لم أتوقع أن أقرأ مقالاً حول كيفية صنع الإمبراطوريات في القرنالواحد والعشرين وكنت دائماً أتسأل بعد قضاء عشرة سنوات في بريطانيا كيف استطاعتهذه الجزيرة في فترة ما أن تقود العالم بأسره وإن يطلق عليها الإمبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس والتي امتدت من آسيا إلى أفريقيا إلى أميركا الشمالية. هل الإنجليزجنس مختلف؟ هل لديهم قدرات خارقة تميزهم عن باقي البشر؟ أما هي الأقدار وما شاءت. لن أستطيع الحصول على إجابة شافية ولكن هناك حقائق بعضها يتعلق بالتطور الزمنيالطبيعي وعنصر السبق وروح المغامرة وهي غريزة بشرية تختلف من أحد إلى أخر فمثلاًعندما كان المسلمون في أوج تقدمهم العلمي لم يستطيعوا القيام بما قام به المغامركريستوفر كولومبس عندما أبحر في بحر الظلمات وأكتشف قارة أميركا وكان لهذا الاكتشافما كان من نتائج.

شهدت بريطانيا ولادة الثورة الصناعية وساهم المحرك البخاري في تمكين بريطانيا منبناء أرمادا بحرية قوية لتبني مجد الإمبراطورية. أزداد نهم الإمبراطورية يتراكمالثروات التي تسرق من الشعوب المغلوبة على أمرها ووفرت تجارة الرقيق وإستعباد البشرالأيدي العاملة الرخيصة لدعم الآله الإمبراطورية تماماً كما عمل أسلافهمالرومان.
الإمبراطوريات دائماً تحمل ما يعرف بالمرض الإمبراطوري وهذا غالباً ما يؤدي إلىنهايتها. هذا من الجانب التاريخي ولكن هناك عناصر أساسية في الشخصية الإنجليزيةيجعلها تتميز عن الآخرين وهو الخداع والدهاء والمكر الإنجليزي وهذا التميز يرقى إلىأن يكون مدرسة فكر في حد ذاته وتعارف الناس على مقولة "سياسة إنجليز" وهو فيالحقيقة يعني دهاء ومكر وخداع الإنجليز وهذا جزء لا يتجزأ وخاصية مهمة في شخصيةالإمبراطورية.
القضية هنا أن البعض يحاول الإيحاء إن أمراء قطر ربما لديهم طموح شرعي بأنيصبحوا أباطرة وتصبح قطر المركز والكل يدور في فلكها. إذا قمنا بعملية إسقاط بسيطةعلى كيف تصنع الإمبراطوريات لا أعتقد بأننا سنجد صعوبة في فهم أنها عبارة عن عقدنفسية أو ربما مرض الانفصام في الشخصية (الشيزوفرينيا) هو ما يجعل حكام قطر يحاولونالظهور بالمظهر الإمبراطوري حتى لو كان ذلك على جرف هار! إن التقاليد الإمبراطوريةلابد أن تكون ضاربة في التاريخ والجغرافيا ربما الجغرافيا ليست بتلك الأهمية، قطرأو دويلة قطر تاريخاً جزء أنشق عن ما كان يعرف بالبحرين بناها وحماها الإنجليز إلىوقت قريب وهي ديمغرافيا دولة ضعيفة ولا يمكن أن تكون حتى حاضرة لدولة إلا بوزنأميرها وثقل خيانتها وتأمرها على العرب والإسلام.
لم نر عالما من قطر أو براءات الاختراع تسجل باسم علماء قطر ولم نشهد ثورةتكنولوجيا جديدة تنطلق من قطر ولم يصنع في قطر أي شيء ربما، ما عدا العملاءوالمؤامرات والدسائس. ببساطة دويلة قطر لا يمكن أن تتخطى الحاجز الأول في كيف تصبحإمبراطورية. ربما يتم إيهام الناس أن قطر تلعب دوراً إقليمياً يؤهلها أن تكون أحدالإقطاب المهمة وهذه كذبة العصر لا يصدقها إلا ربما عائلة آل ثاني وليس كلهم بالطبعفقط الثالوث حمد - موزة - حمد (وربما كاتب "مقال قطر ودورها الإقليمي المتميز" سليمان نمر).
منذ وقت بدأ الجميع يشك ويطرح ويتحدث بريبة حول هذه العائلة وما تحاول أن تعملهإلى أن أنفضح الأمر الآن. لقد رهن هؤلاء قطر أرضاً وكرامة لأميركا وتحولت قطر إلىأكبر قاعدة لضرب العرب والمسلمين من العراق واليمن إلى أفغانستان والصومال.
سخر هؤلاء أموال قطر لخلق الأزمات وتمويلها وبمساعدة الإنجليز تمكن شيوخ قطر منخلق الجزيرة كأداة للعمالة يتم من خلالها إذكاء الفتن وتغذية الأزمات واللعب علىالخلافات العرقية والمذهبية في بعض الدول العربية والإسلامية. لقد حذر الكثير منمحاولة التطبيع الفاضحة التي تقوم بها هذه القناة من بدايتها فهي نافذة يطل منخلالها الصهاينة على البيوت العربية بعدما فشلوا حتى في اختراق الشارع المصريبالرغم من معاهدة العار مع الكيان الصهيوني.
يظهر هؤلاء الأفاقون بمظهر الوسطاء تماماً كمن يقتل القتيل ويمشي في جنازته. قطرتشتري هذا الدور المزعوم بهذه الطريقة القذرة وغالباً ما تكون الضريبة عالية، دماءالأبرياء وسيادة الدول. لقد أتضح الدور القطري وبشكل لا يدعو للشك في الإستغلال غيرالأخلاقي للقضية الفلسطينية. نرى علاقات حميمة تصل إلى المصاهرة وزيارات وتبادلسفارات تحت مسمى المكاتب التجارية مع الكيان الصهيوني في الوقت الذي يستمر فيه قتلالفلسطينيين والإستيطان وسرقة الأرض. كما يقوم هؤلاء بإستغلال الخلافات الفلسطينيةوصب الزيت على النار بين الأخوة الفرقاء ونرى دموع التماسيح دموع موزة وهي تبكي قصف مدرسة الأونروا في غزة ربما في نفس الوقت الذي كان زوجها يلتقي الصهيونية ليفني أوكان حمد جاسم يقضي إجازته بشارع الملك داود بالقدس أو ربما كان شمعون بيريز يلقيمحاضرة في جامعة قطر أو يتجول في الأسواق الشعبية! فهذه هي أخلاق العظماء. قمة غزةوإعمار جنوب لبنان وإعمار ما دمره إعصار كاثرينا ولقاءات الصهاينة والتأمر علىالمقاومة كلها تأتي في إطار الدور الإقليمي والدولي المتميز. العظماء فقط هم منيلعب هذه الأدوار القذرة وهم من يستطيع ممارسة هذا العهر السياسي فهذه العائلة لاتستحي فالغاية تبرر الوسيلة. فهي صديقة لايران التي تحتل جزر الإمارات وضد السعوديةالدولة المحورية في الخليج وضد سوريا راعية المقاومة ومع الفلسطينيين وتمد الصهاينةبالغاز القطري. تمارس الفساد واغتصاب السلطة وهي عراب الثورات وضد الأنظمة الغيرشرعية. قطر الآن هي رأس حربة مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي خطط له الصهاينةوالمحافظين الجدد لإعادة تشكيل المنطقة وضرب أي مشروع عروبي إسلامي بمباركة شيوخ الأخوان المسلمين.