كان يجب أن أغتنم تلك الفرصة وأموت،أشعر أنني كبرت ألفا سنة في لحظةٍ واحدة.
لقد أتعبتني, نعم لقد تعبت ، لقد طاردتُ كل أطيافكِ المتوحشة ،أريدُ أن أنساكِ ، بعثريني برصاصةٍ من بندقيتك.
ليتهم يهدرون دمي .
عاشقان كنا في أرضٍ كبيرة توهتنا. أنتِ ذهبتِ معهم و أنا ضُعتُ إلى اللامكان، بحارٌ و بحارٌ تفصلني عني.
عاشقان كنا قبل أن يموت الياسمين ،قبل أن يجف المطر و تضيع الطيور.
قولي أحبك ،قولي أكرهك ، قولي شيئاً قبل أن أفقد صوابي .
أطعمي طفلتكِ فهي جائعة ٌ تبكي.
لقد كسرتِ لي ظهري الذي كان يستطيع حمل العالم و سقطت.
من كان ليقول أن وردة ستدمر العالم أو أنها تستطيع ،من كان ليقول أن لرفرفة جناح فراشة هذه القدرة من كان ليقول أن كل أسرار الحياة تكمن في قطرة دمٍ واحدة.
يبدو أنني كذبتُ على نفسي عندما قلت أن يوماً ما سيغمر الحنان العالم لأن العالم قد زال و لم تعد السماء أروع مكانٍ في الوجود.
لم أصدق أنها الحقيقة ، إلا أنكِ ذهبتِ دون أن تقولي لي ولا حتى كلمة تباً لك ، تباً لقلبك الأحمق ،تباً لقصائدك ، تباً لأزهارك الحمراء ، تباً لحبك الذي غمر دنياي بالحنين و أسعد وجنتي البيضاء و رقبتي و كل ما خفا .
عاشقان كنا ربما.
لقد انهرتُ و أنتِ تلاشيتِ كالعادة.
طبول الحرب لم استطع أن أقرعها ، لم استطع أن أقاتل من أجلك كما كنتُ أظن.
الآن أتذكر كل الألم الذي عانيته مع كل نفسٍ تنفستهِ معي .
أتذكر اللحظات التي ماتت من أجلكِ بكل سرور و أنتِ بجانبي.
كما أن الله لم يفعل شيئاً لينقذني ،أو أنه فعل كل هذا لينقذني من إعصار عشق كان سيقتلع الأرض من تحتي دون رحمة.
تُرى من خُلق أولاً قلبي الحزين أم نوح و إبراهيم ؟
هل حقيقةٌ أن كل الحروب صُنعت من أجل إحداكن. ليت القصة تتغير.
ليت العيون الخضر انتبهت لخطواتها ، ليت قلبك لم يفرغ بهذه السرعة.
لا أدري من يجب أن ألوم.
ليت عائلتي كبرت بك ، ليت مملكتي أسعدتك.
الآن فقط أراك تهرمين معه بكل بــرودة.
تُرى هل أحبَ شعركِ الأشقر الطويل كما فعلتُ ، هل عيناكِ خلقت له ممالك و عوالم كما فعلت معي.
إنه شعور يخنقني يُحملني عبء أتعب الملائكة التي عــلــى أكتافي.
ليتك قُلت لي وداعاً . كيف استطعتِ أن ترحلي ببساطةٍ صفراء باهتة.
لا أستطيع الآن إلا أن أنظر إلى الوراء لأجد الباب مغلقاً لا يبالي و لا أحد يسمع صوت صراخي.
هنا الخوف ملكٌ بل إنه إمبراطورٌ مجنون يفعل كل ما يحلو له و لكِ.
هنا الصمت أعتا من الجبال ، أرهب من الموت نفسها.
صوت أبنتك الذي لم أسمعه بعد يذكرني بكل المسافات التي تفصلني عن أقرب شيء جميل في حياتي.
أي إنسان له عينان يستطيع أن يرى أن حبك أعماني ،سلبني مني .
هل تصدقي أني لم أعد أريد أن أرقص مع إحداكن ،أخاف أن أؤذي مشاعرك التي لم تطوقني يوماً.
معك كان العمر أحلى ، معك كان البرد يُنعش لا يقرص، معك كانت المسافات متعتي و الأحاديث كانت أجمل من كل الورود .
من أجلك كان الموت حادثة عابرة لا تهم ، بعدك عادت السعادة للتسول في الأزقة المظلمة و هي مريضة بردانة.
أجل إنه الحزن إلا إنه الحقيقة الوحيدة المتبقية. كما قلت لكِ كان يجب أن أغتنم تلكالفرصة و أموت.
إن لألم الرأس طعم أخر ،إن الصداع المزمن لذيذ ، إن الوحدة أنثى فاتنة، ونفق الموت مكان آمن سأسير به مرة أخرى لكن دون عودة.
إن الأزهار الزرق جميلة ،إن البكاء يزيل الهم ليفسح المكان في القلب للحزن الآتي.
إن القلب مخلوق بائس مظلوم يعطي الحب و لا ينال إلا الآسى و الحزن و العذاب و يظل تائه و يظل ينبض حتى ينفذ الوقت منه و يصبح رمادا جافاً .
لم أعد أخاف من إيقاظ ذلك التنين الذي سيأكلني.
إن الأزهار زرقاء بكِ أو بدونك ، مزروعة في حدائق الشيطان يسقيها قلبي من دمه كل يوم متأملاً منها أن تصير حمراء يوماً ما.
يا لحماقة هذا القلب و يا لسذاجته . إن القلب لا يفكر و العقل لا يحب .
إن الألم مثل القدر لا يملك أرجل إلا أنه يسير معي في كل أماكني ليدوس كل ما أحب .
مصنوعة من أشياء تافهة إلا أنها تعاويذ قذرة قوية و لها سلطان جبار على كل الأشياء.
أُقسم أنها أرهقتني و قتلت حتى السلام المؤقت داخلي.
مكتوبة منذ الأزل عذاباتي ، مكتوبة منذ الأزل كلماتي، مكتوبة منذ الأزل قاتلتي ذات العيون الخضراء و الشعر الأشقر الطويل و الصوت العذب.
التي رقصت معها رقصة لن تتكرر و قد كانت أروع من رقصة البجع في البحيرة.
التي شربت معها ألذ الكؤوس و كتبت لها عمري على صفحات قد تبقى للأبد أحبـكِ .


29/9/2008
4.15