ما بعد الاتحاد السوفيتي.
قبل تأسيس "الإخوان المسلمين" لم يدخل الغرب مطلقاً في مواجهة مع الأصولية الإسلامية. فقد اصطدم فقط مع الوطنية الإسلامية ومع الغضب الإسلامي أو التعصب -إذا أردت قول ذلك-.
ولكن ماذا حدث بعد ذلك، عقب ظهور "الإخوان المسلمين" - من وجهة نظري، كان ذلك شبيه بتأسيس حزب العمل الاشتراكي الديمقراطي الروسي. حيث تم تقسيم العالم بين قوتين أخرتين وهما المجتمع المنفتح والاشتراكية. وبقيت الأصولية الإسلامية بالكاد مرئية وراء هذه الخلفية، وكان الجميع يغازلها.
وعندما انهار الاتحاد السوفيتي تبدل على الفور الوضع الجيوسياسي في بلدان العالم الثالث التي كان الإسلام فيها منتشراً، حيث بدأت الأنظمة الأصولية فجأة تصل إلى السلطة تقريبا في جميع الدول التي كانت في سدة الحكم فيها ديكتاتورياتاشتراكية.
ولكن متى ظهرت النقطة الحرجة الجديدة؟ ظهرت عندما أعلن بن لادن الجهاد ضد أميركا. وكان هذا بمثابة الاختلاف الأساسي بينه وبين جميع الأصوليين الإسلاميين السابقين لأن هؤلاء الآخرين أعلنوا الجهاد ضدحكامهم. أما بن لادن فاستبدل هذه الأهداف الصغيرة بهدف واحد كبير.
ويجب القول أن ذلك لم يكن فقط فتحا سياسيا لبن لادن. فقد سبق ذلك الفتح إضعاف العالم الغربي.


هذه القصة غاية في الصعوبة. لأن القرن العشرين كان قرنا من الصراع بين الحكم الشمولي ممثلاً في الاتحاد السوفيتي وبين المجتمعات المتفتحة. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي بات المجتمع المتفتح الذي أحرز انتصارا غير دموي على الشمولية يتحول بسرعة كبيرة إلى نقيضه. ففي ظل غياب العدو الطبيعي أصبحت بيروقراطية المجتمع المتفتح تتكاثر دون مراقبة، ولو لم يكن هناك مثل هذا العبث الذي تمارسه هذه البيروقراطية كالتنظيم المالي تحت غطاء مكافحة غسل الأموال أو مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، وتحديد أشكال الخيار أو وزن رغيف الخبز... وبطبيعة الحال، ظهر القلق إزاء الإرهابيين حتى على خلفية هوس هذه البيروقراطية. وبدأت المنظمات الإنسانية الدولية مثل "منظمة العفو الدولية" و"منظمة مراقبة حقوق الإنسان- Human Rights Watch " اللتين حُرِمتا الأنظمة الشمولية التي ما فتئتا تعارضهافي البحث عن معذّبين جدد.
وإذا كان الغرب لا يملك الروح للدفاع عن قيمه الخاصة، فإنه من الحمق الاعتقاد بأنهسيذهب للدفاع عنهافي الشرق الأوسط.
إن هذه المواجهة ستكون جد صعبة، ولن تكون أقل ضراوة من صراع الاتحاد السوفيتي والمجتمع الم تفتح.
تم تأسيس حلف وارسو من جانب الاتحاد السوفيتي وحلفائه في أوروبا الشرقية أبانفترة الحرب الباردة لمواجهة حلف شمال الأطلسي.