أثمر احتجاج الرعية العربية الأرثوذكسية وجهود الجمعية الأرثوذكسية الوطنية والضغط المتواصل، فأضيفت مادة جديدة على مواد قانون البطريركية وأُلفت (نظارة عليا) برئاسة البطريرك نصفها من الرهبان اليونان والكهنة العرب والنصف الآخر من العلمانيين العرب ومهمتها الإدارة المشتركة. كما نجحت الجمعية بالسماح لأبناء الرعية العرب بدخول سلك الرهبنة في سائر أنحاء فلسطين والأردن وإتاحة الفرصة لهم للوصول لأعلى درجات الكهنوت.

وبعد وفاة البطريرك أياروثيوس - الذي تم في عهده تحقيق بعض المطالب وإضافتها على قانون البطريركية العثماني- نُصب البطريرك نيقوذيموس عام 1782م والذي أنشأ مدرسة مار متري ودكاكين وأبنية متعددة في باب الخليل وفي حي الدباغة في القدس. توفي البطريرك نيقوذيموس الذي اتهم بمحاباة الرعية العربية وبالعلاقات المتميزة مع الروس وقد تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة بإطلاق النار عليه من أحد رجال الدين اليونان عام 1890م. جاء البطريرك اليوناني جراسيموس فأعاد أبناء الرعية العرب مطالبته بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وما التزم به البطريركان السابقان فأجابهم:
"إن منشور البطريرك أياروثيوس قد دُفن معه".
ثم جاء البطريرك اليوناني داميانوس عام 1897م.

عام 1908م، صدر الدستور العثماني/ التركي ومن أهم بنوده انتخاب مجالس مليّة في مناطق السلطنة كافة وانتخبت أهم المجالس وأكبرها في مدينة القدس حيث قام المجلس بالتفاوض مع البطريرك اليوناني (داميانوس) وتم التوصل لتحقيق جزء معقول من المطالب الشرعية لأبناء الرعية العرب من أهمها تأليف (مجلس مختلط) مكون من أبناء الرعية الوطنيين ورجال الدين اليونان.

بالرغم من أن التسوية لم تحقق مطالب أبناء الرعية العرب إلا أن (المجمع المقدس) المكون من المطارنة ورجال الدين اليونان انقلب على هذا الاتفاق بل تمادى متهماً البطريرك اليوناني بمحاباة العرب فعزلوه (وما أشبه اليوم بالأمس حين انقلب المجمع المقدس اليوناني على البطريرك المعزول إيرينيوس قبل ثلاث سنوات).

لم يرضَ أبناء الرعية العرب الوطنيون بالانقلاب وثاروا وشهدت مدن فلسطين كافة مظاهرات رفضت تصرفات المجمع المقدس اليوناني، وألف وفد رفيع المستوى من الشخصيات والزعماء توجه إلى (الأستانة) مطالباً بعدم عزل البطريرك.

استمرت المظاهرات واستولى العرب الأرثوذكس على دار البطريركية المقدسية وامتدت الانتفاضة لجميع المناطق وتمت السيطرة على جميع الأديرة عام 1909م، كما حصلت اشتباكات عنيفة مع القوى الأمنية العثمانية مما أدى إلى استشهاد أربعة شبان عرب أرثوذكسيين مقدسيين يعتبرون شهداء القضية الوطنية الأرثوذكسية، كما تم إبعاد العديد من زعماء الحركة الوطنية الأرثوذكسية إلى بيروت (مركز الولاية) آنذاك.

تم التوصل إلى تشكيل (المجلس المختلط) السالف الذكر نتيجة هذه المقاومة المستمرة والتضحيات، وعقد أول اجتماعاته عام 1910م وأعيد البطريرك داميانوس إلى موقعه رغماً عن (المجمع المقدس) اليوناني واستمر المجلس ثلاثة أعوام وأصدر قرارات لم ينفذ أي منها لتحايل داميانوس نفسه على جميع القرارات.

بعد احتلال بريطانيا لفلسطين والقدس عام 1917م أدرك المجمع المقدس اليوناني إمكانية عزل البطريرك داميانوس مرة أخرى بدعم من الإنجليز. فاتصل بالحكومة اليونانية متهماً البطريرك (بأنه يصبغ البطريركية بصبغة أرثوذكسية عامة ويغيّر من صبغتها اليونانية التي اتصفت بها منذ القدم الأمر الذي يمس حقوق أمتنا التقية القديمة ويعود عليها بالخراب).