الأفراد والمجتمعات وعدم التجريح أو المساس بها فالمنتدى ليس حكر على فئة معينة بل يستقبل فئات عدة.
عدم اعتماد مواضيع أو مشاركات تهدف لزعزعة سياسة الجمهورية العربية السورية أو تحاول أن تضعف الشعور القومي أو تنتقص من هيبة الدولة ومكانتها أو أن يساهم بشكل مباشر أو غير مباشر بزعزعة الأمن والاستقرار في الجمهورية العربية السورية فيحق للادارة حذف الموضوع مع ايقاف عضوية صاحب الموضوع.


المخالفات:
بسبب تنوع المخالفات و عدم امكانية حصر هالمخالفات بجدول محدد , منتبع اسلوب مخالفات بما يراه المشرف مناسب من عدد نقط و مدة المخالفة بيتراوح عدد النقط بين 1-100 نقطة , لما توصلو لل 100 بتم الحظر الاوتوماتيكي للعضو ممكن تاخدو تنبيه بـ 5 نقط مثلا على شي مخالفة , و ممكن تاخد 25 نقطة على نفس المخالفة و ممكن يوصلو لل 50 نقطة كمان و هالشي بيرجع لعدد تكرارك للمخالفة او غير مخالفة خلال فترة زمنية قصيرة.
عند تلقيك مخالفة بيظهر تحت عدد المشاركات خانة جديدة " المخالفات :" و بيوصلك رسالة خاصة عن سبب المخالفة و عدد النقط و المدة طبعا هالشي بيظهر عندكم فقط.


الهدف:
- أسرة شبابية سورية وعربية مسيحية ملؤها المحبة.
- توعية وتثقيف الشباب المسيحي.
- مناقشة مشاكل وهموم وأفكار شبابنا السوري العربي المسيحي.
- نشر التعاليم المسيحية الصحيحة وعدم الإنحياز بشكل مذهبي نحو طائفة معينة بغية النقد السيء فقط.
في بعض الأحيان كان من الممكن أن ينحني عن مسار أهدافه ليكون مشابه لغيره من المنتديات فكان العمل على عدم جعله منتدى ديني متخصص كحوار بين الطوائف , فنتيجة التجربة وعلى عدة مواقع تبين وبالشكل الأكبر عدم المنفعة المرجوة بهذا الفكر والمنحى , نعم قد نشير ونوضح لكن بغية ورغبة الفائدة لنا جميعا وبتعاون الجميع وليس بغية بدء محاورات كانت تنتهي دوما بالتجريح ومن الطرفين فضبط النفس صعب بهذه المواقف.



رح نكتب شوية ملاحظات عامة يا ريت الكل يتقيد فيها:
• ابحث عن المنتدى المناسب لك و تصفح أقسامه ومواضيعه جيداً واستوعب مضمونه وهدفه قبل ان تبادر بالمشاركة به , فهناك الكثير من المنتديات غير اللائقة على الإنترنت .وهناك منتديات متخصصة بمجالات معينة قد لا تناسبك وهناك منتديات خاصة بأناس محددين.
• إقرأ شروط التسجيل والمشاركة في المنتدى قبل التسجيل به واستوعبها جيدأ واحترمها و اتبعها حتى لا تخل بها فتقع في مشاكل مع الأعضاء ومشرفي المنتديات.
• اختر اسم مستعار يليق بك وبصفاتك الشخصية ويحمل معاني إيجابية ، وابتعد عن الأسماء السيئة والمفردات البذيئة ، فأنت في المنتدى تمثل نفسك وأخلاقك وثقافتك وبلدك ، كما أن الاسم المستعار يعطي صفاته ودلالته لصاحبه مع الوقت حيث يتأثر الإنسان به بشكل غير مباشر ودون ان يدرك ذلك.
• استخدم رمز لشخصيتك " وهو الصورة المستخدمة تحت الاسم المستعار في المنتدى " يليق بك و يعبر عن شخصيتك واحرص على ان يكون أبعاده مناسبة.
• عند اختيارك لتوقيعك احرص على اختصاره ، وأن يكون مضمونه مناسباً لشخصيتك وثقافتك.
• استخدم اللغة العربية الفصحى وابتعد عن اللهجات المحكية " اللهجة السورية مستثناة لكثرة المسلسلات السورية " لانها قد تكون مفهومة لبعض الجنسيات وغير مفهومة لجنسيات أخرى كما قد تكون لكلمة في لهجتك المحكية معنى عادي ولها معنى منافي للأخلاق أو مسيء لجنسية أخرى . كذلك فإن استخدامك للغة العربية الفصحى يسمح لزوار المنتدى وأعضائه بالعثور على المعلومات باستخدام ميزة البحث.
• استخدم المصحح اللغوي وراعي قواعد اللغة عند كتابتك في المنتديات حتى تظهر بالمظهر اللائق التي تتمناه.
• أعطي انطباع جيد عن نفسك .. فكن مهذباً لبقاً واختر كلماتك بحكمة.
• لا تكتب في المنتديات أي معلومات شخصية عنك أو عن أسرتك ، فالمنتديات مفتوحة وقد يطلع عليها الغرباء.
• أظهر مشاعرك وعواطفك باستخدام ايقونات التعبير عن المشاعر Emotion Icon's عند كتابة مواضيعك وردودك يجب ان توضح مشاعرك أثناء كتابتها ، هل سيرسلها مرحة بقصد الضحك ؟ او جادة أو حزينه ؟ فعليك توضيح مشاعرك باستخدام Emotion Icon's ،لأنك عندما تتكلم في الواقع مع احد وجها لوجه فانه يرى تعابير وجهك وحركة جسمك ويسمع نبرة صوتك فيعرف ما تقصد ان كنت تتحدث معه على سبيل المزاح أم الجد. لكن لا تفرط في استخدام أيقونات المشاعر و الخطوط الملونة و المتغيرة الحجم ، فما زاد عن حده نقص.
• إن ما تكتبه في المنتديات يبقى ما بقي الموقع على الإنترنت ، فاحرص على كل كلمة تكتبها ، فمن الممكن ان يراها معارفك وأصدقائك وأساتذتك حتى وبعد مرور فترات زمنية طويلة.
• حاول اختصار رسالتك قدر الإمكان :بحيث تكون قصيرة و مختصرة ومباشرة وواضحة وفي صلب مضمون قسم المنتدى.
• كن عالمياً : واعلم أن هناك مستخدمين للإنترنت يستخدمون برامج تصفح مختلفة وكذلك برامج بريد الكتروني متعددة ، لذا عليك ألا تستخدم خطوط غريبة بل استخدم الخطوط المعتاد استخدامها ، لأنه قد لا يتمكن القراء من قراءتها فتظهر لهم برموز وحروف غريبة.
• قم بتقديم ردود الشكر والتقدير لكل من أضاف رداً على موضوعك وأجب على أسئلتهم وتجاوب معهم بسعة صدر وترحيب.
• استخدم ميزة البحث في المنتديات لمحاولة الحصول على الإجابة قبل السؤال عن أمر معين أو طلب المساعدة من بقية الأعضاء حتى لا تكرر الأسئلة والاستفسارات والاقتراحات التى تم الإجابة عنها قبل ذلك.
• تأكد من أنك تطرح الموضوع في المنتدى المخصص له: حيث تقسم المنتديات عادة إلى عدة منتديات تشمل جميع الموضوعات التي يمكن طرحها ومناقشتها هنا، وهذا من شأنه أن يرفع من كفاءة المنتديات ويسهل عملية تصنيف وتبويب الموضوعات، ويفضل قراءة الوصف العام لكل منتدى تحت اسمه في فهرس المنتديات للتأكد من أن مشاركتك تأخذ مكانها الصحيح.
• استخدم عنوان مناسب ومميِّز لمشاركتك في حقل الموضوع. يفضل عدم استخدام عبارات عامة مثل "يرجى المساعدة" أو "طلب عاجل" أو "أنا في ورطة" الخ، ويكون ذلك بكتابة عناوين مميِّزة للموضوعات مثل "كيف استخدم أمر كذا في برنامج كذا" أو "تصدير ملفات كذا إلى كذا".
• إحترم قوانين الملكية الفكرية للأعضاء والمواقع والشركات، وعليك أن تذكر في نهاية مشاركتك عبارة "منقول عن..." إذا قمت بنقل خبر أو مشاركة معينة من أحد المواقع أو المجلات أو المنتديات المنتشرة على الإنترنت.
• إن أغلب المنتديات تكون موجهه لجمهور عام ولمناقشة قضايا تثقيفية وتعليمية . لذلك يجب ان تكون مشاركتك بطريقة تحترم مشاعر الآخرين وعدم الهجوم في النقاشات والحوارات. وأي نشر لصور أو نصوص أو وصلات مسيئة، خادشة للحياء أو خارج سياق النهج العام للموقع.
• المنتدى لم يوجد من أجل نشر الإعلانات لذا يجب عدم نشر الإعلانات أو الوصلات التي تشير إلى مواقع إعلانية لأي منتج دون إذن او إشارة إلى موقعك أو مدونتك إذا كنت تمتلك ذلك.
• عدم نشر أي مواد أو وصلات لبرامج تعرض أمن الموقع أو أمن أجهزة الأعضاء الآخرين لخطر الفيروسات أو الدودات أو أحصنة طروادة.
•ليس المهم أن تشارك بألف موضوع فى المنتدى لكن المهم أن تشارك بموضوع يقرأه الألوف،فالعبرة بالنوع وليس بالكم.
• عدم الإساءة إلى الأديان أو للشخصيات الدينية.
•عند رغبتك بإضافة صور لموضوعك في المنتدى ، احرص على ألا يكون حجمها كبير حتى لا تستغرق وقتاً طويلاً لتحميلها وأن تكون في سياق الموضوع لا خارجه عنه.
•الالتزام بالموضوع في الردود بحيث يكون النقاش في حدود الموضوع المطروح لا الشخص، وعدم التفرع لغيره أو الخروج عنه أو الدخول في موضوعات أخرى حتى لا يخرج النقاش عن طوره.
• البعد عن الجدال العقيم والحوار الغير مجدي والإساءة إلى أي من المشاركين ، والردود التي تخل بأصول اللياقة والاحترام.
• احترم الرأي الآخر وقدر الخلاف في الرأي بين البشر واتبع آداب الخلاف وتقبله، وأن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
• التروي وعدم الاستعجال في الردود ، وعدم إلقاء الأقوال على عواهلها ودون تثبت، وأن تكون التعليقات بعد تفكير وتأمل في مضمون المداخله، فضلاً عن التراجع عن الخطأ؛ فالرجوع إلى الحق فضيلة. علاوة على حسن الاستماع لأقوال الطرف الآخر ، وتفهمها تفهما صحيحا.
• إياك و تجريح الجماعات أو الأفراد أو الهيئات أو الطعن فيهم شخصياً أو مهنياً أو أخلاقياً، أو استخدام أي وسيلة من وسائل التخويف أو التهديد او الردع ضد أي شخص بأي شكل من الأشكال.
• يمنع انتحال شخصيات الآخرين أو مناصبهم من خلال الأسماء أو الصور الرمزية أو الصور الشخصية أو ضمن محتوى التوقيع أو عن طريق الرسائل الخاصة فهذا يعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال.
• إذا لاحظت وجود خلل في صفحة أو رابط ما أو إساءة من أحد الأعضاء فيجب إخطار مدير الموقع أو المشرف المختص على الفور لأخذ التدابير اللازمة وذلك بإرسال رسالة خاصة له.
• فريق الإشراف يعمل على مراقبة المواضيع وتطوير الموقع بشكل يومي، لذا يجب على المشاركين عدم التصرف "كمشرفين" في حال ملاحظتهم لخلل أو إساءة في الموقع وتنبيه أحد أعضاء فريق الإشراف فوراً.
See more
See less

مناجيات هاملت السبع

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • مناجيات هاملت السبع

    لا يكاد يختلف آثنان – مهما اختلفت مشاربهما – على أنّ مناجيات Soliloquy هاملت السبع، هي من لباب الشعر، ومن أروع ما أتتْ به ملكة شعرية في صناعة القول. تتوقّتُ المناجاة الأولى في مرحلة دقيقة من حياة هاملت، وهي بعد في مقتبلها، فهزّت صميمه، وصبغت نظرته إلى الحياة، وإلى الجنس البشري بصبغة أقرب ما تكون إلى العدميّة.
    امراء، كلّ مناجاةٍ، مختبرٌ لتحليل الإنسان إلى عناصره الأوّلية. نعرف – كمشاهدين أو قرّاء – أن هاملت كان يعلم قبل المناجاة الأولى، علم اليقين عن طريق الشبح، أنّ عمّه هو الذي قتل الملك، واغتصب عرشه وامرأته الملكة، أي والدة هاملت. ما من إشارة في المسرحية إلى أنّ الملكة كان لها ضلع في الجريمة، إلاّ أنّ جريرتها في نظر هاملت هي سرعة زواجها إذ لم يمرّ على وفاة زوجها الأوّل إلاّ "شهر صغير". تبدأ المناجاة حينما يجد هاملت نفسَه وحيداً:
    "أوه ليت هذه اللحمة الصلبة جدّاً جدّاً تنحلّ
    تذوب وتحلّ نفسها إلى سائل…"
    قبل كلّ شئ، لماذا ابتدأتْ المناجاة بلحمة صلبة؟ ولماذا عرّفها فقال: اللحمة الصلبة أو الأفضل المتصلبة؟ ولماذا كرّر كلمة: جدّاً؟ هل كان يخجل من تسميتها؟ ربّما. ربّما. أمْ أنّه أراد التوكيد على توتّرها؟ مع ذلك، ما هي تلك اللحمة المتصلبة؟ ما من شارح فيما بين يديّ من مبسوطات نسخ هاملت، أتى على تلك اللحمة بحثاً وتنقيراً. على العكس، ظنّها بعض الشرّاح أنها Sallied بدلاً من Solid.الاختلاف لا على اللحمة وإنما على الصفة الملحقة بها. والصفات -كما نعلم - هي هوية الموصوف، ومن هنا خطورة هذا الاختلاف.
    لا شكّ إنّ مسرحيّة هاملت قائمة برمّتها على جرائر الجنس. فالأخ يقتل أخاه بسببه، والأمّ تتزوّج سفاحاً لإطفاء شهوة، وبولونيوس يمنع ابنته أوفيليا من الاختلاء بهاملت خشية العواقب، حتى وإن قادها حرمانها إلى الجنون، فالموت غرقاً. يبدو أن شيكبير كان قد شخّص مشكلة الإنسان الأزلية في الشهوة الجنسية. على هذا فاللحمة المتصلبة التي تمنّى هاملت أن تنحلّ وتذوب ما هي إلاّ آلة الذكورة لدى الرجل، على ما يبدو من القرائن. إنها أصل النوازل والكوارث. أمنية هاملت في انحلال وذوبان اللحمة مستحيلة. ما المخرج؟ ما من مخرج سوى الاستغناء عن الحياة بالانتحار. ولكنّ الانتحار ببساطة محرّم. لا بدّ من العيش. كيف؟ باتت الحياة في عينيْ هاملت أشبه ما تكون بحديقة مهملة، اكتستْ بالأعشاب الضارّة. مخلوقاتها متوحشة ومغثية. عند هذه المرحلة، دشّنت المسرحية لأوّل مرّة الغثيان الذي سيأخذ من الآن فصاعداً أحجاماً قاطعة للتنفّس. ينتقل هاملت فجأة إلى استحضار أبيه الذي لم يمض على وفاته إلاّ شهران. يرتبك هاملت. لا يستطيع أن يتحمل ما جرى لوالده. من أمارات ارتباكه انفلات الزمن، فلا يدري كم مرّ بالضبط من الوقت على وفاته. يقول هاملت:
    "شهران مرّا على موته – لا، ليس شهرين، ليس اثنيْن"
    هل أُصيب هاملت بخبل موقت؟ تركيب العبارة يدلّ على ذلك. قال أولاً: شهران مرّا، وهي جملة سردية يقينية، ولكن حين قال بعدها مباشرة: لا، فكأنّما انفصمت شخصيّته من هول الصدمة. وحين ذكر: "ليس شهريْن، ليس اثنين": فكأنه فقد الوعي. فقد بؤرة التركيز.بعد أسطر قليلة يعود إلى الزمن فيذكر: خلال شهر، وبعد هذا بسطر يذكر: شهر، ويصفه بأنّه
    شهر صغير. بكلمات أخرى أخذ الشهرا ن يتقلصان بالتدريج، فأصبحا أقلّ من شهر، وهذه طريقة بارعة لتقريب الفاجعة وكأنها وقعت البارحة. وحتى يبيّن شيكسبير تفاهة الشهر كمسافة زمنية، راح يقيسه بأغرب وأدنى مادّة:
    "شهر صغير، أو قبل أن يعتق حذاؤها
    الذي مشت به وراء جثمان أبي المسكين"
    ذكرنا أعلاه أنّ جريرة الأم كانت في عجلة زواحها. كيف قاسها هاملت هذه المرّة؟:
    "وفي خلال شهر تزوّجتْ
    قبل أن تزول الدموع الملحية الزائفة
    من عينيها المحمرّتيْن – آه يا أخبث عجلة –
    تهرعين بمثل هذه السهولة إلى الشراشف المحرّمة"
    بالإضافة إلى ذلك، نستطيع أن نرى ارتباكات هاملت النفسية أكثر فيما دار من حوار، بعد هذه المناجاة مباشرة، بين هوراشيو وهاملت وهما صديقان حميمان:
    هوراشيو: مرحباً بسيّدي اللورد
    هاملت: مسرور برؤيتك وأنت بصحّة جيّدة
    هوراشيو أم أنني فقدت وعيي؟"
    فقدان الوعي هذا سيكون منعطفاً شديد التعقيد في مسار المسرحية، بحيث يختلط الأمر علينا، فلا ندري هل كان هاملت شخصية حقيقية تمثّل دوراً مسرحيّاً أمْ انّه شخصية مسرحية تمثل دور إنسان واقعي؟ مما يزيد في حيرتنا، هو السطر الأخير الذي ختم به هاملت مناجاته:
    "الصمت يكسر القلب ولكنْ عليّ أن أمسك لساني"
    بهذا ينغلق هاملت حتى على نفسه، وتبات لغته ملغّمة وملغّزة تزيده ثراء وتزيدنا عيّاً. على أية حال؛ من تقنيات شيكسبير الأخرى في هذه المناجاة، هي الطريقة التي قارن فيها بين معدن أو طينة الملك القتيل وبين شقيقه القاتل. ففي حين شبّه هاملت، والده بـ "هايبيريون" إله الشمس والقمر والفجر، أي أنّه جعله مصدر النور والسموّ وهذا هو شأن الأجساد حين تتحرر من مادّتها وتصبح أثيرية محلقة. وشبّه عمّه بالكائن الأسطوري"ساتر" أي نصف إنسان ونصف معزى. كذا جعله هجيناً من مادة بهيمية وأخرى بشريّة. سل الفنان السومري ومعزاه، سل بيكاسو ومعزاه هل هناك رمز أكثر شبقاً وشهوة من المعزى؟ فإذا عرفنا أن "ساتر" هو رفيق باخوس ربّ الخمر، يكون جسد عمّه بهيميّاً ومخموراّ، فما أشدّ التصاقه بالأرض إذن. ما أشدّ تمرغه. ما أشدّ تعتعاته!

    صلاح نيازي
    في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

    في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

    في البدء كان الكلمة .....

    للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

  • #2
    المناجاة الأولى
    أوه ليتَ هذه اللحمةَ الصلبةَ (1) جدّاً جدّاً تنحلّ
    تذوب وتحلّ نفسَها إلى سائل(2)
    أوْ ليت الواحدَ الأزليَّ لمْ يُثَبّتْ(3)
    مدفعَ شريعته ضدّ الانتحار (4)0 آه يا ربُّ! يا ربُّ
    كمْ تبدو لي شؤون الحياة كلّها!
    مضجرةً، هامدةً، كاسدةً ولا نفعَ فيها.
    تعساً لها، آه تعساً، إنّها حديقة بأعشابها الضّارّة (5)
    وقد بلغتْ التبزّر؛ ليس فيها إلاّ
    مخلوقات متوحشة ومغثيةٌ تماماً. كيف انتهت إلى هذا !
    شهران مرّا على موته – لا، ليس شهريْن، ليس آثنيْن –
    ملكٌ فائقٌ جدّاً
    هو كإله الشمس هايبريون (6)، وهذا كـ"ساتر"
    كان عطوفاً جدّاً على أمّي، لا يسمح لرياح السماء
    أنْ تجول في وجهها بقسوة/ يا سماء يا أرضُ
    أمحتّم عليّ أن أتذكّر؟ عادتها أن تتعلّق به
    كأنما شهيّتها ازدادت بما اقتاتتْ. مع ذلك فخلال شهر –
    دعْني لا أفكّر في ذلك – أيّتها الهشاشة آسمك آمرأة –
    شهرٌ صغيرٌ، أو قبل أن يعتق حذاؤها
    الذي مشتْ به وراء جثمان أبي المسكين
    مثل "نيوبي" (7) كلّها دموع. لكنّها –
    آه حتّى الوحش القاصر عن العقل
    يستطيع أن يطيل حداده – تزوّجتْ من عمّي
    شقيق والدي، لكنّه لا يشبهه اكثر مما
    أشبهُ أنا هرقل (8). وفي خلال شهرين تزوّجت
    قبل أن تزول الدموع الملحيّة (9) الزائفة
    من عينيْها المحمرتين –آه يا أخبث عجلة !
    تهرعين بمثل هذه السهولة إلى الشراشف المحرّمة (10)
    إنها لن، ولا يمكن أن تنجب شيئاً صالحاً
    الصمت يكسر القلب ولكنْ عليّ أنْ أمسك لساني.

    الهوامش
    1- ثمّة قراءة أخرى: Sallied بدلاً من Solid يبدو أنّ Solid أفضل لأنها النقيض من: تذوب ومن الندى أو السائل في السطر التالي.
    2-في النصّ Dew وفيها معنيان (1)حالة سيولة، و (2) Adew أيْ Adieu بمعنى وداعاً.
    3- تكمن أهميّة هذه المناجاة في تثبيت هاملت لشخصيّته، وكشف حالته الذهنية. تركيب العبارات
    هنا حادّ، وتتتابع الجمل بالإضافات والاعتراضات.علامات التعجب تتلوها توضيحات، وأسئلة وصيغ أمر.
    4- من المسلّم به أن الانتحار محرّم كما في الوصيّة السادسة: "لا تقتلْ"_ "سفر الخروج: 20 –13"
    5- يعترف شيكسبير أنّ الأعشاب الضارّة جزء من النموّ الطبيعي. (هارولد جنكنْز –نسخة آردن) بينما يذكر جيْ. آرْ هيبارد (طبعة أكسفورد) أنّ الحديقة المعتنى بها كانت بالنسبة إلى شيكسبير وإلى عصره على العموم، تستعمل كصورة لما يجب أن يكون عليه العالم: منظّماً، ومنتجاً وصحيّاً. كان شيكسبير قبل كتابة هاملت، قد رسم بحذق صورتيْن لا تنسيان عن الحديقة المعتنى بها: 1- في مسرحيّة ريتشارد الثاني: "3-4/ 42-47" و2- هنري الخامس "5 –2-38 –55".توضّح هذه الصفحات المفعمة بالحياة، المثل القائل: "الأعشاب تنمو في التربة الأكثر خصباً إذا لم تُحرثْ".
    6- هايبريون: يشبه هاملت هنا والده بإله الشمس والقمر والفجر، بينما يشبه عمّه كلوديوس، بالكائن الأسطوري " ساتر": Satyr وهو نصف إنسان ونصف معزى، أيْ سكّير وشهواني، لأنّه رفيق باخوس.
    7-Niobi: إحدى بطلات أسطورة إغريقية وهي زوجة ملك طيبة. كانت تفتخر بعدد ما أنجبت من بني ( ستة أو سبعة من كلّ جنس)، إلاّ أنّ أبولو وديانا رمياهم بالسهام فقتلوهم. فما كان من ذيوس كبير الآلهة إلاّ أنْ حوّل "نيوبي" إلى صخرة، ويعتقد أنّ النداوة التي تتكوّن عليها في الصيف ما هي إلاّ دموعها على بنيها.
    8- كان بطلاً إغريفياً ذا قوّة خارقة. من بين مآثره أنه تمكن من السيطرة على الموت. عُبد بعد ذلك كإله.كان هيرقل شعار مسرح الـ: Glope الذي كان شيكسبير يمثل على خشبته، وكذلك كان شعار الممثلين.
    9- يشير الملح هنا إلى تركيبة الدموع الملحية. اسْتُعْمل هنا صفة، لذا فقد تعني شهوة، كما في عطيل (الفصل الثاني – المشهد الأوّل –247 –248).
    10- يعتبر هاملت زواج أمّه من عمّه غير شرعيّ، وهذا هو معتقد البروتستانت والكاثوليك. أنظرْ: لاويين: 18 / 16: "عورة امرأة أخيك لا تكشفْ. إنها عورة أخيك". وكذلك: 20/21 "وإذا أخذ رجل امرأة أخيه فذلك نجاسة. قد كشف عورة أخيه. يكونان عقيميْن ".


    Ham. O that this too too solid flesh would melt,
    Thaw and resolve itself into a dew,
    Or that the Everlasting had not fix’d
    His canon ‘gainst self-slaughter. O God! God!
    How weary, stale, flat, and unprofitable
    Seem to me all the uses of this world!
    Fie on’t, ah fie, ‘tis an unweeded garden
    That grows to seed; things rank and gross in nature
    Possess it merely. That it should come to this!
    But two months dead-nay, not so much, not two-
    So excellent a king, that was to this
    Hyperion to a satyr, so loving to my mother
    That he might not beteem the winds of heaven
    Visit her face too roughly. Heaven and Earth,
    Must I remember? Why, she would hang on him
    As if increase of appetite had grown
    By what it fed on; and yet within a month-
    Let me not think on’t-Frailty, thy name is woman-
    A little month, or ere those shoes were old
    With which she follow’d my poor father’s body,
    Like Niobe, all tears-why, she-
    O God, a beast that wants discourse of reason
    Would have mourn’d longer-married with my uncle,
    My father’s brother-but no more like my father
    Than I to Hercules. Within a month,
    Ere yet the salt of most unrighteous tears
    Had left the flushing in her galled eyes,
    She married-O most wicked speed! To post
    With such dexterity to incestuous sheets!
    It is not, nor it cannot come to good.
    But break, my heart, for I must hold my tongue.
    في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

    في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

    في البدء كان الكلمة .....

    للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

    Comment


    • #3
      الثانية

      في هذه المناجاة نتعرف على أسرار جديدة. نتعرف على مكامن خفية في شخصية هاملت . قبل ذلك يروي شبح الملك أسراراً لهاملت قد لا تُكشف. بهذه الطريقة نكون، كنظّارة، على علمٍ بها دون بقية شخوص المسرحية. تتوقّت المناجاة عادة حين يكون البطل Protagonist وحيداً على خشبة المسرح. إنّه مقتنع أنْ ما من أحدٍ يسمعه. وعلى هذا يفضي بما يعتمل في صدره، وما الذي ينوي عمله، بحرية وبلا تحفّظ. بكلمات أخرى نتعرّف على فكرته المهيمنة المتكررة: Leitmotive. قيل لولا مناجيات هاملت لكانت شخصيّته أقلّ شموليةً وعمقاً. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ توقيتها يزيد من الإيقاع الدرامي" ويحدث توقفاّ أو انقطاعاً Caesura للتأمل في النقاط المهمة" تأتي هذه المناجاة في المشهد الخامس – الفصل الأوّل. وحتى نتعرّف على مراميهابصورة أفضل، فلا بدّ من تصفّح المشهد الرابع، لأنّه ممهّدٌ لها. يبدأ المشهد الرابع على الوجه التالي:
      هاملت: الهواء يلذع يحدّة. الجوّ بارد جدّاً
      هوراشيو: الهواء قاطع وقارس.
      هاملت: ما الوقت الآن؟
      هوراشيو: أظنّ أقل من الثانية عشرة.
      مارسيليوس: لا، لقد دقّت الثانية عشرة
      هوراشيو: صحيح؟ لم أسمعْها
      إذنْ تقترب الساعة من الوقت
      الذي تعوّد الشبح على أن يتمشّى
      ( هتاف أبواق وقذيفتا هاون)
      ماذا يعني هذا يا سيّدي اللورد؟

      في الحوار أعلاه، يبذر شيكسبير عدّة بذور مهمّة، لها صلة وثيقة بهذه المناجاة موضوعة البحث. ففي قول هاملت: "الهواء يلذع بحدّة. الهواء بارد جدّاً"، يتكشّف لنا مفهومان من العصر الاليزابيثي. فالبرد يدلّ على وجود هاجس غامض، وكذلك على خوف. هذان الشعوران الطارئان، سيعودان وينتابان هاملت حينما يلتقي بشبح أبيه، كما سنرى.
      البذرة الأخرى التي زرعها شيكسبير، في الاقتباس أعلاه، هي ضيق الوقت. بهذه الحيلة أخذت الجمل تتدفق كاللهاث، أخذت الأفعال تنفجر بإيجازات سريعة، أخذت الأفعال طابع الاستنفار. من هنا يكون لسؤال هاملت، و هو سؤال بسيط في الظاهر: "ما الوقت الآن؟"، أهمية استثنائية. ذلك لأنّه ليس زمناً روانيّاً سرديّاً وإنّما هو زمن مشحون بالترقّب فيزيد من حجم الهاجس، ومن حجم الخوف. بالإضافة، حين قال مرسيليوس: "لا، لقد دقّت الثانية عشرة"، أجابه هوراشيو: "صحيح؟ لمْ أسمعْها ". لماذا لم يسمعْها؟ ألا يدلّ ذلك على ذهول طارئ أعمق من الذهول العادي؟ هذا هو فعل الهاجس إذنْ. يصيب الإنسان بالصمم ولو موقتاً. يبات مشدوهاً ومنصعقاً. الثانية عشرة ليست كأية ثانية عشرة تمرّ وتمّحي. إنّها الدقيقة التي يظهر فيها شبح الملك بكامل ملامحه الحيّة، وبكامل بزّته. ميتاً ويتنفّس. ميْتاً وينطق.
      ترافق الموسيقى ظهور الملوك عادة . عُزِفَت الموسيقى فعلاً، وسُمعَتْ "قذيفتا هاونْ". المفارقة إنّها ليست إيذاناً بدخول شبح الملك، ولكنّها إعلان عن الحفلة الصاخبة التي شرع الملك بحضورها في تلك اللحظات. هكذا يتفاجأ النظّارة بزمن ردئ، بعد أن توقّعوا زمناً جليلاً.

      هاملت: "سيبقى الملك سهران يشرب
      ويقصف ويرقص الرقصة الألمانية
      وكلّما عبّ جرعة كبيرة من خمر الراين
      مرّةً واحدةً، إلى آخر قطرة، نهقت لانتصاره المجيد
      موسيقى الطبل والبوق"

      ربّما أراد هاملت بهذه التفاصيل نفسيّاً أن يبتعد عن مخاوف الانتظار. أما كلمة: " نهقت"، فكأنّه كان يقارن بين موسيقى روحيّة عالية، وبين موسيقى بهيميّة واطئة، على غرار مقارنته بين زمنين كما مرّ بنا. على أيّة حال، في هذا الجوّ الممتلئ جَلَبةً ودناءة وفوضى يظهر الشبح بأجلّ نظافة رصيناً ومتوازناً. أراد الشبح أن يكلّم هاملت على انفراد. ولكن ليست كلّ الأشباح خيّرة حتّى وإنْ بدتْ كذلك. ألحّ هوراشيو ومارسيليوس على هاملت ألاّ ينصاع لإرادة الشبح، إلاّ أنّ هاملت أجاب
      برباطة جأش:
      "ما وجه الخوف؟
      لا تعدل حياتي خردلة"

      ولكنْ لماذا قاس هاملت حياته بخردلة ، وهو لا يعرف لحدّ الآن أن عمّه هو الذي صبّ السمّ في أذن أبيه فقتله؟ هل كانت هواجس هاملت بهذا القدر من التوحّش والشراسة بحيث صيّرت حياته خردلة؟ حاول هوراشيو وهو الشخصيّة المثقفة العالمة في المسرحية أن يثني هاملت، فالأشباح تبطن غير ما تعلن. وحين لم ينفع المنطق، صوّر هوراشيو مشهدا طبيعيا ً يدخل الرعب في النفس، ويسبب الدوار المغثي حتى وإنْ خلا من أيّ شبح:
      "ماذا لو أغراك صوب البحر، يا سيّدي اللورد
      أو إلى قمّة المنحدر الصخري المرعبة
      تلك المعلّقة فوق قاعدتها في البحر
      وهناك ينتحل شكلاً مخيفاً آخر
      قد يجرّدك من السيطرة على عقلك
      ويسحبك قريباً من الجنون؟"

      إلاّ أنّ هاملت يجيب ببساطة البديهيّات: "القدر يناديني: ."القدر يناديني" مشحونة بالاحتمالات وربما بأعراض جنونية موقتة، مؤدّاها استلاب العقل. مهما يكنْ من أمر، يبدأ المشهد الخامس حيث موقع المناجاة، بهاملت وهو مرتعدة فرائصه خوفاً. أين اختفت رياطة الجأش؟ وأين الخردلة التي ادعاها؟ وأين "القدر يناديني"؟ الآن يقول مخاطباً الشبح، بضعف بشريّ هشّ:
      "أين تقودني؟ تكلّمْ لن أمضي أبعد من هنا"

      ذكرنا في بداية المقالة أنّ قِصَر الوقت كان إحدى البذرتيْن الفنّيّتيْن اللتيْن بذرهما شيكسبير ممّا جعل الحوارات أحكم إيجازاً ونفاذاً . وها هو الزمن يتمظهر مرّة أخرى على الوجه التالي:
      "تكاد ساعة الصباح تقترب
      حيث يجب أن أسلّم نفسي
      إلى تعذيب النيران الكبريتية"

      الغريب؛ إنّ النور، مصنوعاً كان أمْ طبيعيّاً، وعلى الأخصّ الصباح في هذه المسرحية لا يأتيان إلاّ بالكوارث، وهما أشبه بصباح طوفان اوتونافشتم ( أيْ نوح) في ملحمة كلكامش، حينما زلزل الإله أدد، الأرض والسماء بهزيم أعتى الرعود، وأنزل أحلك ظلام في عزّ الفجر. لماذا قال الشبح: "ساعة الصباح تقترب؟ ولماذا يخاف من دنوّها ؟ وما هي النيران الكبريتية؟ (أنظر الهوامش أدناه) إذن ها قد حان موعد عودة الشبح إلى المطهر. لا بدّ له من الاغتسال بالنيران الكبريتية حتّى يتطهّر من ذنوبه.
      توقيت اقتراب الصباح هذا، قطع على هاملت أيَّ سؤال. ثنّى الشبح قائلاً:
      "محظور عليّ أن أخبرك
      عن أسرار سجني، وإلاّ لرويت لك قصصاً
      وأبسط كلمة فيها تمزّق الروح شرّ ممزّق
      وتجمّد دمك الفتيّ
      وتجعل عينيك تطفران من محجريْهما كنجميْن من مدارهما
      وتفرق لها خصلات شعرك المعقودة
      وتقف كلّ شعرة على طرفها
      مثل حسائك قنفذ خائف"

      هكذا نقل الشبح خوف هاملت من هواجس دنيوية إلى أقاليم سماوية من الرعب، غامضة، مجرد التفكير فيها يُذيب الروح. وكعادة شيكسبير في تطعيم التخيّلات الغيبية بصُوِرٍ قريبةٍ ملموسة لمس اليد، فقد لجأ هذه المرّة إلى خصلات شعر هاملت ومن ورائه شعر السامع. وهل هناك شئ أقرب من شعر الإنسان إلى الإنسان؟ وبكلمة "معقودة" جعلها أكثر خصوصية، ويتشبيهها بحسائك قنفذ جعلها مادّية، وبتشبيهها بقنفذ خائف فإنّما حددّ نوعيّتها، فباتت أقرب إلى التصديق. لم يُجِب هاملت إلاّ: "يا إلهي"، وكأنّه تشرّب كلَّ كلمة فاه بها الشبح، فاستغاث بضعف وذهول. ذهب اعتداده بنفسه، والاعتداد بالنفس رذيلة بأيّة صورة جاء. لا يفوتنا هنا أنّ شيكسبير بهذه الوسيلة في إرعاب هاملت عقلاً وعاطفة إنّما جعله أكثر استعدادا لتقبّل الوقائع التالية التي سيسردها الشبح. أيْ أنّ وصف المطهر ليس مهمّاً بحدّ ذاته، وإنما كان مجرّد حيلة فنية لاستلاب أوتخدير حواس هاملت حتى يسهل تمرير أفكار أساسية أخرى. حين تمّ التبنيج إن - صحّ التعبير - سرد الشبح عند هذا التوقيت، كيف وقعت جريمة قتله، وكيف جرى السمّ في جسده. مرّة أخرى يقطع الشبح على هاملت السبيل لأيّ سؤال، فيقول:
      "عليّ أنْ أودعك في الحال
      فحشرات الحباحب تنبئ بأنّ الصباح قريب
      لأنّ الوميض على أجنحتها شرع يشحب ويضعف
      وداعاً وداعاً وداعاً أذكرْني".
      نتعرّف في الأبيات أعلاه على صورتين فنيّتيْن هما، أن الشبح لم ينتبه إلى الصباح بالنور في الأفق، أو ببوادر انكشاف الظلام، وإنّما بحشرات الحباحب، أي أنّه كان ينظر إلى أسفل أيْ إلى هاملت. بالإضافة قد يعني تكرار وداعاً ثلاث مرّات بأنّه راح يتلاشى تدريجيّاً. بعيداً بعيداً فأبعد. مع ذلك يبقى المفتاح المهم كامناً في الكلمة الأخيرة: "أذكرني". أصداؤها في تضاعيف المسرحية لا تتوقف. على إيقاع: "وداعاً وداعاً وداعاً أذكرْني" يجد هاملت نفسه وحيداً ، فتبدأ مناجاته التالية، وترتكز على مرتكزيْن أساسييْن هما: الذاكرة، والمداهنة المتمثلة بالبسَمات
      في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

      في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

      في البدء كان الكلمة .....

      للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

      Comment


      • #4
        هاملت: آ ، يا ملائكةَ السماء جميعاً! يا أرضُ ! هل من شئٍ آخر؟
        هل أدخل الجحيم في استغاثتي؟ تبّاً، لا تنكسر يا قلبُ
        وأنت يا عضلاتي لا تشيخي الآن واصمدي بقوّة
        أذكرك ؟أجلْ أيّها الشبح المسكين، ما دام
        للذاكرة مكان في هذا الرأس(1) المتشوّش. أذكرك؟
        نعم سأمسح من لوح ذاكرتي(2) كلَّ المدوّنات السخيفة الجنونية
        كلَّ مأثورات الكتب(3)، كلَّ الأشكال، كلَّ الانطباعات الماضية
        وأمرُك وحدَه سيبقى
        مسطوراً في كتاب ذاكرتي الكبير
        غير مخلوطٍ بمعدن خبيث (4) . نعمْ قسماً بالسماء
        آه، أيّتها المرأة البالغة الخبث!
        آه، أيّها الوغد، أيّها الوغد، أيها الوغد اللعين المبتسم!
        مناضد كتابتي، من المناسب لي أنْ أسجّل
        قد يبتسم المرء، ويبتسم ويكون وغداً –(5)
        أنا متأكّد قد يحدث مثل هذا بالدانمارك في الأقلّ ( يكتب)
        لذا، سجّلت يا عمّ تعليقي عليك في دفتري
        " الوداع، الوداع، الوداع"
        الهوامش
        1 – في النصّ Globe وهو كذلك اسم المسرح الذي مُثِّلتء على خشبته مسرحيّة هاملت لأوّل مرّة.
        2 – في النصّ Table وتعني كذلك: لوحة مرسومة.
        3 – في النصّ Saws (اعتياديّاً هي صيغة ازدرائية بصورة ما )
        4 – يُستعمل هذا المصطلح للإشارة إلى أنواع من المعادن (في الغالب الحديد والرصاص)
        التي يحوّلها الخيميائي إلى ذهب. قارنْ يوليوس قيصر: الفصل الأوّل – المشهد الأوّل_66، وكذلك الفصل الأوّل – المشهد الثاني 312 –314.
        5 – مثل إنكليزي: "يبتسم في وجهه ويقطع رقبته". أنظرْ كذلك: هنري السادس (3) الفصل السادس: المشهد 3 –2 182: "لماذا ، أبتسم وأقتل بينما أنا أبتسم".



        Hamlet – O all you Host of Heaven, O Earth,
        What else,
        And shall I couple Hell? – O fie, hold, hold, my
        Heart,
        And you, my Sinows, grow not instant Oldو
        But bear me swiftly up. – Remember thee,
        I, thou poor Ghost, whiles Memory holds a Seat
        In this distracted Globe, remember thee;
        Yea, from the Table of my Memory
        I’ll wipe away all trivial fond Records,
        All Saws of Books. All Forms, all pressures past
        That Youth and Observation copied there,
        And thy Commandment all alone shall live
        Within the Book and Volume of my Brain
        Unmix’d with Baser Matter; yes, by Heaven.
        - O most pernicious Woman.
        - O Villain, Villain, smiling damned Villain.
        - My Tables, meet it is I set it down
        That one may smile, and smile, and be a
        Villain,
        At least I am sure it may be so in Denmark.
        - So Uncle, there you are. – Now to my Word:
        It is ‘Adew, adew, remember me’.
        I have sworn’t.
        في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

        في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

        في البدء كان الكلمة .....

        للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

        Comment


        • #5
          الثالثة:

          ما أنْ قابل هاملت، شبح أبيه حتى أضحتْ لغته أوفرَ تعقيداً، وذاتَ دكنة.دكنتها كخضرة الأوراق حين تبلغ كمال نضجها. لها ما لأشجار الغابة من تشابكٍ وغموضٍ ومفاجآت. يقول W.H. Clemens في كتابه: The Development Of Shakespeare's images: "إنّ الإمكانات الجديدةَ المذهلةَ للغة التي تجعل هذه المسرحيّة تبدو نقطة تحوّل في تطوّر أسلوب شيكسبير، إنّما تعود بجذورها إلى شخصيّة هاملت. نشأتْ اللغةُ الجديدة منه، ووصلتْ درجةَ الكمال فيه… لا يمكن لشحصيّة هاملت أنْ تعبّر عن نفسها إلاّ بلغةٍ جديدة كليّة. وهذا يصحّ أيضاً في حالة الصور في المسرحيّة. (ص 106)
          التطوّر الآخر الذي طرأ على شخصيّة هاملت منذ أن قابل الشبح هو أنّه شرع في التقاتل لا مع العالم الخارجي الزائف، بلْ مع نفسه لدرجة التمزّق. يفهم نوازعه ولا يفهمها. يهمّ ولا يهمّ. متردد. بلا مبادرة. يذكر A. C. Bradley في كتابه: Shakespearean Tragedy في تعليل تردّد هاملت: " لأنّه لا يسعه عمل أيّ شئ. عليه أنْ يقفل قلبه على سرّه. وإذا ما زلنا مستغربين ونسأل لماذا كان تأثير الصدمة عليه هائلاً جدّاً، فدعونا نلاحظ أنّ الظروف كانت قد تهيّأت لتصبح مواهب هاملت ووعيه الأخلاقي وعبقريته عدوّة له، (ص 95).
          بات هاملت حلبةً يتصارع فيها مع دواخله. دواخله مستغلقة. عصيّة حتّى على فهمه هو. وصفه أحد النقّاد بأنه أصبح رمزاً لإنسان عصر النهضة. فهو من ناحية "طافح يالإمكانات والجمال والسحر، ومن ناحية أخرى يرزح تحت طائلة الخوف واليأس". صحيح حقّ الصحّة، أن المأساة التي مرّت بهاملت لا تُحتمل. إلاّ أنها لم تزددْ تشعباً ولم تتخذْ أبعاداً مدوّخة إلاّ لأنّ هاملت كان مفرط الحساسية ومثقفاً ثقافة شاملة كما سنرى في هذه المناجاة. على أيّة حال، قبل النظر في هذه المناجاة، قد يكون من المفيد الرجوع قليلاً إلى مَشاهدَ سابقة، عندما يستقبل هاملت فرقةً تمثيليةً جوّالة تضم "أفضل الممثلين في العالم".
          يبدو أنّ هاملت كان يعرفهم معرفةً حميمة. إلاّ أنّه لم يلتقِ بهم منذ سنين. فالصبي الذي كان يمثل دوراً نسائياً (كان التمثيل محظوراً على الإناث)، قد التحى الآن، وأصبح "أطول مما كان عليه بالكعب العالي" ممّا يميّز صوت الصبيان الصغار أنّه أشبه بصوت النساء. الخوف إذا خشن أو غلظ، ساعة المراهقة. لذا خاطب هاملت صديقه القديم:" راجياً ألاّ ينثلم صوتك مثل قطعةِ نقودٍ ذهبية لا قيمة لها، إذا وصل تثلّمها إلى حلقة رأس الملك". ثمّ يلتفت إلى الممثلين ويخاطبهم:"أيّها المهرة، مرحباً بكم جميعاً. "ومثل صقّارين فرنسيين سنطير رأساً إلى أوّلِ مقطعٍ تؤدّونه".
          قبل كلّ شئ لم يأتِ التشبيهان عفوَ الخاطر. فانثلام الصوت وتشبيهه "بانثلام حلقة رأس الملك" يومئ إلى فأل سيئ، لا سيّما وأنّ الحلقة المحيطة برأس الملك قد تُفَسّر على أنها التاج. وفي الحلقة تورية أخرى، وهي أنّ حلقة الفتاة إنّما هي بكارتها، فإذا ثلمت كفّت أن تكون عذراء. أمّا التشبيه الثاني:"ومثل صقّارين فرنسيين سنطير رأساّ" فيوحي بانقضاض وفريسة. كان الفرنسيّون في زمن شيكسبير صقّارين خبراء، إلاّ أنّ الإنكليز اعتقدوا أنّهم لا يختارون صيدهم بعناية كافية. بهذه المثابة يريد هاملت أنْ يستمع إلى الممثلين في بعض الأدوار، دون الاهتمام بما هي عليه تلك الأدوار.
          لا ننسَ فقد ذُكِرَ الصقر من قبل، وذلك بعد أنْ قابل هاملت شيح والده ( الفصل الأوّل – المشهد الخامس) لا بدّ أنّ هاملت كان مشحوناً بشتّى الانفعالات حينما عاد من والده الشبح. يبدو أنه لم يجدْ مرسيليوس كلمات مناسبة للترحيب بصديقه هاملت، فأطلق أصواتأً لا تخلو من دلالة. دار بينهما الحوار، على ما صورته:
          مرسيليوس: هلْلّو، هُوْ، هُو، يا سيّدي اللورد.
          هاملت: هِلْلّو، هُوْ، هُوْ، يا ولد تعالَ، ياطير تعال.
          في هذا الحوار تقلّد الشخصيّتان صوت نداء الصقّار لصقره، لكي يعود إلى يده. هكذا كان شيكسبير يمهّد بهذه الأجواء إلى زرع الهاجس تلو الهاجس. على أيّة حال، ذكّر هاملت، الممثّلَ الأوّلَ بمقطع كان ألقاه مرّة ولم يُمثلْه "لأنّ المسرحيّةلم ترضِ العامّة.كانت أعلى من مستواهم. بمثابة كافيار لم يتعوّدوا على تذوّقه.
          لكن ما الحيلة الفنّية التي وظّفها شيكسبير لإدخال الملكة في الحوار حتّى تكتمل الصورة؟ قال هاملت:"من المقاطع التي أحبّها على وجه الخصوص، هو حكاية "أيْنياس"إلى "ديدو"، أو ما يقرب من ذلك الحدّ، ولا سيّما حينما يروي مقتل "فريام". المعروف أنّ أينياس أمير طروادة، في ملحمة الإنيادة لفرجيل، كان في رحلة بحرية طويلة. وبعد سبع سنوات ينْزل مع رجاله في قرطاجنّة، وهناك يلتقي بالملكة ويروي لها مغامراته ولا سيّما الصراع بين الملك فريام الشيخ، وخصمه بيروس. هنا يقرأ هاملت مقطعاً طويلاً عن ظهر قلب، منه:

          " … ومضى بيروس الجهنمي وهو مسفوع بالغضب والنار
          ولذا بدا أكبر من حجمه بالدم المتخثّر عليه، وبعيْنيْن
          كالعقيق الأحمر … "


          يتوقف هاملت ويطلب من الممثّل الأوّل إكمال المقطع:
          " يهجم بيروس على فريام الأعزل العجوز
          ومن غضبه، ضَرَبه فأخطأه، ولكنّ الأبَ الواهن
          يسقط من عصفة السيف وريحه (3)

          وبارتطامٍ مهول، اُسِرَ بيروس في وسط الضوضاء
          ويا للعجب بدا سيفه الذي كان ينْزل على رأس فريام الأشيب (5) ، وقف بيروس ولم يفعلْ شيئاً مثل إنسان وجد نفسه على الحياد بين نيّته وتنفيذها

          رأى بولونيوس أنّ المقطع أعلاه طويل جدّاً. سخر منه هاملت ، وطلب من الممثل أن يكمل المقطع من "هيكوبه". (هيكوبه هي زوجة فريام. هاملت مهتمّ هنا بتأثير مقتل زوجها عليها. وفي الإنيادة تصوير مؤثّر لهيكوبه وهي تسحب زوجها الشيخ، حيثُ هي وبناتها ذاهبات إلى المذبح):
          الممثل الأوّل: لكنْ مَنْ – عجباً، الويل! – مَن رأى الملكة المعصوبة العينيْن –
          … تركض عارية ذات اليمين وذات الشمال، ودموعها
          تهدد نور عينيها، وعلى رأسها قطعة قماش حيثُ
          كان ينتصب عليه التاج إلى عهد قريب، ومن شدّة
          ذعرها شدّت على خصرها النحيل الذي أنهكته الولادات
          بطانية بدلاً من الثوب. – ومَنْ يرها كائن مَنْ كان،
          لصاح ورأسه مغموس بالمرارة، بوجه سلطة ربّة الحظّ ودَمَغَها
          بالخيانة والغدر
          لكنْ لو رأتها الآلهة أنفسها آنذاك،
          عندما كان بيروس وهو يلهو بحقد، ويمزّق أوصال زوجها
          بسيفه، ولو سمعت تفجّرات عياطها، لَتحلّبتْ بالدموع نجوم
          السماء المشتعلة، ولَرقّت لها الآلهة، إذا كانت الآلهة
          ترقّ أبداً للأشياء الفانية … "


          بعد ذلك يقترح هاملت على الممثل الأوّل أن يدسّ في المسرحية ما سيؤلفه له، حوالي اثني عشر أو ستة عشر بيتاً. يوافق الممثل الأوّل. ينفضّ الجميع إلاّ هاملت. عند ذاك يلقي مناجاته.
          في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

          في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

          في البدء كان الكلمة .....

          للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

          Comment


          • #6
            من تقنيات المناجاة الثالثة:
            تبدأ المناجاة باحتقار هاملت لنفسه. بالحطّ من شأنه. هذا هو ديدن المحبطين الذين يرون أنفسهم عاجزين. يقول هاملت: " يا لي من مشرّدٍ عاطل، ومن فلاّح قنّ لا أملك حرّيتي". هذه توطئة نفسية معتادة، طالما لجأ إليها الأدباء حتّى يمهّدوا، حتّى يخففوا على أنفسهم من أحكام الآخرين عليهم.
            يقارن هاملت بعد ذلك نفسه بالممثل الذي كان يؤدي دوراً خياليّاً، وكيف كان صادقاً، بحيثُ "يصفرّ وجهه كلّه … والدموع في عينيه، والانشداه في نظرته، وصوته واهن ممرود،، وكلّ قواه تستجيب بتعابير جسدية تتلاءم مع تلك التصوّرات الوهميّة. يستغرب هاملت من بكاء الممثّل على هيكوبه. ماذا تعني له، وماذا يعني لها حتّى يبكي من أجلها. إذن ما الذي كان سيفعله لو كانت مأساته حقيقية كمأساة هاملت؟ ومأساة هاملت واقعية وما تزال تنْزف، كما كانت، وأكثر. يقول هاملت:
            "سيُغرق خشبة المسرح بالدموع، ويمزّق سمع الجمهور
            بكلام مرعب، ويجعل المذنب مجنوناً، ووجوه الأبرياء صفراً … "
            ينُحي هاملت باللائمة على نفسه. كسولاً لا تحرّكه قضيّته العادلة. راح يُفتّش عمّنْ يعاقبه. عمّنْ يقول له أنتَ نذْل. عمّن يشجّ رأسه، وينتف لحيته، وحتّى أنْ ينفخها في وجهه، ويجرّه من أنفه جرَّ الدواب، أو أنّه قارن نفسه بها، أو أنّه انحطّ إلى مرتبتها. لا يخفى، إنّ النذالة وشجّ الرأس والجرّ من الأنف إنما هي ثلاث مراحل كبيره يمرّ بها هاملت بلمح البصر.
            النذالة إيذاء معنوي. شجّ الرأس إيذاء جسدي. وجر الأنف عملية مسخ الإنسان إلى حيوان. حين يصل هاملت إلى هذه المرتبة من الحيوانية يفقد اللغة المهذبة. راح يكيل إلى عمّه أقذع الشتائم:"يا للنذل السفّاح الفاسق! يلا ضمير شهواني غدّار غير طبيعي"
            هذه الصفات المندلقة متوالية كصراخ متحيّف، كنباح. توالي الصفات يوحي وكأن الشاتم يستحضر المشتوم فيراه قريباً منه. إنّها بلا شكّ شواطُ يأسٍ ناشب. كذا يواصل هاملت كتابة الأبيات التي سيدسّها في المسرحية عندما تمثّل أمام الملك.
            "سأجعل هؤلاء الممثلين يؤدّون شيئاً شبيهاً بمقتل أبي
            أمام عمّي. سأراقب ملامحه. سأسبره حتّى الصميم. فإذا
            جفل بتألّم، عرفتُ كيف أسلك معه."
            لكنْ ما أنْ يصل هاملت إلى هذه القناعة، حتى يفاجئنا بشكّ طارئ جديد لا علمَ لنا به من قبل. كيف دخل الوسواس في عقل هاملت، فراح يتشكّك الآن بهوية الشبح. مَنْ يلومه؟ ربما كان شيطاناً، اتخذ شكلاً مُرْضياً حتى يخدعه لقتل إنسان برئ. بهذه الوسيلة جعلنا المؤلف أكثر تحفزاً وأكثر تحرقاً لما سوف يقوم به هاملت. إلاّ أنّ هاملت لا يزيدنا إلاّ فضولاً على فضول، وتحرّقاً على تحرّق، حينما يقول:
            " لا بدّ لي من أسباب أكثر إقناعاً من قصّة الشبح"
            جعلنا المؤلّف هنا مشدودين لمعرفة تلك الأسباب. جعلنا جزءاً أكيداً من حبكة المسرحيّة. لا يكتفي المؤلف بذلك. ها هو هاملت يدير رؤوسنا، من جديد ولو مؤقّتاً إلى شئ آخر، فيقول وهي الجملة الأخيرة في المناجاة: "في المسرحية سأكتشف ضمير الملك". هذه حيلة فنيّة أخرى لشدّ النظّارة إلى المسرحيّة وجعلهم يلهثون وراء الوقائع، لا سيّما وأنّ المسرحية انتقلت الآن بهذه الوسيلة، من تمثيل ترفيهي على خشبة المسرح، إلى قاعة أشبه ما تكون بمحاكمة يعاد فيها تمثيل خيوط الجريمة. خيطاً خيطاً. لحظة لحظة. أغرب محاكمة. النظّارة شهودها. النظّارة قضاتها.
            في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

            في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

            في البدء كان الكلمة .....

            للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

            Comment


            • #7
              المناجاة الثالثة
              هاملت: نعمْ إذن. مع السلامة. والآن أنا وحدي.
              يا لي من مشرّد عاطل. ومن فلاحٍ قنّ لا أملك حرّيتي
              ألمْ يكنْ تصرّفي غير طبيعيّ ، وأنّ هذا الممثّل هنا
              في الخيال فقط، في الحزن الناجم من حادثة متصوّرة،
              يجبر روحه لتكون طوع خياله، فيصفرّ
              وجهه كلّه من عمل تلك الروح، والدموع في عينيه
              والانشداه في نظرته، وصوته ممرود، وكلّ قواه
              الجسديّة تستجيب بتعابير جسديّة تتلاءم مع تلك
              التصوّرات الموهومة. وكلّ ذلك للا شئ!
              من أجل هيكوبه
              ماذا تعني هيكوبه له، أو هو لها حتّى يبكي من أجلها
              ما الذي سيفعله لو كان لديه
              الباعث والحافز على الألم كما هما لديّ؟
              قد يُغرِقُ خشبة المسرح بالدموع، ويمزّق سمع الجمهور
              بكلام مرعب، ويجعل المذنبَ مجنوناً، ووجوه
              الأبرياء صفراً، ويشده الجهلة، وبالتأكيد يربك
              وظائف العيون والآذان بالذات
              مع ذلك فأنا الوغد البليد الروح، أحلم بكسل،
              لا تحرّكني للعمل قضيّتي العادلة، ولا يمكنني
              انْ اقول شيئاً. – لا، لا من أجل مُلك،
              قاموا بإزهاق أعزّ ما يملِك: حياته. أجبان أنا؟
              مَنْ هذا الذي سيدعوني نذلاً، ويشجّ رأسي، وينتف
              لحيتي وينفخها في وجهي، ويجرّني من انفي، ويدعوني
              كاذباً إلى الحنجرة، وأبلع الإهانة حتّى الرئة. مَنْ يقوم
              بذلك لي؟
              عجباً!
              بربّي سأقبل بتلك الإهانات، لأني وديع كحمامة بلا مِرّة (9)
              يا لَلْثأر
              يا لي من أبله. هذا عرض مسرحيّ رائع!
              إذْ أنا ابن الأب العزيز الذي قُتِل، محثوثاً على
              الثأر من قبل الجنّة والجحيم ثُمّ أٌفرِغ ما بقلبي
              _ كالمومس – بكلمات واُنْزل اللعنات كالمومس بالذات
              خادم وضيع! تبّاً! تُفْ
              واصل يافكري كتابة الأبيات للمسرحيّة
              تعساً لقد سمعتُ أن المخلوقات المجرمة الحاضرة في المسرح
              تُصاب بذعر إلى أعماق الروح، بفعل براعة التمثيل،
              لدرجة أنّهم على الفور يفشون أعمالهم الشرّيرة
              فالجريمة وإنْ لم يكنْ لها لسان
              ستتكلّم بصوت هو من أكثر الأصوات إعجازاً.
              سأجعل هؤلاء الممثلين يؤدّون شيئاً شبيهاً بمقتل أبي
              أمام عمّي. سأراقب ملامحه، سأسبره حتّى الصميم. فإذا
              جفل بتألّم، عرفت كيف أسلك معه. قد يكون الشبح
              الذي رأيته شيطاناً، وللشيطان قدرة على أن يتخذ
              شكلاً مرضياً، بلى، وربّما بسبب ضعفي وكآبتي
              في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

              في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

              في البدء كان الكلمة .....

              للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

              Comment


              • #8
                الرابعة:
                To be or not to be, that is the question
                ما من مناجاة شُغف بها النقّاد، و في الوقت نفسه استعصى عليهم فهمها، كهذه المناجاة. كُتبتْ عنها مئات الدراسات، وفي كل دراسة اختلاف ذو نفع. ظنّ معظم الشرّاح، أنّ هاملت كان يفكّر في قتل نفسه، وظنّ آخرون أنّه كان يفكّر في قتل الملك، بيد أن البداية لا تشير إلى القتل مطلقاً (سنتحدث عن ذلك بتفصيل أوسع في الفقرات التالية)، كما أنّها لا تشير إليه شخصيّاً.
                يقول G. Wilson Knight " السطران الأوّلان يشيران إلى المشكلة الشاملة للمصير المأساوي للإنسان" (The Wheel Of Fire, p304 ). ويقول: Wolfgang Clemen"في هذه المناجاة لا يشير هاملت إلى نفسه مطلقاً. المتكلم يأخذ صيغة الجمع. في حين يؤكّد Harold Jenkins أنّ "ما من شئ في أيّ مكان من هذه المناجاة يتعلق بحالة هاملت الفرديّة، إنه يستعمل الضمائر نحن:We و نا : Usوالـ: مَنْ غير المحدودة: The indefinite who والمصدر اللاشخصي: The impersonal infinitive ، إنه يتكلم عنا جميعا بوضوحً".
                لذا فإن أيّ ترجمة لـ : To be or not to be بـ "أأكون أم لا أكون" (جبرا)"احيا أو لا أحيا" (القطّ)، أو" ألحياة أمْ الموت"(بدوي) وما إليها، عاطلة، لسببيْن : الأوّل صيغة الجمع التي كان يتكلم بها هاملت كما أسلفنا. الثاني هو أنّ هاملت كان يتحدث بالمصدر المصاغ من أن والفعل. بهذه الوسيلة جعل المؤلف ما هو خاص بمستوى العام الشامل. يقدم Wolfgang Clemen قائمة بالصيغ المصدرية التي وُظفتْ في هذه المناجاة وهي :/To be or not to be /To suffer To take arms
                /To say/ To die/To sleep/To dream/ To grunt and sweat.
                يستنتج الباحث بأن "صيغة اللامتناهي تمكّن المتكلم من أن يظلّ على مبعدة من مركز العمل او الفعل"(p.137)
                على أية حال يدلّ المصدر ، كما هو معروف،ّ على حركة بلا زمن. هل أراد هاملت بهذه الوسيلة أن يجعل أقواله تتخطى المرحلية، أي أن يجعلها تجري مجرى الحكم الدائمة؟ أم أنه كان يستجيب لما كان يقرأ؟ بكلمات أخرى هل كان هاملت صدى وظنّه النقّاد صوتاً؟ وعلى هذا اختلفوا لدرجة التناقض؟
                في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

                في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

                في البدء كان الكلمة .....

                للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

                Comment


                • #9
                  مرة أخرى هل كان هاملت صدى؟
                  حين يدخل هاملت ( الفصل الثالث – المشهد الأوّل) كان يقرأ باستغراق عميق في كتاب لا نعرف ما هو. يذكر بعض النقاد أن السؤال الأول الذي وضعه هاملت كان " بمثابة تعليق على ما كان يقرأ" إذن فالسؤال لا علاقة له به شخصياً، أو أنه كان ردّة فعل في أحسن الأحوال. ولكن ربما كان هاملت يستذكر ما كان قد حفظه من الكتاب، وهو ذو حافظة لا تُجارى. ربما لهذا السبب شذت هذه المناجاة عن الأخريات في كونها مقطوعة، أيْ لا علاقة لها بما قبلها ولا تأثير لها فيما بعدها.
                  يجب ألا يغيب عن البال كذلك أن مسرحية هاملت كانت مكتوبة قبل شيكسبير ومُثّلت مرتيْن. إذن فهاملت ليست من صنعته تماماً ,إنما ما فعله هو تغيير مقاطع في النصّ القديم، وتقديم مشاهد وتأخير أخرى، وربما إعادة صياغة بعض الفصول. هل كانت هذه المناجاة في النصّ القديم وإنما كان هاملت يقتبسه بالكامل؟ أم أنه اقتباس من كاتب آخر؟
                  مما يدعو إلى التأمل والاستغراب في هذه المناجاة خلوّها التام من عنصر النبات من أيّ نوع، وخلوّها من الحيوان من أيّ نوع، كما انها خالية من التشابيه والمجازات التي هي من العلامات الفارقة في التأليف الشيكسبيري، بالإضافة إلى ذلك فما من أثر للحواس التي بزّ بها شيكسبير الشعراء في رسم الصُوَر الشعرية. هذه المناجاة تجريدات ذهنية، تأثيرها من تساؤلاتها المرعبة، أوّلاً ومن موسيقاها الشعرية المدهشة، ثانياً. للأسف لا يمكن ترجمة الموسيقى، لأنها خاصية قومية لا يتذوقها إلاّ أبناؤها. مع ذلك نقدّم للتحليل شطراً واحداً، كنموذج، لنرى مفعول الموسيقى الشعرية.
                  يقول Sydney Bolt في كتابه : (p.44) Shakespeare Hamlet عن موسيقى البيت الخامس:
                  to sleep And by opposing end them.To die/
                  "حينما يضاف مقطع على الشطر المكتوب على بحر الـ Iambic الخماسي التفاعيل، بعد أن يكمل فإنه يُهمل. غير أنه في حالة البيت أعلاه، فلا بدّ من تكييفه في مكان ما إلى البحر الإيمبي". إذن كيف كيّفه شيكسبير؟ أولاً" أوقف الشطر ومن ثَمّ بدأه ثانية على الوجه التالي:
                  And by/ oppos/ ing end (them)./
                  To die/ to sleep.
                  هذا التوقف أو القطع الثقيل ذو مغزى. لأن هاملت شرع بسطر جديد من التفكير حين قال :
                  “ …to die
                  ذكرنا أن هذه المناجاة تجريدات ذهنية تخلو من أية أرضية واقعية، وبالتالي من أي حدث. ولأنها مجرد أفكار، لذا بدتْ وكأنها مفككة لا رابط لها. الأفكار عادة ما تكون باردة برودة الحقائق . إلا أنها في هذه المناجاة خلاف المعتاد، ساخنة، وذلك لأنّ شيكسبير شحنها بالحيرة والتشوّش فانبجست عاطفة. من ناحية أخرى فإن المناجاة بتبنيها الأفكار الفلسفية المجرّدة، إنما اقتربت من الأسلوب السقراطي مهما يكنْ من أمر ، فقبل التبسّط في اختلاف النقاد في فهم مكونات هذه المناجاة، قد يكون من المفيد أن نلفت الأنظار إلى ثيمتيْن أساسيتيْن في هذه المناجاة. الغاية من التنويه بهما هنا هي للتنبيه على تأثر مسرحية هاملت بملحمة كلكامش وإن كان بصورة غير مباشرة. الثيمة الأولى تشبيه النوم بالموت وبالعكس:
                  To die, to sleep
                  To sleep, perchance to dream –ay, there is the rub
                  For in the sleep of death what dreams may come,…’

                  "أن نموت أن ننام
                  أن ننام، ربما أن نحلم- بلى هذه هي القضية
                  لأنّه في نوم الموت ذاك، أيّ أحلام قد تأتي..."
                  يتعقب Harold Jenkins محرر طبعة آردن الشهيرة تشبيه الموت بالنوم، فيردّها في البداية إلى شيشيرون، وقبل ذلك إلى سقراط. ويعتقد أن ترجمة هولاند لكتاب Moralia لبلوتارك قد تكون المصدر الأصلي ...إلخ"
                  يبدو أننا كلّما تمعنّا كيف يتوازى عنصرا النوم والموت في ملحمة كلكامش وكيف يتجاوران كصنويْن لأدركنا أن المنبع الأصلي لفكرة شيكسبير منحدرة بصورة غير مباشرة
                  من تلك الملحمة، لأنها أقدم من النصوص التي استند إليها محرر طبعة آردن. أقرب الأمثلة على ذلك موت أنكيدو بين يدي كلكامش وكأنّه نائم، وكذلك ما قاله أتو- نفشتم لكلكامش:
                  "ويا ما أعظم الشبه بين النائم والميت
                  ألا تبدو عليهما هيئة الموت"

                  لو صحّ هذا التأثر لانحلّت تناقضات كثيرة وقع فيها النقّاد الذين درسوا هاملت. من الجدير بالذكر أن شكسبير ذكر الموت والنوم في عدد من المناسبات منها مثلاً في مسرحية مكبث، حينما رأى مكدف، الملكَ مقتولاً:
                  "... أفيقوا
                  أنفضوا عن أعينكم هذا النوم الماكر شبيه الموت
                  وحدّجوا في الموت نفسه..."

                  الثيمة الأخرى هي رحلة الميت إلى وطن مجهول ولا تٌرجى له عودة. يقول هاملت:

                  But that the dread of something after death,
                  The undiscover’d country, from whose bourn
                  No traveler returned puzzles the will
                  ِِ And makes us rather bear those ills we have
                  Than fly to others that we know not of?


                  "...لولا ذلك الشئ
                  المرعب بعد الموت، ذلك الوطن المجهول الذي لا يعود
                  منه مَنْ دخل في حدوده، ويربك الإرادة ويجعلنا
                  نتحمل تلك الأدواء التي نعرفها من أن ننطلق
                  إلى أخرى لا نعرفها..."

                  ربما يكون مصدر "درب الصدّ ما ردّ" هذا، كلكامش أيضاً، وهي عبارة ما تزال متداولة بيننا بالعراق حتى الآن. كان أنكيدو يروي لكلكامش حلماً طاف عليه :
                  "نظر إليّ وأمسك بي وقادني إلى دار الظلمة
                  ...
                  إلى البيت الذي لا يرجع منه مَنْ دخله
                  إلى الطريق الذي لا رجعة فيه لسالكه..."
                  في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

                  في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

                  في البدء كان الكلمة .....

                  للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

                  Comment


                  • #10
                    أدناه بعض ما ذكره النقّاد عن هذه المناجاة :
                    يقول Wolfgang Clemen :

                    "هذه المناجاة من أشهر مناجيات شيكسبير. في الواقع أشهر المناجيات جميعاً. أُعطيتْ لها أكبر عددٍ من التفسيرات... معظم المناجيات مصممة للكشف عن نوايا المتكلم، وإماطة اللثام عمّا خفيَ. لكنّ النظارة هنا لم يُعطوا الجواب عن كلّ المشاكل غير المحلولة في المسرحية. بالعكس، أُثيرت أسئلة جديدة. شكوك هاملت امتدّت إلى النظارة. نصّ المناجاة يعوزه التماسك المنطقي والبنائي، لذا فمعظم التفسيرات (يبلغ عددها عدّة مئات) لهذه المناجاة حاولت أن تضع بين أيدينا، الحلقات المفقودة لتوضيح المعنى، لإعطاء توصيفٍ دقيقٍ لما تمّ التعبير عنه تلميحاً (ص 133). حاول Clemen طريقة جديدة لفهمها. فبدلاً من تحليلها سطراً سطراً للإجابة عن السؤال "ما الذي يعنيه هاملت هنا فإنه استخدم مقاربة مختلفة لتعيين ما الذي تطبعه المناجاة أوّلاً في أذهاننا حين نسمعها، وما الذي تعنيه حينما تبدأ مناجاةٌ ما وتنتهي على شكل مفاجئ شديد عندما نتوقع شيئا آخر مختلفاً سيقع" Shakespeare s Soliloquies) ص 134)

                    لنقلْ قبل كلّ شئ،" إنّ للمناجاة لدى شيكسبير"، كما يقول Franco Moretti "وظيفة مختلفة تماماً، فهي لا تُصعّد من الأداء، ولاتثبّت المعاني الضمنية، بل بالأحرى تعوّق، وتجعل مراميها عصيّة على الفهم. إنها المكان الذي يكون فيه الشكّ والتردد"
                    Shakespearean Tragedy ed. J. Drakakis p.68 -69))
                    يقول G. Wilson knight ، وهو من كبار شُرّاح هاملت :"تبدو هذه المناجاة لأوّل وهلة واضحة إلى حدّ ما، إلاّ أنّ الصعوبات تتضاعف حينما نفحصها فحصا دقيقاً.
                    .(The Wheel of Fire ) p.304
                    قد يكون مردّ الصعوبات التي أشار إليها الكاتب في الاقتباس أعلاه، ناجماً عن طبيعة فن كتابة المسرحية، أو التقنية الأسلوبية التي يوظفها المؤلّف، أو عن الفكر الفلسفية والدينية المطروحة.
                    يقول Martin Ling " إنّ الكاتب المسرحيّ على خلاف الشاعر الملحمي، لديه مساحة محدودة جدّاً تحت تصرّفه، وتبعا لذلك فإنّه يفضّل بناء بيت متعدد الطوابق" (The Secret Of Shakespeare). P. 30

                    هذه المساحة المحدودة ذكرها كذلك الباحثان: John Peck & Martin Coyle في
                    كتابهما : (( How To Study A Shakespearean play p.11- 12 ،فعالجا الطريقة التي دعت شيكبير لأن يركز كمية كبيرة من المعنى بأسطر قليلة. نستطيع أن نستبين هذه الطريقة بصورة أكثر وضوحاً، إذا ما أشرنا إلى أشهر مناجيات شيكسبير: المناجاة الرابعة. فهاملت تنازع مع نفسه على الانتحار. حياته مشحونة بالمشاكل والمتاعب، وشيكسبير يستعمل صورا حربية وبحرية، ليجعل محنة هاملت واضحة وحيّة. فاستعمال المجاز(وهو استلاف كلمات من أحد حقول تجربة ما، أو حياة لوصف حقل آخر من التجربة)، يضيف ايضاً / ويعقّد معنى الأبيات. إن متاعب هاملت هي مشاعره الشخصيّة بالتعاسة ولا تخصّ غيره، ولكنْ بربط مشاعره بمواضيع واسعة ومشوشة مثل البحر والحرب، تبات التجربة الفردية موصولة بجوانب من الحياة واسعة." أو قد تكون الصعوبة بسبب ما تتميز به مسرحية هاملت من غنى في الأفكار والشخوص. يلاحظ الدكتور Johnson "أنّ ما يميّز مسرحية هاملت هو تنوّعها. الوقائع كثيرة جدّاً...المشاهد متعددة بتداخل، وتتنوع بمرح ووقار. مرح يشتمل على قوّة الملاحظة الحكيمة المثقفة، ووقار غير محمّل بالعنف الشاعري، الأعلى من العواطف الطبيعية للإنسان. شخوص جدد يظهرون من وقت لآخر، بتتابع متواصل عارضين أنماطاً مختلفة من الحياة وصيغاً معينة من الحوار" (Dr. Johnson On Shakespeare ed. K.Wimsatt p. 140

                    لا ريب تتعدد الاختلافات في فهم هذه المناجاة بعدد الكتاب الذين يتناولونها بالبحث ...السؤال البسيط الذي ما يزال يقلق الباحثين هو : هل كان هاملت حينما قال في مطلع المناجاة
                    (To be or not to be ) يفكر في الانتحار، أم في قتل عمّه الذي اغتصب عرش شقيقه ( أيْ والد هاملت)؟ إذا كان مثل هذا الآختلاف الحادّ قائماً حتى لدى أعمق شرّاح شيكسبير من الناطقين بالإنكليزية،فلك أن تتصور معاناة المترجم العربي. قبل أن نُدلي بدلونا على استحياء، قد يكون من المفيد، اقتباس ما قاله G. B. Harrison
                    (Shakespeare Tragedy p. 88)
                    "الحقيقة الأولى، وكثيراً ما نُسِيتْ، هي أن هاملت مسرحية، وليستْ بحثاً في الفلسفة أو الطبّ النفساني، أو في التاريخ الإليزابيثي، أو في الأخلاقيات الاجتماعية...كما أنها ليست الأولى التي كُتبت عن قصّة هاملت، فهناك دليل على أن مسرحية هاملت كانت موجودة عام1589، وقد مُثّلت عام 1598 و 1606، ومن البداية كانت مسرحية ناجحة، ثمّ أعاد شيكسبير كتابتها جزئياً مرّتيْن في الأقلّ، أو أنّه أضاف إليها مقاطع كبيرة".
                    على هذا قد لا تكون كلّ الأفكار الواردة في المسرحية هي أفكار شيكسبير مائة بالمائة، أي أن ما نلاحظه من تناقض هنا وهناك قد يكون مرجعه إلى مصاهرة كاتبين مختلفيْن. من جهة أخرى فما قاله هارسون أعلاه : إنّ هاملت ليست بحثاً في الفلسفة أو الطبّ النفساني...إلخ صحيح وغير صحيح في آن واحد، كما يبدو.
                    المسرحية كأيّ نصّ إبداعي ليست بحثاً من أيّ نوع ولكنّها كأيّ وعاء ثقافي يتجمع باللاوعي، خليط متفاعل من شتى العلوم، بحيث تكون الحصيلة كتلة لها خواصها التي لا تتشابه مع خواص العناصر المكونة لها. كلمات المثقّف مبطنة ولا يُحكم عليها بما توحيه في ظاهرها. أكثر من ذلك لم يبرّز النقاد دور ثقافة هاملت في غموض كلماته وعباراته وإن لم يكن قد أراد لها ذلك، أو مهما كانت كلماته بسيطة وواضحة. من النافلة أنّ هاملت من الشخصيات الروائية القليلة، وربما هو الوحيد الذي يتمتع بثقافة منوعة وعميقة.
                    يقول :W. H.Clemen "تكشف الصورة المجازية لدى هاملت عن خلفية واسعة من المعرفة، وعن المدى المتعدد الجوانب والاستثنائي لتجربته. وتؤكد الاستعارات المستقاة من العلوم الطبيعية، وهي كثيرا ما تتردد في لغة هاملت، على قوّة ملاحظته، وعلى الطريقة النقدية الموضوعية التي ينظر فيها إلى الأمور. بالإضافة، فإن هاملت مطّلع تمام الاطلاع على ثقافة العصور القديمة، أو عالم الأساطير الإغريقية، وعلى مصطلحات القانون، وهو إلى ذلك حسن الاطلاع على المسرح والتمثيل، كما نعرف ذلك جميعاً، وكذلك على الفنون التشكيلية، وعلى فن الصقارة والصيد، وعلى الفنون العسكرية والاستراتيجية، وعلى حياة الحاشية الملكية، كعسكري وكعالم. لذا فهاملت قادر على التعبير بمستويات عديدة جدّاً لدرجة أنه يستطيع أن يحوّر أسلوبه وكذلك تصويره الشعري، إلى ما يقتضيه الحال، وإلى مستوى الشخص الذي يخاطبه. هذه القابلية على التكّيف
                    Adaptability وسرعة التصرف في فنون مختلفة ملمحان آخران Versatility من طريقة استعمال هاملت للغة التي يمكن رصدها في صوره الشعرية"
                    (The development Of Shakespeare Images. P.108)
                    على أية حال، كلام المثقف يختلف باطنه،كما قلنا، عن معناه الظاهري Face value . إنّه ذوطبقات عالية الشحنة، لأنّ المطالعات الشديدة تؤدي باللاوعي إلى تخمرات معقّدة، تتداخل وتتداخل لدرجة فقدان صفاتها الأصلية.
                    المناجاة الرابعة هذه، بهذا المعنى حصيلة مرّت بعمليات تخميرية طويلة في تلافيف الدماغ.
                    النقطة الثانية التي لم يُشِرْ إليها النقّاد هي حالة الثمل Intoxication التي تعصف بالأبطال الشيكسبيريين، حين يبلغ بهم الحبّ أقصاه، أو حين يبلغ بهم الخوف أقصاه، والقلق أقصاه، والحب أقصاه وحتى الغضب والطموح. في هذه الحالة يتعطل الوعي ويتدفق اللاوعي. هنا تتجرّد الكلمات من محمولاتها اليومية، وتصبح إشارات ورموزاً نحسّ بمعانيها ولا نفهمها.
                    هذه المناجاة مثال حيّ على تلك القصوانية من الثمل، وعلى التخمرات الثقافية المتفاعلة. كلما انجذبتَ إليها، ازدادت غموضاً آسراً، وبُعْداً لذيذاً مفعماً بالإغراء.
                    ربما لهذا السبب اختلف النقاد لدرجة التناقض، لأنهم راحوا يفتشون في هذه المناجاة عن المعنى ، لا على ما تبثه في عموم خلايا الجسد من لذاذات مخيفة وقشعريرات عاطفية، مفزعة ولذيذة.
                    في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

                    في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

                    في البدء كان الكلمة .....

                    للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

                    Comment


                    • #11
                      أدناه عيّنات من تلك الاختلافات.
                      يقول Kenneth Muir "ما لم يتفق عليه النقّاد: هو هل كان هاملت يبحث في شأن الانتحار حين قال : .To be or not to be إن المناجاة خضعت لعملية فصل من سياق الكلام، وأُلقيتْ بين وقت وضْع هاملت لخطّته ضدّ الملك وبين تمثيل المسرحية"
                      يتفق ميور مع جونسون بأن هاملت لم يكنْ في السطرين الأوليْن يبحث في قتل نفسه أم لا، وإنما في قتل الملك أم لا، إذا ما برهنت المسرحية على جريمته..."(Shakespeare Hamlet)
                      (( p.33-34
                      يتساءل G. Wilson Knight "يختلف الشرّاح حول قول هاملت:To be or not to be
                      فهل هو يشير إلى قتل الملك، كما هو مفترض، أم إلى قتل نفسه؟ إنني حتّى الآن أيّدت قراءة قتله لنفسه، ولكنني أظنّ الآن أنّ كلا التفسيريْن متضمنان فيه، بصورة ما، وليس من الهيّن تفضيل تفسير على تفسير.(p.3o4)
                      ولكنْ هل كان هاملت يفكّر في الموت في هذه المناجاة؟
                      يجزم على أن الموت C.S. Lewis
                      "هو موضوع مسرحية هاملت، على الرغم من أنّه يختلف عن الموت في المسرحيات الأخرى.فالموت في مسرحية مكبث، له صلة بالجحيم، ولكنّه من البداية في حياته صرف النظر عن الحياة الآخرة، أمّا بالنسبة إلى بروتس وعطيْل فإن الانتحار، في أعمق درجاته مأساوية ما هو إلاّ هروب. ويشكّل الموت بالنسبة إلى الملك لير خلاصاً، وإلى روميو وأنطونيو فقداناً مؤلماً...أمّا الموت في مسرحية هاملت فإننا نفكّر دائماً في الموت ولا فرق إنْ تمّ التعبير عنه بتعابير عن مصير الروح أم تعابير الجسد".
                      يلاحظ لويس أن الغرابة ليست في الموت في نظر هاملت وإنما ما الحياة والأحلام بعد الموت، إذا صحّ التعبير. يقول لويس : "ولكن ما هو أغرب : ما الأحلام التي ستأتي بعد الموت؟ هذه هي الفكرةالتي تعطي المسرحية بكاملها خاصيتها من الغموض والهواجس...عالم هاملت عالم يفقد فيه المرء طريقه...(Sakespeare’s Tragedy, ed.L. Lerner, p. 71- 72)

                      ولكنْ هل كان هاملت يفكّر في الموت في هذه المناجاة؟ أين الموت فيها؟
                      مع ذلك فإنّ S.C. Sen Gupta، يعتقد أن المشكلة بالنسبة إلى هاملت:"ليست ميتافيزيقية أخلاقية لا حلّ لها، في تجريد أو لا تجريد السلاح بوجه بحرٍ من الاضطرابات مما يجعله ينزلق إلى أخذ الانتحار بعين الاعتبار، كعلاج ضدّ أوجاع الحياة. العائق الآن ... هو الخوف من المجهول الذي أصبح أكثر شذّة منذ أن التقى بالشبح. فوالده لأنه شبح يستطيع أن يزور مناطق خيالية يدعوها هاملت شعريّاً "ومضات من القمر"، ولكنّه لا يستطيع أنْ يعودإلى الأرض Terre firma كإنسان بين البشر. إنه لا يستطيع الآن حتى من البوح عمّا في محبسه...يصف هاملت عالم الأموات، ولوصفه ما يسوّغه بأنه وطن لم يُكتشفْ بعد، والراحل إليه لا يعود إلى الأرض أبداً"(Aspects Of Shakespearian tragedy,p166). على أيّة حال ثمّة تفاصيل مهمّة للغاية ووافية في شروح طبعة آردن عن اختلاف النقاّد في فهمهم لهذه المناجاة، وعن المصادر الأصلية للأفكار التي طرحها شيكسبير ، ولا سيّما الأفكار القانونية.
                      تبدأ المناجاة على أية حال بأكبر حيرة وجودية تتعطل معها كل إمكانيات الفعل. اللافعل هو الفعل الحقيقي. أغرب معادلة مدوّخة. يتشابهان كما يتشابه النوم والموت وما أشد اختلافهما!
                      الموت خطر لأن أقاليمه مجهولة . هذا ما يقضّ مضجع هاملت الآن، الخوف من المجهول. إذن لا بدّ من العيش ولو على مضض. الحلّ؟ ما أسهل. ما أسهل الموت إن كان المقصود به وقف النبض والتنفّس والحركة. برأس دبّوس صغير، بخنجر صغير يتوقف القلب والرئة والحركة مرّة واحدة. ولكن لماذا الانتظار إذا كان الأمر بتلك السهولة؟ في تلك الحيرة القاتلة ، تطلع أوفيليا لا كختام للمناجاة ولكنْ كإنقاذ. يقول هاملت:
                      "...والآن توقّف
                      أوفيليا الحسناء، يا أيّتها الحورية أذكري
                      في صلواتك كلّ خطاياي."
                      تدخل أوفيليا ببراءتها الصافية، لتضع من تراتيل جنونها ، معنى جديداً لا للمشهد ، بل للحياة برمّتها .ولكنْ ما ذنوب هاملت حتى يتمنى من أوفيليا أن تشفع له في صلواتها؟
                      في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

                      في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

                      في البدء كان الكلمة .....

                      للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

                      Comment


                      • #12
                        المناجاة الرابعة
                        أنْ تكون أو لا تكون تلك هي القضية
                        أيّهما الأنبل في العقل : أنْ يتحمّل
                        قوس ربّة الحظّ الطائشة ونشّابها
                        أم يجرّد السلاح بوجهِ بحرٍ من المصائب
                        وفي كليهما موتٌ يريحه من متاعبه
                        أنْ نموت أنْ ننام لا أكثر
                        وبالنوم ننهي وجع القلب، وكلّ هجمات الأمراض الطبيعية
                        التي يرثها الجسد. تلك نهاية نتمنّاها بخشوع
                        أنْ نموت أنْ ننام
                        أنْ ننام، ربّما أنْ نحلم – بلى هنالك القضيّة
                        لأنه في نوم الموت ذاك، أيّ أحلام قد تأتي
                        عندما نكون قد طرحنا عنّا كل قيود هذه الحياة الفانية
                        يجب أنْ تدعونا للتفكير – ثمّة اعتبار
                        يجعل أُولاء الذين يُصابون بالبلاء راغبين في تحمّله
                        لمدّة طويلة جدّاً.
                        ومَنْ ذا الذي يتحمل عذابات العالم وإهاناته
                        وظلم المستبدّ، وغطرسة الرجل المتكبّر، ووخزات
                        الحبّ المرفوض، وتأجيل القضاء، ووقاحة المسؤولين،
                        ونقدات الطالحين للصالحين، حينما يستطيع هو نفسه
                        أن يسدّد ثأره بخنجر صغير ليس إلاّ. مَنْ يتحمّل الهموم
                        وينخر ويعرق تحت وطأة حياة مملّة، لولا ذلك الشئ
                        المرعب بعد الموت، ذلك الوطن المجهول الذي لا يعود
                        منه من دخل في حدوده، ويربك الإرادة، ويجعلنا
                        نتحمّل تلك الأدواء التي نعرفها أفضل من أن ننطلق
                        إلى أخرى لا نعرفها؟ هكذا يجعلنا التأمّل في ضمائرنا
                        جبناء جميعاً، وهكذا تصفرّ الشجاعة المتوردة، وتختفي
                        تحت لون الفكرة الشاحبة للآخرة، ويتحوّل مجرى تدفّق
                        المغامرات المحلّقة الخطيرة الشأن، بهذا الاعتبار إلى
                        قناة تبعدها عن الفعل. والآن توقّفْ
                        أوفيليا الحسناء! يا أيتها الحورية أذكري
                        في صلواتك كلّ خطاياي
                        في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

                        في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

                        في البدء كان الكلمة .....

                        للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

                        Comment


                        • #13
                          الخامسة
                          يلاحِظُ أحدُ النقاد الإنكليز أنّ هذه المناجاة خالية من البلاغة، وهي كذلك حقّاً. ما من جناس ولا إرصاد ولا تصريع. هاملت هنا لا يعتام الألفاظ الصعبة، وهذا شأن كلّ إنسان يرى الجِدّ فوق الحماسة فهي مضرّة، وألفاظها المنتفخة عين الفزع. شأنه شأن مَن يجدّف في موج عاتٍ، وزورقه متعتع. كان هاملت ساعتها أقرب ما يكون مجدّفاً في موجٍ مهلك.
                          العيون تترصّده. كلّ حركة منه، كلّ نأمة، لا تُفَسّر بأقلّ من الجنون. في هذا الخضمّ المكفهرّ يأتي بولونيوس زعيم البلاغة السخيفة في القصر الملكي، ليخبر هاملت بأن الملكة
                          تودّ أنْ تراه حالاً. وهذه الـ "حالاً" هنا تأخذ طابع الاستنفار. يقول هاملت قبل المناجاة:
                          "إذنْ سأذهب إلى أمّي حالاً
                          إنّهم يعبثون بي إلى أقصى منْزع في قوسي"

                          ما من تهمة أشدّ إذلالاً من رميِ إنسانٍ سليم ٍبالسقم، و ما من تهمةٍ أشدّ لؤماً من تهمة إنسان بكامل قواه العقلية بالجنون. كان هاملت متهماً بغرابة الأطوار. ولدى خُصَمائه أكثر من دليل على جنونه. و الأنكى، ما من شاهد على صحة عقله غيره. هاملت شاهد نفسه الوحيد، ولكنّه غير قادر على البوح بما يعرف من أسرار مدمّرة. إنّه الوحيد الذي يعرف أنّ أباه قُتِل غدراً من قِبَلِ شقيقه، أيْ الملك القائم. وهو يعرف أنّ أمّه زانية.
                          تُظهر هذه المناجاة، تمزّقَ هاملت، ولكنّها تُظهره –في الوقت نفسه – في أعلى درجةٍ من التوازن الذهنيّ لا سيّما أنّ الظروف المحيقة به، تتطلّب منه مواقف متناقضة، وسريعة. من بينها، مثلاً كيف يوائم بين واجبه الديني والاجتماعي تجاه أمّه كأمّ، وتجاهها كزانية؟ كيف يقسو عليها لدرجة الكسر، ويبقى حنوناً؟ كيف تكون لكلماته، حدّة الخناجر، لا طعناتها؟ كيف يكون للسانه دور القسوة، ولروحه دور الحنان؟ يقوم تمزّقُ هاملت الصادق، كنقيضٍ لتمزّق الملك الزائف، في تبرير زواجه من آمرأة أخيه القتيل 0(الفصل الأوّل – المشهد الثاني):
                          "… وبما يشبه الابتهاج المتكدّر إنْ صحّ التعبير
                          وبعينٍ ضاحكةٍ وبعينٍ باكيةٍ
                          ومرح في جنازة، وندْبٍ في زواج
                          واضعين كيليْن من البهجة والأسى
                          في نفس الميزان
                          اتخذناها زوجة…".
                          لا شكّ كانتْ عينا الملك كلتاهما، على عكس ما يقول، ضاحكتين. بينما ظلّتْ عينا هاملت قلقتيْن حتى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة.
                          في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

                          في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

                          في البدء كان الكلمة .....

                          للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

                          Comment


                          • #14
                            المناجاة الخامسة
                            "هذه ساعةُ منتصف الليل حين تشرب الساحراتُ الدم
                            حين تنشقُّ القبورُ وتنطلق أشباحها، وحين
                            ينفث الجحيمُ قُواه الخفيّةَ في هذا العالم.
                            في هذهِ الساعةِ أستطيعُ أنْ أشربَ دماً ساخناً
                            فأقومَ بشرِّ قتلةٍ شنيعةٍ يتزلزل
                            من مرآها النهار. كنْ على حذر،
                            والآن إلى أمّي. آه، أيّها القلبُ
                            لا تفقدْ مشاعرَ بنوّتكَ. لا تجعلْ
                            أبداً روح "نيرون" يدخل في
                            هذا الصدر الوفيّ،
                            دعْني أكونُ قاسياً ولكنْ لن أكون عاقّاً
                            سأكلّمها بحدّة الخناجر غير أنّي لن أطعنَها بأيّ منها
                            للساني القسوةُ ولروحي الحنان
                            ومهما كانت كلماتي جارحةً
                            فليت روحي لا تضع الختْمَ عليها وتقومُ بتنفيذها أبداً"
                            في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

                            في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

                            في البدء كان الكلمة .....

                            للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

                            Comment


                            • #15
                              تتكوّن هذه المناجاة من ثلاث لوحات، هي ثلاث حالات نفسية متباينة. في كلّ حالةٍ، تصعيدٌ حاذقٌ يزيد من ترقّب المشاهد، وفضوله. المشاهد هنا جزءٌ أساسي من المشهد.
                              في الحالة الأولى (من السطر الأوّل وحتى السطر السادس) تعتيم ليليٌّ مقصود، حتّى يسهل توليد الأشباح. النور الوحيد في المشهد هو النور المنفوث من الجحيم. هكذا يكتظّ الليل بالساحرات، والأشباح التي راحت تتكاثر بما رسمتْ لها نيرانُ الجحيم من ظلال.
                              للتعتيم هنا غاية أخرى هي جعل النظر مرتبطاً بالسماء. بهذه الحيلة تدخل القوى الغيبية أوّلاً، ومعها يبدو الإنسان أمامها ضئيلاً، مسلوب القوى. في الحالة النفسية الثانية (من السطر السابع إلى السطر الرابع عشر)، نرى هاملت نهْبَ قوّتين. فهو وإن كان على حافة التوحّش وشرب الدم، فإنه لا يريد أن يقتل أمّه كما قتل الإميراطور الروماني:

                              نيرون أمّه أغربينا لأنّها قتلتْ
                              أباه كلوديوس بالسم.
                              كان هاملت في هذا المقطع مذعناً لنصيحة والده –الشبح . (الفصل الأوّل – المشهد الخامس):
                              "ولكنْ كيفما ستأخذ الثأر
                              فكنْ نبيلاً ولا تنحدرْ إلى أفعال عمّك الشرّيرة
                              ولا تدعْ روحك تكيد لأمّك بتاتاً
                              اتركها لحكم السماء، وللأشواك المقيمة في صدرها
                              تخزها وتلسعها"
                              لا بدّ أن المشاهد هنا مستوفز. متحرّق لرؤية ما الذي سيفعله هاملت؟ وكيف؟
                              في الحالة النفسية الثالثة(السطران الأخيران) تزيد حدّة التوتّر وبالتالي شدّ المشاهد، ذلك لأنّ هاملت لم يحسم الأمر، بعدُ. هل سيثأر؟ أم ينصاع إلى مشيئة أبيه؟
                              يقول هاملت:
                              "ومهما بلغتْ كلماتي من تجريحٍ لها
                              فليت روحي لا تضعْ ختمها عليها وتقوم بتنفيذها أبداّ"

                              كذا، لم يحسم هاملت الأمر. فصيغة التمنّي : ليت Subjunctiveتركت الباب مفتوحاً للحيرة. إنه غير متأكد من نفسه. هل سيقوم بتنفيذ كلماته؟ قد يكون من المفيد أنْ نذكر أنّ جبرا ترجمها على المنسوق التالي:"ولينافقْ لساني وروحي بهذا" أي حعلها بصيغة الأمر Imperative . على هذا الديدن ترجمها القطّ:"أي لساني وروحي نافقا في هذا الأمر". أما بدوي فسردها ببرود :"سينافق لساني روحي في هذا الأمر" وكأن النفاق سهل حتى إذا كان بين جوارح الإنسان الواحد. يقول John F. Andrews :" قد يكون هاملت على علم بأنّ كلمة: ممثل بالإغريقية هي Hypocrite فإذا صحّ هذا الافتراض فإنّ ما يقوله، هو أنّ لسانه وروحه يلعبان دورين مختلفيْن.( قارن كذلك "يوليوس قيصر" – الفصل الثاني – المشهد الأوّل):
                              بروتس : أيها السادة الكرام، اصطنعوا الانتعاش والمرح
                              ولا تدعو نظراتنا تشي بنيّاتنا
                              لكنْ تصرّفوا في الأمر كما يفعل ممثلونا الرومانيّون،
                              بروحٍ منتعشة ورباطة جأش تمثيلية…"
                              (ترجمة عبد الحقّ فاضل)

                              كيفما دار الأمر، تأخذ هذه الحالات النفسية أبعاداً استثنائية لأنّ هاملت سيذهب مباشرة إلى غرفة الملكة، فما الذي سيقوم به هناك؟ بهذه الحيلة الفنّية ازدادت أهمية اللقاء بين هاملت وأمّه، وتوتّرتْ وكأنّ المناجاة تمهيد مقلق له. على أية حال، ما دمنا قد ذكرنا المترجمين المحترفين الثلاثة، فلنتوقفْ عند الأسطر الخمسة الأولى وكيف تُرجمت ؟
                              1- ترجمة جبرا إبراهيم جبرا :
                              "هذا من الليل هزيع السحر
                              ساعة تفغر المقابرُ أفواهَها وينفث الجحيم
                              في هذه الدنيا الوباء. لعمري بوسعي الآن
                              أن أشرب الدماء حارّة وآتي من رهيب الفعل
                              ما يرتعد النهار لرؤيته"
                              2- ترجمة عبد القادر القطّ:
                              الآن هذه أحفل ساعات الليل بالغرائب
                              فيها تنفتح القبور، وتنفث الجحيم نفسها السموم
                              في هذه الحياة
                              الآن أستطيع أن أشرب الدم الحار وآتي من
                              مرير الأفعال ما يرتجف لمرآه النهار"
                              1- ترجمة محمّد مصطفى بدوي:
                              في هذا الهزيع من الليل حين يقبل السحرة على أداء سحرهم
                              حين تفقر(كذا)المقابر أفواهها وينفث الجحيم الوباء على هذه الدنيا
                              الآن أستطيع أن أشرب الدم الحار
                              وأقوم بفعل شنيع يقشعر النهار من مشاهدته"

                              أوّلاً خلت الترجمات الثلاث من التوقيت الزمني. يقول جبرا : "هذا من الليل هزيع السحر". بغضّ النظر عن تركيب الجملة الغريب، فما المقصود بالسحر؟ وكم كانت الساعة في تعبير :"هذا من الليل"؟ إلى أيّة ساعة أو جزءٍ من الليل تشير كلمة :"هذا"؟
                              أمّا القطّ فقال :" الآن هذه أحفل ساعات الليل بالغرائب". ولكنْ ما الساعة الآن؟ ولِمَ تكون حافلة بالغرائب؟ وهل هي حافلة بالغرائب في كلّ ليلة؟ وقال بدوي :"في هذا الهزيع من الليل". وهي جملة على غرار أختيها السابقتيْن لا يُعرَف لها توقيت.
                              لماذا اتفق المترجمون الثلاثة على نزع عقربيْ الساعة؟ ريما لأنّهم كانوا يترجمون النصّ جملاً منفصلة، لا نسيجاً متداخلاً. الزمن المقصود هنا، من استقراء القرائن، هو منتصف الليل. وهو توقيت خطير في المفهومات الشيكسبيرية. عرفنا سابقاً أن النور وكذلك الصباح، علامة تنذر بالكوارث. شؤم خطير. كالنجم القطبي الذي مرّ بنا في الفصل الأوّل – المشهد الأوّل.
                              قال برناردو:
                              "هذه الليلة الأخيرة بالذات
                              عندما كان النجم القطبي يسير
                              غربيّ القطب ليضئ ذلك القسم من السماء
                              حيث الآن يومض…"
                              وكما قال هوراشيو وهو يتحدث عن الهواجس الشريرة التي يأتي بها شبح الملك المقتول، ويضرب على ذلك مثلاً بروما في أوج عظمتها، قبل سقوط يوليوس:
                              "باتت القبور خاليةً من ساكنيها، وراح
                              الموتى المكفّنون يصيئون ويبربرون في شوارع روما
                              وكما المذنّبات والأنداء الحمراء
                              حلّ الكَلَفُ المنحوس في الشمس…"
                              يقول أحد الباحثين الإنكليز "منتصف الليل هو الساعة التي يكون فيها ارتكاب الجرائم الكبيرة ملائماً، إذ يشعر هاملت فيها بتأثير الوقت وبتأثير الأشياء المحيطة به".
                              بالإضافة إلى ذلك، يَرِدُ توقيت منتصف الليل قبل هذا، في الفصل الأوّل – المشهد الأوّل، كما في الحوار التالي:
                              الحارس فرانسسكو: تأتي في ساعة خفارتك بالضبط
                              الحارس برناردو : دقّت الساعة الثانية عشرة"
                              (وهو وقت ظهور شبح الملك).
                              كذلك يأتي توقيت منتصف الليل في الفصل الثالث – المشهد الثاني:
                              هاملت : ما الوقت الآن؟
                              هوراشيو : أظنّ أقلّ من الثانية عشرة
                              مارسيلوس : لا، دقّت الثانية عشرة
                              هوراشيو : صحيح؟ لم أسمعّها
                              إذنْ تقترب الساعة من الوقت الذي
                              تعوّد أن يتمشى الشبح فيه."

                              (الصباح المشؤوم يذكّر بالصباح الأوّل لرحلة نوح في فلكه. ويبدو أن لخروج الموتى من القبور وطوافهم في المدينة
                              صدى من القبور السومرية).

                              لنعد إلى الشطر الأوّل ونرى كيف تُرجمتْ بقيّة الجملة.
                              يقول جبرا :" هزيع السحر" . ولكن من يقوم بالسحر ولماذا جاء توقيته مع هذا الهزيع بالذات؟
                              يقول القطّ :" أحفل ساعات الليل بالغرائب" ولكن ما الغرائب؟ وهل في النص الأصلي غرائب؟
                              أما ترجمة بدوي : "حين يُقبل السحرة على أداء سحرهم" فتمطيط نثري لأدقّ استقطار شعريّ. بالإضافة،
                              جعل المترجم، السَّحَرة ذكوراً بدليل "الميم" في سحرهم. المعروف ان كلّ ساحرات شيكسبير إناث أو هنّ في صيغة المؤنث. ما أهميّة توقيت الساحرات هنا؟
                              أوّلا: تقتضي طقوس الساحرات شرب الدم، وهو ما أشار إليه أندروز ، محرر طبعة آردن، في الحاشية 379.
                              يمهّد هذا الدم إلى ما سيقوله هاملت في السطر الرابع : "أستطيع أن أشرب دماً ساخناً".
                              ثانياً: لون الدم الأحمر يتماشى مع شروق الشمس المشؤوم، ومع "الأنداء الحمراء" التي مرّت بنا أعلاه و "الصباح برداء محمرّ" التي ذكرها الشبح لهاملت، وهو يهمّ بالرجوع إلى المطهر.

                              دعنا نتوقف قليلاً عند السطر الثاني الذي ترجمه جبرا :"ساعة تفغر القبور أفواهها وينفث الجحيم في هذه الدنيا الوباء"، وترجمه القطّ :"فيها تنفتح القبور وتنفث الجحيم السموم في هذه الدنيا"، وترجمه بدوي "حينما تفغر المقابر أفواهها وينفث الجحيم الوباء على هذه الدنيا".
                              في الترجمات أعلاه ما من أشباح تخرج من قبورها. القبور الفاغرة الأفواه لا تعني بالضرورة انتفاض الموتى بوجه الأحياء . كما كان الشأن مع شبح الملك، و مع أشباح قبور روما التي استشهدنا بها أعلاه. هذا معنى أن يقوم المترجم بالنظر إلى النصّ كنسيج محبوك، لا كجمل منفصلة عن بيئتها، والأدهى منفصلة عن سلالتها.أمّا السطر الرابع فيترجمه جبرا :"لعمري بوسعي الآن أن أشرب الدماء حارّة"
                              أوّلاً إن القَسَم هنا إضافة لا لزوم لها ومضرّة. المفروض أن هاملت يتحدث إلى نفسه فقط ، ولكنْ بصوتٍ عالٍ. وهذا هو مفهوم المناجاة. بينما :" لعمري"، توحي بأنّ هاملت كان يخاطب شخصاً ما حتى لو كان متخيّلاً. أكثر من ذلك ترجم hot blood ، وهو اسم جنس هنا، بـ : "الدماء حارّة". قبل كلّ شئ جاء الدم بصيغة المفرد في النصّ الأصلي، فكيف أصبح بصيغة الجمع : أيْ دماء.
                              لم يكن هاملت يفكّر بكلّ دم بل بدم واحد ولمرة واحدة.
                              لو دققنا في الجملة المترجمة أكثر، لرأينا أن : "بوسعي أن أشرب الدماء حارّة"، تعني أنّ بوسع هاملت أن يشرب الدماء إذا كانت باردة ، أمّا الآن، فيستطيع تحت ظروفه الخاصّة أن يشربها حارّة. أمّا ترجمة القط وبدوي فجاءت بإدخال أل التعريف على الدم وصفته، فانتقل من اسم جنس إلى اسم. وبهذا الانتقال أصبح المعنى أن باستطاعة هاملت أن يشرب الآن الدم حتى لو كان حارّاً.
                              المعنى الذي أراده شيكسبير دقيق للغاية. فالدم محرّم دينياً، ولأنه جاء على صيغة اسم جنس، فهو يعني كل دم. أي أن هاملت تردّى به الأمر فأصبح كافراً ووحشاً في آنٍ واحد، لأنه بات قاب قوسين من شرب الدم.
                              ولكنْ، وهذا هو الأهم، لماذا قال هاملت :"حارّاً"؟
                              بهذه الصفة أصبح هاملت في أعلى درجات التوحش، فالدم لا يكون حارّاً إلاّ إذا كان ما يزال يشخب من الجراح. بكلمات أخرى إنّ هاملت يرى ضحيّته، يرى آلامها، ومع ذلك يلعق
                              دماءها.
                              في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

                              في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

                              في البدء كان الكلمة .....

                              للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

                              Comment


                              • #16
                                السادسة:
                                قد يمثّل الفصلُ الثالث في مسرحيّة هاملت خريفاً له فزعُ نواقيس الموت. الأوراق تنفصم مشيماتها. تسقط وتتعفن. الثمار تنضج متفلعة. تمامها نهايتها. البشر، بالمثل، يتفكّكون ويتساقطون جارحةً جارحة. قال هاملت
                                مخاطباً أمّه:
                                "…أيّ شيطانٍ أغواكِ
                                وأنتِ تلعبين معصوبة العينيْن؟
                                بصرٌ بلا بصيرة وبصيرةٌ بلا بصر
                                سمع بلا يديْن أو عينيْن، شمٌّ بدونهما جميعاً
                                أو لو كان هناك أيّ جزءٍ
                                من إحدى الحواس يعمل، لمنع حالة ًبليدةً كهذه".

                                تفسّخٌ وتحلّل. العفونة عامّة. زاكمة. صادمة. "مستنقعات عفنة" بنباتاتها. متفحّمة باليرقان. العفونة في اللحم النباتي، كما هي في اللحم البشري. القُبُل "كريهة الأبخرة". "القيح المتعفّن يدمّر كلّ شئ". حتى الملكة "تعيش في العرق الزنخ لفراش ذفِر". الملك بدوره يصيح:

                                " جريمتي نتنة، بلغت رائحتها السماء
                                نزلتْ أقدمُ اللعنات على البشر
                                من جرّاء قتل الأخ لأخيه"

                                (أنظر سفر التكوين : حينما قتل قايين أخاه هابيل".)
                                بعد اعترافات الملك هذه تأتي المناجاة السادسة. توقيت دقيق لا ريب. ولكنْ لماذا لم يقتلْه هاملت بعد اعترافاته؟ من المعروف في الديانة المسيحية، أنّ المذنب إنْ ندم وتاب فعلاً، فقد تُغفر ذنوبه، ويذهب إلى الجنّة، كما جاء في إنجيل لوقا: 5 : 30 –32: "فأجاب يسوع وقال لهم لا يحتاج الأصحّاء إلى طبيب بل المرضى.لم آتِ لأدعوَ أبراراً بل خطاة إلى التوبة". وجاء في إنجيل متّى: 6 –15 :" وإن لم تغفروا للناس زلاّتهم لا يغفر لكم أبوكم زلاّتكم…"
                                لهذا السبب الديني في الظاهر، أحجم هاملت عن القتل، فالملك كان يصلّي ويطلب الغفران:

                                " ماذا لو هذه اليدُ اللعينة
                                باتت أثخنَ مما هي، بدماء أخي، أما
                                من مطرٍ كافٍ فيك أيّتها السماء الرحيمة
                                ليغسلها بيضاء كبياض الثلج"
                                ثمّ يقول:
                                إذنْ لأتشجعْ. سيُغفر لي جرمي
                                إذا طلبتُ رحمة السماء –آه،
                                أيّة صلاة ستعينني في حالتي؟"

                                كان هاملت يسمع آبتهالات الملك وتضرعاته، فإنْ هو قتله، فإنّما ستصعد روحه إلى الجنّة، وهذا ما لا يريده هاملت. المفارقة أنّ الملك الأصلي حينما قُتِل كان "منغمساً في الملذّات" Full of bread . ولم يَدَعْ له قاتله وقتاً للتوبة أو طلب الغفران. في المقاطع التالية المترجمة نرى كيف سرد شبح الملك (الفصل الأوّل –المشهد الخامس) لهاملت قصّة قتله:
                                "هكذا وأنا نائم، حَرَمَتْني يدُ أخي
                                من حياتي، من التاج، من الملِكة
                                قُطِعْتُ وأنا حتى في عنفوان خطيئتي
                                لم أعترفْ بخطاياي ولم أطلبِ الغفران
                                ولم أتطيّبْ بالزيت
                                وأُرْسِلْتُ إلى السماء
                                وكلّ ذنوبي فوق رأسي"

                                لهذا السبب وُضِعَ في المطهر للتخلّص من تلك الذنوب. بكلمات أخرى، إنّه لم يتسلّم القربان المقدّس. يبدو أنّ الظروف بكاملها كانت مهيّأة لهاملت لأخذ الثأر لأبيه من عمّه. فمن ناحية فإنّه تأكّد الآن مَنْ فاعل الجريمة، وأنّ زواج أمّه سفاح. بالإضافة إلى تنكّر أوفيليا له وإنْ على مضض. لم يبقَ له إلاّ منفذٌ واحد. فهل سيُقْدِم على قتل عمّه؟ ولكن عمّه كان يصلّي ويطلب الغفران. ما الذي سيقوم به هاملت؟ الغريب أنّ هاملت يتصرّف بحكمة في أشدّ الظروف انفعالية. لا ينتهك عرفاً ولا قانوناً ولا معتقداً دينياً مهما اختلف معه، ومهما اصطبغ موقفه الفلسفي من الحياة وبالأخص من البشر باللا جدوى. وإذا كان هناك تجاوز فعذره أنّه كان يمثّل دور المجنون. لكنْ هل تلبّسّه دور المجنون؟ هل الدور بحدّ ذاته أثّر فيه؟ أم أنّه هو الذي، دون وعي، أعطى أبعاداً جديدة للجنون؟
                                أهمّ الأدوار التي مثّلها هاملت لحدّ الآن وأصبحت منصهرة في شخصيته هي أوّلاً كفره بالبشر، كجنس ،وبعدها، وثِق من لا جدوى الحياة، وبعدها العبثية.لم يبقَ في الدنيا من يقين في نظر هامات كما يبدو إلاّ الفنّ. إنّه الصدق الوحيد. مهما دار الأمر، أراد هاملت أن يعيش الحياة بشروطه هو، وتلك مأساته الأصلية، أمّا مأساته الآن، فكيف يعيشها بشروطها، كما سنرى في هذه المناجاة
                                في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

                                في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

                                في البدء كان الكلمة .....

                                للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

                                Comment


                                • #17
                                  المناجاة السادسة
                                  "قد أفعلُها في هذا التوقيت المناسب، وهو يصلّي الآن
                                  والآنَ سأفعلُها. ( يستلّ خنجره)
                                  وهكذا تصعدُ روحُهُ إلى السماء.
                                  وهكذا أكونُ قد أخذتُ بثأري.
                                  الأمرُ يحتاجُ إلى التروّي:
                                  رجلٌ شرّيرٌ يقتلُ أبي، ومن أجلِ ذلكَ
                                  سأقوم أنا آبنُهُ الوحيد بنفس ما قام به الشرّير
                                  وأُرْسلُهُ إلى الجنّة.
                                  ليس هذا ثأراً بلْ مكافأة
                                  قَتَلَ أبي وكان غارقاً في ملذّاته
                                  لم يجدْ وقتاً للتكفير عن ذنوبِهِ
                                  وكلّ خطاياه متفتحة مثل ريعان النباتات في شهر مايو
                                  وكيف سيكون حسابه، لا يدري إلاّ الله.
                                  ولكنْ في تقديرِنا سيكون حساباً عسيراً.
                                  وهل أكون قد ثأرتُ إنْ أنا أخذتُ روحَهُ وهي مطهّرة،
                                  وحين يكون جاهزاً للآخرة.
                                  لا.
                                  إلى غمدِك يا سيفُ، انتظرْ فرصةُ أكثرَ هولاً،
                                  حينما يكون نائماً مخموراً، أو فريسة شهوةٍ جامحة
                                  أو في متعةِ سفاحٍ في فراشه
                                  أو في لعبة قمارٍ شاتماً، على وشك القيام
                                  لا أمل له بعدَهُ بالجنّة
                                  عندئذ إضربْه يا سيفُ، وليرْفسْ بعقب قدميْه السماء
                                  ولتكنْ روحه لعينةً وسوداء
                                  كالجحيم الذي هي ذاهبة إليه. أمّي تنتظرُ
                                  صلاتك دواءٌ يطيلُ أيامك السقيمة".
                                  في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

                                  في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

                                  في البدء كان الكلمة .....

                                  للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

                                  Comment


                                  • #18
                                    ثمة اختلافات في الترجمات العربية لكثير من المصطلحات الإنكليزية في هذه المناجاة. على سبيل المثال، ترجم جبرا إبراهيم جبرا السطرين التالييْن:
                                    A took my father grossly, full of bread,
                                    With all his crimes broad blown, as flush as may;
                                    "لقد أتى أبي غرّة، وهو ملئ بخبزه
                                    وخطاياه مفتحة الأكمام كلّها محمرّة كخدّ أيّار"

                                    أمّا محمد مصطفى بدوي فترجمها على المنسوقية التالية:
                                    "لقد اغتال أبي حين امتلأت بطنه بالطعام والشراب
                                    وكانت ذنوبه في أوجها وعنفوانها"

                                    ما معنى، أو ما أهميّة أن يُقْتل الإنسان وهو ممتلئ بالخبز؟ هل لها دلالة دينية؟ وإلاّ هل لها ثقل أدبي؟ في ترجمة جبرا خلا المغزيان، الديني والأدبي. وما دام هذا المعنى الحرفي غير مقبول وسطحي فلماذا لم يراجع جبرا الشروح الشيكسبيرية وما أكثرها! أما السطر الثاني :"وخطاياه مفتحة الأكمام كلّها محمرّة كخدّ أيّار"، فقد اجتهد المترجم فأضاف ثلاث كلمات: الأكمام، ومحمرّة، وخدّ.
                                    ما من أكمام في الصورة لأن الأزهار في كامل عنفوانها. و في : "كلّها محمرة" جعل المترجم الربيع بلون واحد وهذا ما يتعارض مع ألوان الملذات المختلفة.بالإضافة، لا وجود للون الأحمر في الأصل. الحمرة كما هو معروف تدلّ على الشهوة، ولم تكنْ هذه من صفات الملك القتيل. الأغرب كيف حشر المترجم : الخدّ؟ من أين جاء بها؟ كيف تحوّلت الصورة النباتية إلى صورةٍ لحمية؟
                                    يبدو أنّ هاملت أراد أن يخفّف من خطايا والده فشبّهها بمخاوقات الربيع النباتية التي لا بدّ منها في هذا الفصل. أما ترجمة محمد مصطفى بدوي "لقد اغتال أبي حين امتلأت بطنه بالطعام والشراب" فهي مثل ترجمة جبرا أخطأت في فهم المصطلح الإنكليزي Full of bread أي غارق أو منغمس بالملذّات. وعلى خطئها ثمّة خطأ فنّي آخر. فكلمة :"حين" تدلّ على أنّ القاتل كان ينتظر الضحية إلى أن تمتلئ (كذا!) بطنه بالطعام والشراب. لماذا انتظر؟ هل ثمّة مغزى ديني أو أدبي؟ أمّا السطر الثاني:"وكانت ذنوبه في أوجها وعنفوانها" فقد حذف المترجم شهر مايو، بلا مبرر. الربيع بما يبث في عروق النبات والحيوان من حيوية يجعل الملذات جزءأ من الطبيعية وكأنّ ذنوب الملك كانت عفوية لم يُقصدْ بها إيذاء أحد. ترجمة عبد القادر القطّ هي الأقرب إلى النصّ الأصليّ:

                                    "لقد أخذ والدي غيلة وهو منغمس في لذائذ الحياة
                                    كل خطاياه مزدهرة كازدهار الربيع"
                                    في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

                                    في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

                                    في البدء كان الكلمة .....

                                    للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

                                    Comment


                                    • #19
                                      السابعة:
                                      ما من حَدَثٍ مرّ، وما من أحدٍ عرفْتُهُ
                                      إلاّ ويقدّمُ شهادةً ضدّي ويحثّني
                                      على ثأري الخامل
                                      ما الإنسانُ إذا كان جُلُّ ما يسعى إليه في الدنيا
                                      هو الأكلُ والنومُ. بهيمة، لا أكثر.
                                      بالحقّ، لقد مكّننا الربّ من قوّة الآستبصار الشامل
                                      لنتأمّل ما مضى ونزِنَ ما نقوم به في الغد
                                      لم يُعْطِنا تلك القدرة والعقل الخليق بالآلهة
                                      ليتعفّنَ فينا جرّاء تعطيله.
                                      أهذا عجزُ حَيَوانٍ عن استعادة الماضي، أمْ
                                      الارتياب الجبان من التفكير الدقيق جدّاً في العواقب –
                                      ولو قطّعناه أرباعاً، لكان ربعٌ واحدٌ منه تبصّراً
                                      وثلاثة أرباعٍ جبناً – لستُ أدري، لماذا ما زلتُ
                                      أعيش لأقول عليّ أنْ أُنجزَ هذا الشئ، ما دامتْ
                                      عندي قضيّة، وإرادة، وقوّة ووسيلة، لإنجازه
                                      أمثلة ثقيلة ثِقَل التراب (1) تحضّني
                                      أنظرْ إلى هذا الجيش بأعداده الغفيرة ونفقاته
                                      يقوده أميرٌ رقيقٌ وغضّ السنوات
                                      وله روحٌ مفعمةٌ بطموحٍ سنيّ
                                      راح يسخر من عاقبة الأمور المجهولة
                                      معرّضاً حياته الفانية وغير الآمنة
                                      لكلّ ما قد يصيبها من حظّ، أو موت ٍ، أو خطر
                                      من أجل أتفه الأشياء، ولو كانت قشرة بيضة
                                      العظمة الحقيقية لا تعني الاندفاع إلى العمل
                                      لأيّة قضيّة تافهة.ولكنْ العظمة أنْ تصطرع
                                      من أجل قشّة إذا بات الرهان على الشرف
                                      أين أنا من هذا إذنْ
                                      أبي قُتِلَ وأمّي دُنِّستْ بالعار
                                      فهل أترك ما يحرّضني عقلاً وعاطفةً (2) يهجع
                                      بينما أرى – يا لَعاري – موتاً وشيكاً
                                      سيُصيبُ عشرين ألفَ رجلٍ من أجل نزوة السعي وراء الشهرة
                                      يذهبون إلى قبورهم كأنهم ذاهبون إلى أسرّة نومهم
                                      يحاربون من أجل رقعةٍ من الأرض، لا تكفي
                                      لالتحام جيشيْن متقاتليْن، ولا تكفي لأنْ تكونَ مقبرة
                                      لدفن موتاهم. آه من الآن فصاعداً،
                                      لتكنْ أفكاري دموية، أو لا تكون شيئاً يُذكر-


                                      1- في النص: Gross وهي تعني في بعض الشروح: واضحة أو قذرة. اخترنا: ثقيلة لأنها تتناسب مع المسؤولية ومع تراب القبر. في الأبيات السابقة ما من دليل على الوضوح أو القذارة.
                                      2- الكلمة في النص: Blood وكان يعتقد أنّه مركز العاطفة، وهو يقابل العقل باطراد
                                      في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

                                      في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

                                      في البدء كان الكلمة .....

                                      للأحلام ثمن باهظ , و للأوهام ايضا .......

                                      Comment


                                      • #20
                                        لم استطع التوقف عن القراءة
                                        في منتهى الروعة
                                        يسلموا يا قمر

                                        أيها الآخر تحلى بالصبر في تعاملك معي،، فإن الله لم ينتهي بعد من تقوّيم ما أعوّج فيّ...
                                        **********************
                                        أشتقتلكن كثييييييييييير
                                        *******************
                                        أخوة حتى الموت

                                        Comment

                                        Working...
                                        X