في بلاد يغتال فيها المفكرون،
ويكفر الكاتب وتحرق الكتب،
في مجتمعات ترفض الآخر،
وتفرض الصمت على الأفواه والحجر على الأفكار،
وتكفر أي سؤال،
كان لابد أن استأذنكم أن تسمحوا لي..

فهل تسمحون لي ..

أن اربي أطفالي كما أريد، وألا تملوا علي
أهواءكم وأوامركم !!

هل تسمحون لي ..

أن اعلم أطفالي أن الدين لله أولا، وليس
للمشايخ والفقهاء والناس !!

هل تسمحون لي ..

أن اعلم صغيرتي أن الدين هو أخلاق وأدب وتهذيب
وأمانة وصدق، قبل أن اعلمها بأي قدم تدخل الحمام وبأي يد تأكل !!

هل تسمحون لي ..

أن اعلم ابنتي أن الله محبة، وأنها تستطيع أن
تحاوره وتسأله ما تشاء، بعيدا عن تعاليم أي أحد !!

هل تسمحون لي ..

إلا اذكر عذاب القبر لأولادي،
الذين لم يعرفوا ما هو الموت بعد !!

هل تسمحون لي ..

أن اعلم ابنتي أصول الدين وأدبه وأخلاقه،
قبل أن افرض عليها الحجاب !!


هل تسمحون لي ..

أن أقول لابني الشاب أن إيذاء الناس وتحقيرهم
لجنسيتهم ولونهم ودينهم، هو ذنب كبير عند الله !!

هل تسمحون لي ..

أن أقول لابنتي أن مراجعة دروسها والاهتمام بتعليمها
انفع واهم عند الله من حفظ آيات القرآن عن ظهر قلب دون تدبر معانيها !!

هل تسمحون لي ..

أن اعلم ابني أن الاقتداء بالرسول الكريم يبدأ
بنزاهته وأمانته وصدقه، قبل لحيته وقصر ثوبه !!

هل تسمحون لي ..

أن أقول لابنتي أن صديقتها المسيحية ليست كافرة،
وألا تبكي خوفا عليها من دخول النار !!

هل تسمحون لي ..

أن أجاهر، أن الله لم يوكل أحدا في الأرض بعد الرسول لأن يتحدث باسمه
ولم يخول أحدا بمنح 'صكوك الغفران' للناس !!

هل تسمحون لي ..

أن أقول، أن الله حرم قتل النفس البشرية،
وان من قتل نفسا بغير حق كأنما قتل الناس جميعا،
وانه لا يحق لمسلم أن يروع مسلما !!

هل تسمحون لي ..

أن اعلم أولادي
أن الله اكبر واعدل وارحم من كل فقهاء الأرض مجتمعين؟
وان مقاييسه تختلف عن مقاييس المتاجرين بالدين،
وان حساباته أحن وارحم !!

هل تسمحون لي ؟؟

للشاعر نزار قباني