ثالثاً، ليس هناك موقفاً عربيا موحداً تجاه روسيا وشمال القوقاز بصفة خاصة ولم ولن يكون.
فبعد ان بدأت روسيا في نهاية عام 1994م أولى عملياتها العسكرية في الشيشان، واجهت روسيا مشكلة تقليل مخاطر السياسية الخارجية. فلأول مرة بعد دخول القوات إلى أفغانستان في 1979م خاطرت الدولة الوريث للإتحاد السوفيتي بأن تجد نفسها معزولة بين مجموعة من الدول الإسلامية. وبذلت الدبلوماسية الروسية جهودا ونفقات كبيرة من أجل تجنب تكرار تجربة الحرب الأفغانية. نتيجة لذلك أعربت سوريا ومصر عن دعمهم الخط موسكو ، أما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر فكانوا مع الإدانة. ومع ذلك، لم تدعم أية دولة "في العالم العربي (بما في ذلك دولتا الإمارات العربية المتحدة وقطر، اللتين استضافتا رسميا وفودا من" جمهورية الشيشان ") استقلال الشيشان، بل على النقيض من ذلك، لم يضعوا تحت الشك مطلقاً وحدة الأراضيالروسية. واليوم، لا نرى من جانبهم اهتمام بـ "إمارة القوقاز"، برئاسة عمروف. وبالمناسبة من الجدير بالذكر،أنه كان لموقف حسني مبارك لسنوات عديدة أهمية خاصة في هذا الصدد، رئيس أكبر دولة عربية وهي مصر لفترة طويلة، الذي أدان علنا ​​الهجمات الإرهابية لمسلحي شمال القوقاز، وأعلن ضرورة عدم التدخل في الشؤون الداخلية لروسيا.
إذا كنت
م ترغبون في الحديث عن الشرق الأوسط "المجتمع المدني" (إذا كنا نعني بذلك الأنشطة التي لا تدينها السلطات والمصرح بها)، الذيلديه وجهات نظر وأطروحات مختلفة جدا. أو لنأخذ مثلاً تقديرات الإسلاميين المصريين (والذين كانوا في عهد حسني مبارك تحت ضغط وتعسف شديد من الجيش والأجهزة الخاصة) للأوضاع في شمال القوقاز. سنجد وفقا لرأي المستشرق الروسي ألكسي كودريافتسيف"أنهم لم يعودوا يتهمون روسيا بالالحاد على النقيض من شأنهم تجاه الاتحاد السوفيتي" ولكنهم يحملونها" ظلم وقمع المسلمين في شمال القوقاز، وخصوصا في الشيشان ، ليس من قبيل الصدفة أن المقاتلين العرب الذين أعلنوا مشاركتهم في شؤون شمال القوقاز (كحبيب علي فتحي وخطاب وأبو عمر السيف وأبو حفص الأردنيوأبو الوليد الغامدي ومهند أبوأنس) لم تدعمهم أو تؤيدهم حكوماتهم. وأُتهم معظمهم في بلادهم بالإرهاب والتطرف. أضف الى ذلك أن نطاق مشاركة الشارع العربي في شؤون شمال القوقاز غالبا ما ينطوي على مبالغة كبيرة (وخاصة من قبل دوائر الدعاية المقربة من السلطة). وعلى أية حال، فإنه لا يمكن مقارنتها على الإطلاق بمشاركة المقاتلين العرب في أفغانستان أو العراق.
ومهما يكن، في خضم احتفالات "الشارع" الشرق أوسطي التي تحل محل الأنظمة العلمانية طويلة الأمد (الفاسدة وغير الديمقراطية ولكن يمكن التنبؤ بها أكثر)يظهرتخفي الخطر الرئيسي للاضطرابات الحالية. في الوقت الحاضر من الأفضل عدم إعطاءه ومنحه سُلف ومقدمات. ففي ظل ظروف شخصنة السلطة في "عصر ما قبل الثورة، فضلا عن عدم وجود نظام تعددية حزبية فعال وغياب مؤسساته،لن يستفيد منها سوا الراديكاليين والمهندسين القادمين "للديمقراطية الشرق أوسطية" الغير واضحة المعالم بعد.